“أعِد جماهير البارسا بصناعة فريق تنافسي خلال الموسم القادم. صحيح أن الوضع المالي يحتاج لإعادة تأهيل وعمل كبيرين، لكن في برشلونة لا يوجد ما يسمى بموسم انتقالي، ونحن سنحاول المنافسة على جميع المستويات. ميسي يريد فريق ينافس، ونحن سندعم بما نقدر عليه في ضوء الصفقات المتاحة”، هكذا كانت تصريحات جوان لابورتا مطلع الصيف الماضي، بعد إعلان التوقيع مع المدافع الشاب إريك جارسيا، قادماً من صفوف مانشستر سيتي.
يعلم لابورتا جيداً أن الوضع أشبه بالكارثة في كامب نو، بسبب سقف الرواتب المبالغ فيه من جانب الرئيس السابق جوسيب بارتوميو، وكم المشاكل التي تعصف بالفريق الأول، سواء بانخفاض مستوى بعض النجوم أو كبر سنهم، أو عدم تأقلم البعض الآخر، وحاجة المدراء الجدد إلى التضحية ببعض الأسماء، والنزول بسلم الرواتب إلى ما يقارب النصف تقريباً، لكن مع كل هذه التحديات، فإن كلمات الرئيس كانت واضحة: لا يوجد ما يعرف بالموسم الانتقالي، ويجب أن ننافس خلال الموسم القادم.
هل أنطوان جريزمان لاعب سيء؟ لا، وهل صفقة انتقاله إلى برشلونة يمكن أن توصف بالفاشلة؟ لا أيضاً، وبالعكس يمكن القول أن جريزمان لاعب كبير لأقصى درجة، لديه الذكاء الذي يؤهله للصناعة والتسجيل هجومياً، وفي نفس الوقت قوي بدنياً لدرجة الارتداد السريع والقيام بالمهام الدفاعية، مما يجعله لاعباً مهماً لأي فريق وأي مدرب، سواء كان هجومياً أو دفاعياً.
حتى خلال الموسم الثاني مع برشلونة، مع الأخذ في الاعتبار صعوبة الموسم الأول على أي لاعب بسبب التأقلم والتكيف والاستقرار وخلافه، فإن الفرنسي ساهم بوضوح في الفوز بكأس الملك خلال موسم 2020-2021، والمنافسة على بطولة الليجا حتى الأسابيع الأخيرة، لذلك يمكن وصف موسمه مع البارسا بالجيد، بالتأكيد ليس ممتازاً أو جيد جداً، ولكن أيضاً ليس سيئاً أو ضعيفاً بالمرة.
“أعِد جماهير البارسا بصناعة فريق تنافسي خلال الموسم القادم. صحيح أن الوضع المالي يحتاج لإعادة تأهيل وعمل كبيرين، لكن في برشلونة لا يوجد ما يسمى بموسم انتقالي، ونحن سنحاول المنافسة على جميع المستويات. ميسي يريد فريق ينافس، ونحن سندعم بما نقدر عليه في ضوء الصفقات المتاحة”، هكذا كانت تصريحات جوان لابورتا مطلع الصيف الماضي، بعد إعلان التوقيع مع المدافع الشاب إريك جارسيا، قادماً من صفوف مانشستر سيتي.
يعلم لابورتا جيداً أن الوضع أشبه بالكارثة في كامب نو، بسبب سقف الرواتب المبالغ فيه من جانب الرئيس السابق جوسيب بارتوميو، وكم المشاكل التي تعصف بالفريق الأول، سواء بانخفاض مستوى بعض النجوم أو كبر سنهم، أو عدم تأقلم البعض الآخر، وحاجة المدراء الجدد إلى التضحية ببعض الأسماء، والنزول بسلم الرواتب إلى ما يقارب النصف تقريباً، لكن مع كل هذه التحديات، فإن كلمات الرئيس كانت واضحة: لا يوجد ما يعرف بالموسم الانتقالي، ويجب أن ننافس خلال الموسم القادم.
– جريزمان.. جاني أم مجني عليه؟
هل أنطوان جريزمان لاعب سيء؟ لا، وهل صفقة انتقاله إلى برشلونة يمكن أن توصف بالفاشلة؟ لا أيضاً، وبالعكس يمكن القول أن جريزمان لاعب كبير لأقصى درجة، لديه الذكاء الذي يؤهله للصناعة والتسجيل هجومياً، وفي نفس الوقت قوي بدنياً لدرجة الارتداد السريع والقيام بالمهام الدفاعية، مما يجعله لاعباً مهماً لأي فريق وأي مدرب، سواء كان هجومياً أو دفاعياً.

