والهدايا وحتى تأمين مستقبلك بالكامل؟ حققت كل شيء متاح وأصبحت راضياً بمشوارك من بدايته حتى ما وصلت إليه؟ لنضع كرة القدم جانباً ونحولها إلى مسألة حياتية بحتة، إذا حصلنا جميعاً على هذه الفرصة الكبيرة، أكثر من 90 % سيترك عمله، مشواره، جهده وتعبه، ويتفرغ للاستمتاع بهذه الملذات، وقضاء أفضل الأوقات مع المحبين والأصدقاء والمقربين. هذه هي سنة الحياة، والرياضة أيضاً، بدون دوافع فإن المستقبل لا شيء، ولا أحد يهتم به من الأساس.
عذراً على هذه المقدمة التي لا بد منها، لأنها مدخل رئيسي لحديثنا عن حالة لويس سواريز مؤخراً. الأوروجوياني عاش فترة طويلة في برشلونة، حارب من أجل الانتقال إلى النادي الكتالوني طوال مسيرته، ولم يفرط في الفرصة أبداً خلال صيف 2014، ليرتدي قمصان الفريق خلال 6 سنوات كاملة، قبل إجباره على الرحيل والمغادرة، رغم أنفه، في صيف 2020، بسبب ما يعرف حينها إعلامياً بالثورة على النجوم الكبار في غرفة ملابس برشلونة، والتي راح ضحيتها أكثر من لاعب، على رأسهم لويس سواريز، إيفان راكيتيتش، وأرتورو فيدال.
بدأ سواريز مسيرته مع برشلونة بأرقام إعجازية وبطولات لا تنسى، خماسية تاريخية في 2015، أهداف حاسمة في بطولة دوري الأبطال حينها، وتألق واضح مع ميسي وسواريز في الدوري، وأكمل تألقه أيضاً في 2016 ليحصل الفريق على ثنائية الدوري والكأس، وكان موفقاً أيضاً في 2017، مع تسجيله عدد كبير من الأهداف في بطولة الليجا، لكن مع نقص البريق قارياً في دوري أبطال أوروبا، لكن كل شيء تغير منذ بدايات 2018 وحتى الآن، وبالتحديد من النصف الثاني لأول مواسم إرنستو فالفيردي.
قدم لويزتو مستويات جيدة مع فالفيردي في البدايات، كحال الجميع مثل بوسكيتس، راكيتيتش، أومتيتي، وباولينيو، لكن كل هؤلاء انخفض مردودهم خلال النصف الثاني وحتى الموسم الماضي، باستنثاء بعض فترات الصعود والهبوط الطبيعية، لكن الشيء المثير للاهتمام بالنسبة لسواريز أنه كان سيئاً لأقصى درجة في بطولات دوري الأبطال، خاصة في مباريات خارج الأرض، لدرجة أنه لم يسجل أي هدف للبارسا منذ 2015 وحتى رحيله في مواجهات خارج الأرض بالشامبيونزليج!
والهدايا وحتى تأمين مستقبلك بالكامل؟ حققت كل شيء متاح وأصبحت راضياً بمشوارك من بدايته حتى ما وصلت إليه؟ لنضع كرة القدم جانباً ونحولها إلى مسألة حياتية بحتة، إذا حصلنا جميعاً على هذه الفرصة الكبيرة، أكثر من 90 % سيترك عمله، مشواره، جهده وتعبه، ويتفرغ للاستمتاع بهذه الملذات، وقضاء أفضل الأوقات مع المحبين والأصدقاء والمقربين. هذه هي سنة الحياة، والرياضة أيضاً، بدون دوافع فإن المستقبل لا شيء، ولا أحد يهتم به من الأساس.
عذراً على هذه المقدمة التي لا بد منها، لأنها مدخل رئيسي لحديثنا عن حالة لويس سواريز مؤخراً. الأوروجوياني عاش فترة طويلة في برشلونة، حارب من أجل الانتقال إلى النادي الكتالوني طوال مسيرته، ولم يفرط في الفرصة أبداً خلال صيف 2014، ليرتدي قمصان الفريق خلال 6 سنوات كاملة، قبل إجباره على الرحيل والمغادرة، رغم أنفه، في صيف 2020، بسبب ما يعرف حينها إعلامياً بالثورة على النجوم الكبار في غرفة ملابس برشلونة، والتي راح ضحيتها أكثر من لاعب، على رأسهم لويس سواريز، إيفان راكيتيتش، وأرتورو فيدال.
