إنها واحدة من أسوأ فترات برشلونة على مر تاريخه، بل هي اللحظة الأسوأ على الإطلاق. صحيح أن العملاق الكتالوني كانت له مراحل انكسار مثل غيره من الكبار في أوروبا، لكن الأزمة والمأساة أن هذا الفريق وصل إلى المجد في 2009، حقق كل شيء ممكن، وصار أيقونة كرة القدم حتى 2015، وبعدها سقط سقوطاً حراً من أقصى القمة إلى أسفل القاع، في فترة زمنية قصيرة للغاية، مما يجعل كل أصابع الاتهام تتجه إلى مجموعة معينة من الأشخاص، إنهم الجالسون على مقاعد مجلس إدارة برشلونة، قبل اللاعبين، والمدربين، والنجوم، والإعلام، والجمهور بالتأكيد.
برشلونة نادي معقد للغاية، لديه تفاصيل كثيرة وعميقة ومختلفة. أبسط مثال على ذلك أن النجاح فيه كلاعب أمر قمة في الصعوبة، لدرجة فشل مجموعة كبيرة من أبرز الأسماء في التكيف والتأقلم وصناعة تاريخ. كذلك ليس أي مدرب يستطيع الاستمرار، ربما تكون أفضل مدربي العالم لكنك لا تعرف البيت من الداخل فتفشل سريعاً، ويمكن أنك لم تكن لاعباً بصفوف النادي سابقاً، فتفقد فرصة تدريبه لصالح فتى شاب كل خبراته في الكرة كمدرب أنه تولى قيادة الفريق الرديف، مثل ما حدث في قصة تفضيل بيب جوارديولا على جوزيه مورينيو في 2008، وبالمثل فعلياً بل أكثر فيما يخص الإدارة والانتخابات ومراكز القوى داخل النادي الذي يعتبر نفسه جيش كتالونيا الأول، داخل الملعب وخارجه.
يصف بوبي روبسون برشلونة بطريقة رائعة، رغم أنه قضى موسم واحد فقط في النادي، ليقول: “كتالونيا دولة جيشها إف سي برشلونة”، في دلالة واضحة على تزايد قيمة هذا الكيان وأهميته، لدرجة تمزج السياسة والرياضة في كثير من الأحيان، حتى إذا ادعى البعض عكس ذلك، أو حاول الآخرون علمنة النادي على الطريقة الكروية، بفصل الكرة عن أي شيء آخر، لكن هذا لم يحدث بل من الصعب تحقيقه.
جاء بوبي روبسون بعد كرويف، وخلفه لويس فان جال، ومن عين كل هؤلاء ثم أقالهم أو أجبرهم على الرحيل، وبعدها رحل معهم، هو الرئيس جوسيب لويس نونيز، الرجل الذي قضى 22 سنة على رأس الكادر الإداري للبارسا، من عام 1978 حتى عام 2000، قبل أن يستقيل ويدعو لانتخابات مبكرة.
إنها واحدة من أسوأ فترات برشلونة على مر تاريخه، بل هي اللحظة الأسوأ على الإطلاق. صحيح أن العملاق الكتالوني كانت له مراحل انكسار مثل غيره من الكبار في أوروبا، لكن الأزمة والمأساة أن هذا الفريق وصل إلى المجد في 2009، حقق كل شيء ممكن، وصار أيقونة كرة القدم حتى 2015، وبعدها سقط سقوطاً حراً من أقصى القمة إلى أسفل القاع، في فترة زمنية قصيرة للغاية، مما يجعل كل أصابع الاتهام تتجه إلى مجموعة معينة من الأشخاص، إنهم الجالسون على مقاعد مجلس إدارة برشلونة، قبل اللاعبين، والمدربين، والنجوم، والإعلام، والجمهور بالتأكيد.
برشلونة نادي معقد للغاية، لديه تفاصيل كثيرة وعميقة ومختلفة. أبسط مثال على ذلك أن النجاح فيه كلاعب أمر قمة في الصعوبة، لدرجة فشل مجموعة كبيرة من أبرز الأسماء في التكيف والتأقلم وصناعة تاريخ. كذلك ليس أي مدرب يستطيع الاستمرار، ربما تكون أفضل مدربي العالم لكنك لا تعرف البيت من الداخل فتفشل سريعاً، ويمكن أنك لم تكن لاعباً بصفوف النادي سابقاً، فتفقد فرصة تدريبه لصالح فتى شاب كل خبراته في الكرة كمدرب أنه تولى قيادة الفريق الرديف، مثل ما حدث في قصة تفضيل بيب جوارديولا على جوزيه مورينيو في 2008، وبالمثل فعلياً بل أكثر فيما يخص الإدارة والانتخابات ومراكز القوى داخل النادي الذي يعتبر نفسه جيش كتالونيا الأول، داخل الملعب وخارجه.
