طوال عقود من الزمن كان الجميع يربط اسم أولي هونيس بكارل هاينز رومينيغيه معتبرين أن الثنائي يبدو بمثابة “عقل واحد بجسدين مختلفين” حيث لم نكُن نسمع عن أي خلاف داخلي في إدارة بايرن وفعلاً استمر هذا التوافق لوقت طويل قبل أن يظهر الشرخ بالسنوات الأخيرة ويتوسع تدريجياً لحد لم يعُد من الممكن نكرانه على العلن لتبدأ تساؤلات من نمط: لمن يدين بايرن ميونيخ بنجاحاته السابقة والحالية؟ ما هي الأفكار التي حاول كل منهما تطبيقها؟
إلى حين استقالة أولي هونيس بعد الفوز بالثلاثية موسم 2012\2013 ودخوله السجن كان كل شيء يبدو مثالياً بين الطرفين أو على الأقل لم تتسرب أي أحاديث عن مشاكل بين الطرفين لكن بعد أن أصبح رومينيغيه صاحب الكلمة العليا الوحيدة في الإدارة لاحظ الجميع تغيراً واضحاً بسلوك بايرن الإداري وبدا من الواضح أن الشريك القديم غير راضٍ عما يحدث ليدخل الطرفين بصدام واضح بعد عودة هونيس للرئاسة في نوفمبر 2016.
حين خرج هونيس من الإدارة نهاية عام 2013 كان بايرن بطلاً للثلاثية وبدأ الموسم الجديد مع بيب غوارديولا، الذي كان هدفاً لجميع الأندية، وبراتب قياسي بلغ 17 مليون يورو سنوياً وكان النادي يسير بطريق مفتوح لضم روبرت ليفاندوفسكي من دورتموند مجاناً لكن خلال 3 سنوات تالية تغيرت أمور كثيرة حيث رحل غوارديولا وتم استبداله بمدرب يملك أسلوب مختلف تماماً وهو أنشيلوتي وهنا إن عُدنا لكتاب مارتي بيرارناو عن الموسم الأول لغوارديولا مع بايرن نجد أن هونيس كان قد تحدث معه أن الهدف الأساسي من التعاقد معه كان بناء أسلوب جديد في بايرن ليكون بمثابة البصمة للفريق لوقت طويل بالتالي لم يكُن من الممكن أن يصبح أنشيلوتي المدرب التالي للفريق وهنا نفهم جيداً أن فكرة ضم الإيطالي كانت من ضمن الأشياء التي رغب بها رومينيغيه الذي لم يتفق كثيراً مع فكرة البحث عن استمرار أسلوب بيب وقال خلال تقديم المدرب الإيطالي أن النادي فكر بضم مدرب يملك خبرة أوروبية وقادر على تحقيق لقب دوري الأبطال.
على صعيد الصفقات ذهب بايرن خارج ألمانيا وتعاقد مع عدد كبير من اللاعبين الأجانب مقارنة بالصفقات المحلية التي أُجريت بذات الفترة الزمنية والتي كان معظمها يهدف لتعزيز الدكة وليس البحث عن لاعبين أساسيين وذات الأمر انطبق على المسائل التجارية حيث ذهب النادي لشرق آسيا وأميركا لعقد صفقات عديدة بعد أن كان يركز غالباً على المؤسسات الألمانية لتحمل دور الرعاية المحلية.
طوال عقود من الزمن كان الجميع يربط اسم أولي هونيس بكارل هاينز رومينيغيه معتبرين أن الثنائي يبدو بمثابة “عقل واحد بجسدين مختلفين” حيث لم نكُن نسمع عن أي خلاف داخلي في إدارة بايرن وفعلاً استمر هذا التوافق لوقت طويل قبل أن يظهر الشرخ بالسنوات الأخيرة ويتوسع تدريجياً لحد لم يعُد من الممكن نكرانه على العلن لتبدأ تساؤلات من نمط: لمن يدين بايرن ميونيخ بنجاحاته السابقة والحالية؟ ما هي الأفكار التي حاول كل منهما تطبيقها؟

متى بدأت المشكلة بالظهور؟
إلى حين استقالة أولي هونيس بعد الفوز بالثلاثية موسم 2012\2013 ودخوله السجن كان كل شيء يبدو مثالياً بين الطرفين أو على الأقل لم تتسرب أي أحاديث عن مشاكل بين الطرفين لكن بعد أن أصبح رومينيغيه صاحب الكلمة العليا الوحيدة في الإدارة لاحظ الجميع تغيراً واضحاً بسلوك بايرن الإداري وبدا من الواضح أن الشريك القديم غير راضٍ عما يحدث ليدخل الطرفين بصدام واضح بعد عودة هونيس للرئاسة في نوفمبر 2016.
