بعرض صلب أخير، ودع منتخب سويسرا ربع نهائي اليورو الأول في تاريخه على يد مرشح وبطل سابق غير مطمئن على الإطلاق، مهما قدم من مستويات قوية وأرقام مرعبة على صعيد صناعة الفرص. منتخب إسبانيا يحتكم للوقت الإضافي للمرة الثانية على التوالي في الأدوار الإقصائية، مضاعفاً إمكانية سقوطه ضحية للإرهاق التراكمي قبل مواجهة أحد أفضل فرق يورو 2020 إن لم يكن الأفضل حتى الآن.
رهان كبير بدأ به فلاديمير بيتكوفيتش مدرب منتخب سويسرا هذه المباراة، حيث ترك رسمه التقليدي طوال العام الماضي (3-1-4-2) متحولاً إلى (4-4-2)، ولأول وهلة قد يبدو هذا رهاناً جنونياً بتغيير شكل الدفاع أمام واحدة من أقوى منظومات صناعة اللعب في أوروبا، أو قد يبدو متفائلاً بعض الشيء كونها الطريقة التي أشرفت على العودة التاريخية الأخيرة ضد منتخب فرنسا بطل العالم، فلمَ لا تفلح أمام إسبانيا؟ ولكنه في الحقيقة لا هذا ولا ذاك..
4-3-3 الخاصة بإسبانيا مع إنريكي خطة تتغذى على الأطراف كثيراً في صناعة الخطورة الهجومية، ما يعني أن المساحة بين ظهيري الطرف وقلبي الدفاع الخارجيين ستكون مستهدفة طوال الوقت لتصبح النقطة الأكثر إزعاجاً في خطوط سويسرا الخلفية، سواء بانسلال المهاجم في ثغرة ستتولد إجبارياً حين يضطر قلب الدفاع لمواجهة الجناح المندفع للداخل، أو باندفاع لاعب وسط من الخلف لتلقي التمريرة.
بكلمات أخرى، زيادة عدد المدافعين داخل مناطق سويسرا قد تنقلب ضدها، ومباراة ليفربول وروما في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2018 تظل أحد الأمثلة الفجة بشأن ما يمكن لهذه المساحة إحداثه. لا نتحدث عن حالات يندفع بها منتخب سويسرا للهجوم فيتم مغافلته من هذا الجانب، فكل ما يتطلبه الأمر أحياناً هو تقدم الظهير بما يكفي لسحب ظهير الطرف وإطلاق عنان الجناح في ظهره. بناء على كل هذه المعطيات، وبالنظر لفارق الإمكانيات المتاحة في نهاية المطاف، كان قرار بيتكوفيتش حكيماً للغاية.
بعرض صلب أخير، ودع منتخب سويسرا ربع نهائي اليورو الأول في تاريخه على يد مرشح وبطل سابق غير مطمئن على الإطلاق، مهما قدم من مستويات قوية وأرقام مرعبة على صعيد صناعة الفرص. منتخب إسبانيا يحتكم للوقت الإضافي للمرة الثانية على التوالي في الأدوار الإقصائية، مضاعفاً إمكانية سقوطه ضحية للإرهاق التراكمي قبل مواجهة أحد أفضل فرق يورو 2020 إن لم يكن الأفضل حتى الآن.