كتالونيا دولة جيشها إف سي برشلونة
يصف بوبي روبسون برشلونة بطريقة رائعة، رغم أنه قضى موسم واحد فقط في النادي، ليقول: “كتالونيا دولة جيشها إف سي برشلونة”، في دلالة واضحة على تزايد قيمة هذا الكيان وأهميته، لدرجة تمزج السياسة والرياضة في كثير من الأحيان، حتى إذا ادعى البعض عكس ذلك، أو حاول الآخرون علمنة النادي على الطريقة الكروية، بفصل الكرة عن أي شيء آخر، لكن هذا لم يحدث بل من الصعب تحقيقه.

جاء بوبي روبسون بعد كرويف، وخلفه لويس فان جال، ومن عين كل هؤلاء ثم أقالهم أو أجبرهم على الرحيل، وبعدها رحل معهم، هو الرئيس جوسيب لويس نونيز، الرجل الذي قضى 22 سنة على رأس الكادر الإداري للبارسا، من عام 1978 حتى عام 2000، قبل أن يستقيل ويدعو لانتخابات مبكرة.
نونيز هو الرئيس رقم 35 في تاريخ نادي برشلونة. في 6 مايو عام 1978 أصبح رئيس للنادي بعد نجاحة بانتخابات رئاسة النادي بفارق ضئيل، كان قبل أن يرأس النادي رجل أعمال متخصص في مجال العقارات، ونظرا لخبرتة وباعة الطويل في قطاع الأعمال جعل من الارتقاء في البعد الاقتصادي للنادي وحل مشاكل النادي المالية من أهم أولوياته، دون التركيز على الجانب السياسي والانفصالي كما فضل سابقوه ومعظم معارضيه.
في عهده تم توسعة ملعب كامب نو في العام 1982 وكذلك أنشأ متحف للنادي في العام 1984، وحصل البارسا على بطولات عديدة في كرة القدم، اليد، السلة، والهوكي. 30 في كرة القدم و 36 في كرة السلة و 65 في كرة اليد و 45 في لعبة الهوكي. وشمل ذلك إنجازاً رباعيًا رائعًا في عام 1999، وهو عام الذكرى المئوية للنادي، عندما توجت جميع الفرق الأربعة بطلات إسبانيا. كان نادي برشلونة أيضًا بطلًا لأوروبا في عام 1992.
نونيز.. لحظات الصعود والهبوط
حصل نونيز على الثقة المطلقة، ليعاد انتخابه مرتين بدون معارضة، ولكن الانتفاضات بدأت تظهر من جديد في نهاية الثمانينات، بعد فوز الفريق بالليجا والكأس مع الإنجليزي تيري فينابلز، ثم خسارته لقب دوري الأبطال بغرابة شديدة أمام ستيوا بوخارست عام 1986، لتحدث بعدها مجموعة من المشاكل والأزمات، عجلت برحيل المدرب البريطاني، ثم حدث شيئاً غير معهوداً بالمرة.
في عام 1988 كان علي نونيز مواجهة تمرد اللاعبين المعروف باسم “تمرد هيسبريا”، والذي سمي على اسم الفندق الذي اجتمع فيه اللاعبون، والذي انتهى بإقالة كل الفريق تقريبًا (14 من أصل 26 لاعبا والمدرب). بعد ذلك، قام نونيز بتعيين يوهان كرويف كمدرب، وشهد النادي العصر الذهبي لفريق الأحلام، الذي فاز بأول كأس أوروبية للنادي في عام 1992.

بعدها استمرت نجاحات الرجل بالوضع المثالي داخل النادي، حتى عادت المشاكل بقوة بسبب خلافاته مع كرويف، التي عجلت برحيل الأسطورة الهولندية، وقدوم السير الإنجليزي بوبي روبسون الذي لم يستمر طويلاً وبعده لويس فان جال، حتى اشتعال الوضع بنهاية القرن العشرين داخل النادي، وتحوله إلى نسخة مليئة بالأزمات والحروب، حتى إجبار نونيز على الاستقالة وتقديم دعوى سريعة لانتخابات مبكرة.