حين خرج هونيس من الإدارة نهاية عام 2013 كان بايرن بطلاً للثلاثية وبدأ الموسم الجديد مع بيب غوارديولا، الذي كان هدفاً لجميع الأندية، وبراتب قياسي بلغ 17 مليون يورو سنوياً وكان النادي يسير بطريق مفتوح لضم روبرت ليفاندوفسكي من دورتموند مجاناً لكن خلال 3 سنوات تالية تغيرت أمور كثيرة حيث رحل غوارديولا وتم استبداله بمدرب يملك أسلوب مختلف تماماً وهو أنشيلوتي وهنا إن عُدنا لكتاب مارتي بيرارناو عن الموسم الأول لغوارديولا مع بايرن نجد أن هونيس كان قد تحدث معه أن الهدف الأساسي من التعاقد معه كان بناء أسلوب جديد في بايرن ليكون بمثابة البصمة للفريق لوقت طويل بالتالي لم يكُن من الممكن أن يصبح أنشيلوتي المدرب التالي للفريق وهنا نفهم جيداً أن فكرة ضم الإيطالي كانت من ضمن الأشياء التي رغب بها رومينيغيه الذي لم يتفق كثيراً مع فكرة البحث عن استمرار أسلوب بيب وقال خلال تقديم المدرب الإيطالي أن النادي فكر بضم مدرب يملك خبرة أوروبية وقادر على تحقيق لقب دوري الأبطال.

على صعيد الصفقات ذهب بايرن خارج ألمانيا وتعاقد مع عدد كبير من اللاعبين الأجانب مقارنة بالصفقات المحلية التي أُجريت بذات الفترة الزمنية والتي كان معظمها يهدف لتعزيز الدكة وليس البحث عن لاعبين أساسيين وذات الأمر انطبق على المسائل التجارية حيث ذهب النادي لشرق آسيا وأميركا لعقد صفقات عديدة بعد أن كان يركز غالباً على المؤسسات الألمانية لتحمل دور الرعاية المحلية.
النجم الألماني الكبير الوحيد الذي ارتبط اسمه ببايرن بتلك الفترة كان ماركو رويس ويومها قيل أن هونيس أرسل رسالة للإدارة مفادها “هل تريدون حسم الدوري من ديسمبر؟” إشارة إلى أن هذا التعاقد سيقضي على المنافسة بالدوري نهائياً.
أول ما صرح به هونيس حين عاد لبايرن أنه يريد إعادة الهوية الألمانية للفريق من خلال التعاقد مع نجوم ألمان وفعلاً جاء التعاقد مع غنابري وغوريتسكا وساني إضافة لتفعيل دور مدرسة النادي بشكل أكبر بعد أن كان البافاري قد وصل للمنافسة على القاع بدوري الأقاليم “ما يعادل الدرجة الرابعة” لينجح بالفوز بلقب دوري الدرجة الثالثة الموسم الماضي.
من هنا يمكننا استخلاص بعض العناوين العريضة: يفكر هونيس بالهوية الألمانية أكثر بالوقت الذي يتطلع فيه رومينيغيه للتوسع العالمي لكن السؤال ما هي هوية أكبر رعاة بايرن حتى الآن؟
الجواب هو: الرعاة الأربعة الرئيسيين هم شركات Adidas- T Mobile- Audi- Allianz وجميعها شركات ألمانية! إذاَ يمكن القول أن التوسع العالمي أدى لزيادة الرعاة دون التأثير على الرؤوس الكبيرة.

