تنويه .. كاتب الكلمات التالية لا يهدف إلا لرصد حقبة زمنية معينة من تاريخ نادٍ كبير، بالتالي أي إسقاط عشوائي من كلماته على الواقع الحالي هو من خيال القارىْ، اتفقنا؟.. لنبدأ الرحلة
يعلن الزمالك تعيين خالد جلال مديراً فنياً للفريق بديلاً لسلفه المصري إيهاب جلال.
قبل ذلك اليوم كان كل شئ في الزمالك يسير للأسوأ ، لم يكن فريقاً بعيداً عن المنافسة على لقب الدوري فحسب، بل لثاني موسم على التوالي لم يكن حتى موجوداً في المركز الثاني المؤهل لدوري أبطال أفريقيا.
كان إيهاب جلال في الأساس المدير الفني المصري الثاني من خارج أبناء الزمالك الذي يدرب الفريق بعد محمود الجوهري. ومع الفارق الهائل في الاسم والانجازات، كان إيهاب جلال بمثابة ورقة أخيرة يراوغ بها مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك في محاولة لإنقاذ فريق على حافة الانهيار.
تنويه .. كاتب الكلمات التالية لا يهدف إلا لرصد حقبة زمنية معينة من تاريخ نادٍ كبير، بالتالي أي إسقاط عشوائي من كلماته على الواقع الحالي هو من خيال القارىْ، اتفقنا؟.. لنبدأ الرحلة
منتصف أبريل 2018
يعلن الزمالك تعيين خالد جلال مديراً فنياً للفريق بديلاً لسلفه المصري إيهاب جلال.
قبل ذلك اليوم كان كل شئ في الزمالك يسير للأسوأ ، لم يكن فريقاً بعيداً عن المنافسة على لقب الدوري فحسب، بل لثاني موسم على التوالي لم يكن حتى موجوداً في المركز الثاني المؤهل لدوري أبطال أفريقيا.
كان إيهاب جلال في الأساس المدير الفني المصري الثاني من خارج أبناء الزمالك الذي يدرب الفريق بعد محمود الجوهري. ومع الفارق الهائل في الاسم والانجازات، كان إيهاب جلال بمثابة ورقة أخيرة يراوغ بها مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك في محاولة لإنقاذ فريق على حافة الانهيار.
تجربة إيهاب جلال والتي واجهت اعتراضاً شديداً من أبناء الزمالك نفسهم فشلت فشل لا يليق به مجرد لقب “ذريع”، الخسارة من ولايتا ديتشا الإثيوبي في دور الـ 32 من الكونفدرالية الأفريقية كانت بمثابة الصدمة التي هزت الفريق كواحدة من أسوأ هزائم الزمالك تاريخياً. سبقتها هزيمة من الأهلي مع فيديو ساخر للاعبي الأهلي يتهكمون على محاولة الزمالك البائسة للتدرج بالكرة من الخلف للأمام في الديربي كانت عنواناً عريضاً لتجربة لم يكتب لها النجاح قبل أن تبدأ.
حضر خالد جلال ولم يكن أحد يتوقع منه أي شيء على الإطلاق سوى محاولة لإنهاء الدوري بأي شكل كان – الزمالك أنهاه في المركز الرابع فيما بعد – ثم تسليم الراية لمدرب جديد في الموسم المقبل، كأس العالم كان على الأبواب على أية حال وبعض من الهدوء كان سيخيم على كل أرجاء العالم خارج حدود روسيا.
فاجأ خالد جلال الجميع بالفوز على الأهلي في الديربي وبدأ سلسلة غريبة من ” تأثير الدومينو ” في الزمالك وفي الأهلي، الأهلي ودع كأس مصر أمام الأسيوطي، النادي الذي سيطارده لاحقاً تحت مسمى بيراميدز، ثم انفصل عن مدربه حسام البدري بعد هزيمة في أوغندا أمام كمبالا سيتي.
لعب الزمالك كأس مصر بشكل ممتاز فاز فيه على الانتاج الحربي ثم اكتسح الاسماعيلي قبل أن يفوز على سموحة في النهائي ويتأهل للكونفدرالية.
