دوام الحال من المحال، ربما تلخص هذه العبارة البسيطة جداً حال مانويل بليجريني، الرجل الذي طرق أبواب الشهرة سريعاً، بتدريبه فياريال ثم ريال مدريد، وبعدها ملجا فمانشستر سيتي، ليحقق نجاحات مهمة على الصعيدين المحلي والقاري، ويصبح أحد أشهر المدربين في أوروبا، حتى رحيله عن قيادة السيتي في 2016، وتحول مسيرته بشكل دراماتيكي، حتى عودته إلى الكرة الإسبانية من جديد.
ريال بيتيس هو الآخر عاش أياماً صعبة، بعد اللعب في الدوري الأوروبي ورحيل كيكي سيتيين، تراجع مركز الفريق كثيراً في الليجا، لينهي الموسم الماضي في المركز 15، بفارق نحو 5 نقاط فقط عن مراكز الهبوط، لتشتعل الأوضاع داخل النادي بعد جائحة كورونا، ويقرر الطرفان رسم علاقة جديدة بينهما، بليجريني من جهة لعودته من جديد إلى الليجا، وبيتيس على الطرف الآخر في محاولة لإعادة جزء من الأمجاد القديمة واستعادة الأيام الخوالي.
يقول مانويل بليجريني في مقابلة قديمة للتعريف بنفسه وأسلوب لعبه: “فلسفتي مبنية علي التعامل مع الكرة كأولوية، أحب امتلاك لاعبين لديهم قدرات تقنية كبيرة، ولا أعترف بالرقابة الفردية واللعب العنيف، لكن علي الفريق الجيد أن يلعب كرة قدم ويعبر عن قدراته، لتكون الرسالة النهائية عبارة عن مزيج من الفن اللاتيني مع العقل الاوروبي”.
هي تصريحات نقلتها نصاً منذ عدة سنوات، وقت تولي بليجريني تدريب مانشستر سيتي. والمعلومة التي لا يعرفها الكثيرون بأن مانويل قرر دراسة الهندسة المدنية في وقت سابق، لذلك عرف في بلاده تشيلي بأنه المعماري الذي اقتحم مجال كرة القدم وانتقل سريعاً إلى أوروبا عبر الغواصات الصفراء “فياريال”، ليقود الفريق نحو مجد لا ينسى، بعد وصوله إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2006، رفقة الساحر الأرجنتيني الكسول خوان رومان ريكلمي.
دوام الحال من المحال، ربما تلخص هذه العبارة البسيطة جداً حال مانويل بليجريني، الرجل الذي طرق أبواب الشهرة سريعاً، بتدريبه فياريال ثم ريال مدريد، وبعدها ملجا فمانشستر سيتي، ليحقق نجاحات مهمة على الصعيدين المحلي والقاري، ويصبح أحد أشهر المدربين في أوروبا، حتى رحيله عن قيادة السيتي في 2016، وتحول مسيرته بشكل دراماتيكي، حتى عودته إلى الكرة الإسبانية من جديد.
ريال بيتيس هو الآخر عاش أياماً صعبة، بعد اللعب في الدوري الأوروبي ورحيل كيكي سيتيين، تراجع مركز الفريق كثيراً في الليجا، لينهي الموسم الماضي في المركز 15، بفارق نحو 5 نقاط فقط عن مراكز الهبوط، لتشتعل الأوضاع داخل النادي بعد جائحة كورونا، ويقرر الطرفان رسم علاقة جديدة بينهما، بليجريني من جهة لعودته من جديد إلى الليجا، وبيتيس على الطرف الآخر في محاولة لإعادة جزء من الأمجاد القديمة واستعادة الأيام الخوالي.
المهندس اللاتيني
يقول مانويل بليجريني في مقابلة قديمة للتعريف بنفسه وأسلوب لعبه: “فلسفتي مبنية علي التعامل مع الكرة كأولوية، أحب امتلاك لاعبين لديهم قدرات تقنية كبيرة، ولا أعترف بالرقابة الفردية واللعب العنيف، لكن علي الفريق الجيد أن يلعب كرة قدم ويعبر عن قدراته، لتكون الرسالة النهائية عبارة عن مزيج من الفن اللاتيني مع العقل الاوروبي”.
