أيام على إعلان مانشستر سيتي التعاقد مع جاك جريليش، وما المقابل؟ مبلغ بسيط للغاية، 100 مليون جنيه استرليني فقط، بالطبع تحتاج لاعب كهذا في ظل امتلاكك رحيم ستيرلينج ورياض محرز وكيفين دي بروينه وبيرناردو سيلفا وفيل فودين فقط في هذا الثلث من الملعب، أما بالنسبة للمهاجم فقد رحل سيرخيو أجويرو صاحب الـ 34 عامًا، والذي جلس ما بين دكة البدلاء والإصابات أكثر مما لعب مع بيب جوارديولا، لذلك لا مانع من جلب هاري كين مقابل 175 مليون باوند فقط!
إذا شعرت أن هناك شيء ما غير منطقي في صياغة الفقرة السابقة فأنت على أول الطريق، تلك الفقرة لم تتضمن سوى معلومات حقيقية، هي ليست من خيال مؤلفها حتى تخضع للآراء، ولكنها ستثير حفيظتك بكل تأكيد لأنك ستشعر فيها بكم من الرفاهية لا يمتلكه أحد في العالم سوى مانشستر سيتي ومدربه بيب جوارديولا.
العالم بعد الجائحة تغير تمامًا، هنا برشلونة لا يستطيع الحفاظ على ميسي وهناك إنتر بطل في إيطاليا يتفكك قطعة وراء الآخرى لأسباب مادية، وريال مدريد يحاول بيع أكبر عدد من اللاعبين ليضم مبابي بعد سنوات من الإنفاق القليل، ولكن في جانب آخر من العالم، هناك من يصل إلى دوري أبطال أوروبا فيخسره، فيقرر إنفاق نحو 300 مليون باوند من أجل المحاولة مرة أخرى.
في سؤال استنكاري على مواقع التواصل الاجتماعي حول سبب تعاقد مانشستر سيتي مع جريليش من الأساس، جاءت الإجابة لأحد مشجعي مانشستر سيتي بأن هناك عدد من المباريات المغلقة في منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز تحتاج إلى لاعب بإمكانيات جريليش حتى لا تفقد فيها النقاط.
أيام على إعلان مانشستر سيتي التعاقد مع جاك جريليش، وما المقابل؟ مبلغ بسيط للغاية، 100 مليون جنيه استرليني فقط، بالطبع تحتاج لاعب كهذا في ظل امتلاكك رحيم ستيرلينج ورياض محرز وكيفين دي بروينه وبيرناردو سيلفا وفيل فودين فقط في هذا الثلث من الملعب، أما بالنسبة للمهاجم فقد رحل سيرخيو أجويرو صاحب الـ 34 عامًا، والذي جلس ما بين دكة البدلاء والإصابات أكثر مما لعب مع بيب جوارديولا، لذلك لا مانع من جلب هاري كين مقابل 175 مليون باوند فقط!
إذا شعرت أن هناك شيء ما غير منطقي في صياغة الفقرة السابقة فأنت على أول الطريق، تلك الفقرة لم تتضمن سوى معلومات حقيقية، هي ليست من خيال مؤلفها حتى تخضع للآراء، ولكنها ستثير حفيظتك بكل تأكيد لأنك ستشعر فيها بكم من الرفاهية لا يمتلكه أحد في العالم سوى مانشستر سيتي ومدربه بيب جوارديولا.
العالم بعد الجائحة تغير تمامًا، هنا برشلونة لا يستطيع الحفاظ على ميسي وهناك إنتر بطل في إيطاليا يتفكك قطعة وراء الآخرى لأسباب مادية، وريال مدريد يحاول بيع أكبر عدد من اللاعبين ليضم مبابي بعد سنوات من الإنفاق القليل، ولكن في جانب آخر من العالم، هناك من يصل إلى دوري أبطال أوروبا فيخسره، فيقرر إنفاق نحو 300 مليون باوند من أجل المحاولة مرة أخرى.
حوار مع صديقي السيتيزين
في سؤال استنكاري على مواقع التواصل الاجتماعي حول سبب تعاقد مانشستر سيتي مع جريليش من الأساس، جاءت الإجابة لأحد مشجعي مانشستر سيتي بأن هناك عدد من المباريات المغلقة في منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز تحتاج إلى لاعب بإمكانيات جريليش حتى لا تفقد فيها النقاط.
هذه الجملة لن تقع على أذنيك سوى وقع مطالبة أحد أبطال كمال الأجسام بحارس شخصي لأنه من المحتمل أن يواجه شجارًا مع مراهق يسكن بجواره، أشياء تستوجب رد فعل ساخر مليء بالتهكم بمجرد وصولها إليك، لا يمكن أن تتوفر هذه المساحة من الرفاهية في العالم لأحد، جميعنا يحلم بواقع مثالي ولكنه غير موجود، تخيل أن تستيقظ صباحًا فتشعر بالغضب من مدير شركتك، فيقترح عليك صديقك شراءها، حلول ليست واقعية تمامًا لأي مشكلة تواجهها، ولكنها باتت متاحة في مكان ما من العالم.
مشجع آخر لمانشستر سيتي كتب تغريدة عبر تويتر وأيضًا انتشرت مع تعليقات ساخرة بدورها يقول فيها إنه حزين لأن التعاقد مع جريليش يعني أن بيرناردو سيلفا سيرحل، مستوى آخر من الرفاهية في العالم أمام مشجعين يخشون إفلاس أنديتهم وتسريح لاعبيهم لعدم توفر الأموال.
