ربما انقسم الجمهور في هذه المباراة إلى قمسين، أول كلاسيكي يرفض أن يصل منتخبان كالدنمارك والتشيك إلى تلك المرحلة المتقدمة، ويتابع المباراة بعين واحدة وأخرى مشغولة في البحث عن الكبار الذين اعتادوا أن يتواجدوا هنا، ونصف آخر يحب مثل هذه القصص الملحمية التي تكتب في كل بطولة مجمعة وينتظرها من حينٍ لآخر، هذه المباريات تلعب لهولاء خصيصًا.
وبناء عليه، فإنه قد يتبادر إلى ذهنك أنه لا فائدة من الحديث عن مباراة كتلك بعد نهايتها أو البحث في تفاصيلها، بينما على العكس تمامًا امتلأت مواجهة الدنمارك والتشيك بالكثير من التفاصيل التي تستحق الحديث عنها، ولا تنسَ أن الأولى وصلت إلى هنا لأنها سجلت رباعية في شباك ويلز بينما أطاحت الثانية بهولندا.
بالنسبة للمنتخب التشيكي، كان الرسم التكتيكي هو 4/2/3/1، في حراسة المرمى جاء توماس فاتشليك، في قلب الدفاع الثنائي كالاس وكيلوستكا، كوفال على اليمين وبوني على اليسار، في وسط الملعب رمانة الميزان سوينتشوك وبجواره هوليس، أمامهما ثلاثي هم ماسوبوست وسيفيتشيك وباراك، خلف مهاجم وحيد وهو هداف المنتخب التشيكي ونجمه الأول باتريك شيك.
على الجانب الآخر، كان المنتخب الدنماركي وفيًا للـ 3/4/3، كاسبر شمايكل في حراسة المرمى، خط دفاع ثلاثي قوامه سيمون كاير وكريستيانسين وفيستغجرد، توماس ديلاني ــ أفضل لاعبي المباراة من وجهة نظر محللها ــ بجوار هويبيرج كثنائي محور، لارسون وميهلي على الأطراف، خلف الثلاثي دامسجارد ومارتن برايثوايت وكاسبر دولبيرج.
ربما انقسم الجمهور في هذه المباراة إلى قمسين، أول كلاسيكي يرفض أن يصل منتخبان كالدنمارك والتشيك إلى تلك المرحلة المتقدمة، ويتابع المباراة بعين واحدة وأخرى مشغولة في البحث عن الكبار الذين اعتادوا أن يتواجدوا هنا، ونصف آخر يحب مثل هذه القصص الملحمية التي تكتب في كل بطولة مجمعة وينتظرها من حينٍ لآخر، هذه المباريات تلعب لهولاء خصيصًا.
وبناء عليه، فإنه قد يتبادر إلى ذهنك أنه لا فائدة من الحديث عن مباراة كتلك بعد نهايتها أو البحث في تفاصيلها، بينما على العكس تمامًا امتلأت مواجهة الدنمارك والتشيك بالكثير من التفاصيل التي تستحق الحديث عنها، ولا تنسَ أن الأولى وصلت إلى هنا لأنها سجلت رباعية في شباك ويلز بينما أطاحت الثانية بهولندا.
تكتيك
بالنسبة للمنتخب التشيكي، كان الرسم التكتيكي هو 4/2/3/1، في حراسة المرمى جاء توماس فاتشليك، في قلب الدفاع الثنائي كالاس وكيلوستكا، كوفال على اليمين وبوني على اليسار، في وسط الملعب رمانة الميزان سوينتشوك وبجواره هوليس، أمامهما ثلاثي هم ماسوبوست وسيفيتشيك وباراك، خلف مهاجم وحيد وهو هداف المنتخب التشيكي ونجمه الأول باتريك شيك.
على الجانب الآخر، كان المنتخب الدنماركي وفيًا للـ 3/4/3، كاسبر شمايكل في حراسة المرمى، خط دفاع ثلاثي قوامه سيمون كاير وكريستيانسين وفيستغجرد، توماس ديلاني ــ أفضل لاعبي المباراة من وجهة نظر محللها ــ بجوار هويبيرج كثنائي محور، لارسون وميهلي على الأطراف، خلف الثلاثي دامسجارد ومارتن برايثوايت وكاسبر دولبيرج.
مفاتيح اللعب في كلا المنتخبين تبدأ من العمق ثم تنطلق إلى الأطراف، إرسال الكرات العرضية إلى باتريك شيك هو سلاح فتّاك للتشيك تبحث عنه كلما أمكن، والتعامل مع دولبيرج داخل منطقة الجزاء أو سرعات برايثوايت ودامسجارد خلف دفاعات الخصوم فعّال طوال البطولة بالنسبة للدانمارك.
على المستوى الدفاعي، تفنن كلا المنتخبين في غلق العمق أمام الآخر في أغلب الأوقات، ليكون اللعب على الأجناب ليس فقط من باب البحث عن مواطن القوة لدى كل منتخب، بل خيار إجباري نتيجة للتكدس الموجود في العمق، وأملًا في البحث عن فراغات خلف الأطراف.
في البداية لعبت الدنمارك على سلاح الضربات الثابتة فسجلت هدفًا مبكرًا عبر ديلاني الذي أسلفت أنه أفضل لاعب في المباراة، وبالبداية بحديث عن هدفه يبدأ الشرح لماذا كان أفضل من البقية، مع التأكيد أن ذلك لم يحدث بسبب الهدف الذي سجله فقط، بل ما هو أكثر من ذلك بكثير.
في الهدف لقطة ذكية للغاية، المهاجمون وطوال القامة يتحركون نحو المرمى لسحب أكبر عدد ممكن من مدافعي التشيك، لتُرسل الكرة العرضية إلى الوراء أو ما يقارب نقطة الجزاء، هنا يقف ديلاني ليحولها برأسه دون رقابة ودون قفز، خدعة أشبه برمي قطع اللحم لكلاب الحراسة حتى تشغلهم عن الهدف الحقيقي الذي من المفترض أن يراقبوه.

