لم يتوقع الكثيرون في بداية الموسم صعود ليفركوزن للصدارة بعد نهاية 12 جولة من الدوري قبل أن يفقدها لصالح بايرن بالدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع في اللقاء الذي جمع الفريقين بآخر مبارياتهما بالدوري لعام 2020 لكن ما فعله ليفركوزن كان مبنياً على قواعد صحيحة وإذا ما قارنناه بالتطور الذي ظهر بالمواسم الماضية سنجد أن هناك مشروع مبشر بالنسبة للكرة الألمانية لكن ما الذي يجعل هذا المشروع أفضل من مشاريع دورتموند ولايبزيغ حالياً؟
طوال سنوات منافسة لايبزيغ ودورتموند لبايرن كان يعيب الفريقين التراجع الكبير بالنصف الثاني من الموسم لكن إذا ما نظرنا لحال كوزن بالمواسم الأخيرة سنجد أنه لا يملك هذه الطبيعة بل عادة ما يقدم نسقاً بالنصف الثاني من الموسم أفضل من الأول ففي الموسم الماضي أنهى الفريق مرحلة الذهاب بالمركز السادس برصيد 28 نقطة وفي الإياب حصل على 35 نقطة وكان قريباً من بلوغ دوري الأبطال لولا سقوطه أمام هيرتا بالجولة قبل الأخيرة وهو ما منح غلادباخ المركز الرابع.
وبالموسم الذي سبقه حصل ليفركوزن على 24 نقطة فقط ذهاباً وأنهى النصف الأول بالمركز التاسع قبل أن يحصل على 34 نقطة إياباً جعلته ينهي الموسم بالمركز الرابع ويتأهل لدوري الأبطال.
انضم بيتر بوش لليفركوزن بين ذهاب وإياب الموسم قبل الماضي، 2018\2019، بالتالي كان الأكثر دراية بكيفية جعل الفريق أفضل بالنصف الثاني في موسمين بصورة بدا فيها كأن الهولندي قد تعلم من تجربته الغريبة بدورتموند فقليلون من يتذكروا مسيرته السحرية التي تحولت من مثالية لكارثية مع الفيستفالي.
لم يتوقع الكثيرون في بداية الموسم صعود ليفركوزن للصدارة بعد نهاية 12 جولة من الدوري قبل أن يفقدها لصالح بايرن بالدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع في اللقاء الذي جمع الفريقين بآخر مبارياتهما بالدوري لعام 2020 لكن ما فعله ليفركوزن كان مبنياً على قواعد صحيحة وإذا ما قارنناه بالتطور الذي ظهر بالمواسم الماضية سنجد أن هناك مشروع مبشر بالنسبة للكرة الألمانية لكن ما الذي يجعل هذا المشروع أفضل من مشاريع دورتموند ولايبزيغ حالياً؟
لا للانهيار بالنصف الثاني من الموسم
طوال سنوات منافسة لايبزيغ ودورتموند لبايرن كان يعيب الفريقين التراجع الكبير بالنصف الثاني من الموسم لكن إذا ما نظرنا لحال كوزن بالمواسم الأخيرة سنجد أنه لا يملك هذه الطبيعة بل عادة ما يقدم نسقاً بالنصف الثاني من الموسم أفضل من الأول ففي الموسم الماضي أنهى الفريق مرحلة الذهاب بالمركز السادس برصيد 28 نقطة وفي الإياب حصل على 35 نقطة وكان قريباً من بلوغ دوري الأبطال لولا سقوطه أمام هيرتا بالجولة قبل الأخيرة وهو ما منح غلادباخ المركز الرابع.

