طارت الطيور بأرزاقها وفاز أتليتكو مدريد بلقب الليجا هذا الموسم، ليضيف سيميوني بطولة جديدة إلى مسيرته مع الهنود الحمر، ويرحل زيدان بعد موسم صفري مع الريال، ويجد كومان نفسه في مهب الريح، لا يعلم إذا كان سيستمر لموسم آخر أم يضحي به لابورتا، الرئيس ذو الشخصية القوية والمزاج الصعب.
لم يكن موسم الليجا هو الأقوى فنياً لكنه كان مثيراً بحق، خاصة في الأسابيع الأخيرة، مع صعوبة توقع البطل وبقاء مصير الجميع معلقاً حتى اللحظات الأخيرة، لكن هناك أسماء تم شكرها سريعاً بعد فوز أتليتكو مدريد، أولهم بلا شك لويس سواريز، صاحب هدف الفوز في مباراة بلد الوليد، وقبلها هدف إنقاذ الموسم ضد أوساسونا، كذلك ماركوس يورينتي، ثاني هدافي الفريق وأكثر لاعبي الوسط تسجيلاً هذا الموسم، بالإضافة إلى عملاق الحراسة يان أوبلاك، أفضل حارس مرمى في إسبانيا وربما في العالم.
هذا الثلاثي بلا شك قدم موسماً كبيراً، على مستوى الأرقام والإحصاءات والحضور الذهني والفني، بالإضافة إلى عامل الحسم الذي رجح كفة فريقهم في الأسابيع الفاصلة، بعد تعثرات برشلونة وتعادلات ريال مدريد، ليسجل سواريز ويصنع يورينتي ويتصدى أوبلاك، وكأن هذه المتلازمة صارت تميمة حظ سيميوني مؤخراً، لكن مع كامل الاحترام والتقدير لهؤلاء، هناك اسم سقط دون قصداً من الذكر، واختفى من سجلات الشكر، ولم توضع صورته في مانشيتات الصحف، رغم أنه قدم موسماً للتاريخ، وصنع الفارق فنياً مع أتليتكو هذا الموسم، عن ريسوريكيون ميروديو سنتحدث!
جابرييل فرنانديز أريناس أو “جابي” كما يعرفه غالبية عشاق الليجا، نجم أتليتكو مدريد السابق وقائد الفريق الملهم الذي صنع نجاحات كبيرة مع الروخيبلانكوس، قبل الرحيل والذهاب إلى قطر ثم الاعتزال فيما بعد. 7 سنوات قضاها جابي مع أتليتكو، من 2011 حتى 2018، عاش خلالها كل سيناريوهات الفشل والنجاح، الهبوط والصعود، الحسرة والمجد، ليصعد إلى عنان السماء رفقة الشولو في 2014 بعد الفوز بالليجا والوصول إلى نهائي دوري الأبطال، ثم يشهد فترة خيبة الأمل في نهائي 2016 ضد الريال، ويقرر الابتعاد بعد التتويج بلقب الدوري الأوروبي في 2018.
طارت الطيور بأرزاقها وفاز أتليتكو مدريد بلقب الليجا هذا الموسم، ليضيف سيميوني بطولة جديدة إلى مسيرته مع الهنود الحمر، ويرحل زيدان بعد موسم صفري مع الريال، ويجد كومان نفسه في مهب الريح، لا يعلم إذا كان سيستمر لموسم آخر أم يضحي به لابورتا، الرئيس ذو الشخصية القوية والمزاج الصعب.
لم يكن موسم الليجا هو الأقوى فنياً لكنه كان مثيراً بحق، خاصة في الأسابيع الأخيرة، مع صعوبة توقع البطل وبقاء مصير الجميع معلقاً حتى اللحظات الأخيرة، لكن هناك أسماء تم شكرها سريعاً بعد فوز أتليتكو مدريد، أولهم بلا شك لويس سواريز، صاحب هدف الفوز في مباراة بلد الوليد، وقبلها هدف إنقاذ الموسم ضد أوساسونا، كذلك ماركوس يورينتي، ثاني هدافي الفريق وأكثر لاعبي الوسط تسجيلاً هذا الموسم، بالإضافة إلى عملاق الحراسة يان أوبلاك، أفضل حارس مرمى في إسبانيا وربما في العالم.
