مشهد رقم 1؛ دانييلي دي روسي يصرخ في وجه مساعد المدير الفني للمنتخب الإيطالي جيامبييرو فينتورا، والسبب أن فينتورا طلب منه إجراء الإحماء من أقل إقحامه في مباراة ملحق تصفيات كأس العالم 2018 أمام السويد، تلك التي يحتاج فيها المنتخب الإيطالي إلى تسجيل هدف من أجل الصعود، ومع تبقي حوالي نصف ساعة فقط على النهاية. ما أثار استياءه ليلتها هو جود لورينزو إنسيني إلى جانبه على دكة البدلاء، فمن الأولى ليدخل إذا أردت تسجيل هدفًا؟
نهاية المشهد رقم 1؟ تلك العبثية التي بدأ بها بالتأكيد منحتك مؤشرًا؛ الفشل في التأهل لكأس العالم 2018 وغياب عن المونديال لأول مرة منذ 60 عامًا، صورة باهتة احتاجت فقط لأشهر قليلة حتى تتعافى منها ميأتي مشهد رقم 2، حيث يمضي الأتزوري في طريقه يفوز على منتخب تلو الآخر، ويدخل يورو 2020 مرشحًا للمنافسة عليه.. تطور يحتاج إلى التوقف لمعرفة ماذا حدث، كون أسبابه لا يقل إثارة عن نتائجه.
في البداية علينا الاعتراف بأن روبيرتو مانشيني جاء في وقت صعب وحسّاس للغاية، مهمة بعنوان إخراج أحد عمالقة الكرة من كبوة لم يرها أحد من قبل ممن ما زالوا يتابعون كرة القدم حتى الآن، الرجل كان قادمًا من تجربة متوسطة مع إنتر في ولاية ثانية قصيرة، وكان في حاجة لتحدٍ مثل ذلك حتى يلمع اسمه من جديد على الساحة.
تكتيكيًا كان مانشيني مطالبًا برسم ملامحه الخاصة على المجموعة التي وجدها ومن أضافهم لاحقًا، حيث سبقه مدربان يلعبان بـ 3/5/2 وهما أنطونيو كونتي وفينتورا، علمًا بأن أسلوب الأول يكون أكثر ميلًا للتحفظ كلما قلّت جودة الأسماء التي يمتكلها، والثاني فبحثه عن إقحام دي روسي وترك إنسيني على دكة البدلاء من أجل تسجيل هدف كفيل بأن يخبرك بكل شيء.
مشهد رقم 1؛ دانييلي دي روسي يصرخ في وجه مساعد المدير الفني للمنتخب الإيطالي جيامبييرو فينتورا، والسبب أن فينتورا طلب منه إجراء الإحماء من أقل إقحامه في مباراة ملحق تصفيات كأس العالم 2018 أمام السويد، تلك التي يحتاج فيها المنتخب الإيطالي إلى تسجيل هدف من أجل الصعود، ومع تبقي حوالي نصف ساعة فقط على النهاية. ما أثار استياءه ليلتها هو جود لورينزو إنسيني إلى جانبه على دكة البدلاء، فمن الأولى ليدخل إذا أردت تسجيل هدفًا؟
نهاية المشهد رقم 1؟ تلك العبثية التي بدأ بها بالتأكيد منحتك مؤشرًا؛ الفشل في التأهل لكأس العالم 2018 وغياب عن المونديال لأول مرة منذ 60 عامًا، صورة باهتة احتاجت فقط لأشهر قليلة حتى تتعافى منها ميأتي مشهد رقم 2، حيث يمضي الأتزوري في طريقه يفوز على منتخب تلو الآخر، ويدخل يورو 2020 مرشحًا للمنافسة عليه.. تطور يحتاج إلى التوقف لمعرفة ماذا حدث، كون أسبابه لا يقل إثارة عن نتائجه.
خطوط عريضة
في البداية علينا الاعتراف بأن روبيرتو مانشيني جاء في وقت صعب وحسّاس للغاية، مهمة بعنوان إخراج أحد عمالقة الكرة من كبوة لم يرها أحد من قبل ممن ما زالوا يتابعون كرة القدم حتى الآن، الرجل كان قادمًا من تجربة متوسطة مع إنتر في ولاية ثانية قصيرة، وكان في حاجة لتحدٍ مثل ذلك حتى يلمع اسمه من جديد على الساحة.