جاء جوان جاسبارت بعد نونيز، لكن الوضع لم يتحول إلى الأفضل بل أصبح أسوأ كثيراً. جاء جاسبارت محملاً بآمال عريضة وأمنيات لا تتوقف، البارسا هو النادي المتسيد لكرة القدم الإسبانية خلال حقبة التسعينات، لكنه يعاني في الموسم الثالث، اللعنة التي جعلت لويس فان جال يقول عبارته الشهيرة في صيف 2000 أمام الصحفيين أثناء رحيله أو إجباره على الرحيل: “أصدقائي الذين لا توجد بيني وبينهم علامات الحب، أودعكم ويسعدني أن أبلغكم برحيلي”.
فان جال كان رجلاً غريب الأطوار. مدرب لا يطيق النجوم، ويتفن في استفزازهم والتقليل منهم، الفريق تحت قيادته من سوء النتائج، والإدارة لا تُسمن ولا تُغني من جوع، مجموعة أسماء غير قادرة على الحسم. الغريب أن جاسبارت أعاده من جديد، لتحدث أزمة جديدة خلال فترة 2002-2003. الفريق الذي عانى كثيراً مع فان جال وجاسبارت، حتى انتفضت الجماهير وطالبت برحيل الجميع، ودون رجعة.
الأمر لم يتوقف عند رحيل فان جال من جديد، بل تم إجبار الرئيس جاسبارت على الاستقالة، مع وعد بجمعية عمومية غير عادية في مايو 2003، وتحول كل المهام إلى نائبه، السيد إنريك رينا مارتينيز، لكن الضغط استمر ليولد انفجار من نوع آخر، ويرحل مندوب الادارة مع استمرار الطوفان الجماهيري، ليتولى السيد جوان ترايتر مسئولية تسيير أمور النادي حتى انعقاد الانتخابات في يونيو 2003، لتفوز جماعة الفيل الأزرق بقيادة لابورتا وروسيل ودعم كامل من يوهان كرويف.
الفيل الأزرق
الحقيقة أن استقالة نونيز ودعوته لانتخابات مبكرة لم تمنع نفوذه أو تطمس ذكراه في كامب نو، لأن جاسبارت عمل لسنوات سابقة في إدارة نونيز، بالإضافة لأن الإثنين ينحدران من نفس المدرسة تقريباً، ألا وهي رجال الأعمال، فالأول كان مقاولاً والثاني عمل في قطاع الفنادق وخلافه، مما جعل جاسبارت لا يبتعد كثيراً عن سهام النقد، خاصة مع اسقدام فان جال من جديد، وعدم تعويض لويس فيجو بالشكل الصحيح، وكوارث فريق كرة القدم، التي جعلت “النونيزمو” نسبة إلى نونيز وأقرانه، يسقطون أخيراً لبعض الوقت، في 2003، أمام مجموعة من الشبان يقودهم محامي ذو ميول قومية بحتة “جوان لابورتا”، وآخر أقرب إلى مندوبي المبيعات ورجال التسويق “ساندرو روسيل”، ومن خلفهم أسماء أخرى أصبحوا يديرون مختلف الأندية في أوروبا مثل فران سوريانو ومارك أنجلا وآخرين، فيما عرفت هذه الحركة أو الاتحاد باسم جماعة “الفيل الأزرق”.

لابورتا رجل له ميول سياسة واضحة، رفع شعارات القومية الكتالونية، وقلل كثيراً من نفوذ الهولنديين داخل الفريق، واستبدلهم فيما بعد بالإسبان والكتلان. كذلك نجح في انتشال فريق كرة القدم من السقوط سريعاً، ليحصل على الثقة المطلقة في 2004 مع جيل رونالدينيو وريكارد، ويصبح رئيساً ذو نفوذ داخل النادي، مع نزعته الاستقلالية في الحديث عن أن كتالونيا ليست إسبانيا، وأن البارسا فريق يجب أن يخدم القضية الكتالونية.