وبالموسم الذي سبقه حصل ليفركوزن على 24 نقطة فقط ذهاباً وأنهى النصف الأول بالمركز التاسع قبل أن يحصل على 34 نقطة إياباً جعلته ينهي الموسم بالمركز الرابع ويتأهل لدوري الأبطال.
انضم بيتر بوش لليفركوزن بين ذهاب وإياب الموسم قبل الماضي، 2018\2019، بالتالي كان الأكثر دراية بكيفية جعل الفريق أفضل بالنصف الثاني في موسمين بصورة بدا فيها كأن الهولندي قد تعلم من تجربته الغريبة بدورتموند فقليلون من يتذكروا مسيرته السحرية التي تحولت من مثالية لكارثية مع الفيستفالي.
بموسم 2017\2018 تولى بوش تدريب الفيستفالي قادماً من أياكس بانتقال كلف خزائن دورتموند 5 ملايين يورو ذهبت لخزينة النادي الهولندي ليكون أعلى بند جزائي يتم دفعه لمدرب بتاريخ البوندسليغا وفعلاً بدت مسيرة المدرب الجديد جذابة بألمانيا حيث قدم الفريق أداء ساحراً من حيث الاستحواذ والهجوم وفاز بست من أول 7 مباريات بالدوري واهتزت شباكه للمرة الأولى بالجولة السادسة في اللقاء الذي شهد على فوز دورتموند بسداسية على جاره مونشنغلادباخ ليصل لحصيلة 19 نقطة في أول 7 جولات وحينها لو قال أحدهم أن بوش سيرحل بعد نهاية الجولة 15 لكان الأمر بمثابة المزحة لكن الفريق انهار بشكل غريب وحصل على 3 نقاط فقط في 8 جولات وخرج من دوري الأبطال دون تحقيق أي انتصار بمجموعته لتنتهي بشكل صادم حكاية واحد من المدربين الذين كان من المتوقع أن يحققوا نجاحاً كبيراً بألمانيا.
مع قدومه لليفركوزن عدل بوش بعض الشيء من أفكاره وبات أكثر مرونة بالتنويع بين ثلاثي ورباعي بالخلف فما بين البونسدليغا والدوري الأوروبي اعتمد بوش حتى نهاية ديسمبر على اللعب بثلاثي في الخلف بمباراتين مقابل استخدام 3 تكتيكات مختلفة تعتمد على رباعي بالخلف كما اعتمد على إشراك رأسي حربة سوياً في مناسبتين.

تركيبة متنوعة
يملك ليفركوزن تشكيلة جيدة من حيث التنوع بالأسماء والأعمار، ربما لا يملك الفريق حالياً نجماً من الصف الأول لكنه يملك مجموعة لاعبين جيدين يلبون أغراضاَ تكتيكية متنوعة حيث يمكن للمدرب استخدام السرعة بإشراك الجناحين ديابي وبايلي أو تغيير نسق الفريق بإقحام ديميرباي وآرانغيز ولو أن الإصابات أضرت كثيراً بالفريق هذا الموسم خاصة مع تعرض الوافدَين الجدد بالاسيوس وآرياس لإصابتين قويتين.
اختيار الصفقات في ليفركوزن يستحق الإشادة فعلاً فقبل بداية الموسم الماضي دفع النادي 96 مليون يورو لضم 6 لاعبين أكبرهم ديميرباي الذي كان قد وصل لسن الـ25 وربما تكون الصفقة الملفتة بشكل أساسي بين هؤلاء هي ضم الظهير الأيسر الشاب دالي سينكغرافن من أياكس حيث قدم اللاعب أداء دفاعياً ممتازاً هذا الموسم وأمام بايرن قطع الهولندي 4 كرات وقام بثلاثة تدخلات ناجحة ليكون نجم الخط الخلفي لفريقه.

واحدة من أبرز الصفقات أيضاً هي ضم قلب الدفاع البوركيني إدموند تابسوبا، 21 عاماً، والذي ارتفعت قيمته السوقية من 4,5 مليون يورو إلى 30 مليون يورو خلال أقل من عامين مع ليفركوزن بحسب موقع transfermarkt.
يملك ليفركوزن قوة إدارية تفوق دورتموند حيث يقاوم دائماً بيع اللاعبين وحين يبيع يتم ذلك بالسعر الذي يفرضه تماماً كما فعل مع هافيرتز الذي انتقل لتشيلسي الصيف الماضي مقابل 80 مليون يورو رغم الظروف الاقتصادية السيئة التي فرضها انتشار فيروس كورونا بالتالي تملك الإدارة قوة تساعدها على تحقيق الثبات أكثر من المنافسين.

