لا صوت يعلو فوق جماعية ليفربول وشراسته مع يورجن كلوب، لكن يبقى محمد صلاح بمثابة حبة الكرز لهذا الفريق. رأي لا يمثل تعصباً أيدولوجياً أو قومياً أو مصرياً على الإطلاق، لأن حتى جماهير النادي الإنجليزي لديها إيمان كامل بأن الملك المصري هو النجم الأبرز لهذا الفريق، فنياً ورقمياً وإعلامياً بالتأكيد، مع تحطيمه الأرقام القياسية مراراً وتكراراً، كونه الهداف التاريخي لليفربول في الشامبيونزليج، وهداف البريمرليج لمدة موسمين متتاليين، كذلك هو اللاعب صاحب أفضل معدل تهديفي في تاريخ النادي، بالإضافة إلى سلسلة طويلة من الإحصاءات التي لا تتوقف أبداً.
مع كل هذا التقدير والإعجاب والمديح الذي يتلقاه صلاح من الجميع، داخل ليفربول وخارجه، فإن النجم العربي لديه بعض المشاكل بين الحين والآخر، سواء مع زملائه، كما حدث رفقة ساديو ماني في أكثر من مناسبة، حينما أبدى السنغالي غضبه من عدم تمرير زميله الكرة له، كذلك رد له صلاح الفعل عندما طلب منه عدم الحديث معه قبل تسديد ركلة الجزاء، خلال لقاء الليفر ومانشستر سيتي. كذلك عبر “مو” عن غضبه تجاه مدربه الألماني يورجن كلوب، عندما يقوم باستبداله أثناء المباريات، أو حتى عدم البدء به كما حدث ضد كريستال بالاس في ديسمبر.
المهم أن هذه التصرفات تحدث لجميع اللاعبين وداخل الفرق كافة، لكن الفرق هذه المرة أن صلاح نفسه خرج ليتحدث عن فرق أخرى، غير ليفربول، ويكيل بالمديح إلى عملاقي إسبانيا، برشلونة وريال مدريد، وكأنه يريد خوض تحديات جديدة مستقبلاً، ويرمي إلى ما هو أبعد كثيراً من تحت قدميه.
أجرت صحيفة “آس” الإسبانية حواراً مطولاً مع محمد صلاح، في نهاية 2020، تحدث خلاله عن عدمة أمور، لكنه أجاب بشيء من المراوغة عندما وجه إليه هذا السؤال: “إلى أي مدى ترى نفسك تلعب مع ليفربول”؟ إجابة الملك المصري كانت خبيثة بعض الشيء، حيث قام بالضحك ثم قال: “هذا سؤال صعب للغاية، لكن الآن أستطيع أن أقول إن كل شيء في يد النادي، بالطبع أريد تحطيم الأرقام القياسية معهم، وأكرر كل الأرقام القياسية للنادي، لكن كل شيء في يد ليفربول”.
لا صوت يعلو فوق جماعية ليفربول وشراسته مع يورجن كلوب، لكن يبقى محمد صلاح بمثابة حبة الكرز لهذا الفريق. رأي لا يمثل تعصباً أيدولوجياً أو قومياً أو مصرياً على الإطلاق، لأن حتى جماهير النادي الإنجليزي لديها إيمان كامل بأن الملك المصري هو النجم الأبرز لهذا الفريق، فنياً ورقمياً وإعلامياً بالتأكيد، مع تحطيمه الأرقام القياسية مراراً وتكراراً، كونه الهداف التاريخي لليفربول في الشامبيونزليج، وهداف البريمرليج لمدة موسمين متتاليين، كذلك هو اللاعب صاحب أفضل معدل تهديفي في تاريخ النادي، بالإضافة إلى سلسلة طويلة من الإحصاءات التي لا تتوقف أبداً.
