مهما اختلفنا، ومهما منحنا الخطط والتكتيك الاهتمام الأكبر، ستظل مثل هذه اللحظات الدراماتيكية هي سر الارتباط الوثيق بيننا وبين تلك اللعبة، هذه اللحظات التي يتنحى فيها العقل جانبًا وتنفجر فيها المشاعر لتصل عنان السماء.. هذه كانت كلمات يجب أن يبدأ بها الحديث عن ليلة من المشاعر وكرة القدم، وتحديدًا عن مواجهة فرنسا وسويسرا التي انتصرت فيها كرة القدم للطرف الأضعف، في سيناريو مقرّب من قلوب الغالبية في بطولات اليورو وكأس العالم.
التشكيل جاء متشابهًا من الجهتين، الحديث هنا فيما يخص الرسم التكتيكي، 3/5/2 هنا وهناك مع اقترابها من 3/4/3 فيما يخص المنتخب الفرنسي، فقط فروق بسيطة في طرق التطبيق، ومفاجأة حول لجوء فرنسا إلى اللعب بخط دفاع ثلاثي، وإلى الاعتماد على كليمون لونجليه تحديدًا من أجل القيام بذلك التعديل التكتيكي المفاجئ.
بالنسبة لفرنسا جاء هوجو لوريس في حراسة المرمى كالعادة، أمامه خط دفاع ثلاثي مكوّن من كليمون لونجليه وكيمبيمبي وفاران، بنجامين بافارد على اليمين وعلى اليسار أدريان رابيو، ثنائية بوجبا وكانتي المقدسة في قلب نصف الملعب، خلف ثلاثية بنزيما وجريزمان ومبابي المقدسة أيضًا في الخط الأمامي.
أما المنتخب السويسري، فثلاثي في الخلف أيضًا أمام الحارس يان سومر، يتكون من إلفيدي وريكاردو رودريجيز وأكانجي، سباستيان زوبر على اليسار كأحد أهم مفاتيح لعب المنتخب على الإطلاق طوال البطولة وعلى اليمين فيمر، ثنائية جرانيت تشاكا وفرولر في قلب نصف الملعب، خلف شاكيري وسفيروفيتش وإيمبولو.
مهما اختلفنا، ومهما منحنا الخطط والتكتيك الاهتمام الأكبر، ستظل مثل هذه اللحظات الدراماتيكية هي سر الارتباط الوثيق بيننا وبين تلك اللعبة، هذه اللحظات التي يتنحى فيها العقل جانبًا وتنفجر فيها المشاعر لتصل عنان السماء.. هذه كانت كلمات يجب أن يبدأ بها الحديث عن ليلة من المشاعر وكرة القدم، وتحديدًا عن مواجهة فرنسا وسويسرا التي انتصرت فيها كرة القدم للطرف الأضعف، في سيناريو مقرّب من قلوب الغالبية في بطولات اليورو وكأس العالم.

تكتيك
التشكيل جاء متشابهًا من الجهتين، الحديث هنا فيما يخص الرسم التكتيكي، 3/5/2 هنا وهناك مع اقترابها من 3/4/3 فيما يخص المنتخب الفرنسي، فقط فروق بسيطة في طرق التطبيق، ومفاجأة حول لجوء فرنسا إلى اللعب بخط دفاع ثلاثي، وإلى الاعتماد على كليمون لونجليه تحديدًا من أجل القيام بذلك التعديل التكتيكي المفاجئ.
بالنسبة لفرنسا جاء هوجو لوريس في حراسة المرمى كالعادة، أمامه خط دفاع ثلاثي مكوّن من كليمون لونجليه وكيمبيمبي وفاران، بنجامين بافارد على اليمين وعلى اليسار أدريان رابيو، ثنائية بوجبا وكانتي المقدسة في قلب نصف الملعب، خلف ثلاثية بنزيما وجريزمان ومبابي المقدسة أيضًا في الخط الأمامي.
أما المنتخب السويسري، فثلاثي في الخلف أيضًا أمام الحارس يان سومر، يتكون من إلفيدي وريكاردو رودريجيز وأكانجي، سباستيان زوبر على اليسار كأحد أهم مفاتيح لعب المنتخب على الإطلاق طوال البطولة وعلى اليمين فيمر، ثنائية جرانيت تشاكا وفرولر في قلب نصف الملعب، خلف شاكيري وسفيروفيتش وإيمبولو.
فرنسا لعبت بـ 3/5/2 تتحول إلى 3/4/3، حيث تمحور دور أنطوان جريزمان ما بين صانع الألعاب الذي يتطرف يسارًا، وكجناح يدخل للعمق، أو ربما مهاجم متأخر، هذه التوليفة التي يؤديها دائمًا بلا مركز ثابت، ولكن الفارق أنه في لقاء سويسرا اقترب من وسط الميدان بعض الشيء.

