أنا لست أُحسب بين فرسان الزمان، إن عد فرسان الزمان، لكن قلبى كان دوماً قلب فارس، كره المنافق والجبان، مقدار ما عشق الحقيقة. كلما أشاهد لويس إنريكي أتذكر هذه المقولة التي لا تنسى للشاعر والأديب الراحل نجيب سرور، لأن لوتشو رجل شجاع بحق، يكره اللون الرمادي، ولا يعرف إلا الأبيض أو الأسود. إنسان مباشر لأقصى درجة، لا يهاب المواجهة ويعشق التحديات، لذلك حتى إذا اختلفت معه كثيراً فأنت تكون مجبراً على احترامه بسبب شخصيته الصريحة البعيدة كل البعد عن التلون والنفاق.
هذه مقدمة لا بد منها عند الحديث عن إنريكي المدرب الحالي لمنتخب إسبانيا، لأن شخصيته فرضت الاحترام والالتزام داخل غرفة ملابس الفريق، وجعلته يراهن على أكثر من رسم خططي دون مشاكل، مع استخدامه عدد كبير جداً من اللاعبين خلال كل فترة توقف دولي، لدرجة أنك لا تقدر أبداً على توقع تشكيلة الماتدور مهما كانت سهولة المباراة وظروف الخصم.
يتحدث الكثيرون عن مسميات الخطط بقدر من المبالغة، بالتأكيد أي رسم خططي له أهميته لكنه يبقى مجرد رقم، لأن هناك ما هو أهم منه. على سبيل المثال الاستحواذ كأداة شيء ضروري، لكن الاستحواذ كأسلوب لعب أو غاية تعتبر أمراً خاطئاً. يجب الحديث أولاً عن الفلسفة الكروية التي توضح أصول اللعبة، بين فرق تهاجم وتستحوذ، وأخرى تدافع وتعتمد على المرتدات، وما بين هذا وذاك، يوجد المزيج الحديث الذي يهاجم أثناء الدفاع، ويدافع بالضغط الهجومي. وبعد الفلسفة، تأتي إستراتيجية اللعب التي تعني كيفية تحقيق فلسفة الفريق، سواء بالضغط العالي أو العكسي أو التحولات السريعة وخلافه، ومنها إلى التكتيك المتبع الذي يعتبر أقرب إلى التغييرات والتعديلات.
وبدراسة هذه المقولة جيداً، سندرك أن إنريكي غير مذنباً بالمرة، صحيح أنه يستخدم أكثر من خطة وعدد كبير من اللاعبين، سواء 4-3-3 أو 4-2-3-1 أو 4-3-3، مع مهاجم صريح أو وهمي، ثنائي أو ثلاثي من الأجنحة، رفقة ثنائي محوري أو ثلاثي ارتكاز، أو محور واحد وأمامه 4 لاعبين، لكن فريقه لديه فلسفة لعب واضحة وصريحة، ألا وهي محاولة السيطرة وأن يكون الطرف المبادر باستمرار، بالإضافة إلى إستراتيجية معروفة تركز على الحدة والكثافة واللعب المباشر السريع، مع استخدام التحولات السريعة من الخلف إلى الأمام.
أنا لست أُحسب بين فرسان الزمان، إن عد فرسان الزمان، لكن قلبى كان دوماً قلب فارس، كره المنافق والجبان، مقدار ما عشق الحقيقة. كلما أشاهد لويس إنريكي أتذكر هذه المقولة التي لا تنسى للشاعر والأديب الراحل نجيب سرور، لأن لوتشو رجل شجاع بحق، يكره اللون الرمادي، ولا يعرف إلا الأبيض أو الأسود. إنسان مباشر لأقصى درجة، لا يهاب المواجهة ويعشق التحديات، لذلك حتى إذا اختلفت معه كثيراً فأنت تكون مجبراً على احترامه بسبب شخصيته الصريحة البعيدة كل البعد عن التلون والنفاق.
هذه مقدمة لا بد منها عند الحديث عن إنريكي المدرب الحالي لمنتخب إسبانيا، لأن شخصيته فرضت الاحترام والالتزام داخل غرفة ملابس الفريق، وجعلته يراهن على أكثر من رسم خططي دون مشاكل، مع استخدامه عدد كبير جداً من اللاعبين خلال كل فترة توقف دولي، لدرجة أنك لا تقدر أبداً على توقع تشكيلة الماتدور مهما كانت سهولة المباراة وظروف الخصم.