مع كل هذا التقدير والإعجاب والمديح الذي يتلقاه صلاح من الجميع، داخل ليفربول وخارجه، فإن النجم العربي لديه بعض المشاكل بين الحين والآخر، سواء مع زملائه، كما حدث رفقة ساديو ماني في أكثر من مناسبة، حينما أبدى السنغالي غضبه من عدم تمرير زميله الكرة له، كذلك رد له صلاح الفعل عندما طلب منه عدم الحديث معه قبل تسديد ركلة الجزاء، خلال لقاء الليفر ومانشستر سيتي. كذلك عبر “مو” عن غضبه تجاه مدربه الألماني يورجن كلوب، عندما يقوم باستبداله أثناء المباريات، أو حتى عدم البدء به كما حدث ضد كريستال بالاس في ديسمبر.
المهم أن هذه التصرفات تحدث لجميع اللاعبين وداخل الفرق كافة، لكن الفرق هذه المرة أن صلاح نفسه خرج ليتحدث عن فرق أخرى، غير ليفربول، ويكيل بالمديح إلى عملاقي إسبانيا، برشلونة وريال مدريد، وكأنه يريد خوض تحديات جديدة مستقبلاً، ويرمي إلى ما هو أبعد كثيراً من تحت قدميه.
جواب صريح جداً
أجرت صحيفة “آس” الإسبانية حواراً مطولاً مع محمد صلاح، في نهاية 2020، تحدث خلاله عن عدمة أمور، لكنه أجاب بشيء من المراوغة عندما وجه إليه هذا السؤال: “إلى أي مدى ترى نفسك تلعب مع ليفربول”؟ إجابة الملك المصري كانت خبيثة بعض الشيء، حيث قام بالضحك ثم قال: “هذا سؤال صعب للغاية، لكن الآن أستطيع أن أقول إن كل شيء في يد النادي، بالطبع أريد تحطيم الأرقام القياسية معهم، وأكرر كل الأرقام القياسية للنادي، لكن كل شيء في يد ليفربول”.
كان يمكن للمحاور أن يغلق القصة عند هذا الحد، ويبقى الجواب دبلوماسياً بعض الشيء، لكن عاجله بسؤال آخر حول فكرة اللعب بمقيص الميرينجي أو البلاوجرانا مستقبلاً، ليرد صلاح بهذا النص: “أعتقد بأن برشلونة وريال مدريد من الأندية الكبرى، من يدري ماذا سيحدث في المستقبل؟ لكنني أركز الآن على الفوز مع فريقي ببطولتي الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا مرة أخرى”.

إجابة صلاح هنا كانت واضحة وصريحة، البارسا والريال ثنائي كبير، لا أحد يعلم المستقبل، كل شيء في يد ليفربول. لم يجزم إطلاقاً باستمراره ولم يعرض نفسه على الثنائي الإسباني، لكنه فتح الباب على مصراعيه للقيل والقال، وكأنه يتقي شر الزمن مبكراً، ويؤمن نفسه من غدر الأيام، مع إمكانية اللعب لصالح برشلونة أو مدريد في يوم ما.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، لأن محمد أبو تريكة، أسطورة الكرة المصرية ومحلل القنوات الناقلة للبريمرليج، وجه سهام غضبه نحو يورجن كلوب، بسبب إبعاده صلاح عن التشكيلة الأساسية أحياناً واستبداله سريعاً في بعض الأوقات الأخرى، ليدعو زميله السابق بشكل صريح إلى التفكير في خطوة الانتقال إلى الدوري الإسباني، واللعب لصالح برشلونة أو ريال مدريد، حتى يكمل مسيرته ويجمع بين طرفي المجد في آن واحد.
