ماركوس يورينتي؟ أتقصد ذلك اللاعب الذي قضى على أحلام ليفربول في ملعب الأنفيلد، وقضى على مشروع ريمونتادا جديدة قبل أن تبدأ، وصعد بالأتليتكو إلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، بعد الفوز ذهاباً وإياباً على واحد من أقوى فريق الألفية جديدة؟ أعتقد هكذا ستكون إجابة الكثيرين عند سؤالهم عن يورينتي، لاعب الأتليتي، ومدى معرفتهم عن تاريخه قبل هذه اللقطة سيكون ضعيفاً إلى حد ما، لكن قصة ماركوس تستحق الذكر والرصد والتقدير، حيث أنه ولد وترعرع وتربى وكبر وتعلم في العاصمة الإسبانية، لكن في نصفها الآخر، بالقرب من سانتياجو برنابيو وكاستيا الريال، لكنه حصل على الشهرة والنجومية والتألق في نصف مختلف تماماً، رفقة الروخيبلانكوس ومدربهم الخبير، شولو دييجو سيميوني.
وصل ماركوس يورينتي إلى كاستيا مدريد، أو مدرسة الناشئين في ريال مدريد، عام 2008، كان عمره وقتها 13 سنة فقط. شاب صغير لم يتعلم الكثير، ولديه طموح يصل إلى عنان السماء، وفعلاً تدرج في الفرق الصغيرة حتى وصل إلى الفريق الثاني وشارك معه باستمرار، منذ عام 2014 حتى 2016، محققاً مستويات جيدة وملفتة للانتباه والأنظار، مما جعله أحد المرشحين للصعود إلى المستوى الأول رفقة النجوم الكبار.
جاء زيزو إلى الميرينجي في 2016 وقرر الرهان على الكبار والأسماء المميزة، ليرحل يورينتي إلى ألافيس معاراً لمدة موسم واحد فقط، شارك خلاله في 38 مباراة بكل المسابقات، وكان أحد الأسماء الأساسية في تشكيلة ألافيس خلال موسم 2016-2017، والذي شهد وصول هذا الفريق إلى نهائي كأس ملك إسبانيا، قبل أن يخسر أمام برشلونة حينها.
المهم أن ماركوس أثبت نفسه للجميع، وأظهر مدى قدرته على المنافسة في المستويات المرتفعة ببطولة الليجا، ليعود سريعاً إلى الريال، لكن كان حظه سيئاً لأقصى درجة، لأن زيدان فقد الكثير من شراسته في موسم 2017-2018، والذي شهد خسارة الليجا بفارق كبير من النقاط، والخروج من كأس الملك، والفوز فقط بدوري أبطال أوروبا دون تقديم مستويات مميزة، ليقرر المدرب الفرنسي الرحيل وإعطاء الفرصة أمام اسم آخر، كان جولين لوبيتيجي ثم سانتياجو سولاري، قبل عودته من جديد لقيادة الفريق.
ماركوس يورينتي؟ أتقصد ذلك اللاعب الذي قضى على أحلام ليفربول في ملعب الأنفيلد، وقضى على مشروع ريمونتادا جديدة قبل أن تبدأ، وصعد بالأتليتكو إلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، بعد الفوز ذهاباً وإياباً على واحد من أقوى فريق الألفية جديدة؟ أعتقد هكذا ستكون إجابة الكثيرين عند سؤالهم عن يورينتي، لاعب الأتليتي، ومدى معرفتهم عن تاريخه قبل هذه اللقطة سيكون ضعيفاً إلى حد ما، لكن قصة ماركوس تستحق الذكر والرصد والتقدير، حيث أنه ولد وترعرع وتربى وكبر وتعلم في العاصمة الإسبانية، لكن في نصفها الآخر، بالقرب من سانتياجو برنابيو وكاستيا الريال، لكنه حصل على الشهرة والنجومية والتألق في نصف مختلف تماماً، رفقة الروخيبلانكوس ومدربهم الخبير، شولو دييجو سيميوني.
