سنحكي لكم حكاية قصيرة للغاية، هناك لاعب خاض 38 مباراة في البرييمرليج وسجل هدفين، ثم خاض 3 مباريات في يورو 2020، فسجل 3 أهداف. بهذه البساطة حقاً.
هذه ليست أزمة من نوع “بول بوجبا لا يشعر بالسعادة في مانشستر يونايتد وبالتالي يتألق مع منتخب فرنسا”.. بل حكاية جورجينيو فينالدوم، صانع الألعاب يوماً ما بقميص نيوكاسل يونايتد، ولاعب الوسط الصلب قليل الابتكار مع ليفربول، والحلقة التي لا غنى عنها في كامل العملية الهجومية لمنتخب هولندا.
فارق الأرقام بين 38 مباراة في البريميرليج وبين مجرد 3 مباريات في اليورو يروي كل شيء.. معدل تسديدات فينالدوم في المباراة الواحدة في يورو 2020 هو 3.3، مقابل 0.8 في البريميرليج. معدل مراوغات فينالدوم في المباراة بمنافسات يورو 2020 هو 1.7، مقارنةً بـ0.9 في البريميرليج، حتى معدل حصوله على المخالفات، بلغ 1.3 في المباراة الواحدة مع هولندا مقابل 0.6 مع ليفربول.
لا مفاجآت هنا، فالوظيفتان وإن تشابها في الموقع العام، فهما يختلفان شكلاً وموضوعاً، فينالدوم ليفربول هو أحد أكثر لاعبي العالم أماناً في اتخاذ خيارات التمرير والتزاماً بالتمركز الصحيح وتقيداً بكل الواجبات الدفاعية المسندة إليه، أما فينالدوم هولندا، فهو قصة أخرى.
سنحكي لكم حكاية قصيرة للغاية، هناك لاعب خاض 38 مباراة في البرييمرليج وسجل هدفين، ثم خاض 3 مباريات في يورو 2020، فسجل 3 أهداف. بهذه البساطة حقاً.
هذه ليست أزمة من نوع “بول بوجبا لا يشعر بالسعادة في مانشستر يونايتد وبالتالي يتألق مع منتخب فرنسا”.. بل حكاية جورجينيو فينالدوم، صانع الألعاب يوماً ما بقميص نيوكاسل يونايتد، ولاعب الوسط الصلب قليل الابتكار مع ليفربول، والحلقة التي لا غنى عنها في كامل العملية الهجومية لمنتخب هولندا.
فارق الأرقام بين 38 مباراة في البريميرليج وبين مجرد 3 مباريات في اليورو يروي كل شيء.. معدل تسديدات فينالدوم في المباراة الواحدة في يورو 2020 هو 3.3، مقابل 0.8 في البريميرليج. معدل مراوغات فينالدوم في المباراة بمنافسات يورو 2020 هو 1.7، مقارنةً بـ0.9 في البريميرليج، حتى معدل حصوله على المخالفات، بلغ 1.3 في المباراة الواحدة مع هولندا مقابل 0.6 مع ليفربول.
لا مفاجآت هنا، فالوظيفتان وإن تشابها في الموقع العام، فهما يختلفان شكلاً وموضوعاً، فينالدوم ليفربول هو أحد أكثر لاعبي العالم أماناً في اتخاذ خيارات التمرير والتزاماً بالتمركز الصحيح وتقيداً بكل الواجبات الدفاعية المسندة إليه، أما فينالدوم هولندا، فهو قصة أخرى.
على سبيل المثال، يورجن كلوب كان ليجن جنونه إن شاهد فينالدوم يفقد الاستحواذ بمعدل 3 مرات في المباراة الواحدة خلال مجرد 3 مباريات، ربما ما كان ليرى التشكيل الأساسي أصلاً في المباراة الثالثة، هذا ما فعله مع هولندا في مجموعات يورو 2020 فقط، مقابل 0.7 في المباراة طوال موسم البريميرليج مع الريدز. حتى معدل التحكم السيئ عند استلام الكرة، يبلغ 1 في المباراة مع ليفربول مقابل 2.7 في منافسات اليورو.

يعيد كل ذلك أذهاننا إلى حقيقة دور فينالدوم في ليفربول، ومدى علاقته بالاتهام الدائم لخط وسط الريدز بفقر الإبداع. الأرقام واضحة، والضوء يُسلط أكثر على فينالدوم كونه في الأصل صانع ألعاب، فكيف تكون حصيلته طوال موسم البريميرليج مجرد هدفين وصفر من التمريرات الحاسمة ومعدل تمريرات مفتاحية منخفض للغاية مثل 0.6؟
كل ما في الأمر أن العمل الهجومي يتذيل قائمة واجبات خط وسط ليفربول، وهي الواجبات المسندة إلى الثلاثي الهجومي وانطلاقات الظهيرين، ففي مثال متكرر، بينما ينسحب فيرمينو للوراء من أجل السماح لصلاح وماني باختراق المنطقة، يندفع الظهيران للأمام ويبحثان عن فرصة التهديد العرضي.
في هذه الوضعية تحديداً قد نشاهد دور فينالدوم الهجومي الرئيسي شبه الوحيد في أنفيلد، حين يندفع في أنصاف المساحات كرجل ثالث، وأحد أبرز أمثلة خطورة انطلاقاته الهجومية المميزة أتى وبرزت قيمته أكثر في غياب صلاح وماني، تحديداً الهدف الثاني في واحدة من أعظم ليالي أنفيلد ضد برشلونة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2019.