“لقطة للهدف الأول توضح تمركز لاعبي الدنمارك والتشيك وخلو ديلاني من الرقابة” … المصدر: wyscout
على الجانب الآخر، باتريك شيك نفسه مصدر الخطورة الأول لدى التشيك يخرج من العمق إلى الطرف حتى يستلم الكرة بعيدًا عن الرقابة الدفاعية اللصيقة، ومن أجل أن يحاول المراوغة وخلق مواقف الزيادة العددية التي تسمح له بالتسجيل أو الصناعة.
في تلك اللقطة مثلًا الهجمة الأولى الخطيرة للمنتخب التشيكي بعد الهدف مباشرة، ويلاحظ هروب شيك إلى الطرف الأيمن لاستلام الكرة خلف المدافعين.

ويلاحظ من خلال الخريطة الحرارية لباتريك شيك طوال المباراة أن تحركاته كانت مائلة لليمين وتحديدًا في أنصاف الفراغات حتى يتمكن من تجنب التكتل الدفاعي عليه بمجرد استلامه للكرة، ويلاحظ أن أغلب الكرات التي استلمها في العمق كانت كرات عرضية عليه إنهاؤها من لمسة واحدة.

الهجمات تستمر والكرات الطولية تكثر خلف الأظهرة استغلالًا لسرعة دامسغارد سلاح فعّال، وتتكرر كرة الهدف الأول من جديد ولكن بعرضية أرضية، أيضًا كاسبر دولبيرج يسحب المدافعين للأمام حين يقترب الظهير من إرسال الكرة العرضية، فقط ليأخذ أكبر عدد من المدافعين معه ويترك المساحة الكافية لديلاني القادم من الخلف للتسديد بدون رقابة.. وللتذكير هذه التسديدة مرّت بمحاذاة القائم.