من الصفر
وصل ماركوس يورينتي إلى كاستيا مدريد، أو مدرسة الناشئين في ريال مدريد، عام 2008، كان عمره وقتها 13 سنة فقط. شاب صغير لم يتعلم الكثير، ولديه طموح يصل إلى عنان السماء، وفعلاً تدرج في الفرق الصغيرة حتى وصل إلى الفريق الثاني وشارك معه باستمرار، منذ عام 2014 حتى 2016، محققاً مستويات جيدة وملفتة للانتباه والأنظار، مما جعله أحد المرشحين للصعود إلى المستوى الأول رفقة النجوم الكبار.

جاء زيزو إلى الميرينجي في 2016 وقرر الرهان على الكبار والأسماء المميزة، ليرحل يورينتي إلى ألافيس معاراً لمدة موسم واحد فقط، شارك خلاله في 38 مباراة بكل المسابقات، وكان أحد الأسماء الأساسية في تشكيلة ألافيس خلال موسم 2016-2017، والذي شهد وصول هذا الفريق إلى نهائي كأس ملك إسبانيا، قبل أن يخسر أمام برشلونة حينها.
المهم أن ماركوس أثبت نفسه للجميع، وأظهر مدى قدرته على المنافسة في المستويات المرتفعة ببطولة الليجا، ليعود سريعاً إلى الريال، لكن كان حظه سيئاً لأقصى درجة، لأن زيدان فقد الكثير من شراسته في موسم 2017-2018، والذي شهد خسارة الليجا بفارق كبير من النقاط، والخروج من كأس الملك، والفوز فقط بدوري أبطال أوروبا دون تقديم مستويات مميزة، ليقرر المدرب الفرنسي الرحيل وإعطاء الفرصة أمام اسم آخر، كان جولين لوبيتيجي ثم سانتياجو سولاري، قبل عودته من جديد لقيادة الفريق.
بدأ لاعب الوسط يحصل على فرصته خاصة مع سولاري، الذي آمن بالشبان الصغار وأعطاهم الفرصة، ليسجل هدفاً لا ينسى في شباك العين، خلال نهائي كأس العالم للأندية بنهاية عام 2018، ويقدم نفسه كأحد لاعبي الوسط المميزين في تشكيلة النادي الملكي، لكن كل شيء تغير للأسوأ بعد خروج الفريق من الشامبيونزليج أمام أياكس، ثم رحيل سولاري وعودة زيدان، الذي آمن فقط بالحرس القديم ورفض استمرار بعض الأسماء الشابة، وكان على رأسهم يورينتي هذه المرة، ليتم إخباره دون مساحيق تجميل بأن وقته مع الريال انتهى، وأنه يجب أن يبحث عن فريق آخر في صيف 2019، حتى وإذا كان هذا الفريق هو أتليتكو مدريد، الغريم الأبدى والخصم اللدود.
لاعب وسط دفاعي أنيق
قدم ريال مدريد مع سولاري بعض المباريات المميزة، من بينها لقاء فالنسيا في البرنابيو بالليجا، ديسمبر 2018، حينما فازوا بنتيجة هدفين مقابل لا شيء، وسط مشاركة ماركوس يورينتي أساسياً رفقة داني سيبايوس ولوكا مودريتش، وأمامهم الثلاثي جاريث بيل، كريم بنزيما، ولوكاس فاسكيز، في رسم 4-3-3 للمدرب الأرجنتيني، مع رباعي الدفاع ريجيلون، راموس، فاران، وكارفخال.

تواجد سيبايوس حينها كلاعب وسط مائل لليسار، مكان كروس الغائب للإصابة. نجح الفريق الملكي في السيطرة على مجريات اللعب، خصوصا بالشوط الأول، الذي قدم فيه الريال ربما أفضل عروضه منذ فترة طويلة، من خلال التحكم في نسق المباراة، وخلق أكثر من فرصة، مع عدم فقدان الكرة في نصف ملعبهم، بالإضافة للارتداد السريع أثناء المرتدات.