اصطدم هونيس ورومينغيه بمواقف عديدة بعد العودة حيث كان التعاقد مع كوفاتش فكرة هونيس الذي استمر بالدفاع عنه إلى أن انهار كل شيء أمام فرانكفورت وخسر الفريق بخماسية، منذ نهاية أول نصف موسم للمدرب الكرواتي مع الفريق بدأ رومينيغيه بالتلميح إلى أن الفريق لا يسير بشكل جيد بالوقت الذي كان فيه رئيس النادي يدافع عن المدرب كما اختلف الطرفان بنقاط عديدة تتعلق بطبيعة التصريحات وكشف المعلومات كما حدث مؤخراً حين هاجم هونيس ديفيد ألابا معتبراً أنه يتكبر على النادي بطلباته ليخرج بعدها رومينيغيه ويقول أن الأمور لا تُحل بالطريقة التي استخدمها هونيس وأنه كان من الأفضل عدم التحدث بهذه الطريقة حيث يختلف الثنائي بشكل واضح بطبيعة التصريحات مع ميل رومينيغيه الدائم تقريباً للدبلوماسية بالوقت الذي يملك هونيس الطابع الألماني التقليدي الذي يطلق التصريحات النارية دائماً.
أول من كشف عن قرب استقالة هونيس كان رئيس مجلس وزراء بافاريا الأسبق إدموند شتويبر الذي قال في أغسطس 2019 أن هونيس قلق من انتقادات أعضاء النادي لسلوك الإدارة خاصة بما يتعلق بقضية كوفاتش وفعلاً بعد فترة قصيرة جاء إعلان النهاية من هونيس.
حلقات تاريخية
يتهم الكثيرون هونيس بأنه الرجل البخيل نظراً لرفضه المستمر للقيام بصفقات كبيرة رغم القوة المالية لبايرن لكن هذا “البخيل” كان قد تعرض لحادثة طريفة في ثمانينيات القرن الماضي حين قام جمهور سانت باولي برمي نقود عليه خلال تواجده بمباراة فريقهم مع بايرن معتبرين أنه سبب أساسي بجذب نجوم الدوري للبافاري من خلال إغرائهم بمبالغ كبيرة.

بدأ هونيس العمل بمنصب مدير الفريق عام 1979 بعد اعتزاله اللعب نتيجة إصابة تعرض لها بالركبة وبتلك الفترة كانت المنافسة في البوندسليغا قوية بظل وجود مونشنغلادباخ وكولن وفرانكفورت لكن البافاري بدأ سريعاً بضم نجوم باقي الأندية وهو ما دفع النادي لتحسين سيطرته على الألقاب تدريجياً وبدأت تهمة “إضعاف الخصوم” ترافق إدارة البافاري وهذا المبدأ قد لا يتفق معه رومينيغيه تماماً حيث تحدث مؤخراً أنه لن يعقد أي صفقة شبيهة بانتقال ليفاندوفسكي طوال الفترة المتبقية له في بايرن حيث سينتهي عقده نهاية عام 2021 ليسلم مكانه لأوليفر كان.
رومينيغيه دخل النادي كإداري عام 1991 بمنصب نائب الرئيس ومنذ عام 2002 شغل منصب الرئيس التنفيذي وفي ألمانيا هناك اختلاف بالأدوار بين رئيس النادي والرئيس التنفيذي حيث يأتي الأول نتيجة انتخابات يشارك فيها أعضاء النادي أما الثاني فيأتي وفق صيغة عقد موقع مع الإدارة بمدة محددة وبالوقت الذي يتمتع فيه الرئيس التنفيذي بصلاحيات كبيرة لا يحق له اتخاذ أي خطوات حاسمة دون أخذ الضوء الأخضر من الإدارة.
خلال فترة غياب هونيس عن النادي حصل رومينيغيه على كل الصلاحيات للقيام بما يريده وربما كانت تلك المرحلة السبب بأن يكتشف الرجل أفكاره ورغباته بالعمل لكن بالنهاية لم يسفر كل ما قام به عن تحقيق أي تقدم مهم فلم يخلق بايرن تشكيلة قوية وانهارت العديد من الصفقات بعد فترة قصيرة من إتمامها كما حدث مع فيدال ودوغلاس كوستا بعد أن تم التحضير لفكرة أن “كومان- كوستا” ستكون الثنائية الخليفة لـ”روبن-ريبيري” قبل أن يجد النادي الخلفاء بالألمانيين “ساني- غنابري”.