كان هنا القرار الصعب على إدارة الزمالك هل تعين مدير فني أجنبي جديد أم تستمر مع خالد جلال الذي قاد الفريق بنجاح في فترة انتقالية صعبة ؟
في تلك الأثناء حدث الخلاف الشهير بين تركي أل الشيخ والأهلي، بعدها بدأ نادي بيراميدز في الظهور على الساحة، ظهور أثر على وفي الجميع، الزمالك والأهلي والأسيوطي.. والدوري المصري بأكمله.
أبرم بيراميدز صفقة تبادلية مع الزمالك انتقل بموجبها فرجاني ساسي إلى الفريق في مقابل رحيل احمد الشناوي وعلي جبر وأحمد توفيق لبيراميدز، الصفقة التي كان من ضمنها تكفل آل الشيخ براتب المدير الفني الأجنبي الجديد وهنا ظهر اسم كريستيان جروس على الساحة.
لماذا كريستيان جروس كان الخيار الأنسب للزمالك حتى لو لعبت الصدفة دوراً في ذلك؟
قد تعتقد أن نادي بازل هو أكبر أندية سويسرا، بالفعل هو كذلك الآن لكن في نهاية التسعينات وبداية الألفية الجديدة لم يكن الوضع كذلك على الإطلاق.
كريستيان جروس تولى تدريب نادي بازل في نهاية التسعينات وكان الفريق مبتعداً تماماً عن البطولات بل كان قد هبط إلى غياهب الدرجة الثانية.
في سنة 2002 أعاده جروس للتتويج بلقب الدوري وكان الدوري الأول للنادي السويسري منذ 22 عاماً، في نفس العام فاز بالكأس وكان الكأس الأول منذ 26 عاماً.
10 سنوات قضاها جروس مع بازل أعاد إحياء أمجاد النادي وفاز معه بأربعة بطولات للدوري ومثلها في الكأس وبدأ الفريق يظهر أوروبياً.
في السعودية لم يكن أهلي جدة قد توج بلقب الدوري منذ 33 عاما ، جاء جروس وفاز مع الفريق بثنائية الدوري و الكأس.
إذا أنت أمام مدرب يجيد إعادة الفرق الكبيرة لمنصات التتويج بعد غياب طويل وهذا كان وضع الزمالك تحديداً والذي غاب عن المنافسة على الدوري في 3 مواسم متتالية وعن أي تتويج قاري منذ أكثر من 15 عام وقت تولي جروس التدريب.
إذاً قد تكون الصدفة لعبت دوراً في تولي السويسري تدريب الزمالك ولكنه كان نموذج المدرب الأمثل لحالة الفريق في ذلك التوقيت، وكأنها صدفة خير من كل المواعيد.
جروس مع الزمالك
بدأ جروس مع الزمالك أولى مبارياته خارج الأرض في السويس وتحديداً أمام بتروجيت، مباراة لم يكن متاحاً له فيها الثنائي طارق حامد وفرجاني ساسي واللذان سيكون لهما الدور الأكبر فيما بعد.
الزمالك لعب 4/1/4/1 بتواجد محمود عبدالعزيز وحيداً في المنتصف وبجواره أيمن حفني في دور فشل فيه تماماً لأنه لا يناسب قدراته البدنية بالتأكيد.
من المباراة التالية أمام الاتحاد عاد طارق حامد وفاز الزمالك 5/1 وبدأت تتضح قوة كريستيان جروس الهجومية مع الزمالك.
حدث تذبذب أثناء غياب طارق حامد في مباراة النجوم التي خسرها الزمالك 1/0 ولكن فرجاني ساسي كان قد بدأ في الظهور لتشهد مباراة انبي في الأسبوع الخامس ظهور طارق حامد وفرجاني ساسي سوياً في منتصف ملعب الزمالك وهي المباراة التي فاز فيها الزمالك 4/1 وبدأ يؤسس السويسري بعدها لـ 4/2/3/1 والتي أهلته في ظل الأوراق المتوفرة لديه للسيطرة تماماً على المباريات بغزارة في التهديف وفارق ضخم في صناعة الفرص.
التأثير الهجومي الواضح لكريستيان جروس على الزمالك

في آخر ثلاثة مواسم قبل كريستيان جروس لم يتخطَ الزمالك حاجز 50 هدف. في موسم تتويج الزمالك نفسه مع فيريرا سجل الفريق 69 هدفاً لكن في أربعة مباريات أكثر –الدوري كان من 20 فريق وليس 18 -.