حتى خلال الموسم الثاني مع برشلونة، مع الأخذ في الاعتبار صعوبة الموسم الأول على أي لاعب بسبب التأقلم والتكيف والاستقرار وخلافه، فإن الفرنسي ساهم بوضوح في الفوز بكأس الملك خلال موسم 2020-2021، والمنافسة على بطولة الليجا حتى الأسابيع الأخيرة، لذلك يمكن وصف موسمه مع البارسا بالجيد، بالتأكيد ليس ممتازاً أو جيد جداً، ولكن أيضاً ليس سيئاً أو ضعيفاً بالمرة.
إلا أنه مع كل هذا المديح والثناء لجريزمان، لا تبدو الأمور وردية أيضاً، لأن الفرنسي يحصل على راتب سنوي يقدر بنحو 45 مليون يورو -قبل خصم الضرائب- مما يجعله أحد أعلى اللاعبين أجراً في العالم، وثاني أكثر اللاعبين أجراً في برشلونة بعد ميسي، وهنا تكمن أساس المشكلة وصلب الاختلاف، حيث أن أنطوان لاعب تكتيكي بامتياز، جيد، مميز، لديه كل المؤهلات للتألق، لكنه يحصل على راتب “سوبر ستار ونجم أول”، وهو بالتأكيد ليس كذلك بالمرة، لا في منتخب بلاده فرنسا، ولا في برشلونة.

ونتيجة لذلك، لم يعد جريزمان غير قابل للمساس في كتالونيا، خاصة مع الأزمة المالية القوية التي يمر بها النادي، والتي تمنعه حتى الآن من تسجيل عقد ميسي الجديد، رغم الاتفاق معه على كل شيء، لذلك كان لزاماً التخلص من بعض الأسماء الكبيرة، تقليل رواتب البعض الآخر. ومع صعوبة بيع عثمان ديمبلي وكوتينيو بسبب إصابتهما، مما يجعل الإبقاء على الأول هو الأقرب وإعارة الثاني بمثابة الخيار الوحيد المتاح، فإن رحيل جريزمان كان الخيار المنطقي والمتاح والأقرب للمنطق والصواب.
هنا كان أمام برشلونة خيارين، إما بيعه خارج الدوري الإسباني أو محاولة مبادلته بلاعب آخر.
-الدوري الإيطالي: الحال ليس أفضل كثيراً، ولا يوجد أي سيولة مالية تسمح بالبيع أو حتى الإعارة وتحمل الراتب الكبير. يكفي أن يوفنتوس يحاول التخلص من كريستيانو رونالدو بسبب راتبه، وغير قادر على فعل ذلك حتى الآن.
-الدوري الإنجليزي: حاول برشلونة تسويق اللاعب مع مانشستر سيتي، لكن إدارة النادي الإنجليزي تفضل الصبر على كين حتى هذه اللحظة.
-باريس سان جيرمان: تركز إدارة النادي فقط على محاولة تجديد عقد كيليان مبابي، دون ضم أي مهاجم جديد الآن.
نتيجة لذلك، عمل برشلونة بمبدأ: “المضطر يركب الصعب”، لذلك فتح قناة اتصال مع غريمه ومنافسه المحلي أتليتكو مدريد، من أجل إبرام صفقة تبادلية بين الطرفين.
– ساؤول أمام جريزمان؟
يدرك القاصي والداني أن رونالد كومان يريد ضم لاعب وسط بدني أقرب إلى “البوكس تو بوكس”، بالإضافة إلى مدافع آخر إذا رحل كل من لونجلي وأومتيتي، لذلك وقع الاختيار سريعاً على ساؤول نيجويز. لاعب جوكر، قوي بدنياً وفي نفس الوقت لديه لمحة فنية مميزة. صحيح أن مستواه خلال موسم 2020-2021 كان كارثياً على المستويات كافة، إلا أنه قبل ذلك كان أحد نجوم أتليتكو مدريد والليجا لفترة طويلة، وشارك اساسياً مع منتخب إسبانيا أيضاً قبل هبوط مستواه بالموسم الماضي.
لاعب مثل ساؤول نيجويز بدأ مع ناشئين ريال مدريد، قبل أن يتحول إلى أكاديمية أتليتكو ليصعد سريعا إلى الفريق الأول قبل أن يذهب إعارة مع فريق رايو فاليكانو. تعلم ساؤول مع فاليكانو أسلوب الحفاظ على الكرة، والتمرير السريع في أضيق الفراغات، والغريب أنه لعب مباريات عديدة في مركز المدافع الصريح، الذي يستلم أمام مرماه، ويبدأ في إخراج الكرة ببراعة إلى لاعبي الوسط والهجوم، ليحصل على ميزة “الرؤية” التي ساعدته فيما بعد، عندما لعب كجناح وساعد هجومي في أتليتكو، ولاعب وسط صريح -وهو مركزه الأساسي- الذي شارك من خلاله في 111 مباراة بالليجا كلاعب وسط متقدم بجوار لاعب ارتكاز دفاعي آخر، خلال رسم 4-4-2.