خطوة للوراء أو ربما عدة خطوات، تحتاج لأن تسأل أولًا عن الخيارات المتاحة أمام ديشامب في الخط الخلفي، ستجد أمامك ثيو هيرنانديز كظهير أيسر.. أين كان؟ لم يستدعه الرجل، والنتيجة؟ اضطر للعب بأدريان رابيو كظهير أيسر بعد إصابة لوكاس.. من تمتلك فرنسا في قلب الدفاع؟ إبراهيما كوناتي ودايوت أوباميكانو خارج القائمة، لابورت رفضه الديوك حتى مثّل إسبانيا بعد سنوات قضاها معلقًا بين هذا وذاك، إضافة إلى جول كوندي، وبعد ذلك، من يلجأ إليه ديشامب كمدافع ثالث حين يقرر اللعب بثلاثي في الخلف؟ إجابة غير متوقعة على الإطلاق، أحد أسوأ لاعبي برشلونة في الآونة الأخيرة كليمون لونجليه.
وما بين المعطيات والنتائج، لا تحتاج سوى لدقائق قليلة يسجل فيها سفيروفيتش هدفًا لمنتخب سويسرا من كرة رأسية، من كان يراقبه فيها؟ كما توقعت، هو لونجليه، وماذا فعل؟ لا شيء، تركه يقفز ويوجه الكرة في شباك لوريس، ولم يكلف خاطره ويقفز ولو لجذب الانتباه حتى!

هذه المساحة الموجودة في عمق الدفاع بعد ربع ساعة فقط من انطلاق المباراة، هل توحي بأن ذلك المنتخب يلعب بـ 3 قلوب دفاع في الخلف؟ لا، وهنا المشكلة الأولى، أنك فقدت لاعبًا إضافيًا في الأمام لكي تعزز به خط الدفاع، فلم يمنحك ما تريد، ففقدته عمليًا ولعبت مباراة بـ 10 لاعبين.
بإبعاد الكاميرا بعض الشيء، وفي نفس اللقطة، يمكنك ملاحظة التمركز الخاطئ لكيمبيمبي وفاران ولونجليه معًا، الأمر الذي منح زوبر خيارين قبل إرسال العرضية، أحدهما الذي حدث بالفعل وهو إرسالها لسفيروفيتش مسجل الهدف، والثاني كان إرسالها للخالي تمامًا من الرقابة شاكيري كما هو موضّح بالصورة.

تلاحظ هذه النقطة بسهولة في شوط المباراة الأول وفي اللقطات التي يقود فيها عناصر المنتخب السويسري التحولات، حيث تكون في غالبية الأحوال الزيادة العددية لعناصر المنتخب الفرنسي، ولكن على الرغم من ذلك تجد الفراغات موجودة، وتجد القدرة على إيجاد المساحات بين وحول ثلاثي الخط الخلفي أيضًا.

في المقابل، كان التعامل السويسري مع الضغط الفرنسي على المستوى الدفاعي أكثر حكمة، ونلاحظ في أكثر من فرصة غلق زوايا التمرير وتضييق المساحات داخل منطقة الجزاء وحولها، من خلال محاولة منع فرنسا من خلق مواقف الزيادة العددية، وغلق العمق قدر الإمكان.

في شوط المباراة الثاني تراجع هذا التفوق الدفاعي للمنتخب السويسري أمام الضغط الفرنسي خاصة بعد لقطة كانت منعرج المباراة حتى جنون النهاية، ركلة الجزاء التي احتسبها الحكم لصالح المنتخب السويسري وأضاعها ريكاردو رودريجيز، قبل أن يسجل بنزيمة هدفين متتاليين، ويلاحظ الفراغات الدفاعية في المساحة التي استلم فيها بنزيما كرة الهدف الأول، والتي استلم فيها جريزمان كرة الهدف الثاني قبل أن ترتد تسديدته من الحارس سومر ويتابعها بنزيمة على القائم الآخر في الشباك.

بنزيما استلم كرة الهدف الأول في مساحة فارغة بكل أريحية

بعد تقدم فرنسا في النتيجة حصلت على الأفضلية على مستوى الأداء، تراجع مستوى سويسرا وأصبحت فرنسا أكثر قدرة على الاستحواذ وتدوير الكرة، ولكن الهدف الثاني لسويسرا أعاد الإثارة من جديد، وبالحديث عن الهدف الثاني، تلاحظ المشكلة نفسها، يستطيع سفيروفيتش أن يقفز بين المدافعين برقابة ضعيفة للغاية، يضرب برأسه ويسجل كما فعل في الهدف الأول.