هذا الثلاثي بلا شك قدم موسماً كبيراً، على مستوى الأرقام والإحصاءات والحضور الذهني والفني، بالإضافة إلى عامل الحسم الذي رجح كفة فريقهم في الأسابيع الفاصلة، بعد تعثرات برشلونة وتعادلات ريال مدريد، ليسجل سواريز ويصنع يورينتي ويتصدى أوبلاك، وكأن هذه المتلازمة صارت تميمة حظ سيميوني مؤخراً، لكن مع كامل الاحترام والتقدير لهؤلاء، هناك اسم سقط دون قصداً من الذكر، واختفى من سجلات الشكر، ولم توضع صورته في مانشيتات الصحف، رغم أنه قدم موسماً للتاريخ، وصنع الفارق فنياً مع أتليتكو هذا الموسم، عن ريسوريكيون ميروديو سنتحدث!
البحث عن جابرييل فرنانديز أريناس
جابرييل فرنانديز أريناس أو “جابي” كما يعرفه غالبية عشاق الليجا، نجم أتليتكو مدريد السابق وقائد الفريق الملهم الذي صنع نجاحات كبيرة مع الروخيبلانكوس، قبل الرحيل والذهاب إلى قطر ثم الاعتزال فيما بعد. 7 سنوات قضاها جابي مع أتليتكو، من 2011 حتى 2018، عاش خلالها كل سيناريوهات الفشل والنجاح، الهبوط والصعود، الحسرة والمجد، ليصعد إلى عنان السماء رفقة الشولو في 2014 بعد الفوز بالليجا والوصول إلى نهائي دوري الأبطال، ثم يشهد فترة خيبة الأمل في نهائي 2016 ضد الريال، ويقرر الابتعاد بعد التتويج بلقب الدوري الأوروبي في 2018.
فقد سيميوني ظله داخل الملعب بعد رحيل جابي. لمن لم يشاهد دييجو أثناء فترة لعبه، كان فيه شبهاً حقيقياً بجابي، في خبثه ومكره وعنفه المشروع وغير المشروع، والأهم روحه الكبيرة في الركض والافتكاك والعرقلة، والقيام بمهام لاعب الوسط الدفاعي دون توقف، خلف لاعبي الهجوم وأمام خط الدفاع بالكامل. لقد أحب الشولو لاعبه جابي، ربما لأنه يشبهه، وبالتأكيد لأنه يملك ذكاء تكتيكي كبير، والأهم فوق كل ذلك أنه لاعب وسط يجيد بشدة إغلاق المساحات، تقليل الفراغات، وضبط التحولات، وهي الأمور التي افتقدها أتليتكو بعض الشيء بعد مغادرته.
الطريق إلى مرمى أتليتكو مدريد صار أسهل من السابق، الفريق يتلقى تسديدات عديدة خلال التسعين دقيقة، تستقبل شباكه أهدافا سهلة في بعض الأحيان. هناك خلل واضح خاصة في عامي 2019 و2020. يضغط بشكل أقل، حتى نسبة افتكاكاته وأرقامه الدفاعية أضعف في نصف ملعبه. صحيح أنه فريق لا يضغط من نصف ملعب المنافس كفرق أخرى. الأجنحة تعود للداخل، لإضافة لاعب وسط زائد، مع تحول المهاجمين إلى أنصاف المسافات، لتغطية الأطراف من دون الكرة، هكذا هي 4-4-2 للشولو دييجو سيميوني.
أتليتكو يغير جلده قليلا، من فريق دفاعي صريح إلى آخر مزيج بين الدفاع والهجوم، لمحاولة خلق فرص أكبر، قد تسعفه في المباريات الكبيرة، أو أمام الصغار بالليجا، لذلك رحل بعض الأسماء وجاءت أسماء أخرى. كل مباراة سيميوني يدخل بأسماء مختلفة في الوسط، الارجنتيني لم يجد التوليفة المناسبة بسهولة، خط وسط غير ثابت، لا يضم ارتكاز تقليدي بعد رحيل جابي، وأجنحة مع هجوم يرتد ببطء، لذلك أصبح الدفاع مكشوفا بعض الشيء. أتليتكو مدريد كان يدافع بشكل رائع، ليس لقوة دفاعه، لكن لقوة منظومته التكتيكية، التي تجعل هجومه متصلا بالدفاع طوال التسعين دقيقة، مما يجعل التحكم في الفراغات متاحا، هكذا كان الحال في الموسمين الماضيين.