مراحل تكوين صلاح
فشل محمد صلاح مع تشيلسي، أو دعنا نقول بأنه لم يحصل على فرصته مع جوزيه مورينيو، ليرحل سريعاً إلى إيطاليا، بسبب قلة عدد المشاركات، لذلك قرر الهروب مع أول فرصة ليذهب إلى فلورانسا ثم تجاه العاصمة الإيطالية. يمتلك صلاح مزايا عديدة كالسرعة والقوة البدنية، مع قدرته على شغل مراكز الجناح يميناً، وبالتالي يتألق بشدة مع الفرق التي تجيد لعبة التحولات، لصعوبة إيقافه عند التحول من الدفاع إلى الهجوم.
ونتيجة لعبه مع منتخب مصر تحت قيادة المدرب الأميركي السابق بوب برادلي كرأس حربة متأخر، تضاعفت قدراته التهديفية أمام المرمى، من خلال تسجيل الأهداف وترجمة الفرص بنجاح، لذلك فإنه نجح سريعاً مع فيورنتينا عندما لعب كمهاجم متأخر أكثر منه جناح في رسم 3-5-2، وكأنه يعيد تجربته غير المكتملة مع الأمريكي برادلي، المدير الفني السابق لمنتخب مصر.
من فيورنتينا إلى روما، تحول صلاح إلى نسخة أفضل مع سباليتي. صحيح أنه تعلم التسجيل مع مصر وفيورنتينا، ذاق طعم الفشل مع تشيلسي، ثم أصبح يملك الخبرة الكافية رفقة ذئاب العاصمة الإيطالية. لوتشيانو انتقد اللاعب المصري عبر وسائل الإعلام، بسبب نقص تركيزه وإضاعته فرص سهلة تحت ضغط المباريات، ليتعلم صلاح الدرس جيداً ويستمع إلى مديره الفني، ويبدأ في تعديل ديفوهاته وعيوبه التي تمحورت حول انخفاض مردوده خلال المباريات الكبيرة، وإضاعته فرص سهلة أمام المرمى، لتتحسن معدلات أرقامه بشكل واضح، ويتحرك في جميع أركان الملعب، بالوسط وبين الخطوط وعلى الطرفين، بعد أن كان يركز فقط على الثلث الأخير بالعمق.

إذا كان سباليتي هو الرجل الذي جعل صلاح أقوى على مستوى العقلية والتفكير، وحوله إلى نسخة أفضل في الصناعة والحيازة واللعب تحت الضغط، مع أرقامه المميزة في آخر مواسمه بالدوري الإيطالي، من خلال قيامه بصناعة 11 أسيست أو تمريرة حاسمة، فإن الفرعون كان موفقاً بحق باللعب تحت قيادة يورجن كلوب، الرجل العادي الذي يصنفه الكثيرون بأنه أفضل مدرب في العالم، من خلال تطويره مهارات لاعبيه، وتحويلهم إلى نسخ مكتملة بالكرة ومن دونها.
صلاح ويورجن كلوب
كل لاعب داخل المستطيل الأخضر يجب أن يفكر في أربع أمور، الكرة، المساحة، الخصم، والزميل. كل جزئية تحدد أين يجب أن يتحرك اللاعب في الحالة الدفاعية، وأين يمرر في الحالة الهجومية. مقولة معروفة لعراب التكتيك، أريجو ساكي، يطبقها صلاح بنجاح منذ انتقاله إلى ليفربول، فاللاعب عرف تاريخيا بأنه جناح سريع على الخط، يحصل على الكرة ويقطع في العمق من أجل التسديد، أو يتمركز خلف المهاجم الصريح لاستغلال المرتدة القاتلة، معتمدا على ركضه المستمر ولياقته القوية، لكنه بات نسخة أكثر تكاملاً بمرور السنوات وتوالي المباريات.