بطولة بوجبا
ربما قرأت العديد من الفكاهات حول ضرورة تعاقد مانشستر يونايتد مع بول بوجبا الخاص بمنتخب فرنسا، وفي الحقيقة من يضمن لأي نادٍ هذه النسخة من بوجبا لموسم كامل على الأقل سيجعله يدفع أي مبلغ لضمه، ولكن المشكلة أنك تعرف جيدًا أنه ليس من لاعبي النفس الطويل كما أثبتت التجربة، أو ربما يحتاج إلى تغيير الأجواء كما حدث مع روميلو لوكاكو مثلًا.. المهم، أنه في اليورو كان ربما الأفضل بين لاعبي المنتخب الفرنسي، والأكثر تأثيرًا، وربما لو أكمل الديوك رحلتهم نحو المباراة النهائية لكانت جائزة أفضل لاعب في البطولة أقرب له.
في المباريات السابقة كان بوجبا الأكثر لمسًا للكرات بين لاعبي فرنسا وخصمها، واليوم لم يكذّب خبرًا أيضًا، الأكثر لمسًا للكرة بين لاعبي الفريقين بـ 102 لمسة بالتساوي مع أفضل لاعبي المباراة جرانيت تشاكا، فضلًا عن الهدف الذي لا يحتاج سوى المشاهدة والتصفيق والاستمتاع بالرقصة التي تلته.

وفقًا لراديو مونتي كارلو، فإن بول بوجبا هو من جاء بفكرة الانتقال إلى الرسم التكتيكي 3-4-3 لمواجهة سويسرا، مفسرًا ذلك بأنه يرتاح أكثر داخل ذلك الرسم، بالفعل ظهر مرتاحًا وفعالًا، ولكن أمام تشاكا الذي قدّم مباراة استثنائية ظهرت أزمات تخص وسط ملعب فرنسا باللعب بثنائي فقط وهما كانتي وبوجبا مع غياب المساند الثالث، بالإضافة إلى المشاكل التي تحدثنا عنها في الأسطر الماضية حول الشكل الدفاعي للديوك.
أما على مستوى البطولة ككل، فقد كان بوجبا الأكثر في كل شيء تقريبًا بين لاعبي المنتخب الفرنسي، عدا لقب الأكثر تسجيلًا للأهداف الذي ذهب إلى كريم بنزيمة، والذي ذبحته كرة القدم اليوم بعدما كان قريبًا من حصد الإشادات التي افتقدها في رحلة غياب عن المنتخب الفرنسي استمرت لـ 5 سنوات.
بوجبا بلغة الأرقام هو الأكثر لمسًا للكرة بين لاعبي الديوك بواقع 353 لمسة، الأكثر تمريرًا بـ 278 تمريرة، الأكثر استرجاعًا للكرة متفوقًا على نجولو كانتي بواقع 33 افتكاكًا، -الأكثر فوزا بالصراعات الثنائية بـ 33 مرة أيضًا، الأكثر صناعة للفرص من لعب مفتوح بـ 8 فرص، والأكثر صناعة للفرص المحققة للتهديف بواقع 3 فرص، فضلًا عمّا يقاس بالكيف وليس بالكم.
سومر ومبابي وتشاكا وسيناريست كرة القدم!
إذا شاهدت المباراة منذ بدايتها وحتى الدقيقة 90 أي قبل الوقت الإضافي، وكنت متمرسًا في كرة القدم وسيناريوهات اللعبة التي تبدو سينمائية أكثر من السينما نفسها في أغلب الأحيان، فبالتأكيد لم يكن ليخفى عليك ما حدث في الوقت الإضافي وركلات الترجيح بعد ذلك.
يان سومر يتألق، وبالتالي سيأخذ الركلة الأخيرة، جرانيت تشاكا، الذي لفظه آرسنال، يقدم واحدة من أفضل مبارياته؟ لذا سيقود بلاده للفوز ويتم اختياره رجلًا للمباراة، والأهم من ذلك، كيليان مبابي سيئ وأضاع فرصة خطيرة في الشوط الإضافي؟ بالطبع سيهدر ركلة جزاء ويطيح بآمال منتخب بلاده.
هذه الأشياء ربما توقعها أغلب المشجعين وحدثت بالفعل في نهاية المباراة، “سكريبت” كرة القدم الذي لو كُتب قبل أن يُلعب لما خرج بهذه الدقة فرض نفسه من جديد، ومنح الجماهير جرعة الأدرينالين المطلوبة في يوم تاريخي لكرة القدم الأوروبية، وأسدل الستار على قمة كبرى من تأليف وقصة وسيناريو وحوار سيناريست كرة القدم، ذلك المجهول الذي يقود اللعبة إلى حدود من الخيال والجنون لا يقوى عليها أي سيناريست حقيقي على وجه الأرض.