البحث في القديم
أحضر أتليتكو أكثر من لاعب وسط، هيكتور هيريرا، لوكاس توريرا، كوندوجبيا، وتواجد توماس بارتي قبل رحيله، ولعب ساؤول نيجويز في هذا المكان وقبله ماركوس يورينتي، لكن كان هناك قطعة ناقصة باستمرار، حيث أن الثلاثي المذكور أولاً لم يقدم نفسه بشكل يذكر، بينما كان بارتي لاعباً مهماً حتى رحيله بكل صراحة، إلا أنه كان يفضل الهجوم والانطلاق للأمام والاحتفاظ المبالغ فيه بالكرة في بعض الأحيان، لدرجة خروجه من موقعه وتأثيره السلبي على منطقة الارتكاز في بعض المباريات، بالإضافة إلى بطء واضح أثناء الحيازة ونقل الهجمة.
من الصعب وصف بارتي باللاعب السيء، بالعكس هو ارتكاز كبير، وكبير جداً، والدليل أن أتليتكو لم يفرط فيه بسهولة لصالح أرسنال، إلا أن اللاعب الغاني من نوعية الأسماء التي تفضل التحرر والارتجال، وعدم التقيد بالأدوار التكتيكية الصارمة التي يطلبها مدربون مثل الشولو، لذلك أثر هذا اللاعب بالإيجاب على منظومة أتليتكو الهجومية، لكنه لم يكن أفضل ارتكاز دفاعي ممكن، ولم يعوض رحيل جابي بالشكل المنشود الذي أراده سيميوني، حتى في مخيلته.
المدرب مثل التاجر لما يفلس يدور في دفاتره القديمة، مثل قديم عن التاجر الذي أفلس فبدأ في البحث خلال دفاتره القديمة حتى وجد الحل وأنقذ نفسه. وفي كرة القدم هناك أمثلة عديدة شبيهة، ومن بينها ما فعله دييجو سيميوني هذا الموسم، عندما أيقن بأن ماركوس يورينتي لن يكون أبداً الارتكاز الدفاعي الذي يريده، فاخترع له مركزاً جديداً بالقرب من لاعبي الهجوم سواء في العمق أو الأطراف، ليصبح لاعب ريال مدريد السابق أكثر لاعبي الوسط تسجيلاً هذا الموسم في الليجا.
ساؤول نيجويز أيضاً نموذج على ذلك، لاعب جوكر يجيد بشدة أدوار الوسط والأجنحة وحتى الظهير في بعض الأحيان، لكنه لم ينجح كثيراً في المركز 6 كارتكاز صريح أمام الدفاع، وبعد فشل كوندوجبيا في تعويض بارتي، وعدم نجاح توماس نفسه في القيام بأدوار جابي بنسبة 100 %، جاء الدور على ريسوريكيون ميروديو.
كوكي
ريسوريكيون ميروديو، ما هذا الاسم؟ عن ماذا نحكي؟ عن كوكي بالتأكيد، لاعب أتليتكو مدريد وأحد قادته، الذي أعاد اكتشاف نفسه في مركز جديد هذا الموسم. صحيح أنه لعب في الوسط كعادته، لكن كارتكاز دفاعي صريح في المركز 6، خلال مباريات الحسم من الليجا، ليقدم فترة ولا أروع ويجيد دوره بشدة، ويصبح أحد أفضل لاعبي الدوري بالكامل على الصعيدين الفني والتكتيكي.

من أهم مزايا سيميوني هذا الموسم أنه تخلى أخيراً عن خطة لعب 4-4-2، هو لم ينسفها لكنه على الأقل جرب خطط أخرى على مدار الموسم، ليلعب بثلاثي الخلف ورباعي الدفاع، ويمزج بين 4-4-2 و3-5-2 في خطة جديدة هي 3-4-1-2 ثم 4-3-3 التي أنهى بها الموسم، ليضيف إلى تكتيكه عنصر المفاجأة، ويستفيد كثيراً من القوة التهديفية للثنائي سواريز ويورينتي، والصحوة غير المتوقعة للأرجنتيني أنخيل كوريا.
في 37 مباراة شارك فيها، سجل كوكي هدف واحد وصنع هدفين. نسبة قليلة جداً ولا تذكر، وبالتأكيد هناك عدد كبير من الجماهير وحتى الإعلاميين، يضعون أحكامهم على اللاعبين وفق عدد الهدف والأسيست فقط، لذلك عندما يسجل اللاعب فإنه رائع، وفي حال عدم تسجيله فإنه سيء ولا ينفع ووجوده مثل عدمه، وللأسف هذه الظاهرة انتشرت بشدة وهي غير صحيحة، جملة وتفصيلاً، والدليل ما فعله كوكي مع أتليتكو.