يورجن مدرب استثنائي، يفهم اللاعبين جيداً، وملم بالجوانب الخططية لأقصى درجة، هو مدرب بالمعنى الحرفي للكلمة، يستطيع تطوير لاعبيه، يحول السيء إلى جيد، ويرفع الجيد إلى جيد جدا، ويجعل بعضهم ممتازا إذا سارت الأمور بالشكل المثالي، وهذا ما حدث بالنص مع محمد صلاح، ليتطور على مستوى التمركز من دون الكرة، والوقوف بذكاء في وبين الخطوط، مع قيامه بدور المهاجم والصانع والجناح في آن واحد، لقدرته على شغل أكثر من مركز، وتحسن مردوده في المساحات الضيقة، حتى أصبحت هناك طريقة مميزة في تسجيل الأهداف مسجلة بإسمه، كميسي ورونالدو وغيرهم، من خلال حصوله على الكرة تحت ضغط، ومروره من لاعب وإثنين، ثم وضعه للكرة في الزاوية المستحيلة حيث يسكن الشيطان.
تكتيكياً، صلاح دوره مختلف عن ساديو ماني، القصة ليست لها علاقة بالهدف والأسيست فقط، ولكن طريقة تمركز كل لاعب وفق أفكار وخطط يورجن كلوب. هذا ما كتبته بالحرف في تحليل سابق لـ “سبورت 360″، فاللاعب المصري أقرب إلى الثلث الهجومي الأخير من منطقة الوسط، ويعتبر بمثابة المهاجم الرئيسي في خطة الألماني، خاصة أن زميله البرازيلي روبرتو فيرمينو يتحرك كثيراً للأسفل، ويربط مع لاعبي الوسط أكثر مما يتحرك داخل منطقة الجزاء، حتى يفتح الطريق أمام سهولة استلام صلاح في القنوات الشاغرة بالقرب من المرمى.
يتمركز صلاح باستمرار بين ظهير الخصم وقلب دفاعه، حيث يملأ أرنولد الفراغات على اليمين كجناح حقيقي لا مجرد ظهير، بينما يتحول فيرمينو إلى المركز 10 أعلى ثلاثي الارتكاز، لذلك فإن دور اللاعب المصري في التشكيلة أقرب إلى التسجيل مقارنة بالصناعة، ويستخدمه المدير الفني لإنهاء الفرص التي تأتي من جانب لاعبي الوسط، الأظهرة، وبقية اللاعبين.
من دون صلاح، فإن أرنولد لن يتحرك بكل أريحية على الخط يميناً، كذلك سيحتاج فيرمينو إلى البقاء داخل الصندوق من أجل التسجيل فقط، وهو ما لا يحبه ولا يجيده البرازيلي على طول الخط، لأن زميله “مو” يتمركز أكثر في القنوات الشاغرة، لا يلمس الكرة كثيراً مثل السنغالي، لكن يلعب بظهره أكثر، يستلم ويمرر من لمسة واحدة، ويتحرك أكثر مما يصنع.
شخصية صلاح تسمح بذلك
“الغرب ليسوا عباقرة ونحن أغبياء، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل!”، مقولة استعان بها صلاح للرد على منتقديه منذ سنوات، حينما انقلبت الأمور ضده لفترة، وجلس كثيرا على دكة البدلاء، قبل هروبه من جحيم مورينيو، وانتقاله إلى إيطاليا مع فيورنتينا ثم روما، ليبدأ مرحلة ناجحة من مسيرته الكروية، حتى وصوله إلى قمة مستواه مؤخراً رفقة ليفربول، تحت قيادة المدرب الألماني يورغن كلوب.

بعد ذلك بسنوات خلال ندوة إعلامية في مدينة ليفربول، سُئل صلاح خلاله عن تأثره بالضغوطات الجماهيرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليجيب قائلاً: “الضغط كبير جداً، لأنني وصلت إلى مكانة لم يصلها أي لاعب مصري أو عربي أو أفريقي قبلي، خاصة من ناحية التأثير على الناس والآخرين، لكنني لا أتأثر ولا أهتم بوسائل التواصل الاجتماعي، ولا أتابع ما يقال أو يكتب عني”. أيضاً قال مو: “أنا من مصر وأدرك أن تلك هي مشكلتنا، أننا نعرف كل شيء ونرفض التعلم. ليس لدي مشكلة في التعلم، لذلك فإن العقلية تحتاج إلى مزيد من العمل حتى نصبح أفضل داخل مصر في كل المجالات”.