عدا عن ذلك يملك ليفركوزن ثباتاً تاريخياً أمام بايرن فحتى في السنوات التي كان فيها الفريق بمراكز الوسط كان يقاوم بايرن دائماً فمنذ موسم 2009\2010 لم ينجح بايرن بالفوز على كوزن ذهاباً وإياباً إلا بموسم واحد (2017\2018) عدا ذلك كان ليفركوزن يتفوق بمباريات عديدة حيث كان الفريق الوحيد الذي تفوق على بايرن بملعبه بالدوري بموسم تحقيق الثلاثية الأولى (2012\2013).
تطورات فنية
كل الأشياء التي ذكرناها تمثل عوامل مساعدة للنجاح لكن يبقى الشيء الأساسي هو العامل الفني وبهذا الجانب يبدو أن بوش تمكن من خلق طرق عديدة تناسب إمكانيات لاعبيه خاصة مع وجود عدد كبير من لاعبي الأطراف السريعين سواء الأظهرة أو الأجنحة مع استغلال القدرات الجيدة للحارس الفنلندي هراديكي بإخراج الكرة بالقدم وبناء اللعب.

يعتمد بوش بشكل كبير على الجناحين بايلي وديابي ومن ينظر لأرقام اللاعبين لن يجد تميزاً كبيراً لديهما حيث سجل بايلي 4 أهداف وصنع مثلها في أول 13 جولة من الموسم، قبل التوقف، في حين سجل ديابي هدفين وصنع ثلاثة لكن بالنسبة للمدرب يؤدي اللاعبين دوراً تكتيكياً مهماً حيث يميلان غالباً للبقاء على طرف الملعب وإجبار ظهيري الخصم على البقاء بالخلف ومنعهما من الانطلاق للأمام لأن أي مساحة ستظهر أمام الثنائي ستكون قاتلة للخصم بظل سرعتهما الرهيبة وبهذا الشكل يمنع بوش أي خصم من خلق كثافة بالضغط وخلال لقاء بايرن هذا الموسم يمكننا أن نرى بسهولة كيف طبق بوش هذا الأمر بالدقائق الأولى التي شهدت تفوقاً ملحوظاً لفريقه مع منع بايرن من التسديد لعشرين دقيقة كاملة والسيطرة على اللقاء:

وأمام الفرق التي تملك سرعة عالية يحاول المدرب إيجاد ثغرة إضافية بتغيير طريقة لعب الفريق لثلاثي بالخلف مع استخدام واحد من جناحي الوسط على طرف الملعب مع تقدمه بشكل جيد للأمام بالوقت الذي يذهب فيه الجناح نحو العمق كي يربك مدافعي الخصم ويصعب مهامهم بالمراقبة وبهذه الصورة نجد الطريقة التي كان فيها كوزن يحاول تطبيق طريقة لعب 3-4-3 أمام لايبزيغ بالموسم الماضي حيث ذهب لاعب الوسط على الجهة اليسرى فيندل إلى أقصى الملعب ودخل الجناح الأيسر بايلي نحو العمق وبدأ بالبحث عن ثغرة يربك من خلالها دفاع لايبزيغ ويجبره على العودة أكثر للخلف:

وبالصورة التالية نرى أسلوباً آخراً لبناء اللعب يستخدمه ليفركوزن كثيراً ويعتمد فيه على تغيير أماكن اللاعبين حيث ينزل الجناح للأسفل ويصعد أحد لاعبي المحور للأعلى وبالوقت الذي يلحق فيه الظهير بالجناح يجد لاعب الوسط من طرف الخصم صعوبة باللحاق بخصمه وتفريغ الوسط بالتالي يجد ليفركوزن المساحة التي يريدها للانطلاق:

يختار بوش لاعبيه للمشاركة بصورة تساعدهم على تطبيق هذه الخطة بشكل جيد لذا نرى اعتماد ليفركوزن الكبير على المركز رقم 10 والذي كان هافيرتز يشغله غالباً قبل انتقاله لتشيلسي وبعد رحيل كاي بات فلوريان فيرتز \17 عاماً\ الخيار المفضل لهذا المركز حيث يتمتع اللاعب الصغير بصفات ممتازة من حيث المراوغة والاحتفاظ بالكرة واتخاذ القرارات فقبل التوقف لعب 11 مباراة أساسياً وشارك مرة كبديل وسجل هدفين وصنع 4 أهداف وكان الأفضل بالفريق من حيث معدل المراوغات “2,2 بالمباراة بنسبة نجاح 70%”.
يجد لاعبو الوسط بليفركوزن مساحات كثيرة للعمل دائماً فسعي الأجنحة لدفع لاعبي الخصم لطرفي الملعب يعطي فرصة أكثر لظهور بعض المساحات بالوسط لذا يملك ليفركوزن بصفوفه لاعبي محور قادرين على تدوير الكرة وخلق الفرص مثل أميري، 6 تمريرات حاسمة في أول 12 مشاركة هذا الموسم، والدولي التشيلي آرانغيز بالوقت الذي يتفرغ فيه القوي بدنياً باومغارتلينغر للمهام الدفاعية بالوسط، رابع أعلى معدل قطع كرات بالبوندسليغا هذا الموسم، لذا نجد مدى اعتماد ليفركوزن على العمل التكتيكي لإيجاد طرق للتسجيل ومن خلال هذه الصورة يمكننا رؤية مدى التقارب الذي يُحدثه لاعبو العمق بين بعضهم للقيام بتمريرات قصيرة تساعدهم على تجاوز الخصم:

طريقة أخرى يستخدمها ليفركوزن ببناء اللعب تتمثل باستخدام لاعبين بمراكز متشابهة في خطوط طولية مختلفة ففي الصورة التالية نرى كيف ذهب الجناح هافيرتز بين خطي الوسط والهجوم بالوقت الذي صعد الجناح الآخر بايلي نحو الخط الأخير من دفاع لايبزيغ مع ذهاب لاعب الوسط الموجود على الجهة اليمنى أميري للخط العلوي ونزول نظيره على الطرف الأيسر فينديل ليصبح قريباً من الخط الخلفي وهو ما وفر ظهور مساحات للعديد من لاعبي ليفركوزن حيث فقد بات من الصعب على لاعبي لايبزيغ تغيير تمركزهم بصورة تواكب كل هذه التغييرات التي حدثت:

على الطرف الآخر يواجه ليفركوزن مشكلتين أساسيتين الأولى هي ضعف مساندة الأجنحة دفاعياً والصورة التالية من لقاء بايرن كافية لشرح هذا الأمر حيث نرى ببساطة المساحة الكبيرة الموجودة أمام الظهير ديفيز مع ابتعاد الجناح بايلي بشكل كبير عنه:

أما المشكلة الثانية فتتمثل غالباً بسوء استغلال الهجوم حيث تطغى الأنانية بأوقات كثيرة على الفريق وهو ما ظهر بلقطتين واضحتين أمام بايرن حيث كان من الممكن للفريق أن يتقدم بنتيجة 2-0 لولا كرة فضل فيها شيك التسديد على التمرير وأخرى تصرف فيها بايلي بذات الطريقة.
يمكن القول أن ليفركوزن يملك صفات تكتيكية عالية المستوى ومجموعة لاعبين تناسب مهاراتهم هذا التكتيك لذا يبدو هذا بمثابة سيناريو لبداية قصة جميلة على أمل أن تستمر ويجد بايرن خصماً شجاعاً بالدوري لأن هذا يفيد بشكل أساسي كرة القدم الألمانية ويساعد أكثر على إعادة الإثارة لصراع القمة.