– سواريز في برشلونة.. وجها العملة
بدأ سواريز مسيرته مع برشلونة بأرقام إعجازية وبطولات لا تنسى، خماسية تاريخية في 2015، أهداف حاسمة في بطولة دوري الأبطال حينها، وتألق واضح مع ميسي وسواريز في الدوري، وأكمل تألقه أيضاً في 2016 ليحصل الفريق على ثنائية الدوري والكأس، وكان موفقاً أيضاً في 2017، مع تسجيله عدد كبير من الأهداف في بطولة الليجا، لكن مع نقص البريق قارياً في دوري أبطال أوروبا، لكن كل شيء تغير منذ بدايات 2018 وحتى الآن، وبالتحديد من النصف الثاني لأول مواسم إرنستو فالفيردي.

قدم لويزتو مستويات جيدة مع فالفيردي في البدايات، كحال الجميع مثل بوسكيتس، راكيتيتش، أومتيتي، وباولينيو، لكن كل هؤلاء انخفض مردودهم خلال النصف الثاني وحتى الموسم الماضي، باستنثاء بعض فترات الصعود والهبوط الطبيعية، لكن الشيء المثير للاهتمام بالنسبة لسواريز أنه كان سيئاً لأقصى درجة في بطولات دوري الأبطال، خاصة في مباريات خارج الأرض، لدرجة أنه لم يسجل أي هدف للبارسا منذ 2015 وحتى رحيله في مواجهات خارج الأرض بالشامبيونزليج!
حتى على مستوى الليجا باتت أرقام سواريز في انخفاض واضح، من 25 هدفاً في موسم 2017-2018 إلى 21 في موسم 2018-2019 ثم إلى 16 خلال الموسم الماضي، دون نسيان متاعب الركبة والعملية الجراحية التي أبعدته لمدة زادت عن 4 أشهر، وبالتأكيد راتبه المرتفع والذي لم يتناسب في أيامه الأخيرة مع مردوده داخل الملعب، سواء في بطولة الدوري أو عصبة الأبطال، كل هذه الأمور جعلت تفكير برشلونة في رحيله أمراً منطقياً وليس غريباً كما يؤكد الغالبية العظمى الآن، بعد تألقه اللافت والمستحق وحتى -المتوقع- رفقة أتليتكو مدريد، ولكن آفة حارتنا النسيان، كما يقول الأديب العالمي نجيب محفوظ.
كل ما سبق يعني أن قرار البارسا بمغادرة لويس لم يكن خاطئاً، لكن الخطأ الحقيقي في رحيله إلى منافس مباشر على اللقب، وهو أتليتكو مدريد، والخطأ الأكبر هو تعويضه بالدنماركي مارتن بريثويت، وليس اسم آخر مثل ويليان خوسي، ألكسندر إيساك، إيرلينج هالاند، إدينسون كافاني، وعدد آخر من المهاجمين الذين كانوا في سوق الانتقالات، خلال ميركاتو شتاء 2020، قبل الجائحة وقبل التعاقد مع بريثويت قادماً من ليجانيس.
– برشلونة ما بعد سواريز
قرار رحيل سواريز لم يكن خاطئاً، بسبب راتبه المرتفع، مستواه مع الفريق قبل مغادرته، وبالطبع راتبه المرتفع، لكن الخطأ الوحيد أنه انتقل إلى فريق منافس “أتليتكو”، وبالتأكيد أن الفريق لم يتعاقد مع بديل واعتمد على بريثويت حتى الآن. هذه هي وجهة نظري ومستعد أن أدافع عنها الآن بلغة الأرقام والإحصاءات، من واقع بيانات بطولة الليجا الإسبانية لهذا الموسم.
في البداية علينا الاعتراف بأن برشلونة بدأ الموسم بأسوأ شكل ممكن، وأتليتكو في المقابل افتتح الموسم بأفضل طريقة ممكنة، وفي الحالتين، يقدم لويس سواريز أفضل فتراته منذ بداية عام 2018 وحتى الآن، لكن دعونا نفتش في الأرقام أولاً.
