هل تعرف مثلث برمودا؟ بالتأكيد سيقول الجميع بأنها منطقة جغرافية أشبه بالمثلث، قيل عنها أنها أخفت عدد كبير من السفن في عصور قديمة، ورد البعض الآخر بأن هذا الأمر مبالغ فيه، وأن حوادث الاختفاء والغرق في هذه المنطقة مثل غيرها، لكن كل هذا لن يفرق معنا بالتأكيد، لأننا في حضرة مثلث برمودا من نوع آخر، مثلث كروي بحت، يبدأ بالبرازيلي كاسيميرو، وأوسطه الألماني توني كروس، ونهايته الكرواتي لوكا مودريتش.
إنه الثلاثي الذي يشارك أساسياً مع ريال مدريد منذ بداية عام 2016 وحتى الآن “معاً”، وحقق مع الفريق عدد كبير من البطولات تحت قيادة زيدان، الذي عاد من جديد في ولايته الثانية، ليعتقد البعض بأنه سيصنع فريقاً من الشبان، إلا أنه فاجىء الجميع وواصل اعتماده على الحرس القديم، دون أي مساس بهذا الثلاثي بالأخص، ليرحل يورينتي، خاميس رودريجيز، كوفاسيتش، أوديجارد، وغيرهم، وحتى فالفيردي نفسه يشارك أساسياً بشكل منتظم، لكن عندما يجبر زيدان على اختيار ثلاثي فقط لمباراة مصيرية، فإنه يستبعده من أجل نفس الثلاثي الذي ابتلع الجميع، وظل بمفرده كعنصر رئيسي وحجر أساس في طريقة لعب الملكي مع مدربه الفرنسي.
كاسيميرو، برازيلي لا يشق له غبار، يركض بكل ما لديه من قوة، ويلعب في أعلى المستويات منذ عدة سنوات دون توقف. إنه اللاعب الذي يُمثل صمام الأمان بالنسبة للفريق، وحجر الأساس الذي تنتهي عنده كل هجمات الفريق المنافس، مع قدرته على تثبيت أقدام النجوم هجومياً، بالتغطية الفعالة والقيام بالشق الدفاعي الكامل، لذلك ينطلق الأسماء الكبيرة في الثلث الهجومي بحرية دون رقابة، بسبب وجود من يحمي ظهرهم بالخلف، أو ما يعرف خططياً باسم الـ “الأنكور مان” Anchor man.
في لغتنا، هذا التشبيه يعرف بالمرساة الخاصة بالسفن، أي الأداة التي تصنع من المعدن وتستخدم في تثبيت السفينة في قاع المياة في نقطة محددة. وإذا حولنا هذا المعنى كروياً، فإننا نتحدث عن لاعبي الارتكاز بالمركز 6، وليس أي نوعية من هؤلاء، بل الأقوياء بدنياً، والمميزين أكثر في العرقلة، الافتكاك، الضرب المشروع، وارتكاب الفاولات التكتيكية، وكاسيميرو أحد أشهر هؤلاء، إذا لم يكن الأشهر بالسنوات الأخيرة.
هل تعرف مثلث برمودا؟ بالتأكيد سيقول الجميع بأنها منطقة جغرافية أشبه بالمثلث، قيل عنها أنها أخفت عدد كبير من السفن في عصور قديمة، ورد البعض الآخر بأن هذا الأمر مبالغ فيه، وأن حوادث الاختفاء والغرق في هذه المنطقة مثل غيرها، لكن كل هذا لن يفرق معنا بالتأكيد، لأننا في حضرة مثلث برمودا من نوع آخر، مثلث كروي بحت، يبدأ بالبرازيلي كاسيميرو، وأوسطه الألماني توني كروس، ونهايته الكرواتي لوكا مودريتش.
إنه الثلاثي الذي يشارك أساسياً مع ريال مدريد منذ بداية عام 2016 وحتى الآن “معاً”، وحقق مع الفريق عدد كبير من البطولات تحت قيادة زيدان، الذي عاد من جديد في ولايته الثانية، ليعتقد البعض بأنه سيصنع فريقاً من الشبان، إلا أنه فاجىء الجميع وواصل اعتماده على الحرس القديم، دون أي مساس بهذا الثلاثي بالأخص، ليرحل يورينتي، خاميس رودريجيز، كوفاسيتش، أوديجارد، وغيرهم، وحتى فالفيردي نفسه يشارك أساسياً بشكل منتظم، لكن عندما يجبر زيدان على اختيار ثلاثي فقط لمباراة مصيرية، فإنه يستبعده من أجل نفس الثلاثي الذي ابتلع الجميع، وظل بمفرده كعنصر رئيسي وحجر أساس في طريقة لعب الملكي مع مدربه الفرنسي.