في كامب نو أمام برشلونة، فاجىء سيميوني الجميع بتكتيك هجومي صريح، واللعب برسم 3-4-2-1، بتواجد كوريا وكاراسكو خلف سواريز، وفتح الملعب على الأطراف بثنائية تريبييه وساؤول نيجويز، مع دعم هجومي كبير من طرف يورينتي، أي أن هناك تقريباً 6 لاعبين يهاجمون باستمرار، وفي الخلف يوجد أوبلاك و3 مدافعين، وكوكي في المركز 6 كلاعب ارتكاز دفاعي صريح.
أجاد كوكي بشدة في دوره الحالي، لأنه قدم كل ما يريده مدربه، من خلال القيام بالأدوار الدفاعية، التمركز في العمق أمام ثلاثي الخلف أثناء التحولات، وفي نفس الوقت الافتكاك والعرقلة وقطع الكرات، وفوق كل ذلك التمركز الصحيح وسد العجز في الفراغات المتاحة من دون الكرة، ليعطي الفرصة أمام جرأة سيميوني وخلعه لعباءة الدفاع والخوف والتردد، بإشراك عدد كبير من المهاجمين ولاعبي الوسط المتقدمين خلال فترة الحسم، عندما أصبح الفريق في أشد الحاجة إلى تحقيق الانتصارات، وليس الاكتفاء فقط بالنقطة.

نقطة واحدة لا تكفي
لعب سيميوني لسنوات طويلة كرد فعل، يدافع ثم يدافع ثم يدافع، ويفوز بكرة ثابتة أو مرتدة أو لعبة خاطفة. وعندما كان يواجه خصماً دفاعياً، فإنه عانى بشدة بسبب عدم تمكنه من فك طلاسم الدفاع، وصعوبة تحريك الكرة أملاً في إيجاد الفراغ، لذلك تحسن كثيراً هذا الموسم مع قدوم سواريز، المهاجم الذي يجيد فقط اللعب أمام الدفاعات المتأخرة، لما يملكه من خبث كروي وذكاء في التحرك داخل منطقة الجزاء، كذلك استفاد المدرب أيضاً من توغلات وانطلاقات يورينتي في القنوات الشاغرة، وقدرة توماس ليمار وكاراسكو على المراوغة واللعب في وبين الخطوط، سواء في الطرف أو العمق.

لكن الهجوم أيضاً ليس بالأمر السهل، لأنك عندما تتقدم وتهاجم وتفتح ملعبك، فأنت في أشد الحاجة لدفاع سريع وصلب، وحارس عملاق، ولاعب ارتكاز خلفي ذكي ولماح وذو رد فعل سريع، وإذا كان “هيرموسو، سافيتش، خيمينيز أو فيليبي، وأوبلاك” في الخلف، فإنهم شعروا بالراحة أكثر مع تواجد كوكي أمامهم، أكثر من أي لاعب وسط آخر ربما في آخر عامين بالنسبة لكتيبة العاصمة الإسبانية.
على سبيل المثال أمام ريال سوسيداد، لم يتخل سيميوني عن رسم 3-4-2-1 بشكل كامل، لكنه تحول إلى 4-3-3 بطريقة مرنة، بتواجد هيرموسو في الخلف، كمدافع إضافي وظهير أيسر من أجل إعطاء ساؤول حرية الحركة بين العمق والأطراف على اليسار أمام هيرموسو، لذلك في الدفاع الخطة فعلاً هي 4-3-3، لكن أثناء الاستحواذ والهجوم، يصبح هناك “هيرموسو، فيليبي، وسافيتش” بالخلف، وعلى الأجنحة تريبييه وساؤول، مع صعود يورينتي، كاراسكو، كوريا خلف سواريز، وتواجد “كوكي” في المركز 6 للحماية والتغطية والقيام بالأعمال الصعبة والشاقة لمدة 90 دقيقة.
في 37 مباراة، لم يكتف كوكي بالهجوم ولكن لديه معدل 1.7 عرقلة مشروعة في المباراة، مع 1 افتكاك و1 تشتيت، و1.9 مراوغة صحيحة في نصف ملعبه، وفوق كل ذلك نسبة تمرير تصل دقتها إلى 90 %، وعلى الأقل في كل مباراة تمريرة تؤدي إلى تسديدة على مرمى الخصم أو كما تعرف بالـ “Key pass”.

وإذا كان ساكي هو المرجع تكتيكياً بالنسبة لنا وللكثيرين، فإن ما قدمه كوكي مع أتليتكو مدريد في الليجا دليل حي وصريح على أن اللاعب الكبير قادر على عدم التقيد بمركز واحد، ولديه القدرة على هزيمة التخصص، والإتجاه إلى الشمولية داخل الملعب، كما فعل في مراحل الحسم خلال الدوري المثير والغريب هذا الموسم.