بكل تأكيد ساؤول الحالي أقل بكثير من ساؤول المواسم السابقة، لكن برشلونة لا يملك أي أموال، وفي نفس الوقت يجب أن يتخلص من أصحاب الرواتب العالية للتوقيع مع ميسي، لذلك فإنه مقبل على التفريط في جريزمان، ويأمل في المقابل في ضم لاعب وسط بمواصفات يريدها كومان، وتوجد في نيجويز خلال فترات سابقة، مما يؤهله للعب هذا الدور ومحاولة استعادة مستواه القديم بالموسم القادم.
أتليتكو أيضاً تعاقد مع رودريجو دي باول، وسيميوني نفسه لم يعد يثق في ساؤول كالسابق، لذلك لن يمانع أبداً في رحيله. وفي نفس الوقت لم ينجح موسى ديمبلي ولا جواو فيليكس ولا أي لاعب جاء بدلاً من جريزمان، مما يجعل عودة الفرنسي إلى صفوف الروخيبلانكوس بمثابة الخيار الصائب لمدرب مثل سيميوني، لأنه يقدر كثيراً هذه النوعية من اللاعبين، ويعرفه خلال فترات عديدة سابقة، مما يجعل الأمر مفضلاً بالنسبة له.
-لغة المال تتحدث
يخبرنا موقع “ترانسفير ماركت” المهتم بالأرقام والمال، أن القيمة السوقية الحالية لجريزمان نحو 60 مليون يورو، ويبلغ من العمر نحو 30 سنة، بينما تبلغ القيمة السوقية لساؤول نيجويز نحو 40 مليون يورو، ويبلغ عمره نحو 26 سنة، لذلك فإن الصفقة التبادلية الحالية بين برشلونة وأتليتكو قد تتم بعد موافقة اللاعبين، لكن مع دفع النادي العاصمي نحو 15 مليون يورو كفرق، أو حتى إدخال لاعب آخر في العملية.
وبعيداً عن القيمة السوقية للثنائي وعمرهما، فإن الناحية المالية هي الأهم بالنسبة لبرشلونة، فالفريق الآن يعاني بشدة على مستوى الرواتب الضخمة، حتى جريزمان نفسه يحصل على راتب مبالغ فيه للغاية، عكس أتليتكو الذي يمكنه استيعاب هذا الراتب المرتفع، مما يجعل الصفقة ممكنة بشدة على الصعيدين الاقتصادي والإداري، فـ ساؤول سيحصل على نحو 6 مليون يورو “صافي” كراتب مع برشلونة، بينما سيوافق جريزمان على خفض راتبه من 40 إلى 26 رفقة أتليتكو مدريد، لذلك فإن الراتب لن يكون عائقاً بالمرة.
وفي حال رحيل جريزمان عن صفوف برشلونة، سيوفر النادي الكتالوني نحو 120 مليون يورو، هي إجمالي رواتب جريزمان خلال الـ3 سنوات القادمة حتى صيف 2024، ومع دفع حوالي 18 مليون يورو لـ ساؤول تزيد بعض الشيء بسبب الضرائب، فإن البارسا سيوفر حوالي 90 مليون يورو فأكثر من هذه العملية التبادلية على مستوى الرواتب، وهذا الأهم، حتى يمكنه تسجيل ميسي بشكل طبيعي.
ومع انتقال جريزمان إلى أتليتكو، يتبقى كل من بيانيتش، كوتينيو، وأومتيتي، حيث يمكن إعارة هذا الثلاثي من أجل تجنب دفع رواتبهم، مع خفض رواتب القدامى مثل بيكيه، بوسكيتس، وجوردي ألبا، رفقة سيرجي روبرتو، الذي لم يتحدد بعد ما إذا كان سيستمر أم سيرحل هذا العام، عكس الثلاثي الأجنبي “بيانيتش، كوتينيو، أومتيتي”، الأقرب حتى هذه اللحظة للمغادرة.
-أتليتكو رابح
وفي عالم التكتيك والخطط، بكل تأكيد أتليتكو مدريد هو الرابح الأكبر من هذا التبادل، فسيميوني سيحصل على لاعب يليق بشدة على أسلوب لعبه. جريزمان قوي بدنياً، يجيد الدفاع، ويفضل اللعب في المركز 10 بمفرده خلف المهاجم الصريح، عكس ما كان يلعب في معظم فتراته مع برشلونة، سواء كجناح أيسر أو حتى كمهاجم بالمركز 9، أو حتى بالمركز 10 بجوار ميسي وعلى مقربة منه، مما يجعله أبعد عن الصناعة والتسجيل وقيادة الفريق بالثلث الهجومي الأخير، وهي العوامل التي قللت بعض الشيء من توهجه، رغم تقديمه فترات جيدة خلال الموسم الماضي.