– كاسيميرو.. الأنكور مان الهداف
كاسيميرو، برازيلي لا يشق له غبار، يركض بكل ما لديه من قوة، ويلعب في أعلى المستويات منذ عدة سنوات دون توقف. إنه اللاعب الذي يُمثل صمام الأمان بالنسبة للفريق، وحجر الأساس الذي تنتهي عنده كل هجمات الفريق المنافس، مع قدرته على تثبيت أقدام النجوم هجومياً، بالتغطية الفعالة والقيام بالشق الدفاعي الكامل، لذلك ينطلق الأسماء الكبيرة في الثلث الهجومي بحرية دون رقابة، بسبب وجود من يحمي ظهرهم بالخلف، أو ما يعرف خططياً باسم الـ “الأنكور مان” Anchor man.
في لغتنا، هذا التشبيه يعرف بالمرساة الخاصة بالسفن، أي الأداة التي تصنع من المعدن وتستخدم في تثبيت السفينة في قاع المياة في نقطة محددة. وإذا حولنا هذا المعنى كروياً، فإننا نتحدث عن لاعبي الارتكاز بالمركز 6، وليس أي نوعية من هؤلاء، بل الأقوياء بدنياً، والمميزين أكثر في العرقلة، الافتكاك، الضرب المشروع، وارتكاب الفاولات التكتيكية، وكاسيميرو أحد أشهر هؤلاء، إذا لم يكن الأشهر بالسنوات الأخيرة.
“بيريز يؤمن فقط بالمهاجمين، في يوم من الأيام، طلبت منه تشكيلته المثالية. وضع بيكهام في مركز الظهير الأيمن، وزيدان في قلب الدفاع، لأنه كان يملك العديد من الأسماء في وسط الملعب”. هكذا قال أريجو ساكي عن فلورنتينو بيريز في وقت سابق. الرئيس الذي اشترى الطلاء ونسى تركيب المحرك، في دلالة على ضم أكبر كم من النجوم حول العالم، وترك ميكاليلي يرحل مأسوفاً عليه، ليتم تدمير “الجلاكتيكوس” بالكامل، ويرحل فلورنتينو قبل عودته من جديد لصناعة الأمجاد الأوروبية مع الملكي.
تعلم زيدان الدرس بعد رحيل صديقه القديم ميكاليلي، ليعتمد بشكل كبير على كاسيميرو. الارتكاز الدفاعي في خطة 4-3-3، يقطع الكرات ويقلل من هجمات الخصوم، يعود كثيراً للتغطية خلف تقدم الأظهرة، ويعطي زملائه أريحية أكبر في التقدم إلى الهجوم. إنه أشبه بكاسحة الألغام، خلال الفترة ما بين 2016 إلى 2018، حيث كان يعتمد حينها الريال على صعود الأظهرة “تطيير الباكات” مع ثنائية كارفخال ومارسيلو، رفقة تواجد عدد من المهاجمين داخل الصندوق وخارجه “إيسكو، رونالدو، وبنزيما”، مع صعود مودريتش للدعم أيضاً، لذلك كان يحتاج الفريق إلى لاعب ارتكاز يقطع الماء والهواء خلف كل هؤلاء، ويرتكب المخالفات التكتيكية التي تمنع التحولات السريعة للخصم، ولم يكن هناك أفضل من كاسيميرو في هذا المجال.

تبدو عملية اللعب تحت الضغط والحيازة في المناطق الضيقة هي السمات الأضعف لكاسيميرو، ظهر ذلك بوضوح خلال مباراة السيتي وريال مدريد في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا 2020، عندما نجح بيب جوارديولا في اللعب على كاسيميرو، منعه من الاستلام بحرية، وتطبيق الضغط العكسي على دفاع وارتكاز الريال، ليحصل على ما يريد وتنجح عملية “الكونتر بريسينج” في أظهار العيوب القاتلة في طريقة لعب البرازيلي، لكن مع كل هذا، لا يزال هذا اللاعب أحد أهم أوراق الريال في 2021، لعدة أسباب سنذكرها في القادم.
افتقد الريال جزءا ًكبيراً من قوته الهجومية بعد رحيل رونالدو، خاصة مع كثرة إصابات البلجيكي هازارد، وعدم تأقلم جاريث بيل ثم رحيله، وابتعاد أسينسيو عن مستواه المعهود في كثير من المباريات، بالإضافة إلى صغر سن رودريجو وفينسيوس، وعودة يوفيتش إلى فرانكفورت من جديد، لذلك بات هجوم الريال بشكل أساسي يعتمد على كريم بنزيما. الفرنسي يسجل فإن الريال يفوز في المباريات المعقدة، الفرنسي لا يسجل فإن الريال قد يفقد النقاط خاصة في الليجا، وهنا تضاعفت قيمة كاسيميرو، وأصبح يتحكم أيضاً في هجوم فريقه وليس الدفاع فقط.