هي تصريحات نقلتها نصاً منذ عدة سنوات، وقت تولي بليجريني تدريب مانشستر سيتي. والمعلومة التي لا يعرفها الكثيرون بأن مانويل قرر دراسة الهندسة المدنية في وقت سابق، لذلك عرف في بلاده تشيلي بأنه المعماري الذي اقتحم مجال كرة القدم وانتقل سريعاً إلى أوروبا عبر الغواصات الصفراء “فياريال”، ليقود الفريق نحو مجد لا ينسى، بعد وصوله إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2006، رفقة الساحر الأرجنتيني الكسول خوان رومان ريكلمي.
ولد كبيراً، هكذا يمكن وصف مسيرة بليجريني، الرجل الذي بدأ التدريب من بوابة نادي أونيفرسيداد دي تشيلي، أحد أعرق وأكبر أندية تشيلي، لينتقل بعدها لقيادة بالستينو، فريق آخر كبير هناك، ثم بعض الفرق المحلية حتى انتقاله إلى الإكوادور، لقيادة عملاقها إل. دي. يو. كيتو، ومنها إلى الأرجنتين لتولي منصب المدير الفني لفريق سان لورينزو ثم ريفر بليت.
في رحلته بأمريكا الجنوبية، حقق مانويل عدة ألقاب في شيلي، إكوادور، والأرجنتين، مما جعله أحد الأسماء المرشحة لتدريب أحد منتخبات القارة المعزولة، لكنه اختار الهجرة نحو أوروبا، ليدرب فياريال لمدة 5 سنوات من 2004 حتى 2009، ويصنع طفرة عملاقة مع هذا الفريق الصغير، ليحقق معهم لقب الإنترتوتو الأوروبي لعام 2004، ونصف نهائي الشامبيونزليج، ومراكز متقدمة في الدوري، حتى قرر فلورنتينو بيريز دفع الشرط الجزائي في عقده، والبالغ نحو 4 مليون يورو، من أجل تدريب النادي الملكي ريال مدريد.
أيام الصعود والهبوط
لم ينجح بليجريني في مدريد لكنه لم يفشل أبداً بالطريقة التي تجعله يرحل بعد موسم واحد فقط. صحيح أنه فشل في حل عقدة الريال حينها بعبور دور الـ16 في دوري أبطال أوروبا، إلا أنه نافس فريق بارسا جوارديولا الرهيب وقتها، وخسر بطولة الدوري بفارق بسيط من النقاط في آخر أسبوع فقط، إلا أن هذا الأمر لم يشفع أبداً لاستمراره، ليرحل ويأتي جوزيه مورينيو كما يعرف الجميع.
يلخص المهندس مسيرته مع الميرينجي بهذه المقولة الخالدة: “لقد قاموا بشراء أفضل اللاعبين، لكن ليس بالضرورة أن يكون هؤلاء هم النوعية التي يحتاجها الفريق. من الممكن أن تضم أوركسترا بها 10 عازفين جيتار، لكن عازف البيانو غير موجود، هل ستنجح المقطوعة الموسيقية في هذه اللحظة؟”
لا كلام يذكر بعد هذه المقولة التي تؤكد إضافة عدد كبير من النجوم لكن دون رابط واضح وصريح، وفترة كافية لإثبات طريقة اللعب وخلافه. وأثبت بليجريني أنه قادر على النجاح مع فريق ملجا، بتواجده في المركز الرابع بالدوري خلال موسم 2011-2012، وتحقيقه نجاحات مهمة خاصة في دوري أبطال أوروبا لموسم 2012-2013، بعد وصول النادي الإسباني المتواضع إلى ربع نهائي المسابقة، واقترابه من الصعود لولا عودة بروسيا دورتموند بمساعدة تحكيمية صريحة “كما قال مانويل فيما بعد”،
لذلك رحل المدرب متجهاً إلى مانشستر سيتي، ليفوز سريعاً بلقب البريمرليج ويصنع فترة رائعة في موسمه الأول، قبل أن تنقلب الأمور بشكل سيء في الموسمين الأخيرين، ليخسر بطولة الدوري مرتين ويحصل على المركز الرابع في موسم 2015-2016، وبعدها جاء بيب جوارديولا.