وداخل الملعب، لا يخجل صلاح إطلاقاً من إظهار غضبه عند خروجه بالتغيير من جانب يورجن كلوب، كذلك يدخل في نوبات غضب مع ساديو ماني وغيره في بعض اللحظات، بالإضافة إلى قميصه الشهير الذي يشير إلى عدم الاستسلام، والذي حضر به مقابلة العودة ضد برشلونة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2019، ليتحول إلى أيقونة موضة لدي الشباب المصري والعربي حينها.
كل ما سبق جزء من تصريحات ومواقف صلاح داخل الملعب وخارجه، هو شخص ليس نرجسياً أو مغروراً، لكنه يعتز كثيراً بقيمته، ولديه إيمان شديد بقدراته، ومقتنع تماماً أنه سيحقق لقب الأفضل في العالم، لذلك لا غرابة على الإطلاق من إمكانية تمرده مستقبلاً على ليفربول، ورغبته في اللعب لصالح فريق آخر مثل برشلونة أو ريال مدريد، لأن المتابع الجيد لمحمد سيدرك فوراً أنه شخص لا يؤمن أبداً بالـ “فريندزون” أو البقاء في مكان واحد طوال العمر.
برشلونة أم ريال مدريد؟
فتح محمد صلاح الطريق أمام انتقاله إلى برشلونة أو ريال مدريد في مقابلته الأخيرة مع “آس”، ليأخذ محمد أبو تريكة حديثه ويؤكد أن هذا الأمر سيكون ممكناً بشدة. اعترف زميل صلاح السابق بأن نجم ليفربول برشلوني الميول، لكن هذه المرة ليس لها أي قيمة، لأنه سيقرر وفق ظروف عديدة بعيدة تماماً عن انتماء الماضي وكل ما فيه.
طالب تريكة إدارة برشلونة بدء مفاوضات جادة مع محمد صلاح قبل انتهاء مسيرة ليونيل ميسي مع الفريق، حيث سيلعب تواجد ميسي دورًا هامًا في تحقيقه لهذه الثنائية المذهلة. وقال نجم الكرة المصرية السابق: أتمنى رؤية صلاح في برشلونة، لكن في حالة واحدة فقط استمرار ليونيل ميسي مع الفريق الكتالوني”. قبل أن يضيف بأن فرص نجاح صلاح مع ريال مدريد ستكون أكبر في حال رحيل ميسي المتوقع عن برشلونة، لكن في النهاية نجم ليفربول هو صاحب الحق الأول والأخير بشأن انتقاله إلى فريقه المستقبلي، إذا حدث ذلك من الأساس.
صلاح ينقصه فقط الحصول على جائزة الكرة الذهبية وأفضل لاعب في العالم، هو حقق لقب دوري أبطال أوروبا ولم يفز بالبالون دور، فاز بلقب البريمرليج بعد غياب طويل ولم يفز بجائزة “ذا بيست”، وحتى لم يكن صاحب المركز الثاني بسبب تفضيل زميله فان دايك عليه، مما يجعل الأمر واضحاً وصريحاً، إذا استمر في صفوف الليفر، فإنه قد يحقق بطولات جديدة مثل الدوري، الكأس، الأبطال، لكنه لن يحقق اللقب الفردي الذي ينتظره ويلعب من أجله.
من حق “مو” حينها التفكير في اتخاذ قرار آخر واللعب لفريق يضمن له الحصول على هذه الجائزة، وخلال السنوات الأخيرة، باستثناء ليفاندوفسكي وبايرن ميونخ، فإن اللاعب الذي يشارك في الليجا ويرتدي قميص برشلونة أو ريال مدريد، يكون صاحب الحظ الأوفر في تحقيق الكرة الذهبية وجائزة الأفضل في العالم، ولنا مثال بميسي، رونالدو، وحتى لوكا مودريتش، لكن يبقى السؤال الأهم تكتيكياً وخططياً، أي وجهة ستكون أفضل لمحمد صلاح؟ بعيداً عن أمنيات صديقه محمد أبو تريكة!