في مباريات الريال الأخيرة، كلما غاب بنزيما أو تراجع مردوده، فإن كاسيميرو هو الحل، سواء بتميزه في العرضيات والركنيات، استغلال ألعاب الهواء وترجمة العرضيات إلى فرص وأهداف، أو قيامه بدور المهاجم الإضافي داخل منطقة الجزاء بالتبادل مع بنزيما، على طريقة رونالدو سابقاً، ليدخل البرازيلي ويستخدم قوته البدنية من أجل الحجز والحصول على الفراغ المطلوب، لذلك يخرج من مناطقه الدفاعية وينطلق للهجوم، للتسجيل وتعويض النقص الهجومي في تكتيك الريال.
كاسيميرو كان محظوظاً لأنه جاء في الولاية الناضجة لبيريز، بعد أن آمن بأهمية المدافعين ولاعبي الارتكاز، جنباً لجنب مع المهاجمين وصناع اللعب. والبرازيلي تضاعف حظه عند قدوم زين الدين زيدان في 2016. صحيح أن اللاعب كان يشارك باستمرار مع رافا بينيتيز قبل إقالته، إلا أنه حصل على الحماية الإعلامية والجماهيرية بعد قدوم زيزو، لأنه وثق به ودعمه وجعله اللاعب الأول في التشكيلة، ليبني خلفه نظام تكتيكي ناجح في المباريات الكبيرة، رفقة الثنائي الآخر توني كروس ولوكا مودريتش.
– توني كروس.. رمانة الميزان
يمكن القول أن مباريات ريال مدريد تسير دوماً وفق إيقاع كروس، إنه أحد أهم اللاعبين في النادي لأنه يدير الكرة والإيقاع الذي نلعب به، إذا أراد توني اللعب ببطء، فإننا نلعب ببطء، إذا كان يريد منا أن نلعب بشكل أسرع، فإننا نلعب بشكل أسرع، نحن نلعب بطريقة كروس. هذه المقولة ذكرها كاسيميرو في وقت سابق لتخلص قيمة توني كروس الكبيرة، اللاعب المميز جداً في منطقة الوسط، والذي يقوم بمهام عديدة لا تتعلق فقط بالهدف أو الأسيست.
يعرف منافسو الريال أن كاسيميرو ضعيف تحت الضغط، لذلك يقترب منه كثيراً توني كروس، من أجل الخروج بالكرة من الخلف إلى الأمام، واستخدام مهارته الخاصة في لعب الكرات الطولية والقطرية تجاه لاعبي الهجوم مباشرة. كذلك يعتبر الألماني مهندس عملية الهجوم اليساري في ريال مدريد خلال وقت سابق، أيام فترة تألق راموس، إيسكو، وبنزيما بين 2017 إلى 2018، حيث كان كروس هو البادىء للهجمات رفقة سيرجيو راموس.

يبدأ الريال بتدوير سريع للكرات عند راموس، مروراً بتوني كروس، الذي يتحكم في شكل الهجمة، سواء بلعب تمريرة قصيرة تجاه مارسيلو أو مودريتش، لسحب دفاعات الخصم وتقليل قوة الضغط، أو ضرب المنافس سريعاً بكرة طولية مباشرة تجاه إيسكو، الذي يبدأ في الربط سريعاً مع بنزيما ورونالدو داخل منطقة الجزاء، كما حدث خلال مباريات عديدة في دوري أبطال أوروبا.
يمتاز لاعب الوسط بالقدرة على التمرير من اللمسة الأولى، مع إدراكه التام بأن وقوفه في المكان الصحيح، لذلك يركز على عاملي التوقيت والمسافة عند التمرير، وكأنه يسبق غيره بخطوة إلى خطوتين. بدأ مسيرته كلاعب رقم 10 صريح مع بايرن، لكنه عاد خطوتين ثلاثة للخلف مع ريال مدريد، ليصبح ارتكاز مساند بجوار مودريتش، ثم همزة الوصل بين مودريتش وكاسميرو خلال رسم 4-3-3، الذي أجاده الفريق منذ الولاية الأولى لزيدان حتى الفترة الحالية.

كاسيميرو بالخلف، على يمينه مودريتش وعلى يساره كروس، الذي يربط مع لاعبي الأظهرة والأجنحة، وفي نفس الوقت يقترب من خط الدفاع للأمان، وينطلق هجومياً عند الاستحواذ من أجل التسديد أو لعب الكرات البينية، وفوق كل ذلك يتألق بشكل شبه مستمر في المباريات الكبيرة، كما حدث ضد برشلونة على سبيل المثال بالموسم الماضي، عندما لعب تمريرة الهدف الأول لفينسيوس جونيور خلف دفاعات المنافس في وقت قاتل بالكلاسيكو.