ماركوس يورينتي كان بمثابة “حجر الأساس” لخط الوسط، لاعب هاديء، يقف في المكان الصحيح، يمرر بدقة عالية، يجد زملائه جيدا، وفوق كل ذلك لديه ميزة لعب الكرات الطولية والبناء من الخلف، لذلك أراح سيبايوس ومودريتش كثيرا. صحيح أنه أقل من كاسيميرو على مستوى العرقلة، الافتكاك، التغطية، وهذه الإحصاءات الخاصة بلاعب الارتكاز الدفاعي في ريال مدريد، إلا أن اللاعب الشاب قدم نفسه كحل منطقي وجاهز باستمرار.
أرقامه تؤكد تفوق واضح في التمرير، دقته، عدده، وبالتأكيد تنوعه بين القصير والقطري والطولي. لكنه يحتاج عمل أكبر من دون الكرة، خصوصا في الشق الدفاعي، حتى وإذا لم يستقبل فريقه أهدافاً غزيرة، والأهم من كل ذلك، عليه العمل أكثر فيما يخص البناء من الخلف، سواء في حالة التمرير الذي يسبق التسديد أو الصناعة، أو حتى التمرير بالقرب من مرماه، حتى يتحرر لاعبي الوسط الهجوميين تماماً للهجوم أثناء الحيازة.
هكذا كان يورينتي كلاعب وسط دفاعي صريح مع ريال مدريد، مميز في التمرير، ويملك رؤية جيدة، ولديه القدرة على الحيازة تحت الضغط، واللعب باستمرار نحو الأمام، لكنه يفتقد إلى الشراسة في العرقلة والافتكاك الذي يميز لاعباً مثل كاسيميرو على سبيل المثال، الضعيف بالكرة وغير المميز في البناء من الخلف، لكنه يعوض هذه النواقص بعمل بدني مضاعف وشراسة دفاعية لا تتوقف عن الحركة والقطع وحتى ارتكاب الأخطاء بعيداً عن منطقة الجزاء.
من أقصى اليمين إلى اليسار
كتبت في تقرير سابق عبر “سبورت 360 بلس” عن كيفية تحول فريق أتليتكو مدريد مع دييجو سيميوني، من نسخة دفاعية بامتياز إلى نسخة أخرى، أملاً في الفوز بدون شك، ولكن أيضاً لجلب مزيداً من الرعاة والشركات والدعاية وخلافه. بنى الأرجنتيني فريقه بالكامل على الدفاع ثم الدفاع ثم الدفاع، لكن عندما كان يقابل فرق تدافع مثله، أو عندما يكون مطلوباً منه كتابة السؤال بدلاً من الإجابة عليه، فإنه كان يقف تماماً ويتحول إلى نسخة لا تعمل، ويفقد نقاط سهلة في الليجا، ويخرج أمام فرق أقل منه في دوري الأبطال، ولنا مثال في الموسم الماضي، عندما فاز على ليفربول “المرشح الأقوى” ذهاباً وإياباً، قبل أن يخسر أمام لايبزيج “الأقل منه” ويخرج مبكراً من دور الثمانية.
أطلق على دييجو سيميوني لقب “الشولو” أحد مدربيه في فترة الشباب وهو فيكتور سبينيتو، وبالمناسبة سبينيتو عمل كمدير فني لنادي فيليز سارسفيلد الأرجنتيني سابقاً، وكان رائداً فيما أصبح يُعرف باسم الـ “الأنتي فوتبول” حيث أنه كان يلعب بطريقة دفاعية مبالغ فيها وقتها، وأثر ذلك بالتأكيد على سيميوني.
تأثر سيميوني بهذا الرجل ولعب بطريقة قريبة عندما صار مدرباً، لكنه في كل ميركاتو صيفي، يحاول ضم عدد من المهاجمين واللاعبين المهاريين، أملاً في تعديل طريقة لعبه بعض الشيء. السبب بالتأكيد ليس فقط تكتيكياً وخططياً، ولكن تسويقياً وتجارياً أيضاً، كما يقول الكاتب جوناثان ويلسون في “جارديان” عند الحديث عن سيميوني.