كان الزمالك أقوى هجومياً في الدوري عند نهايته وبفارق 9 أهداف كاملة عن الأهلي الذي توج باللقب في النهاية .
الزمالك كان يخلق فرصاً بالجملة أيضاً وهو ما جعل فكرة التخلي عن المهاجم الأساسي للفريق كاسونجو وتعويضه بالدولي المغربي خالد بو طيب منطقية في ذلك الوقت حتى ولم يثبت نجاحها في نهاية الموسم .
ولكن هل كان الجموح الهجومي للزمالك رغم تلك الأرقام مستمراً طيلة الموسم؟
الحقيقة أن مباراة جورماهيا الكيني تحديداً والهزيمة في كينيا في افتتاح مباريات دوري المجموعات كانت بمثابة التحول التام في أسلوب تفكير جروس وبالتالي في موسم الزمالك.
ذهب الزمالك إلى العاصمة الكينية نيروبي وهو في أفضل حالاته، المباراة التي كانت يوم 3 فبراير سبقتها مباراتان في ختام يناير: الأولى هي التعادل الشهير أمام بيراميدز بثلاثة أهداف لكل فريق، والثانية كانت اكتساح المقاصة بأربعة أهداف لهدف.
ذهب الزمالك وحاول اللعب بطريقته المعتادة بفتح الخطوط وهو ما دفع ثمنه غالياً، جروس كان يلعب مباراته الأولى في الأدغال الافريقية على اعتبار الهزيمة في تشاد في الدور التمهيدي كانت غير مهمة بعد الفوز بسباعية في مباراة الذهاب مما دفعه لخوض الاياب بتشكيلة من الاحتياطيين.
مباراة جورماهيا غيرت كثيراً في فكر جروس الدفاعي خارج الأرض ولكنها كانت سلاح ذو حدين نجاح افريقي و انهيار محلي.
التباين في الدوري ما قبل وبعد يناير

كان الزمالك قبل مباراة جورماهيا قد سجل 3 أهداف أو أكثر في مباريات الدوري في 8 مناسبات ( 5 أهداف ضد الاتحاد، 4 أهداف ضد المقاصة وانبي ووادي دجلة، 3 أهداف ضد بيراميدز والجونة وطلائع الجيش والاتحاد مرة أخرى).
لم يستطع الزمالك بعد مبارة جورماهيا تسجيل 3 أهداف في أية مباراة في الدوري، المرة الوحيدة التي شهدت ثلاثية كانت في شباك الاسماعيلي عقب رحيل جروس في أخر أسبوعين من المسابقة.
فرط الزمالك في فارق 8 نقاط وبالتالي الصدارة ليخسر الدوري بفارق 8 نقاط أيضاً.
ودع الزمالك أيضاً البطولة العربية أمام الاتحاد السكندري في مفاجأة لم يتوقعها أحد، لاحظ أن الزمالك كان قد سجل في الاتحاد نفسه 8 أهداف في لقائين في الدوري ولكنه سجل فيه هدفا واحد في البطولة العربية وودع بركلات الترجيح.
على النقيض تماماً الزمالك كان قد بدأ يتشبث بأماله في الكونفدرالية، أرقام الزمالك الدفاعية في البطولة هي الأفضل في تاريخ الفريق.
- الزمالك احتفظ بنظافة شباكه 7 مباريات متتالية افريقية، رقم قياسي في تاريخ الزمالك الافريقي، الرقم القياسي السابق كان بحوزة أحمد حسام ميدو في دوري أبطال افريقيا 2014 6 مباريات ولكن الفارق ان مباريات ميدو كانت في الأدوار التمهيدية وقبل دوري المجموعات.
- الزمالك احتفظ بنظافة شباكه خارج الأرض 4 مباريات متتالية، رقم قياسي أيضاً في تاريخ الزمالك، مباريات خارج الأرض شملت رحلة لأنجولا وأخري للجزائر وتونس والمغرب.
- الزمالك احتفظ بنظافة شباكه في سوسة امام النجم الساحلي للمرة الأولى، زيارة الزمالك الافريقية لسوسة الأخيرة في 2015 شعدت الخسارة 5/1 ، في 2005 خسر الزمالك 2/1 ،و في 1999 خسر 2/0.
- الزمالك ومنذ مباراة جورماهيا في برج العرب لم تهتز شباكه بأي هدف داخل الأرض.