مع لابورتا أصبحت السياسة حاضرة بلا شك، جنباً لجنب مع نجاحات فريق كرة القدم والسلة، مع المدرب الطموح والظاهرة حينها بيب جوارديولا، الرجل الذي أنقذ لابورتا نفسه من فخ الإقالة أو الإجبار على الاستقالة، بعد الخلافات القوية بينه وبين نائبه ساندرو روسيل، ومطالبات حملة حجب الثقة ضده، والتي فلت منها بأعجوبة، ليقامر على جوارديولا بفضل نصيحة مرشده الكروي يوهان كرويف، وتتحول الكفة إلى صالحه من جديد، حتى نهاية فترته في صيف 2010، وقيام انتخابات جديدة جاء على رأسها نائبه السابق، رجل التسويق والشركات الرياضية والصفقات المشبوهة للاعبي أمريكا اللاتينية، ساندرو روسيل.
لابورتا نموذجاً لخلط السياسة بالرياضة، وروسيل على النقيض يبحث عن المال والبيزنس. الأول يثق في بعض الأسماء كروياً ورياضياً مثل يوهان كرويف، والثاني يميل إلى النموذج اللاتيني والبرازيلي بحكم عمله السابق، الحقيقة أن الثنائي عمل معاً في البدايات لكن كل منه مختلف تماماً عن الآخر، وهذا ظهر بوضوح في حملة حجب الثقة خلال موسم 2007-2008، حينما وقف روسيل وكل من يدعمه خلف عملية الإطاحة بلابورتا في فترة لا تنسى من تاريخ برشلونة، والتي كررها أوجستو بينديتو مع بارتوميو في 2017، لكنه لم ينجح أيضاً، لكنها حدثت هذه المرة في 2020 مع بارتوميو أيضاً، ويبدو أنها في الطريق إلى النجاح.
عملية حجب الثقة
تعتبر عملية حجب الثقة غير جديدة في الأوساط الكاتلونية والإسبانية، وقام أكثر من شخص بترجمتها إلى العربية من بينهم المغرد “Ole_fb”، الذي وضع عدة نقاط تبدأ بتقديم طلب رسمي إلى الإدارة، وهذا ما فعله الرافضون لترد عليه الإدارة بعد ذلك بالموافقة، وتؤكد بأنه يحتاج إلى نسبة 15 % من إجمالي الأصوات التي لها حق الانتخاب، والبالغ عددها 110648 صوت، قابل للزيادة، أي أن الحملة تحتاج في البداية إلى ما يقارب 16 ألف صوت، من أجل عبور المهمة الأولى.
في حالة النجاح، تأتي المهمة الثانية، بعمل تصويت جديد مع عنوان صريح، “نعم، أؤيد سحب الثقة من هذه الإدارة”، ويجب الحصول على نسبة 66 % من إجمالي المشاركين في التصويت “وليس من أعضاء النادي ككل كما أشارت بعض وسائل الإعلام العربية”، بشرط ألا تقل النسبة عن 10 % من مجمل أعضاء النادي، حتى يتم تفعيل هذه العبارة وتُجبر الإدارة بالكامل على تقديم الاستقالة، والدعوة بعدها إلى انتخابات جديدة تنص على ترشيح مجلس جديد تماماً.
وبالعودة إلى سجلات التاريخ القريب، سنجد أن هذا الأمر ليس بجديد على برشلونة، فقد حدثت من قبل حملة قوية لسحب الثقة من إدارة الرئيس السابق جوان لابورتا عام 2007، شارك وقتها قرابة 40 ألف عضو، ووصلت نسبة المصوتين بنعم لحجب الثقة إلى 60 % من إجمالي 40 ألف، أي أن الأمر كان قريب للغاية لكن في النهاية نجت الإدارة لتستمر حتى عام 2010.

هذه المرة ربما الأمر أقوى، بسبب غضب ميسي، وخسائر فريق كرة القدم، بل فضائحه أوروبياً، بالإضافة إلى الوضع المالي السيء والخسائر الاقتصادية الكبيرة التي عجلت حتماً بانتفاضات الغضب ضد بارتوميو وفريقه، مع سلسلة طويلة من الاستقالات التي طالت الرئيس نفسه، مع تفكيره في الاستقالة المبكرة والدعوة إلى انتخابات رئاسية سريعة، لأن كل الطرق تقود إلى إجباره على الرحيل في أقرب وقت ممكن.