برشلونة؟
يعلم القاصي والداني أن برشلونة يحتاج إلى رأس حربة صريح ومدافع كبير، وربما ظهير أيسر، قبل التعاقد مع أي مدير فني جديد أو انتخاب رئيس فعلي. صحيح تجري محاولات لوضع ليونيل ميسي في العمق كرأس حربة وهمي، مع دعمه بجناح يفتح الملعب عرضياً وآخر يجيد القطع المفاجيء من الطرف إلى العمق “إنسايد”، من أجل توفير ثالوث هجومي متنوع وشرس وفعال، كما حدث في موسم 2010-2011 مع ميسي، بيدرو، فيا، تحت قيادة بيب جوارديولا، لكن حتى الآن لا توجد أي مؤشرات لنجاح هذا المثلث، لأن ميسي نفسه غير مقتنع إطلاقاً بتواجده في الهجوم، وترجمته الفرص إلى أهداف.

أصبح ميسي مولع بفكرة النزول إلى الوسط، اللعب بحرية، الربط مع مهاجم 9 في الأمام، لذلك فإنه ارتاح كثيراً مع إرنستو فالفيردي عندما لعب بطريقة 4-4-2 رفقة ميسي وفوقه سواريز، كذلك يتألق مع سكالوني الأرجنتين عندما يتواجد خلف الثنائي لاوتارو وأجويرو هجومياً في رسم قريب من 4-3-1-2، كما حدث في المباريات القارية الماضية.
نتيجة لذلك فإن تواجد ميسي سيكون في العمق، سواء كجناح يقطع من الطرف إلى الصندوق “مركز صلاح”، أو حتى كصانع لعب حر في المركز 10، على يمين ويسار الجناحين وخلف رأس الحربة الصريح، مما يجعل استقدام صلاح بمثابة الإضافة لتشكيلة البارسا وليس الحل الفعلي لمشاكله الرئيسية، حيث أن ليونيل لن يرضى بالتواجد في الأمام كمهاجم وهمي، وهنا نعود إلى نقطة الصفر من جديد، وربما تتكرر مشكلة ومعضلة جريزمان، الذي يفضل أيضاً اللعب في مركز ميسي.

نعود لصلاح، الملك المصري نفسه لا يفضل أبداً البدء في العمق كمهاجم. فعلها كلوب معه في بعض المباريات، لكنه لم ينجح أبداً ولم يتألق ولم يسجل، لأن جزء كبير من قوته تكمن في تواجده بين الخطوط، لعبه أمام الظهير الأيمن، ربطه مع المهاجم المتقدم، وتبادله المراكز معه في جزء من الثانية، كما يفعل باستمرار رفقة روبرتو فيرمينو وساديو ماني في تشكيلة ليفربول، لذلك فإن تعاقد برشلونة مع صلاح في ظل استمرار ميسي يعني أنه سيكون مجرد “أوبشن” أو خيار إضافي، وليس حلاً لمشاكل الفريق مؤخراً.

وبالطبع في حال رحيل ميسي، فإن صلاح، مع كامل الاحترام والتقدير له، سيحتاج إلى منظومة هجومية متكاملة لتعويض رحيل الأرجنتيني، مما يزيد حوله الضغوطات والمشاكل، ويجعل الصفقة بالكامل مهددة بالفشل أكثر من النجاح، وفي نفس الوقت سيكون في أشد الحاجة إلى مهاجم في الأمام مثل فيرمينو أو شيء من هذا القبيل، وهذا ما لا يقدر البارسا على فعله في الوقت الحالي، بسبب الأزمة المالية وتداعيات جائحة كورونا، مما يجعل توفير حوالي 250 مليون يورو لجلب صلاح + مهاجم آخر، أمر أقرب إلى المستحيل.