هنا تحولت مسيرة المدرب بطريقة غير متوقعة، الصين ثم وست هام يونايتد دون أي نجاحات تذكر، وهي نفس الحالة التي عصفت بريال بيتيس أيضاً، النادي الذي أحرج الكبار وحصل على المركز السادس في الليجا خلال موسم 2017-2018، بطريقة لعب جمالية وأسلوب رائع نال استحسان الغالبية، وبعدها تراجع الحال ليتواجد في المركز العاشر، ثم المركز 15 بالموسم الماضي، ليقرر الرهان على بليجريني فقط.
تكتيك 4-4-2
لم يخترع مانويل بليجريني طريقة لعب 4-4-2 بكل تأكيد، لكنه أحد المدربين الذين طوروا هذا الرسم الخططي، وراهنوا على ما يعرف بالـ 4-4-2 Double6، أو رسم 4-2-2-2. يمكن القول أن 4-4-2 الكلاسيكية اعتمدت علي ثلاثة خطوط مباشرة وصريحة، رباعي دفاعي ثم رباعي في الوسط وأخيراً ثنائي هجومي، لكن 4-4-2 بليجريني تتحول الي ما يشبه 4-2-2-2 كما حدث رفقة فياريال على سبيل المثال.
لعب بليجريني في آخر أيامه مع فياريال بهذا الرسم، لورينتي مهاجم صريح بالأمام وخلفه روسي كمهاجم متحرك، ثنائي هجومي غير ثابت بالمرة. والوسط يبدأ بثنائي محوري في العمق، مع ثنائي آخر أقرب إلى الأجنحة الداخلية أو الـ “Interiores” على الطريقة الإسبانية، مثل روبين كاني وروبرت بيريس، وبالخلف رباعي دفاعي صريح وحارس مرمى.

الجناح الداخلي كان أساس خطة بليجريني في رسم 4-4-2 باستمرار، أي اللاعب الذي يتحرك بين العمق والخط الجانبي، ويلعب في أكثر من مركز بالوسط وعلى الطرف، وكأنه نصف صانع لعب في العمق ونصف جناح صريح على الخط، من أجل الكثافة العددية والسرعة أثناء التحولات. ومن قبل ذلك في 2006، لعب بليجريني بالثنائي ريكلمي وسورين كأجنحة داخلية في خطة مباراة أرسنال بالأبطال، وفي المقدمة كل من فرانكو وفورلان، وبالارتكاز ثنائية خوسيكو مورينو وماركوس سينا.
في ملجا، تحول المدرب من 4-4-2 إلى 4-2-3-1، إيسكو وخواكين على الأطراف وفي العمق بابيتستا، وبالمقدمة سافيولا، وخلفهم إيتورا/ كاماتشو وتولالا، مع وجود بعض البدائل مثل دودا وإيليسيو وآخرين، ليقدم الفريق الأندلسي فترة رائعة محلياً وأوروبياً، ويستعيد خواكين بريقه من جديد، مع تألق لافت للشاب حينها إيسكو، رفقة كماتشو ودودا وبقية عناصر الفريق.

ومع بيتيس هذا الموسم، قرر بليجريني الاستعانة بتجربتي فياريال وملجا بالأخص، لتشابه وضع الفريقين سابقاً مع ريال بيتيس حالياً، وحاجته إلى البناء من جديد بعيداً عن الضغوطات وخلافه، ليقرر اللعب بأكثر من خطة، سواء 4-3-3 أو 4-1-4-1 أو حتى 4-4-2، حتى استقر به الحال في المباريات الأخيرة بالاعتماد فقط وحصرياً على رسم 4-2-3-1.