نتيجة لكل ذلك فإن المعركة الانتخابية القادمة ستكون متوحشة بلا شك. بالتأكيد بارتوميو لن يشارك من جديد، لكن معسكر “النونيزمو” نسبة إلى نونيز ومن يسير على خطاه، فيما يتعلق بالمال والأعمال والبعد عن النزعة السياسية، مع اتخاذ قرارات اقتصادية قد تضر بالجانب الرياضي والكروي، لن يسكت بالتأكيد وسيدخل بمرشح جديد، أمام المعسكر الآخر الأقرب إلى القومية الكتالونية، والتركيز على أكاديمية الناشئين لا ماسيا، ومحاولة السير على خطى رهان لابورتا وكرويف على جوارديولا في وقت سابق، وكأن هذا الثنائي بمثابة وجهي العملة لانتخابات البارسا في كل زمان ومكان.
النونيزمو أم القوميين؟
من أجل بارسا منتصر، هكذا كانت حملة جوسيب نونيز في سبعينات القرن العشرين، ليتولى منصب رئاسة النادي الكتالوني، رغم المعارضة الشديدة التي وجدها من مختلف القوميين، بسبب ميوله الاقتصادية وبراجماتيه الواضحة في الذهاب بعيداً، واستغلال كتالونيا لصالح برشلونة وليس العكس، مما تسبب ذلك في عداوات عديدة له من بعض القنوات والصحف، رغم سنواته الطويلة في مقعد الرئاسة، والتي جعلته أحد أشهر رؤساء النادي على مر تاريخه، قبل أن يختلف مع يوهان كرويف وتبدأ الأزمة، التي انتهت برحيله وقدوم تابعه جاسبارت، والذي لم يستمر طويلاً أيضاً كما ذكرنا بالسابق.
نونيز رجل يكره السياسة والقوميات، لكنه يعرف جيداً أنه يجب أن يكون أحد حلفائه من هذا المعسكر، حتى لا يسقط في فخ التخوين والحشد الجماهيري والإعلامي ضده. هكذا شرح الكاتب توني فيروس عبر صحيفة “سبورت” الإسبانية القصة باختصار، لدرجة استعانة نونيز نفسه في وقت سابق بأحد ألد أعدائه في الانتخابات، وهو القومي “سيكتي كامبارا” من أجل فقط عمل بعض التوازنات الذكية داخل المجلس.
في الجهة الأخرى هناك القوميين أو “اللابورتيزمو” نسبة إلى جوان لابورتا ومرحلته، الرئيس السياسي والرياضي الذي يحب القوميين ويقدرهم بشدة، ولديه علاقة جيدة مع “خاومي روريس”، الرجل القوي الذي يقف باستمرار ضد “النونيزتا” ويضغط دائماً من أجل إعلاء كلمة كتالونيا جنباً لجنب مع برشلونة، دون سيطرة رأس المال على كل شيء، كما أشارت صحيفة “الموندو” أكثر من مرة في عديد المقالات والتقارير.
روسيل صديق قديم للابورتا لكنه يختلف عنه كثيراً، رجل تسويق ومبيعات، عكس جوان المحامي، لذلك فإن ساندرو أقرب إلى نونيز بوضوح، من خلال عدم تقديره للأمور الرياضية بشكل كامل، وتركيزه أكثر على النواحي الاقتصادية، مع استعانته ببعض الأسماء القومية مثل كارليس فيلاروبي، الذي استقال فيما بعد من مجلس جوسيب ماريا بارتوميو، على خلفية أزمة مباراة برشلونة ولاس بالماس في 2017، وقت الاحتجاجات القوية من جانب شعب كتالونيا على الحكومة الإسبانية من أجل الاستقلال.
المهم أن روسيل يختلف عن لابورتا، والأهم أن بارتوميو يتفق مع روسيل، في كونه نائبه السابق والرجل الذي جاء بعده في مقعد الرئاسة بصفة مؤقتة، ثم رئيس بالانتخاب بعد ثلاثية 2015، ليسير على نفس نهج “النونيزتا” في التركيز على المال والناحية الاقتصادية، مع الابتعاد بعض الشيء عن النزعة السياسية، لكن بمزيد من القرارات الرياضية والكروية الخاطئة، بشكل أكثر تعقيداً من سابقه، وكأن ثنائية “بارتوميو-روسيل” أشبه بـ “جاسبارت-نونيز”، فجاسبارت فشل في الصمود طويلاً بعد رحيل نونيز، رغم أنه جاء بالانتخاب، وهو ما يحدث الآن بالنص مع بارتوميو، الذي يواجه مشاكل عديدة بعد فوزه بالانتخابات، خلفاً لصديقه وأستاذه ساندرو روسيل، الذي سجن لبعض الوقت قبل أن يخرج بحكم المحكمة.