ريال مدريد؟
الأمر مغاير في ريال مدريد، الأزمة الاقتصادية في النادي أقل كثيراً من برشلونة، ويملك النادي إمكانية ضم لاعب جديد في الهجوم، مع تواجد بنزيما، هازارد، فينسيوس، وحتى رودريجو، مما يجعل الإجابة أسهل بحاجة النادي إلى جناح أيمن هداف، بنفس الطريقة التي كان يرجوها فلورنتينو بيريز في جاريث بيل، عندما اشتراه بنحو 100 مليون يورو، لكنه لم ينجح بالشكل المطلوب جماهيرياً وحتى فنياً.

تشكيلة ريال مدريد الحالية تنقصها لاعب هداف، صحيح أن بنزيما يقوم بالواجب لكن ليس في كل المباريات، ومع كثرة إصابات هازارد، وتباين مستوى فينسيوس، وقلة خبرة رودريجو، فإن النادي الملكي يحتاج إلى ساعد هجومي جديد، لاعب يتواجد على اليمين كجناح وهمي، لكنه أشبه بالمهاجم الإضافي في التشكيلة، ينطلق ويتحرك ويسدد ويسجل الأهداف أمام المرمى.
وهو نفس الدور الذي يقوم به صلاح مع ليفربول، حيث أن بنزيما يتشابه بعض الشيء مع فيرمينو، بينما يمكن لكارفخال القيام بدور أرنولد على مستوى الظهير الأيمن، مما يجعل “مو” بمثابة همزة الوصل بين الجناح والهجوم، من اليمين إلى العمق. ولأن طريقة لعب ريال مدريد عكس برشلونة، في الميل إلى التحولات السريعة واستغلال المساحات، عكس النادي الكتالوني الذي يفضل التمرير والاستحواذ ويقابل خصوماً يعتمدون على تقليل الفراغات قدر المستطاع، فإن الملك المصري يمكنه التألق مع الملكي بشكل أكبر من الأحمر والأزرق، على الصعيد الخططي.
مركز صلاح متاح في ريال مدريد، وطريقة لعب النادي تناسب قدراته بشدة، حيث يفضل السرعة والتحول واللعب المباشر أمام المرمى، لكن حتى هذه اللحظة فإن بيريز لا يفكر سوى في كيليان مبابي، الفتي الفرنسي الصغير بطل مونديال 2018، مما يجعله الهدف الأول للنادي الإسباني، حتى إذا كانت قيمته السوقية أعلى من نجم ليفربول، بفارق يصل إلى 60 مليون يورو، فمبابي تبلغ قيمته نحو 180 مليون مقابل 120 لصلاح.
ربما يرفض مبابي تجديد عقده مع باريس سان جيرمان، والذي ينتهي في صيف 2022، مما يجعله قريباً بشدة من ريال مدريد، وأقرب كثيراً من صلاح، لكن في حال نجاح النادي الفرنسي في مهتمه، فإن بيريز وقتها سيلجأ فوراً إلى نجم مصر وفخر العرب، لأنه سيكون الوحيد المتاح، والقادر على معالجة مشاكل الريال هجومياً، وجعله فريقاً أفضل على مستوى ترجمة الفرص إلى أهداف بالثلث الأخير.
في النهاية علينا الانتظار حتى صيف 2021، حيث أن الموسم الحالي قد يكون الأخير لصلاح مع ليفربول، لكن سيكون أمراً مستبعداً انتقاله وحتى نجاحه في برشلونة، وبالطبع سينتظر ماذا سيحدث في مفاوضات الريال ومبابي، على أمل معرفة السيناريو الختامي لميركاتو يبدو مشتعلاً قبل فترة طويلة من الوصول إليه.