أتليتكو نوع جديد من “الأندر دوج” لأنه أحد أغنى أندية العالم، يتواجد ضمن العشرين الكبار في كرة القدم من حيث الإيردات، ولديه استثمارات في بلدان آسيوية وأمريكية، لكنه في المقابل يعرف عنه إعلامياً بأنه نادي الكادحين كروياً وتشجيعياً، لدرجة أن أحد المستثمرين الأمريكيين كان ينتقد أتلتيكو لعدم اعتماده على نموذج أكثر توسعية ويعتمد على شراء النجوم، النموذج الذي قد يسمح لهم بأن ينمو إلى أبعد من ذلك، وهو انتقاد يتجاهل طبيعة النادي، هكذا كتب جوناثان ويلسون في شرح واضح وصريح عن التحول الراديكالي في انتقالات وميركاتو أتليتكو بالسنوات الأخيرة، من خلال بحث الإدارة عن الأسماء الشابة والمواهب المميزة، وحتى أصحاب المهارات ولاعبي الهجوم، بدلاً من عصابات الدفاع.
الانتقالات الأخيرة على سبيل المثال، من بيع الحرس القديم مثل خوان فران، جابي، جودين، فيليبي لويس، واستقدام أمثال جواو فيليكس، يورينتي، توماس ليمار، وآخرين، تؤكد مضي النادي قدماً في اللعب وفق قوانين الاستثمار أيضاً، وجذب الجماهير وعقود الرعاية إليه بكرة القدم الحديثة ونجومها، وهذا ما قاله ويلسون نصاً في هذه العبارة: “تحتاج الأندية الحديثة أن تلعب بطريقة محددة من أجل جذب مزيداً من المشجعين، في البحث عن النمو الاقتصادي، ولكنها قد تضحي بجزء من هوية النادي في سبيل المال وقوانينه الخاصة، حيث أنها ستلعب بأسلوب يفرضه السوق لا المدرب وحده فقط”.
البحث عن ماركوس يورينتي
تكتيكياً، يحتاج سيميوني إلى تحقيق المعادلة الصعبة هذا الموسم، بالحفاظ على هيكل النجوم الشباب مثل فيليكس ويورينتي، لكن بإضافة لاعبين آخرين لأسلوبه كلويس سواريز وغيره، والجمع بين الدفاع القوي والقدرة على الفوز في المباريات المغلقة، ولنا عبرة بالليجا هذا الموسم، حيث يتصدر الفريق المسابقة، ليس فقط بسبب قوة دفاعه مثل السابق، ولكن لتسجيله أهدافاً أيضاً، عن طريق الوافدين الجدد في السنوات الأخيرة، مثل سواريز، فيليكس، وماركوس يورينتي.
بالأرقام حتى كتابة هذا التقرير، أتليتكو أقوى دفاع في الليجا، استقبلت شباكه 6 أهداف فقط، وثاني أقوى هجوم في البطولة، بتسجيل 29 هدفاً، وبفارق هدف واحد عن ريال مدريد، مما يؤكد أن الفريق بات أفضل على مستوى فك طلاسم الشفرات الدفاعية، بفضل خط هجومه الذي يصنع ويسجل، رفقة لاعبي الوسط القادرين على الحسم من أنصاف الفرص بالثلث الأخير من الملعب.

المثير للاهتمام أن ماركوس يورينتي عندما انتقل إلى أتليتكو مدريد، عانى بوضوح في البدايات، لأن سيميوني وضعه في مركز لاعب الوسط الدفاعي كما كان يلعب في ريال مدريد، لكن مع اختلاف طريقة اللعب بين الفريقين، وميل أتليتكو إلى الدفاع باستمرار وتقليل الفراغات، خلال رسم 4-4-2، فإن لاعب الارتكاز حصل على بعض الوقت من أجل التكيف والتعلم ومعرفة واجباته الدفاعية الجديدة، لذلك سجل 3 أهداف وصنع مثلهم في 29 مشاركة له ببطولة الليجا خلال موسم 2019-2020، لكن حياة يورينتي انقلبت بالكامل بعد يوم الأنفيلد، عند نزوله بدلاً من دييجو كوستا في الدقيقة 56، وبعد ذلك تاريخ جديد.