تكتيكيًا كان مانشيني مطالبًا برسم ملامحه الخاصة على المجموعة التي وجدها ومن أضافهم لاحقًا، حيث سبقه مدربان يلعبان بـ 3/5/2 وهما أنطونيو كونتي وفينتورا، علمًا بأن أسلوب الأول يكون أكثر ميلًا للتحفظ كلما قلّت جودة الأسماء التي يمتكلها، والثاني فبحثه عن إقحام دي روسي وترك إنسيني على دكة البدلاء من أجل تسجيل هدف كفيل بأن يخبرك بكل شيء.
مانشيني كان عليه إعادة خطة اللعب بـ 4 لاعبين في الخلف، الرسم ليس فقط ما يكفي لتغيير أسلوب اللعب، ولكن الأفكار المتحررة نسبيًا مع كرة قدم استباقية كان التحدي الأكبر، ذلك الذي يتطلب لاعبين بمواصفات معينة في كل أرجاء الملعب وفي الخروج بالكرة خصيصًا فكان جورجينيو نواة لذلك، وبونوتشي خلفه كمدافع مميز في البناء، وباريلا أمامه كعنصر لا غنى عنه في التحرك للأمام بالكرة وبدونها وقيادة التحولات.. هذه هي الصورة شبه السطحية لما حدث، ولكن ماذا عن التحول نفسه؟ الإجابة دائمًا خلف الكواليس.

خلف الكواليس
ارتفاع جودة الأسماء لن يحدث في يوم وليلة، صحيح وأن العديد من اللاعبين الشبّان الذين انفجروا في السنوات الماضية لم يكونوا بحوزة فينتورا، ولكنهم احتاجوا للبحث عنهم حتى يجتمعوا، والأهم من ذلك، كان هناك ضرورة لهامش المحاولة والخطأ من أجل الثورة على تركة الماضي وعدم الاستسلام لرجالها ومحاولة إخراج أفضل ما لديهم فقط، فلماذا التسليم بهذا ما دام هناك فرصة لإيجاد بدائل أفضل؟
قبل أي شيء ضخ روبيرتو مانشيني دماء جديدة، في أول خمس مباريات له كمدرب للأتزوري، كان متوسط عمر لاعبي التشكيل الأساسي للمنتخب 25 عامًا و 260 يومًا. في المباريات الخمس السابقة قبل وصوله، كان متوسط العمر أكبر بثلاث سنوات تقريبًا من ذلك بـ 28 عامًا و255 يومًا.
ورغم اعتمادة على نمط واضح وأسماء رئيسية لا يمكن أن تخلو تشكيلته منها، إلا أنه لم يخف من تجربة المزيد من العناصر والحفاظ على النسق ذاته والأداء ذاته، والنتائج الإيجابية تلخص كل شيء. فبالنظر إلى الأرقام تجد مانشيني قد استخدم 64 لاعبًا مختلفًا في أول 27 مباراة له مع الآتزوري، وهو أكثر مما قام به أي مدرب آخر في أول 27 مباراة له منذ أن لعبت إيطاليا أول مباراة لها في التاريخ!

نتيجة لذلك، تحرّك كل شيء للأمام، وبمقارنة ما بين حقبة مانشيني والحقبة السابقة له يتبين الفارق بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، وبمواصلة السير مع الأرقام، لم تخسر إيطاليا أي مباراة منذ عامين، حيث فاز منتخب الآتزوري بـ 15 مباراة من أصل 18 مباراة رسمية منذ عام 2019 وتعادل في الثلاث الأخرى. إنها المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية تقريبًا التي يمضي فيها عامان دون أن تعرف إيطاليا الخسارة.
خلال هذه الفترة، سجلوا 54 هدفًا بمتوسط ثلاثة أهداف في المباراة الواحدة، وبالطبع يبدو التناقض صارخًا عند مقارنة ذلك مع عامي 2017 و 2018 حيث فاز الطليان بتسع مباريات فقط وسبعة تعادلات وخمسة هزائم من إجمالي 21 مباراة، وسجلوا 24 هدفًا فقط، أي أقل من نصف ما سُجل في عامي مانشيني.