في رسم 3-5-2 لدييجو سيميوني، يمكن وضع الثلاثي رودريجو دي باول، كوكي، وماركوس يورينتي بالمنتصف، وفي الدفاع الثلاثي سافيتش، فيليبي، وهيرموسو أو خيمينيز، وعلى الأطراف لودي وتريبير على سبيل المثال، مما يجعل هناك قوة كبيرة بالخلف مع تواجد ثلاثي صريح أمام أوبلاك، وثلاثي آخر متنوع في المنتصف، مع ثنائية جريزمان وسواريز بالمقدمة، كلاعب بالمركز 10 وهو الفرنسي القادم من برشلونة، وأمامه الأوروجوياني الذي يفضل أكثر التواجد داخل الصندوق.
وحتى في حال اللعب بخطة 4-3-3 كما حدث بنهاية الموسم الماضي، يمكن وضع هيرموسو، سافيتش، فيليبي، وتريبير بالدفاع، وفي المنتصف دي باول، كوكي، ويورينتي، وبالمقدمة جريزمان خلف الثنائي أنخيل كوريا المائل للطرف، وسواريز القابع داخل منطقة الجزاء، مما يعطي الفريق التنوع المطلوب أمام الفرق الدفاعية التي تقلل الفراغات بالخلف.
– برشلونة غير خاسر
وإذا كان أتليتكو هو الرابح الأكبر من هذه العملية التبادلية فنياً وتكتيكياً، وبالتأكيد سيستفيد برشلونة مالياً في ضبط حساباته وتقليل سقف الرواتب، وتسجيل ميسي بصورة طبيعية، فإنه أيضاً لن يخسر خططياً، ذلك لأن كومان صرح في أكثر من مناسبة بأنه سيعتمد بشكل رئيسي على ميسي ثم فاتي مع عودته من الإصابة، ومع إصرار الهولندي على ضم مواطنه ديباي باي شكل، فإن جريزمان هنا سيكون خيار رابع خلف هؤلاء في أفضل الظروف، بعيداً عن عودة ديمبلي من الإصابة وتألق أجويرو.
جريزمان نفسه رغم أنه يعتبر ثاني أفضل المسجلين بعد ميسي في الليجا لبرشلونة، بتسجيل 13 هدف وصناعة 7، إلا أنه لم يضمن مكاناً ثابتاً في التشكيلة، فخلال رسم 4-3-3 لعب معظم الأوقات على اليسار كجناح، وعند التحول إلى 3-4-2-1، تواجد على مقربة من ميسي خلف ديمبلي في الأمام، وحتى مع اللعب بـرسم 3-5-2 فإنه لعب أكثر بجوار ميسي في المقدمة بل أمامه في معظم المباريات، أو بجواره مائلاً على اليسار، وليس خلفه بالمركز 10، لأن ليونيل يفضل التواجد أكثر في هذه المنطقة حتى يحصل على الحرية الكاملة.
ومع تعاقد البارسا مع ممفيس ديباي، الذي يجيد اللعب كجناح أيسر وكمهاجم بالمركز 9 كما يفعل مع هولندا، فإن هناك بديلاً على الأقل، حتى وإن كان أقل فنياً وتاريخاً وقدرات دفاعية من جريزمان بالتأكيد دون نقاش. وبضم ساؤول نيجويز إلى التشكيلة، فإن كومان يمكنه اللعب بخطة 4-3-3 بتواجد دي يونج، بيدري، وساؤول في المنتصف، وبالهجوم ميسي، ديباي، وأجويرو، إلى حين عودة أنسو فاتي.

أو يتحول إلى رسم 4-4-2 -وهو الأفضل والأكثر توازناً- بتواجد بوسكيتس ودي يونج في عمق الارتكاز، وعلى اليمين ساؤول نيجويز وعلى اليسار بيدري، وبالمقدمة الثنائي ميسي وديباي/ لحين عودة أنسو فاتي، وعلى الدكة أجويرو كلاعب بديل ومهاجم صريح في المركز 9 بالملعب.
يبقى كل ذلك مجرد حبر على ورق، لكن حتى الآن يمكن التأكيد بأن موسم انتقالات الليجا سيكون عاصفاً ومشتعلاً، خاصة مع التعاقدات القادمة والصفقات التبادلية التي تلوح في الأفق بين الجميع بلا استثناء، فقط علينا الانتظار.