ما القيمة؟
ستنفق مئات الملايين، فتخفق، فتحاول مرة أخرى، فتخفق، فتحاول مرة أخرى، فتنجح نجاحًا أقل من المأمول، فتستمر في الإنفاق، وتدور تلك الدائرة حتى تحقق ما تنشده، في رأيك حين يتحقق الهدف؟ هل سيحتفظ بنفس قيمته التي كان عليها؟ علمًا بأن من حولك لا يُسمح لهم القيام بذلك حتى وإن أنفقوا بشكل جنوني مؤخرًا، فإن ذلك لم يكن سوى رد فعل على ثورة بدأتها أنت.
لم يكن يورجن كلوب في ليفربول على استعداد لإنفاق ما يتخطى الـ 50 أو الـ 60 مليون يورو في لاعب، ولكن ذلك حدث في سنة واحدة حين جلب فيرجيل فان دايك كأغلى مدافع في تاريخ كرة القدم شتاء 2018، ثم عزز صفوفه بأليسون كأغلى حارس في تاريخ كرة القدم في الصيف.
هذه العملية لم تكن لتحدث سوى بسبب رفع مستوى الإنفاق في مانشستر سيتي، وتكوين فريق يمتلك لاعبين في كل مركز، ولديه رفاهية وضع لاعبين يمكنهم تحويل مسار فرق على دكة البدلاء، هذا المستوى الجنوني لا يسمح بالمنافسة سوى لمن يطبق النهج ذاته حتى لو ببذخ أقل، المهم أنك بتلك الفعلة ستمهد الطريق حتمًا للجنون حولك، ثم بعد ذلك تنفي التهمة عنك بأن تدخلنا في معادلة الدجاجة والبيضة ومن فيهما أولًا.
البيضة أم الدجاجة أولًا؟
في 2019 وبعد مواجهة ما بين مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي الممتاز أمام نيوكاسل الصاعد حديثًا من الدرجة الثانية، صرّح بيب جوارديولا أن نيوكاسل بقيادة رافائيل بينيتيز يلعب كرة قدم دفاعية جدًا، مبديًا امتعاضه من ذلك الأمر الذي لم يمنح الجماهير كرة القدم المنشودة لهم في تلك الليلة.
قبل بداية هذا الموسم كان بطل البريميرليج قد عزز فريقه بعدد من الصفقات، بينما الصاعد حديثًا لم يضف أي لاعب عن الفريق الذي كان يلعب به في التشامبيونشيب.. الآن يمكنك استنتاج رد بينيتيز، نعم بالفعل، لقد رد بعبارة، أعطني فريق جوارديولا وأعطه فريقي ولنرى من منّا سيلعب كرة قدم هجومية في نهاية المطاف.
هذه الأزمة هي التي يقع فيها جوارديولا ومشجعي مانشستر سيتي وأي شخص يرى أن ما يقوم به النادي الإنجليزي عادي، أنه ينسى الفوارق الفردية بينه وبين من حوله، ويتخيل أن الجميع قادر على إنفاق 100 مليون باوند لجلب لاعب يحتاجه أمام متارس كريستال بالاس ودفاعات بيرنلي الحصينة، وأنه يمكنهم في صيف الكورونا أن يدفع 45 مليون يورو للتعاقد مع مدافع ليجلس على دكة البدلاء بجوار آخر دفع مقابله نحو 60 مليون يورو، وأنهم يستطيعون التعاقد مع خط دفاع كامل ثم تغييره كليًا ثم تعديله بعد التغيير الكلي، وأن النجاح الذي يتحقق بهذا الإنفاق وتلك الرفاهية يساوي النجاح الذي يتحقق دونهما، معادلة حمقاء تتجاهل كل المعطيات وتنظر فقط إلى النتائج، وتلعب على وتر المغالطات فقط لإثبات أن الجميع من حقهم القيام بذلك، بل أنهم قاموا به في مرات سابقة بالفعل.
جوارديولا يتهم جوارديولا!
في الماضي، كان جوارديولا يعتقد أن كرة القدم الحديثة سيئة، وذلك لأنها تسمح للأندية بشراء مهاجم مقابل 50 مليون يورو بدلًا من صناعته في الأكاديمية، هذه الثورة كانت هي من صنعت شعبية جوارديولا، الرجل المؤمن بالأكاديميات وبالاستثمار الحقيقي في الناشئين، القادر على الزج بلاعب بلا خبرة وصناعة ركيزة أساسية منه، القادر على تغيير مراكز اللاعبين لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منهم.
أما جوارديولا الحالي، فهو ليس كذلك، بالأحرى لا يحتاج لأن يكون كذلك، في حال كان راتبك محدودًا فأنت في حاجة لحساب مصاريفك الأسبوعية لكي تستطيع إكمال الشهر، أما إن كنت أكثر ثراء بقليل، فأنت لست بحاجة إلى ذلك، ولكنك بحاجة فقط للاستغناء عن بعض الرفاهيات، وهكذا كلما زاد ثراؤك، قلّت الحاجة إلى أي جهد حقيقي من أجل تحقيق أي شيء.
حين تفتح الخزائن أمامك ويصبح بمقدورك إنفاق ما تريد من الأموال بالطبع ستجد كل شيء أسهل، ولكن في حالة كنت بيب جوارديولا فإنه عليك اتهام نفسك بإفساد اللعبة كما كنت تفعل في السابق، الكرة الحديثة باتت أكثر حداثة والجنون بات أكثر جنونًا، ولكن الفارق الوحيد بين هذا وذاك أنت أصبحت شريكًا رئيسًا فيما كنت تراه جرمًا في الماضي، أما اليوم فقد فقدت كل ما كان يميزك، فقدت حتى نفسك يا بيب، ولم تعد ذلك الثائر الذي عهدناه أبدًا.