رهان كبير بدأ به فلاديمير بيتكوفيتش مدرب منتخب سويسرا هذه المباراة، حيث ترك رسمه التقليدي طوال العام الماضي (3-1-4-2) متحولاً إلى (4-4-2)، ولأول وهلة قد يبدو هذا رهاناً جنونياً بتغيير شكل الدفاع أمام واحدة من أقوى منظومات صناعة اللعب في أوروبا، أو قد يبدو متفائلاً بعض الشيء كونها الطريقة التي أشرفت على العودة التاريخية الأخيرة ضد منتخب فرنسا بطل العالم، فلمَ لا تفلح أمام إسبانيا؟ ولكنه في الحقيقة لا هذا ولا ذاك..
4-3-3 الخاصة بإسبانيا مع إنريكي خطة تتغذى على الأطراف كثيراً في صناعة الخطورة الهجومية، ما يعني أن المساحة بين ظهيري الطرف وقلبي الدفاع الخارجيين ستكون مستهدفة طوال الوقت لتصبح النقطة الأكثر إزعاجاً في خطوط سويسرا الخلفية، سواء بانسلال المهاجم في ثغرة ستتولد إجبارياً حين يضطر قلب الدفاع لمواجهة الجناح المندفع للداخل، أو باندفاع لاعب وسط من الخلف لتلقي التمريرة.
بكلمات أخرى، زيادة عدد المدافعين داخل مناطق سويسرا قد تنقلب ضدها، ومباراة ليفربول وروما في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2018 تظل أحد الأمثلة الفجة بشأن ما يمكن لهذه المساحة إحداثه. لا نتحدث عن حالات يندفع بها منتخب سويسرا للهجوم فيتم مغافلته من هذا الجانب، فكل ما يتطلبه الأمر أحياناً هو تقدم الظهير بما يكفي لسحب ظهير الطرف وإطلاق عنان الجناح في ظهره. بناء على كل هذه المعطيات، وبالنظر لفارق الإمكانيات المتاحة في نهاية المطاف، كان قرار بيتكوفيتش حكيماً للغاية.
في بادئ الأمر لم يمنحه الوقت متسعاً لإثبات أي وجهة نظر، ففي الدقيقة الثامنة كان منتخب سويسرا في الوضعية الأسوأ على الإطلاق، متأخراً بهدف من تسديدة اصطدمت بأحد أهم عناصر أمان خط الوسط دينيس زكريا، وبوصول المباراة إلى الدقيقة 20 كان يمكنك رؤية هذه العلامة على الشاشة، التي تقول أن استحواذ إسبانيا يفوق 75% وتمريراتها تجاوز الـ200 مقابل 40 تمريرة لسويسرا، وضعية مثالية للماتادور، فالخصم المنكمش متأخر بهدف ويكمل تمريرة صحيحة كل نصف دقيقة تقريباً!
ولكن مع مرور الوقت بدأت تظهر ثمار مقاربة بيتكوفيتش، فالمنتخب الإسباني المعروف بكونه بعيد كل البعد عن تعريف “الفريق الحاسم”، يحتاج لكم كبير من الفرص كي يسجل، وكلما زادت صعوبة هذه الفرص، كلما تقلصت احتمالات تسجيله، بكلمات أخرى، الفريق الذي يهدر هذه الفرص المحققة باستمرار ليس الفريق الذي تخشى تسجيله من أنصاف الفرص، وهكذا باختصار تمكن منتخب سويسرا أن يسدد أكثر من خصمه المستحوذ والمهيمن (8 تسديدات مقابل 7) حتى تعرض ريمو فرويلر للطرد في الدقيقة 77.