أسلوب اللعب قبل التكتيك
يتحدث الكثيرون عن مسميات الخطط بقدر من المبالغة، بالتأكيد أي رسم خططي له أهميته لكنه يبقى مجرد رقم، لأن هناك ما هو أهم منه. على سبيل المثال الاستحواذ كأداة شيء ضروري، لكن الاستحواذ كأسلوب لعب أو غاية تعتبر أمراً خاطئاً. يجب الحديث أولاً عن الفلسفة الكروية التي توضح أصول اللعبة، بين فرق تهاجم وتستحوذ، وأخرى تدافع وتعتمد على المرتدات، وما بين هذا وذاك، يوجد المزيج الحديث الذي يهاجم أثناء الدفاع، ويدافع بالضغط الهجومي. وبعد الفلسفة، تأتي إستراتيجية اللعب التي تعني كيفية تحقيق فلسفة الفريق، سواء بالضغط العالي أو العكسي أو التحولات السريعة وخلافه، ومنها إلى التكتيك المتبع الذي يعتبر أقرب إلى التغييرات والتعديلات.
وبدراسة هذه المقولة جيداً، سندرك أن إنريكي غير مذنباً بالمرة، صحيح أنه يستخدم أكثر من خطة وعدد كبير من اللاعبين، سواء 4-3-3 أو 4-2-3-1 أو 4-3-3، مع مهاجم صريح أو وهمي، ثنائي أو ثلاثي من الأجنحة، رفقة ثنائي محوري أو ثلاثي ارتكاز، أو محور واحد وأمامه 4 لاعبين، لكن فريقه لديه فلسفة لعب واضحة وصريحة، ألا وهي محاولة السيطرة وأن يكون الطرف المبادر باستمرار، بالإضافة إلى إستراتيجية معروفة تركز على الحدة والكثافة واللعب المباشر السريع، مع استخدام التحولات السريعة من الخلف إلى الأمام.


الكثافة، الركض، الحيوية باستمرار، مع شخصيته القوية وقربه من اللاعبين، ليفرض احترامه وصرامته داخل غرفة الملابس، وينجح في التصدي للهجوم الإعلامي في بعض الأحيان دون مشاكل، لذلك مع ديفوهاته وعيوبه التكتيكية على مستوى الإطار و”الستراكشر” “البنية” الخططي مع الوقت، والتي تسبب بعض المشاكل عند البحث عن جديد أو محاولة إيجاد طرق بديلة، إلا أن هذه النوعية من اللعب تناسب المنتخبات، لأن اللاعب يفضل هذه الطريقة السريعة، مع ضيق الوقت وقصر فترة المعسكرات الدولية.
على مستوى نقاط الضعف، إسبانيا لا يزال ينقصها كمنتخب مهاجم قوي وله شخصية، مع وسط بقيمة تشافي، خاصة مع كثرة غيابات تياجو مؤخرا، لكن الفريق يلعب بطريقة هجومية مميزة، يتحرك ويجري ويضغط ويحاصر خصمه دون توقف. وبالطبع مع إيجابيات عدم توقع كثرة التغييرات فإن المنتخب أيضاً يفتقد إلى التناغم والانسجام المطلوب في بعض المباريات، بسبب عدم اللعب بـ11 لاعب أساسي خلال عدة مواجهات متتالية، مما يؤثر على التفاهم بين المجموعة.
ولكن مع الإيجابيات والسلبيات، فهناك جيل جديد من اللاعبين الإسبان الذين بدأوا يحصدون ثمار الرهان عليهم مبكراً، لذلك كان لزاماً التركيز عليهم فيما هو قادم.

بيدري.. ولد نجماً
18 سنة فقط، يلعب بجرأة غير عادية، ولديه شخصية تشعر خلالها وكأنه لاعب ذو خبرة عريضة. سجل 3 أهداف وصنع 6 هذا الموسم مع البارسا في مختلف البطولات، وأصبح لاعباً لا غنى عنه في تشكيلة رونالد كومان، وأحد نجوم منتخب إسبانيا خلال المباريات الماضية، ضمن التصفيات المؤهلة لمونديال 2022، لذلك شئنا أم أبينا فإننا أمام مشروع لاعب ولد نجماً وكبيراً في نفس الوقت.
بيدري من الأساس أقرب إلى الجناح، يلعب على الخط ويقطع في العمق، هو النسخة الواضحة من الجناح الداخلي “الإنتريور” على الطريقة الإسبانية، مثل ساؤول نيجويز وكازورلا وآخرين، لكنه يستطيع أيضاً اللعب في المساحات الضيقة، ولديه رؤية قوية تمكنه من الصناعة والتمرير البيني دون مشاكل، لذلك أجاد بشدة في دور لاعب الوسط الثالث في رسم 4-3-3، وصانع اللعب الوهمي في خطة 3-5-2، أو حتى الارتكاز المساند في رسم 3-4-2-1 كما يفعل مع البارسا مؤخراً.