ما بعد بارتوميو
في برشلونة هناك وجهين للعملة، إما أن تكون “نونيزتا” مثل جاسبارت، روسيل، وبارتوميو، حتى مع اختلافهم في أمور عديدة إلا أنهم من نفس المدرسة، الأقرب إلى المال والتي تتنافر مع السياسة والقومية، وإما أن تكون انفصالياً أو “إندبندنتيزمو” نسبة إلى القوميين والسياسيين مثل جوان لابورتا وحتى فيكتور فونت، المرشح المحتمل لرئاسة نادي برشلونة، والذي كان أحد أهم أسباب حملة حجب الثقة ضد جوسيب ماريا بارتوميو في 2020، والذين يميلون إلى نهج يوهان كرويف مما يطلق عليهم اسم “الكرويفيستا” أيضاً”، في التركيز على لا ماسيا، الكرة الجميلة والهجومية.
بارتوميو لن يترشح، لكن هناك توني فريتشا، الرجل الذي عمل من قبل مع روسيل وبارتوميو نفسه، والمرشح الذي يهاجم جوارديولا وكرويف وحتى ميسي على طول الخط، من أجل إثبات أن نادي برشلونة أكبر من الجميع، بمن فيهم هؤلاء، وأن نموذج كرويف ولابورتا ليس فقط هو الأساس لنجاح النادي دائماً..
أما إيميل روسو فعمل لمدة طويلة مع بارتوميو في إدارته، قبل أن يختلف معه ويهاجمه عبر وسائل الإعلام، ويستقيل تمهيداً لدخوله الانتخابات، بل يتهمه ببعض الأمور المالية وخلافه. روسود رجل أعمال متخصص في قطاعات الكهرباء، وعضو في اللجنة التجارية الكتالونية، وعضو سابق في مجلس إدارة برشلونة من 2015 حتى 2020.
كل هؤلاء أقرب إلى النونيزتا، سواء فريتشا أو روش أو روسو، لكن في المقابل يظهر هذا الثنائي من معسكر الانفصاليين والكرويفيين نسبة إلى القوميين ويوهان كرويف، وهما فيكتور فونت وجوان لابورتا. الأخير يعرفه الجميع بصفته رئيس برشلونة في الفترة ما بين 2003 حتى 2010، وأنجح رئيس في تاريخ النادي خلال القرن الحادي والعشرين، مع ميوله السياسة ونزعته الانفصالية، وتعصبه لكرويف وجوارديولا بشكل واضح وصريح، مع النجاحات الكبيرة في عهده سواء مع ريكارد أو بيب.

أما فيكتور فونت، الرئيس التنفيذي لشركة دلتا والشريك في جريدة آرا، والرجل الذي يحظى بدعم كبير من المؤسسات القومية والقنوات التي تمثل ذلك، مع تعاونه الواضح مع خاومي رويس، رجل الأعمال الكبير وصاحب شركة “ميديا برو” والعدو الأكبر للنونيزتا على مر التاريخ، والذي يحاول الجمع بين لابورتا وفونت في قائمة واحدة، لضمان كسب الانتخابات بشكل مؤكد إذا حدث ذلك خلال الأيام القليلة القادمة.
يقول الكاتب رامون ميرابيتياس في كتابه “الوظيفة السياسية للبارسا”، أن العلاقات داخل هذا النادي متشابكة إلى أقصى درجة ممكنة، لدرجة أن البارسا وكتالونيا لا ينفصلان أبداً، وأن الحرب دائماً داخل النادي بين الانفصاليين والحكوميين، القوميين والماليين، النونيزتا واللابورتيزما، مما يجعل هذا الصراع هو الأساس لفهم أي انتخابات سابقة، حالية، ومستقبلية، لذلك علينا أن ننتظر حتى نعرف الفائز في الانتخابات، والمعسكر الذي سيقود أحد أكبر أندية العالم خلال السنوات القادمة.