ينجح كروس في كل مراكز المنتصف، اللاعب الكبير ليس في حاجة إلى التصنيف، لكنه في أمس الحاجة إلى عامل الوقت، حتى يحدث التوازن والتعاون مع زملائه وبقية اللاعبين. إذا كان ريال مدريد أشبه بالسيارة، فإن كاسيميرو هو المحرك بقوته، وتوني كروس أشبه بناقل الحركة أو الـ “فتيس”، الذي يحدد متى يبدأ الغيار الأول ثم الثاني وبعده الثالث، أين يجب أن نسرع وكيف يمكن أن نبطىء حتى لا تحدث مشكلة، هكذا يكون دور الألماني داخل الملعب، ألا وهو التحكم في نسق اللعب بالتفصيل دفاعاً وهجوماً، ومع كاسيميرو وكروس، فإن مودريتش أقرب إلى زيت المحرك والسيارة بالكامل، من خلال إعطاء عنصر الحيوية والمرونة أثناء التحول من الثبات إلى السرعة.
– لوكا مودريتش.. قائد المنتصف
يقول جوناثان ويلسون عن صناع اللعب في كتابه “قلب الهرم”: إنه المركز الأكثر تعقيدا في اللعبة، ووفقا لقوانين الكرة، يعتبر خوان رومان ريكلمي هو الكلاسيكي الأخير في صناعة الأهداف، لأنه يلعب وفق شخصيته الخاصة، ولا يعود كثيرا للدفاع، وبالتالي الأرجنتيني خارج عن أي تصنيف، لأنه يمارس الرياضة من منظوره هو فقط، دون الحاجة إلى تعقيدات أخرى. مودريتش هو اللاعب المقابل لريكلمي، لأنه صانع لعب متعدد الاستخدامات، يمرر من الخلف، يعود إلى الدفاع، يتحول إلى ارتكاز صريح في بعض المباريات، ويصعد إلى قلب الهجوم في مباريات أخرى”.
هكذا قال ويلسون في الكتاب أحد أفضل تحليلاته وتعريفاته، لأن مودريتش نموذج حقيقي للاعب الوسط المتكامل في كرة القدم، يدافع ويهاجم، يركض ويضرب ويحصل على الأخطاء، يمرر ويصنع ويسجل، يلعب في العمق وعلى الأطراف، يمكنه القيام بدور لاعب الوسط المساند وصانع اللعب ولاعب الارتكاز الهجومي، كل ذلك حدث بالنص خلال مسيرته التاريخية مع ريال مدريد طوال السنوات السابقة.

هو تعريف حقيقي لمقولة “الذهب لا يصدأ”، لأنه فعلياً انخفض مردوده اللياقي ولم يعد قادراً على اللعب بوتيرة واحدة طوال الموسم، لكنه يجيد بشدة كلما احتاجه الفريق، خاصة في تقديم الإضافة الهجومية ولعب دور همزة الوصل بين الوسط والهجوم، وكأنه أقرب إلى “الدليفري مان”، الذي يجعل كروس وزملائه على مقربة من بنزيما ورفاقه بالثلث الهجومي الأخير من الملعب.
من أهم مزايا لوكا تكتيكياً هي قدرته على قلب اللعب أو فيما يعرف بالـ “Switching play”، أي نقل الهجمة من جهة لأخرى بشكل مفاجيء، وهذا يفيد الريال كثيراً عند تقدم أظهرته، حيث يبدأ الوسط في تضييق الملعب وجعل اللعب في العمق أكثر، ثم ينهي مودريتش كل ذلك بكرة غير متوقعة في المساحة الفارغة، أملاً في الوصول إلى اللاعب الثالث الهارب من الرقابة أسفل الأطراف.
يصفه بارني روناي في “جارديان”بأنه طفل صغير يرتدي زي الساحرة، يركض بالكرة بشكل طبيعي، حتى تشعر أنه لا يجيد التحرك من دونها في حياته الطبيعية. وفي فترات سابقة كان يقوم الكرواتي بدور كبير في الضغط وقطع الكرات والقيام بدور المدافع المتقدم، لكن مؤخراً أصبح يلعب أكثر كوسط ثالث أو حتى لاعب هجومي صريح، مع ميزته في لعب العرضيات والبينيات، بالإضافة إلى تسديداته بعيدة المدى، ليظل كأحد أهم لاعبي الميرينجي رغم كبر سنه.