- الهدف الوحيد اللي تلقاه الزمالك عموماً منذ مباراة بترو أتليتكو خارج الديار وحتى التتويج وفي 9 مباريات متتالية كان هدف لابا كودجو في الدقيقة 94 في النهائي أمام نهضة بركان بالمغرب
فلماذا لم يصمد الزمالك في المسابقتين معاً وبدأ انتاجه الهجومي ينضب؟
الإجابة قد نجدها عند لاعب الفريق يوسف أوباما.
يوسف أوباما قبل موسم جروس مع الزمالك لم يكن لاعبا أساسياً في الفريق، بل كان هناك شك من الأساس في استمراره في القائمة، ليس ذلك فقط، هل تتذكر هدف فوز المصري على الزمالك والذي سجله إسلام عيسى بالرأس وهو أحد أقصر الأجنحة في الدوري؟ كان من فوق رأس أوباما والذي كان يلعب كظهير أيمن ! إن لم يكن اشراك صانع الألعاب ظهير ايمن دليل واضح على عدم أهميته آنذاك فلا أعرف ما هو الدليل الذي يرضيك.
إحياء يوسف أوباما في البداية جاء عن طريق خالد جلال في الكأس لكنه تحول لأحد أهم لاعبي الفريق مع جروس.
أكثر اللاعبين لعباً لدقائق مع جروس

أكثر اللاعبين مشاركة مع الزمالك في دوري 2018/2019

أكثر اللاعبين مشاركة مع الزمالك في الكونفدرالية

- أوباما حاضر دائماً في كل أرقام الأكثر مشاركة و لعبا لدقائق مع الزمالك تحت قيادة جروس وفي كل البطولات.
- تغير مردود أوباما تماما ما بين الدور الأول والدوري الثاني، أوباما سجل مع الزمالك 10 أهداف 7 منهم كانوا في الدور الأول أهداف في الكونفدرالية لكنه لم يسجل أي هدف في الأدوار الاقصائية.
- اصابة ساسي كذلك أثرت على مردود أوباما الذي خرجت تقارير تؤكد مطالبته لجروس بعدم اشراكه في الارتكاز بديلاً لساسي واراحته بعد الدقائق وهنا كانت أكثر عيوب جروس ونقطة الخلاف الرئيسية مع الادارة وهي محدودية العناصر التي تشارك.
تقسيمة دقائق اللاعبين مع جروس الموسم الماضي

باقي اللاعبين لم تتخطَ مشاركتهم في الموسم في كل البطولات أكثر من 1000 دقيقة
17 لاعباً فقط في قائمة الزمالك في كل البطولات تخطت مشاركاتهم 1000 دقيقة، رقم يبدو عادياً إذا كنت تتحدث عن عقلية جروس الأرووبية حيث أغلب الاندية تعتمد بشكل اساسي أو حتى مداورة على عدد قريب من ذلك الرقم لكن المعدلات البدنية للاعبي الزمالك خانتهم مع ضغط المباريات.
هل إدارة جروس للمجموعة كانت من الممكن أن توسع دائرة الاختيار؟ البعض يجيب أن قائمة الزمالك نفسها كانت محدودة والبدائل لم تكن على المستوى المطلوب والدليل أن الزمالك مثلا تخلى عن أيمن حفني وأحمد مدبولي ولا يشرك محمد عنتر بانتظام هذا الموسم.
والبعض الاخر يرى أن محدودية المستوى جاءت من عدم المشاركة والدليل مثلاً محمد حسن والذي ارتفع مستواه إلى حد ما هذا الموسم بعد مشاركته لدقائق أكثر .
وبين ما كان من الممكن أن يحدث وما حدث بالفعل يبقى كريستيان جروس أحد أفضل مدربي الزمالك في القرن الجديد، المدرب الذي نجح في اعادة البطولات القارية للنادي بعد غياب لـ 16 عاماً والمدرب الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق لقب الدوري.
قدم العراب السويسري (كما يطلق عليه) عرضاً للزمالك بالعودة للمنصات القارية، وحتى لو كان للعرض القاري تكلفة محلية فطبقا لتسلل الأحداث الزملكاوية منذ 2003 والتي شهدت آخر تتويج قاري للنادي كان عرضاً لا يمكن رفضه.