أيام جوارديولا وما بعدها بقليل، كان بيب يستخدم إنييستا بذكاء كبير، وكأنه “طُعم” يحركه من بعيد حتى يجذب المدافعين إليه، ويخلق الفراغ أمام استلام ليونيل ميسي في وبين الخطوط. لعب أندريس دوراً محورياً في القيام بدور صانع اللعب الوهمي جنباً لجنب مع وظيفته الأساسية في المركز 8 بالملعب، لذلك أحبه ليونيل كثيراً وصنع الثنائي شراكة لا تنسى ساهمت في انتصارات البارسا قارياً ومحلياً.
بيدري يملك جزء من قدرة إنييستا في هذا السياق، لأنه لاعب صاحب لمسة مميزة على الكرة، يربط مع القائد الأرجنتيني بذكاء، ويستطيع إيجاد ميسي دون مشاكل خلف خطوط الضغط، لذلك تألق بشدة بالثلث الهجومي الأخير، وفي نفس الوقت أجاد دور لاعب الوسط المساند المائل لليسار بجوار بوسكيتس، عندما يتواجد فرينكي دي يونج كـ “ليبرو” خلفهما. وفي تكتيك 4-3-3 لإنريكي مع منتخب إسبانيا، لعب بيدري كوسط مائل لليسار، على مقربة من كوكي المائل لليمين، وفي المركز 6 بوسكيتس أمام رباعي الدفاع.
ومع صغر سنه، يحتاج بيدري إلى قوة أكبر في التسديد من بعيد، بالإضافة إلى التحكم في نسق اللعب أمام الفرق التي تعتمد على الركض والتحولات السريعة، وبالطبع مزيد من القوة البدنية في الافتكاك والضغط، بالإضافة إلى استغلال الفرص التي تأتي له بالثلث الهجومي الأخير.
داني أولمو.. أستاذية اللعب المباشر
في الجبهة اليسرى لإسبانيا، داني أولمو معاه حكاية! في أي فريق كرة قدم، يحتاج المدرب إلى لاعب سريع ومباشر، يركض بقوة، يدافع ويهاجم، ويقطع في العمق عند الحاجة، وفي نفس الوقت ينطلق بشكل عمودي على الخط من أجل فتح الملعب بالعرض. حتى إذا لم يكن نجماً كبيراً أو لاعباً مهارياً من الطراز الفريد، فإن الفرق الكبيرة تحتاج إلى مثل هذه النوعية من الأجنحة لإضافة التنوع إلى المجموعة بالكامل. بيدرو جونزاليس مع بارسا جوارديولا في زمن سابق، ولوكاس فاسكيز أحياناً مع ريال مدريد عندما يكون في حالته المزاجية والفنية الجيدة.
داني أولمو أحد هؤلاء، هو ليس بالجناح المهاري الذي يجيد المراوغة أو حتى لعب التمريرات البينية، لكنه لاعب مهم لفريقه ومنتخب بلاده، سواء عندما يلعب على اليمين وينطلق بشكل مباشر على الخط، من أجل خلق الفراغات أمام لاعبي العمق بالمنطقة 14 على مشارف منطقة الجزاء، وداخل الصندوق بالتأكيد، أو جناح أيسر مقلوب في رسم 4-3-3 كما يفعل مع إسبانيا، ينطلق من الطرف إلى العمق، ويسمح لجوردي ألبا/ جايا بالصعود إلى الأمام، فيما يعرف بالـ “أوفرلاب”.

أولمو أيضاً يجيد بشدة الركض في القنوات الشاغرة خلف المدافعين، بمعنى أنه لاعب ممتاز أمام الكرة لا خلفها، يحتاج فقط إلى وسط يجيد لعب الكرات الطولية والقطرية، ومهاجم متحرك غير ثابت يربط معه، ليصنع ويسجل الأهداف دون توقف. في آخر 3 مباريات مع منتخب إسبانيا، سجل أولمو هدفين، وفي 26 مباراة بالدوري الألماني هذا الموسم، سجل اللاعب 3 أهداف وصنع 8 مع فريقه لايبزيج.