رسم سويسرا وجودة انتشارها مع تضييق مساحات الدفاع قدر الإمكان أجبر إسبانيا على توسيع رقعة الملعب قدر الإمكان أيضاً كرد فعل، لم تسمح لجناحي الخصم باللعب على مقربة من رأس الحربة الوحيد ألفارو موراتا لتضيق خيارات الثلاثي الهجومي إلى أبعد حد ممكن، مجبرة الثنائي على إرسال عرضيات مبكرة صوب موراتا تفادياً لثنائيات صعبة المنال ضد الظهيرين فيدمر ورودريجيز (9 تدخلات ناجحة من أصل 9 – الأعلى في الملعب)، ومجبرة موراتا نفسه أيضاً على التراجع كثيراً للوراء حين ينقطع الإمداد.

ورغم أن ذلك يبدو وكأن ظهيري سويسرا يعانيان بالتعامل مع هذه العرضيات المبكرة، إلا أنها في واقع الأمر أبرز الخيارات المتروكة طواعية، كون موراتا وحده لن يكفي أبداً، وكون الاندفاع لإغلاق مساراتها قد يسفر عن أزمة أكبر، ليصبح التهديد الإسباني الأكثر جدية هو قدرة الفريق على تغيير اتجاه اللعب بسرعة، وهو ما لم يكن صعباً بوجود بيدري الذي لم يفلح زكريا كثيراً في التعامل معه ليصبح نافذة فرص إسبانيا الأولى (5 تمريرات مفتاحية).
تحركات بيدري ونجاحه في قراءة عملية الضغط عليه منحته أفضلية تحرير زميل بصورة مستمرة، وهذا يعد من الأمور الحيوية لمستحوذ في مواجهة خصم متكتل، كذلك قدم سيرجيو بوسكيتس مباراة مميزة كعادته في اليورو وعكس موسميه الأخيرين مع برشلونة، فرغم محاولات شاكيري المتواترة للضغط عليه، إلا أنه أدار وسط ملعب لا روخا بامتياز، معيداً للأذهان كيف كان بوسكيتس حلقة لا تمس في منظومة إنريكي مع برشلونة.
كل هذه العوامل قادت إلى مقاربة بيتكوفيتش الانتحارية في الشوط الثاني، فبعد تحرك إنريكي الأول بنزول داني أولمو بدلاً من سارابيا، ظهر ضغط سويسرا المرتفع في أولى دقائق الشوط بصورة متهورة للغاية، وسرعان ما كسره الإسبان بتمريرة من لابورت صاحبها تحرك من توريس للخلف فسحب وراءه رودريجيز وأرسل الكرة إلى موراتا، ليجري تبادلاً مميزاً معه أسفر عن تحرر أولمو تماماً على الجانب الأيسر، ولكن بإنهاء سيئ للغاية ضاعت فرصة قتل المباراة.

هذا لم يكن مجرد جرأة افتتاحية، فكثيراً ما شاهدنا سويسرا في حالة الاستحواذ تتحول إلى 4-2-4 صريحة بتقدم فارجاس وتسوبر على الطرفين لزيادة الأعداد في الهجوم وزيادة الضغط على إسبانيا طمعاً في انتزاع الكرة بمواقع أكثر تقدماً، وهو ما حاول إنريكي التجاوب معه بسحب موراتا وإقحام مورينو لزيادة التهديد السريع، ولكن إزعاج سويسرا واصل التفاقم، واستمر ابتلاع تسوبر لالتحاماته البدنية مع توريس قبل مواجهة ألبا، وصولاً إلى هذه المهزلة..

عودة للوراء، حتى الدقيقة 77 كانت النتيجة 1-1، والتسديدات 8-7 لصالح سويسرا، ولكن في آخر 43 دقيقة انقلبت الآية رأساً على عقب، تجمد عدد التسديدات السويسرية، ووصل عدد محاولات إسبانيا إلى 28. معركة مذهلة نجح خلالها منتخب سويسرا في وضع إسبانيا وإنريكي في ورطة محققة، ولكن هذا العرض انتهى من هذه اللحظة.. لحظة البطاقة الحمراء المباشرة التي نالها فرويلر.

نهاية هذه المعركة بصورتها الممتعة حملت بداية معركة أخرى، استبسل خلالها كل رجال سويسرا الباقين وعلى رأسهم الحارس يان سومر في مواجهة الحصار الإسباني. فريق إنريكي في هذه الوضعية امتلك كل ما كان يحتاج إليه، من سيطرة مطلقة على الكرة وانعدام تام لخطورة الخصم المجبر على التراجع، ولكن كالعادة، كل شيء إلا الحسم. حاسم إسبانيا الوحيد كان الحارس أوناي سيمون بلا منازع في ركلات الترجيح.
منتخب سويسرا يغادر من الباب الكبير، بينما يتجه منتخب إسبانيا إلى نصف نهائي ناري ضد إيطاليا بقيادة روبرتو مانشيني، منتخب يعرف الكثير من الطرق للإضرار بمنافسه، ومعنوياته تعانق السماء عقب إقصاء بلجيكا. منتخب يحب امتلاك الكرة مثل إسبانيا، وربما يحب الضغط أكثر من سويسرا ولكنه يجيد إدارة المعارك المتوازنة أيضاً، فهل يبدو هذا كعقبة يمكن اجتيازها بمثل الدقائق الـ77 التي قدمها الإسبان قبل الطرد؟