المطبخ الذي منح مانشيني أدواته
في جوانب الحديث عن إيطاليا مانشيني تجد التنوع مرادفًا لكل شيء، في الأسلوب والعناصر وحتى معدّل الأعمار، وهذا أيضًا لم يحدث بين يوم وليلة كحال ما سبقه، بل كان نتاجًا لتغير كبير حدث في الدوري الإيطالي نفسه دون أن تلاحظه بعض الجماهير التي تكتفي بوضع الطليان في خانة الدفاع، دون أن تهتم بمتابعة كرة القدم التي يلعبونها من الأساس.
في إيطاليا، ظهرت العديد من المدارس المختلفة ما بين الميل للدفاع والهجوم والتوازن بينهما، مع ثورة على المفاهيم القديمة وتجديدها وتقديمها في أطر أخرى. أصبح الآن بإمكانك أن تجد مدربين أمثال جيان بييرو جاسبريني ودي فرانشيسكو وروبيرتو دي زيربي وماركو جيامباولو وماوريسيو ساري وسيموني إنزاجي بفلسفات أقرب للكرة الهجومية منها للدفاعية، واعتماد أندية هؤلاء المدربين مع تغيّرها على العديد من اللاعبين الطليان مما ينتج ذلك التنوع الموجود بين العناصر الموجودة وقدرتهم على التكيف مع أسلوب مانشيني الذي يحتاج إلى لاعبين أكثر إبداعًا وحركية من النمط السائد قبل سنوات، والذي لعبت الأزمة الاقتصادية دورًا كبيرًا فيه، حيث قلّت المواهب وخرج القليل منها من البلاد مبكرًا، بينما في الوقت الحالي تجد العديد من المواهب الشابة التي تنتج باستمرار، وتجدها أكثر تمسكًا بالبقاء في الكالتشيو فقط لأن أنديتها باتت تمتلك السيولة لفعل ذلك.
ماذا أنتج ذلك؟ الأرقام تجيبك، في 2017 مثلًا كان الدوري الإيطالي صاحب أعلى حصيلة تهديفية بين الدوريات الكبرى، حيث شهد تسجيل 1123 هدفًا مقابل 1118 في الليجا و1064 في البريميرليج، الذي يفترض أنه صاحب الأهداف الأكبر والإثارة الأكبر بين الدوريات الخمس الكبرى كما تتفق أغلبية الجماهير.
بينما بالوصول إلى موسم 2021، قفزت الحصيلة التهديفية في الدوري الإيطالي إلى 1160 هدفًا مقابل 1024 في إنجلترا و953 في إسبانيا. وفي الفترة بين هذا وذاك ظل الكالتشيو إما متفوقًا وإما متقدمًا على الليجا بفارق واضح وخلف البريميرليج بعدد أهداف تعد على أصابع اليد الواحدة، وفي 2020، فاز تشيرو إيموبيلي بالحذاء الذهبي كأكثر من سجل أهداف في الدوريات الكبرى، متفوقًا على ميسي وليفاندوفسكي ومبابي والبقية، وأيضًا كريستيانو رونالدو الذي فشل في تسجيل نفس عدد الأهداف بنفس الدوري، كرد استباقي لمن يفكر في تفسير ذلك بأن إيموبيلي حقق ذلك لضعف الكالتشيو.

ذلك التحول الأسلوبي والخططي وظهور العديد من المدارس والانتعاش الاقتصادي مقارنة بالسنوات الماضية مكّن مانشيني من إيجاد بدائل أكثر وحلول أكثر، والأهم من ذلك انتشر أسلوبه في الدوري الإيطالي نفسه، ولم يصبح مطالبًا على تعويد اللاعبين على شيء لم يقوموا به من قبل، والنتيجة؟ منتخب أفضل بسنوات ضوئية مما كان قبل 3 سنوات فقط، واليوم، أصبحت إيطاليا مختلفة تمامًا بالمقارنة تلك التي ستخوض اليورو وتلك التي تستقر في أذهان المتابعين بناء على معطيات قديمة لم يصبح لها وجود اليوم، وما عليك سوى أن تلقي نظرة لتتأكد من ذلك بنفسك.