كان الانطباع الأول على ذلك التغيير، أن كان يجب دخول يورينتي فعلاً بسبب ضعف خط وسط أتليتكو، وقطع كرات عديدة في نصف ملعبه، لكن ليس مكان دييجو كوستا بل جواو فيليكس، الضعيف بدنياً، لكنه فعلاً كان قراراً صحيحاً من جانب الشولو. أتليتكو مدريد خلال الوقت الإضافي فعلوا كل شيء بطريقة صحيحة، لذا جاء دور يورينتي، كما فعل ضد البارسا في السوبر بجدة، وكررها أمام الليفر في الأنفيلد.
إنه اللاعب الذي لا يرتبط بمركز معين، ليس ارتكاز دفاعي ولا حتى هجومي، تجده في الخلف يدافع، وفي هجمة أخرى بالأمام كمهاجم صريح وأحيانا صانع لعب، المهم أنه يرى الفراغ ويتحرك فيه، فعلها من قبل وأعادها منذ قليل. هو اللاعب الذي يبحث عن أخطاء المنافس ويستغلها، يفتش عن الثغرات حتى يتمركز بداخلها، وبالتأكيد يخلق الفراغات ويسجل من خلالها.
لاعب الوسط الهداف
سيميوني أصبح أكثر جرأة وسرعة مع سواريز، فيليكس، ويورينتي، مع تحويله خطة اللعب من 4-4-2 في بعض الأحيان إلى ما يشبه 3-4-2-1، بتواجد سواريز في الأمام، وخلفه الثنائي فيليكس ويورينتي، البرتغالي كلاعب حر بين الطرف والعمق وصانع لعب، والإسباني كـ لاعب وسط هجومي يقطع من العمق إلى منطقة الجزاء مباشرة، مع حماية لهذا الثلاثي بواسطة رباعي آخر يتكون من ثنائي بالعمق وثنائي آخر بالطرف، وخلف كل هؤلاء ثلاثي دفاعي للحماية من المرتدات.

يحافظ الشولو على رسم 4-4-2 في المباريات الكبيرة، ويتواجد خلاله يورينتي كلاعب وسط مساند أو حتى “إنتريور” أو جناح داخلي على الطريقة الإسبانية، حيث يجمع بين وظيفتي الجناح على اليمين ولاعب الوسط الإضافي، لكن أمام الفرق التي تدافع بشدة، فإنه يتحول إلى 3-4-2-1 أو 3-5-2، وهنا يصبح ماركوس أقرب إلى لاعب الوسط الهجومي الصريح بالعمق، إما خلف سواريز وكوريا، أو على مقربة من جواو فيليكس بالعمق، وأمامهما سواريز، المهم أنه يتكفل بالصناعة والتسجيل، دون إرهاق نفسه بالمهام الدفاعية كالموسم الماضي.
نتفق أو نختلف على دييجو سيميوني، في ميله باستمرار إلى الدفاع، عدم تطوير الشق الهجومي بالقدر المطلوب، السقوط في المباريات التي يكون خلالها الطرف المرشح، وخسارة بعض النهائيات غير المبررة، مثل شامبيونزليج 2016 على سبيل المثال، كل هذه الأمور يمكن النقاش حولها، لكنه مدرب “شاطر” لأقصى درجة، في التدريب والتطوير والتعليم، ويجيد بشدة تحويل اللاعب السيء إلى نسخة أفضل، والجيد إلى جيد جداً، والجيد جداً إلى ممتاز، لأنه باختصار شديد يتعب لأقصى درجة في التمرين، ويهتم بكل كبيرة وصغيرة خارج الملعب وداخله.
يقول جوارديولا عن مارسيلو بييلسا في مقابلة قديمة: “أكن كل التقدير لمارسيلو، أكثر من أي مدرب آخر عرفته وشاهدته. مفهوم الكوتش بالنسبة لي هو الشخص الذي يوفر أساليب تدريبية مميزة، يقوم بتطوير لاعبيه، يجعلهم من جيد إلى جيد جدا، ومن جيد جدا إلى ممتاز، هذا هو تعريف المدرب، وبييلسا أفضل شخص ممكن في هذه المعايير”.