لماذا لا تدفع إدارة بايرن أموالاً كثيرة؟
مازال هونيس يرى أن قوة بايرن تسويقياً ترتبط بقوة السوق الألماني خاصة مع انتساب النادي لإقليم بافاريا الغني لذا لا يتطلع كثيراً للسوق العالمي ولا يرى بصفقات “150-200 مليون يورو” التي تحمل بجزء كبير منها طابعاً تجارياً عالمياً أمراً جذاباً بما أن السوق سيرتبط غالباً برعاة محليين لذا يتطلع دائماً لتقوية الفريق بنجوم ألمان يتناسبون مع هوية الرعاة ويلجأ دائماً للبحث بسوق الأندية الألمانية لضم نجوم جدد وبالسوق المحلية لا يوجد أي منافس حقيقي لبايرن قادر على دفع المبالغ التي يدفعها فلو عدنا قليلاً للخلف بالوقت الذي كان فيه فولفسبورغ يتقدم بسرعة البرق ليدخل المنافسة عام 2015، قبل ظهور فضيحة فولكسفاغن، يمكننا تذكر تصريح المدير الرياضي حينها كلاوس ألوفس الذي قال وقتها “حين نصل لثلث قوة بايرن مالياً يمكن اعتبارنا منافساً حقيقياً لهم لكن حتى الآن لم نصل لذلك!”.
هذا التصريح يجعلنا نتأكد مرة أخرى كم يبتعد بايرن عن باقي الأندية الألمانية مالياً بالتالي لا يحتاج النادي لبذل جهد كبير لإقناع أي لاعب محلي بالانتقال من خلال توفير راتب مناسب مع إعطاء اللاعب فرصة للعب بالنادي الأهم محلياً بالنسبة له وضمان المنافسة وتحقيق الألقاب بشكل مستمر.
من هو الثعلب؟
تتلقى إدارة بايرن المديح بأوقات كثيرة بسبب نجاحاتها الرياضية حيث لا يصرف النادي مبالغ كبيرة لكنه يتمكن من بناء استقرار كبير بالتالي من الذي يستحق الإشادة بشكل أساسي على هذا الاستقرار؟

بعد كل ما ذكرناه سابقاً قد يخطر ببال الجميع أن هونيس هو الثعلب الحقيقي الذي يخطط لكن بذات الوقت لابد ألا نتجاوز جهد الكثيرين الذين نفذوا وبمقدمتهم رومينيغيه فحتى لو كانت أفكاره مغايرة لهونيس إلا أنه نجح بأوقات كثيرة بإيصال الخطة لبر الأمان.
لا يؤمن هونيس بالقوة المحلية فقط من خلال الصفقات والرعاة بل يسعى دائماً لتحسين صورة بايرن محلياً كونه يمثل الفريق المكروه للخصوم وجمهورهم لذا لطالما اتجه لإظهار الصورة الإنسانية والاجتماعية للنادي حيث بات بمثابة العرف إجراء بايرن لمباراة ودية مع فريق ألماني مغمور سنوياً لإعطاء هذه الأندية الدعم سواء من خلال مساعدات مالية أو تقديم ريع هذه المباريات لصندوق النادي عدا عن دخوله بمشاريع مستمرة كتقديم كراسي مدرجات لمدرسة أو دعم المستشفيات والمراكز الصحية وهو ما يقوي من الجانب الإنساني للنادي.
لا للصدام داخل النادي
بالحلقة الأخيرة من مسلسل “هونيس- رومينيغيه” في بايرن وبعد أن ظهر الاختلاف بوجهات النظر على العلن في مرات عديدة انتظر الكثيرون انتصار طرف على الآخر وإخراجه من النادي ليسيطر تيار فكري محدد لكن المفاجأة كانت أن الثنائي اختار الخروج تدريجياً وفتح الباب لقيادة جديدة فتولى هيربرت هاينر، الرئيس التنفيذي لأديداس سابقاً، منصب رئيس النادي مع بقاء هونيس ضمن المجلس الاستشاري في حين بدأ رومينيغيه بتجهيز أوليفر كان ليأخذ مكانه منهياً حوالي 30 عاماً من العمل الإداري داخل النادي.
برحيل رومينيغيه المرتقب ستنتهي طموحاته بتقوية الصورة العالمية لبايرن وجعلها الهدف الأساسي للنادي دون أن نعرف تماماً ما إذا كانت الفكرة ستنجح على المدى البعيد أم لا، ببساطة 30 عاماً من العمل لرجل حفر كلمته في ألمانيا وبعالم الإدارة دون أن يطبق أفكاره الشخصية إلا بمرحلة بسيطة!