يمكن تخيل العمل الكبير على الجبهة اليسرى لمنتخب إسبانيا، جوردي ألبا ظهير يتحول إلى جناح حقيقي على الخط، وبالمثل يفعل جايا عندما يشارك أساسياً بدلاً منه. كذلك يقوم بيدري بدور همزة الوصل بين لاعبي الوسط والهجوم، ويصنع مثلث التمريرات رفقة ألبا وداني أولمو على اليسار، ليستفيد الإسباني خريج أكاديمية “لا ماسيا” والذي سبق له الاحتراف في كرواتيا قبل انتقاله إلى البوندسليجا من مهارات زملائه، ويترجم عملهم الكبير إلى أهداف في النهاية.
مع قدرة داني على التسجيل، يمكنه أيضاً التواجد في العمق خلف المهاجم مباشرة كما يفعل مع مدربه ناجلزمان وخطته 3-4-2-1، فالإسباني يتقدم باستمرار ويقوم بدور المهاجم الصريح بالتبادل مع يوسف بولسن، وفي نفس الوقت يربط جيداً مع نكونو وكلايفرت، ثنائي الأجنحة على الأطراف.
براين جيل.. الجناح الحريف
بينما يمثل أولمو اللاعب المباشر في كل شيء، فإن براين جيل في المقابل نموذج للجناح المهاري والحريف، الذي يستطيع المراوغة، الوقوف على الكرة، هزيمة المدافعين، واللعب على الطرف وفي العمق دون مشاكل، ليقدم نفسه كأحد مواهب الليجا هذا الموسم بعد تألقه مع فريق إيبار، الذي يلعب له بنظام الإعارة قادماً من إشبيلية، ويضمه لويس إنريكي سريعاً إلى منتخب إسبانيا من أجل المشاركة مع بقية العناصر الحالية خلال التصفيات، وربما في اليورو القادم.
أفضل مركز لتألق براين جيل هو الجناح الأيسر، لأنه يبدأ المباراة على الطرف ثم يقطع مباشرة في العمق، سواء داخل منطقة الجزاء أو خارجها، وفي نفس الوقت يستطيع التفوق في موقف 1 ضد 1 أمام مدافع الخصم. في رسم 4-4-2 لإيبار هذا الموسم، يلعب جيل على اليسار كجناح رفقة ثلاثي الوسط وخلف الثنائي الهجومي، بينما يشغل مركز الجناح الأيسر في خطة 4-1-4-1 التي استخدمها إنريكي ضد منتخب جورجيا في التصفيات، ليلعب رفقة بيدري، فابيان رويز، فيران توريس، أمام بوسكيتس وخلف المهاجم موراتا.
ونتيجة لتألقه مع إيبار وإسبانيا فإن عودة جيل إلى إشبيلية ستكون مؤكدة خلال الموسم القادم، ومع تواجد لوكاس أوكامبوس كجناح قوي وسريع ومباشر، فإن براين جيل سيكون الجناح الآخر في رسم جولين لوبيتيجي، رفقة بابو جوميز في العمق وبالأمام يوسف النصيري، ليتحول المدرب من 4-3-3 إلى 4-2-3-1 بالتدريج خلال الفترة المقبلة.
ومن اليسار إلى اليمين، حيث يعتمد إنريكي حتى الآن على خيارات غير متوقعة بالمرة، بعد إصابة داني كارفخال وسيرجي روبرتو، ليراهن على ماركوس يورينتي، نجم أتليتكو مدريد في الوسط، بمركز الظهير الأيمن مستفيداً من سرعته وأسلوبه المباشر في اللعب، بالإضافة إلى الشاب بيدرو بورو، لاعب مانشستر سيتي المعار إلى سبورتنج لشبونة.
بيدرو يجيد اللعب كظهير وجناح على اليمين، مميز للغاية في لعب الكرات العرضية والتمريرات البينية، وفي نفس الوقت يفضل الصعود للهجوم باستمرار، لكن مع ضعف في ألعاب الهواء وحاجة إلى خبرة أكبر، لكنه أحد المواهب المميزة مع لشبونة هذا الموسم، مما يجعله خياراً مستقبلياً لناديه الأصلي مانشستر سيتي، مع اهتمام من جانب بعض فرق الليجا بضمه، كما تحدثت وسائل الإعلام طوال الفترة الماضية.
في النهاية، ربما تسببت كثرة تغييرات لويس إنريكي واستخدامه عدد كبير من الخطط في عدم تجانس الفريق حتى الآن، ونقص تناغم المجموعة في بعض المباريات، مع افتقادهم إلى المهاجم الصريح أيضاً، لكن ما فعله جعلنا نشاهد كوكبة من المواهب الشابة التي يمكنها قيادة الماتدور حالياً ومستقبلاً، مثل بيدري، بيدرو بولو، براين جيل، داني أولمو، فيران توريس، إيريك جارسيا، وآخرين.