ميزة هذا الرجل الثالث أنه في بعض الحالات يُترك بلا رقابة، وإن كان مُراقباً كما كان الوضع مع أرتورو فيدال هنا، فإن نجاحه في سرقة رقيبه يضمن خلوه من كافة أشكال الرقابة حال وصوله إلى الكرة. تبدو انطلاقات الرجل الثالث أمراً رائعاً أليس كذلك؟ ولكنها تماماً مثل السكر، قد لا يكون مضراً في حد ذاته، ولكن للإفراط في تناوله عواقب.

عواقب نادراً ما تظهر في ليفربول الذي يحكمه نظام كلوب العسكري، ولكنها تظهر بصورة واضحة في منتخب لا يمكن اعتبار الصلابة الدفاعية ضمن مميزاته، لأنها انطلاقة إن نجحت قد تسفر عن هدف، وإن فشلت فإنها تخلف مساحة شاغرة في العمق وتزيد الضغط على أقرب لاعبي الوسط الذي قد يجد نفسه مضطراً للاندفاع وسد هذه الثغرة فتنفتح الأخرى ويستمر “تأثير الدومينو” هذا تبعاً لذكاء الخصم وشراسته في التحولات إلى أن يجد الطواحين مرماهم مهدداً.
يرجع ذلك إلى التباين الواضح بين المنظومتين، ومن أكثر ما يحسب للنجم الهولندي هو أن توازنه لم يختل بمجرد انكسار قيود كلوب، لم يرتعد ويحاول البحث عن مساحته الآمنة، بل انطلق إلى حرية أكبر وأجاد استغلالها بقوة واضحة على الصعيد الهجومي، علماً بأنه مجبر –وكذلك مدربه فرانك دي بور- على العودة لبعض هذه القيود أمام خصوم أكبر وأصعب من أوكرانيا والنمسا ومقدونيا الشمالية، فلا أحد في هولندا يريد تخيل ما قد يحدث إن فقد لاعب وسط الاستحواذ 3 مرات ضد فرنسا مثلاً.
تلخيصاً للأمر، ما نراه هنا هو فينالدوم نيوكاسل الأكثر نضجاً بمراحل، جامعاً بين مزايا لاعب الوسط الهجومي الخطر ومزايا العمل الدفاعي أيضاً، فرغم أنه ليس الأفضل في التدخلات والالتحامات، إلا أنه يملك وعياً كبيراً وجهداً بدنياً وافراً يجعله متأهباً في أي لحظة للتواجد في الموقع الصحيح.

هدف هولندا الثالث رواية أخرى على صعيد تحركات فينالدوم وإدراكه لما يدور حوله، فكل شيء بدأ حين شورلينوف للضغط على تيمبر، تاركاً فينالدوم في عهدة باردي. يعود شورلينوف بعد فشل انطلاقة الضغط وينتقل باردي لمراقبة مالين. النتيجة أن مالين بات في وضع مريح لتسلم التمريرة ونقلها بلمسة واحدة إلى ديباي الذي انسل بين الظهير الأيمن وقلب الدفاع، فيما بات أمام فينالدوم كل هذا الشارع للتحرك به إلى داخل منطقة الجزاء قبل أن يستوعب شورلينوف ما حدث وراء ظهره!

بالتالي حين تحرك فينالدوم وارتدت تسديدة ديباي من الحارس، كان أقرب إليها من الجميع.

بكلمات أخرى، فينالدوم هو درس عن دور المنظومة في إبراز وإخفاء نقاط قوة وضعف الأفراد، بل حتى في تسليط الضوء على بعض نقاط القوة وإخفاء البعض الآخر، تبعاً لاحتياجات المنظومة نفسها. كل هذا ينبئنا بأن مسألة تعاقد باريس سان جيرمان قد تتجاوز حدود النكاية في برشلونة، وهي الرواية التي يتناولها الإعلام والجماهير، فكل ما قدمه فينالدوم في يورو 2020 حتى الآن هو كل ما ينقص خط وسط باريس سان جيرمان.
قائمة باريس في وسط الملعب مدججة بقاطرات دفاعية مثل دانيلو بيريرا وإدريسا جانا، ولاعب وسط متوازن ومثالي مثل ماركو فيراتي، وخيارات بعد ذلك مثل باريديس وهيريرا، الوحيد القريب من أداء أدوار مشابهة لما يقدمه فينالدوم هو رافينيا ألكانتارا، وتظل حقيقة كونه رافينيا ألكانتارا في نهاية المطاف مبرراً واضحاً لتعاقد مشابه.
ما نترقب رؤيته في باريس سان جيرمان هو نسخة وسط بين فينالدوم ليفربول المفرط في الالتزام وفينالدوم هولندا الحالي المفرط في الحرية، مزيج يضمن استمرار صلابة الوسط وفي الوقت ذاته إمداد خط الهجوم الناري بخيار إضافي يسهم في تحريرهم أو استثمار أوقات خضوعهم للرقابة، وكل الأوراق هنا بين يدي ماوريسيو بوتشيتينو.