بيتيس.. عين على الدوري الأوروبي
4-2-3-1 كانت الأساس بالنسبة لريال بيتيس هذا الموسم، مع ثنائي محوري هما رودرجيز وجواردادو في الأغلب، أمامهما الثلاثي كاناليس، نبيل فقير، وخواكين سانشيز، وبالمقدمة مورون أو بورخا إجليسياس، وبالخلف الرباعي إيمرسون، ماندي، رويز، ومورينو، وفي الحراسة روبليس/ برافو.

يركز بيتيس مع بيليجريني في هجومه على الأطراف بشكل واضح، من اليمين عن طريق انطلاقات الظهير القوي بدنياً إيمرسون، وفي اليسار ثنائية كاناليس ومورينو. وكعادة المهندس الشيلي، فإنه يركز باستمرار في لعبه على الأجنحة الداخلية، ليعيد كاناليس اكتشاف نفسه هذا الموسم مع بيتيس، حيث قام بدور صانع اللعب بالتبادل مع نبيل فقير، وفي نفس الوقت الجناح على اليسار.
ويتميز الفريق الأندلسي أيضاً هذا الموسم بقوته في الكرات الثابتة وألعاب الهواء، حيث سجل الفريق 10 أهداف من ركنيات وكرات ثابتة “بعيداً عن ركلات الجزاء”، بالإضافة إلى حدة اللياقة البدنية للاعبيه، بتسجيلهم 13 هدفاً في الليجا خلال آخر 15 دقيقة من المباريات، أي في الدقيقة 76 وما بعدها، في دلالة واضحة على قدرتهم التهديفية خلال مراحل الحسم.
ويطبق الفريق أيضاً الضغط بقوة من خلال تواجد مهاجم متحرك غير ثابت بالأمام، سواء إيجلسياس أو أي لاعب آخر، مع تقدم فقير للأمام وكأنه مهاجم إضافي، لتتحول الخطة إلى ما يشبه 4-4-2 أثناء الضغط، مع العودة إلى المناطق الدفاعية من دون الكرة واللعب بدفاع متوسط أقرب إلى 4-5-1 بالقرب من نصف ملعبهم.
ورغم الإيجابيات الكبيرة لريال بيتيس هذا الموسم مع مانويل، إلا أن الفريق يرتكب هفوات قاتلة بالدفاع أيضاً، من خلال كثرة الأخطاء الفردية ووجود مساحات أسفل الأطراف أثناء التحولات السريعة، لذلك استقبل الفريق 41 هدفاً حتى الآن مع تسجيله 38 في 28 مباراة بالبطولة المحلية.


ويمكن القول أن الفريق تطور بوضوح مع بليجريني، مع تألق كاناليس الذي سجل 7 أهداف وصنع 6 أسيست في الدوري، كذلك إيجلسياس الذي سجل 6 أهداف، ونبيل فقير الذي سجل 3 أهداف وصنع 5، بالإضافة إلى تميز العناصر البديلة مثل كريستيان تيو الذي سجل 4 أهداف وصنع 3، جنباً لجنب مع قوة العناصر الدفاعية هجومياً مثل الجزائري عيسى ماندي الذي سجل 3 أهداف، بالإضافة إلى الظهير الأيمن إيمرسون الذي صنع 4 أسيست وسجل هدفاً، مما يؤكد كثرة العناصر المؤثرة في التشكيلة الأساسية وحتى البديلة.

إجمالاً، يتواجد ريال بيتيس بالمركز السادس في الدوري برصيد 45 نقطة وبفارق الأهداف فقط خلف ريال سوسيداد السادس، والتصور أصبح واضحاً وصريحاً بأن بليجريني سيحاول جاهداً الظفر بالمركز الخامس هذا الموسم، حتى يصبح بطل النصف الآخر من بطولة الليجا، باعتبار أن الرباعي المتصدر هم الأقرب للوصول إلى دوري أبطال أوروبا، مما يعني أن الدوري الأوروبي سيكون الهدف الرئيسي للنادي الأندلسي رفقة مدربه صاحب الخبرات العريضة والتاريخ الذي لا ينسى داخل إسبانيا وخارجها.