نفس هذه الأمور تنطبق على مدربين آخرين بالتأكيد، من بينهم دييجو سيميوني، الذي نجح في تحويل دفاعات أتليتكو عند قدومه إلى هيئة أفضل بمراحل، وجعل دييجو جودين أحد أفضل المدافعين في العالم بوقت سابق، طور كثيراً من قدرات كوكي وساؤول نيجويز وآخرين، لديه عين خبيرة في اختيار بعض الأسماء في مختلف الخطوط، وبالتأكيد أصبح ماركوس يورينتي معه لاعباً أفضل، ليس فقط على مستوى التحرك والتمركز واللعب من دون الكرة، ولكن أيضاً في الحسم والصناعة والتسجيل أمام المرمى.

أفضل لاعب وسط في الليجا؟
خلال 15 مباراة هذا الموسم في بطولة الليجا، سجل يورينتي 6 أهداف وصنع هدفين، أي أنه ساهم في 8 خلال 1013 دقيقة لعب، وهذا يدل على تطوره الواضح. ومع طريقة لعب أتليتكو في الوقت الراهن، فإن الفريق يفتح الملعب على الأطراف بواسطة الثنائي تريبيير/ فيرساليكو وكاراسكو، مع تمركز ثنائي هجومي بالأمام، هما لويس سواريز وجواو فيليكس/ أنخيل كوريا، وفي الوسط كوكي ويسانده أحياناً ساؤول أو توماس ليمار، وأمام الارتكاز وبين الطرفين وخلف الهجوم، يكمن يورينتي.
أعطى الشولو لاعبه الأريحية التي يحتاجها، في الحركة بالكرة ومن دونها، الانطلاق في القنوات الشاغرة، الصعود من الخلف للأمام، والقطع المفاجيء خلف المهاجمين مباشرة، لذلك استفاد من ميزة القادمين من الخلف، حيث لا أحد يراقبه أو ينظر إليه، بسبب حركة سواريز ومهارة فيليكس، مع تمديد الملعب عرضياً بواسطة ثنائي سريع ومهاري، يتم حمايته بواسطة ثلاثي آخر في الدفاع، مما يجعل لاعب الوسط المتقدم السريع بمثابة المهاجم الإضافي في هذه التشكيلة، وهذا ما يفعله ماركوس يورينتي، الأقرب إلى دور لاعب الوسط “البوكس” الهداف.
يسجل، يصنع، يمرر، يسدد، ويصبح حاسماً في المباريات التي تحتاج إلى خطف النقاط، هو ماركوس يورينتي مع دييجو سيميوني، حيث أصبح الأتليتي أفضل في المباريات المغلقة، ليكافىء مدربه وفريقه داخل الملعب بأداء مميز، ويصرح خارجه بأنه غير نادم أبداً على مغادرة أتليتكو مدريد، لأنه أصبح أكثر نضجاً ويحتاج فقط إلى الفرصة والمشاركة باستمرار حتى يحصل على النسق المطلوب، وهذا ما وجده مع فريقه الجديد، الذي وصل معه إلى أفضل مستوياته، على الصعيدين المحلي والقاري.

صحيح أن هذا اللاعب ليس مهارياً مثل غيره من لاعبي الوسط، ولا يملك لمسات توني كروس، ولا حتى مستقبل فرينكي دي يونج، وبالتأكيد أقل خبرة وتمركز من دافيد سيلفا، لكن ميزة ماركوس يورينتي في شخصيته القوية، حركته المستمرة، ذكائه في اللعب من دون كرة، والأهم من كل ذلك فعاليته داخل الصندوق وخارجه، ليصبح أكثر لاعبي الليجا تسجيلاً على مستوى الوسط في الموسم الجاري، وبالطبع إذا استمر بهذا النسق سيدخل التشكيلة المثالية بنهايته من دون شك.