وعلى ذكر ديلاني، فإن الرجل كان محورًا هامًا في بناء اللعب من الخلف، يقترب من حارس المرمى كاسبر شمايكل كلما أراد الخروج بالكرة على الأرض، ويهبط بين قلوب الدفاع لتشكيل خط رباعي في الحالة الدفاعية، ويكون أول مستلم للكرة رفقة هويبيرج من أجل إرسال الكرات القطرية والأمامية وبدء الهجمات المعاكسة.

يلاحظ هنا أن ثانيتين فقط هما الفارق بين الصورتين، ما قام به ديلاني هو أنه فتح زاوية تمرير لزميله حامل الكرة للخروج بها، بدلًا من فقدانها وإرسالها للأمام، تخلص من الرقابة الدفاعية في ظرف ثانية واحدة وبات حرًا لاستلام الكرة والحفاظ على الاستحواذ تحت الضغط، هذه اللقطة مجرد مثال على ما كان يقوم به طوال المباراة.

الخريطة الحرارية لديلاني أيضًا توضح مدى انتشاره في كل أرجاء الملعب تقريبًا، يتحرك في حوالي 60 مترًا بشكل متكافئ تقريبًا وينتشر في تلك الرقعة بلا تمركز محدد في منطقة دونًا عن غيرها، يستلم الكرة عند منطقة جزائه وينهيها عند منطقة جزاء الخصم، يؤدي كلا الدورين بالكفاءة ذاتها تقريبًا.

في النصف الثاني اختلفت المباراة بعض الشيء، مرتدات دنماركية وضغط تشيكي في الشوط الثاني جعل المباراة تظهر عبارة عن ضغط من هنا ومرتدات هناك، لم تعد الدنمارك هي المبادر بالهجوم، بل كان الاعتماد على الهجمات المعاكسة استغلالًا للمساحات التي خلّفها التقدم التشيكي، وتحديدًا عبر انطلاقات يوسف بولسن الذي كان نشيطًا للغاية في قيادة التحولات من الخلف للأمام.

يلاحظ في تلك اللقطة تحرك يوسف بولسن حاملًا الكرة لمسافة تتجاوز الـ 60 مترًا، استغلالًا لذلك الفراغ الذي وجده أخيرًا، وبناء عليه، بدأت الدنمارك في الاعتماد عليه في مثل هذه الكرات من أجل البحث عن الهدف الثالث.
دامسجارد وباتريك شيك .. اكتشاف وإعادة اكتشاف
ميكيل دامسجارد، لاعب انضم الصيف الماضي إلى سامبدوريا في صمت شديد، واليوم لا يستطيع فريقه إحصاء العروض المقدمة له من الكبار في أوروبا، هو من مواليد 2000 ولديه مستقبل باهر نظرًا إلى العطاء الذي يقدمه في سن صغير، مع التأكيد على نقطة انتشار المواهب في الدوري الإيطالي المتهم زورًا بالعقم.
على الجانب الآخر، باتريك شيك الذي كان قد انضم إلى صفوف روما الإيطالي وسط تطلعات عالية وتوقعات بمستقبل باهر، حدث ذلك في 2017 ولكن الإصابات كان لها رأي آخر، ومن خلال فترة إعارة في لايبزيج وانتقال إلى ليفركوزن أعاد اكتشاف نفسه، وصدق على ذلك من خلال اليورو.
موهبتان تأهل أحدهما لنصف النهائي وودع الآخر من دور الثمانية، ولكنهما فازا بما هو أكبر من اليورو، بمسيرة ستمتد لسنوات وستبنى نجاحاتها على العطاء المقدم في أمم أوروبا الحالية، في عنوان صغير يسمى فن استغلال الفرص، وليت كل المواهب تمتلك تلك القدرة.