على مستوى البارسا هجومياً، الفريق هو الأكثر صناعة للفرص والأهداف في الليجا هذا الموسم حتى تاريخ 10 فبراير. سجل البارسا 44 هدفاً ويأتي بعده أتليتكو ثم ريال مدريد، ويتفوق أيضاً الفريق الكتالوني على مستوى صناعة الفرص، حيث أنه كان يجب أن يسجل أكثر من 48 هدفاً وفق عداد الأهداف المتوقعة وحجم الفرص ومكانها داخل الملعب، ويأتي بعده ريال سوسيداد بفارق نحو 10 أهداف، ثم ريال مدريد، فياريال، وإشبيلية، وأتليتكو مدريد بعيداً بفارق يصل إلى 20 تقريباً.
إذاً، صنع البارسا هذا الموسم فرصاً خطيرة، وسجل أكثر من منافسيه، لكنه ابتعد تماماً عن الصدارة لصالح أتليتكو، بسبب المشاكل الدفاعية الواضحة، الأخطاء الفردية الساذجة، وهفوات مدربه كومان التكتيكية خاصة في البدايات، عندما لعب برسم 4-2-3-1، وبالغ في الاعتماد على المهاجمين ولجأ إلى التغييرات العشوائية، لكن الحق يقال بأنه أصبح أفضل كثيراً منذ بدايات عام 2021، خاصة عند تحوله إلى رسم 4-3-3، وتكيفه مع اللاعبين بشكل أفضل، واهتمامه بمنطقة الوسط وثلاثية بوسكيتس، بيدري، ودي يونج، جنباً لجنب مع توظيف جريزمان، وفورمة ديمبلي، ووضع ميسي في العمق.
لكن جنباً لجنب مع مشاكله الدفاعية الفردية وحتى الجماعية، فإن الفريق يعاني أيضا على مستوى ترجمة الفرص إلى أهداف. تخبرنا الإحصاءات الرسمية من ملفات الليجا، أن ميسي كان يجب أن يسجل 14، لكنه سجل 13. جريزمان كان يجب أن يسجل 7، لكنه سجل 6. كوتينيو كان يجب أن يسجل 4، لكنه سجل 2. بريثويت كان يجب أن يسجل 6، لكن سجل 2. بينما سواريز كان يجب أن يسجل 10، إلا أنه سجل 16!

مما يعني أن حذف بريثويت فقط وتعويضه باسم آخر، لم يكن البارسا سيتأثر برحيل سواريز، بل على النقيض، دون نسيان أهداف دي يونج وجريزمان خلال العام الجاري، خاصة أن الفريق يصل أكثر ويصنع أكثر ويضغط أكثر من السابق، بسبب وجود عدد كبير من الشبان، والاكتفاء بوضع ميسي فقط بالأمام من دون الكرة، وليس ثنائية ميسي وسواريز كما كان يحدث في عامي 2019 و2020.
– الصدفة لها دور
يجب أيضاً الاعتراض بأن لويس سواريز شخص عدواني بطبعه، هذا ليس ذم بل بالعكس مديح حقيقي للاعب، لأنه ذو شخصية قوية، ولديه حافز كبير للنجاح، لكنه كان مفقوداً في برشلونة، بسبب المقدمة التي تحدثنا عنها في بداية التقرير، حيث غياب الطموح ووجود الأصدقاء واختفاء سياسة الثواب والعقاب، والتشبع في كل شيء على مستوى الأهداف والبطولات وحتى التاريخ. لقد تحول سواريز في برشلونة من لاعب كبير إلى نجم على مشارف الاعتزال، أشبه بالموظفين الحكوميين الذين ينتظرون اللحظة المناسبة من أجل تسوية معاشهم، والاسترخاء مع أولادهم بعيداً عن ضغوطات العمل ومتاعب الحياة.
لذلك كان لا بد من استفزاز لويس، إهانته حتى، الهجوم عليه من الجميع، الصدام معه، بل صدمته، بالحديث عن عدم أهميته، حاجته للمغادرة، والذهاب إلى فريق آخر. لم أسمع بالتأكيد نص المكالمة التي دارت بين رونالد كومان ولويس سواريز قبل بداية الموسم، والتي نقل فيها الهولندي رغبة الإدارة في الاستغناء عنه، لأن بارتوميو كما يعلم الجميع لا يفضل المواجهة بل يهابها، لأن المهاجم الخبير حينها لم يكن مصدقاً بالتأكيد، بل كان في حالة أشبه بإنكار الواقع، حيث أنه كان يعتقد بداخله أن المشكلة داخل الفريق لا تمسه، وأنه أحد أفضل اللاعبين بعد ميسي.
لقد كان لزاماً إهانة سواريز حتى يشعر بتقصيره في حق نفسه، حتى ينظر إلى نفسه في المرآة، ويشاهد كيف أصبح يركض عبر شاشات التليفزيون، لأنه نجح في تحويل نفسه من أحد أشرس المهاجمين طوال تاريخ الكرة إلى آخر عجوز وكسول في آخر عامين، رغم أنه لا يزال بعيداً عن الاعتزال ولديه الكثير ليقدمه، وهذا ما حدث بالنص عندما أجبر على مغادرة جنة برشلونة، والانتقال إلى كوكب الأرض في مدريد، حيث أتليتكو وسيميوني واتحاد نقابات العمال الكادحين الذين يعتبرون مجهودهم هو رأسمالهم الأول في الملاعب.
سواريز كان سيتألق في أي مكان، حتى إذا انتقل إلى ريال مدريد، لكن الصدفة وحدها لعبت دوراً محورياً في لعبه للفريق المناسب جداً لسنه وشخصيته وخبثه وقدراته اللياقية في الوقت الحالي، أتليتكو مدريد، بعد فشل انتقاله إلى صفوف يوفنتوس، بسبب فضيحة اختبار اللغة الإيطالية التي يعرفها الجميع.

– من يوفنتوس إلى أتليتكو
كان اللاتيني قريباً للغاية من الانتقال إلى الكالتشيو لولا اختبار اللغة الإيطالية، لأنه لم يكن أبداً سينجح بالشكل الحالي الذي يحققه مع أتليتكو، لسبب تكتيكي بحت، مع احترامي الكامل لشخصيته وشجاعته وحتى روحه الفائزة بعد استفزازه من جانب برشلونة وإدارته. يمكن اعتبار سواريز مركز 9 صريح مؤخراً، صحيح أنه يتحرك ويصنع، لكنه أيضاً ليس كالسابق، على مستوى القيام بالشق الدفاعي، الضغط على حامل الكرة، اللعب من لمسة واحدة، العودة إلى الوسط والميل تجاه الأطراف، أي أنه ليس الرجل المناسب الذي سيخدم رونالدو، وكريستيانو أيضاً ليس هو الشخص الذي سيصنع للويس كثيراً كما كان يفعل ميسي، مما يعني تواجدهما معاً وبالخلف ديبالا كرقم 10 أو جناح، يساوي مزيداً من الضعف على الأطراف لليوفي.

نقطة أخرى لا تقل أهمية، الهجوم والدفاع لا ينفصلان. عندما يكون هجومك قوي فإنه لا يسجل أو يصنع فقط، بل أيضاً يقوم بالضغط والافتكاك والدفاع من الأمام، مما يعود بالإيجاب على لاعبي الخط الخلفي. وفي حالة يوفنتوس القادمة، فإن سواريز ورونالدو لا يدافعان، وحتى ديبالا هو الآخر ليس الأفضل على مستوى الضغط، وكأن الفريق من دون الكرة عبارة عن حارس مرمى + 7 لاعبين. هذا ما كتبته نصاً وقت مفاوضات اليوفي مع سواريز، وأعيده الآن فقط للدلالة على أنه كان محظوظاً بفشل المفاوضات وذهابه إلى الواندا ميتروبوليتانو في مدريد.
لويس ليس غريباً على سيميوني، ودييجو يعرف سواريز جيداً، حتى إذا لم يتدربا من قبل معاً. بالتأكيد لم يلعب بهذا النسق المعروف عن أتليتكو مع البارسا وليفربول وأياكس، لكنه أحد قادة منتخب أوروجواي الذي ينافس دائماً بأسلوب شبيه، مع المدرب القدير أوسكار تاباريز، الذي يركز باستمرار مع الفريق على إغلاق المساحات، اللعب البدني، القوة الدفاعية، واستغلال أنصاف الفرص عن طريق ثنائية كافاني وسواريز، فيما يعرف بإستراتيجية “المخلب” في إشارة إلى الجانب العنيف والشخصية القوية لهذه المجموعة في معظم البطولات القارية والعالمية.