“لا أجد أي تفسير لما يحدث، وليس لدي أسبابي الخاصة أو العامة. لم يتغير أي شيء، نواصل العمل بقوة يومياً ونرغب في مواصلة التركيز. يجب أن نكون دائماً الفريق الأفضل في الملعب، لكن المنافسين يفعلون ذلك أيضاً ويكون الأمر في غاية الصعوبة. أحيانا للتفوق عليهم وأحياناً لا، ريال فريق كبير لكنه يحتاج لثبات المستوى”، بهذه الكلمات تحدث زين الدين زيدان عن أسباب عودة ريال مدريد إلى الواجهة من جديد، بعد فترة طويلة من الشد والجذب طيلة نوفمبر ومطلع ديسمبر، حيث كان الفريق على بعد خطوة من الخروج المبكر في مجموعات دوري الأبطال، قبل أن يستفيق في اللحظة الحاسمة، ويطيح بمونشنجلادباخ بهدفين مقابل لا شيء، ليتصدر المجموعة منفرداً، قبل أن يفوز بكل سهولة على أتليتكو مدريد، متصدر الليجا، في ديربي العاصمة الإسبانية، بهدفين مقابل لا شيء، وكأن الميرينجي يشارك بفريقين لا فريق واحد.
زيدان لا يكذب ولا يتجمل، هو فعلاً لا يعرف الأسباب الصريحة وراء تحسن مستوى فريقه وارتفاع وتيرة نتائجه، بعد فاصل من التعادلات والهزائم، لأن المدير الفني يواصل تدريبه بنفس الطريقة، ولديه نفس التعليمات والتبديلات، وخطة اللعب، وحتى نفس الأسماء التي تشارك أساسياً في كل مباراة كبيرة. في بعض الأوقات يتعرضون للخسارة، وفي أوقات أخرى يقدمون أفضل ما لديهم ويحققون المكسب.
المفارقة فقط أن لاعبي الريال يفوزون كلما تعرضوا للضغوط، ويفعلون المستحيل عندما يكون زيدان على شفا الإقالة، وكأنهم وقتها يلعبون من أجل مدربهم وقائدهم، حتى يستمر ويواصل تواجده خارج الخط وداخل ملاعب التدريبات. هي متلازمة أصبحت أقرب إلى العادة في مدريد، الفريق يفوز بالكلاسيكو ثم يسقط أمام مونشنجلادباخ بالتعادل، وبعدها يحقق الفوز على إنتر ذهاباً وإياباً، ويُهزم أمام شاختار في مباراتين. يسقط أمام ألافيس وقادش، وتجده منطلقاً ضد إشبيلية ومحلقاً فوق أتليتكو مدريد. ماذا يحدث في مدريد؟ ولماذا يشبه أداء هذا الفريق حركة المد والجذر في الصعود والهبوط دون سابق إنذار؟
يمكن القول بأن زيدان ليس أفضل مدرب على المستوى التكتيكي أو الخططي مقارنة بأسماء أخرى. هو رجل لديه “بنية خططية جيدة، ونظامه التكتيكي به هفوات مع الوقت، لكنه يعطي لاعبيه الحرية الكاملة، ويسمح لهم بالارتجال والابتكار، تلك العوامل التي قد تحسم المباريات الكبيرة، ومواجهات خروج المغلوب. مناسب للغاية مع فرق النجوم، لأنه مثلهم، يفهمهم، ويعرف كيف يعطيهم الأريحية. لا عجب من تألق مارسيلو، رونالدو، كروس، مودريتش، وغيرهم مع زيدان، لأن هؤلاء يكون لهم تأثير أكبر بدون هيكل مثالي”.
“لا أجد أي تفسير لما يحدث، وليس لدي أسبابي الخاصة أو العامة. لم يتغير أي شيء، نواصل العمل بقوة يومياً ونرغب في مواصلة التركيز. يجب أن نكون دائماً الفريق الأفضل في الملعب، لكن المنافسين يفعلون ذلك أيضاً ويكون الأمر في غاية الصعوبة. أحيانا للتفوق عليهم وأحياناً لا، ريال فريق كبير لكنه يحتاج لثبات المستوى”، بهذه الكلمات تحدث زين الدين زيدان عن أسباب عودة ريال مدريد إلى الواجهة من جديد، بعد فترة طويلة من الشد والجذب طيلة نوفمبر ومطلع ديسمبر، حيث كان الفريق على بعد خطوة من الخروج المبكر في مجموعات دوري الأبطال، قبل أن يستفيق في اللحظة الحاسمة، ويطيح بمونشنجلادباخ بهدفين مقابل لا شيء، ليتصدر المجموعة منفرداً، قبل أن يفوز بكل سهولة على أتليتكو مدريد، متصدر الليجا، في ديربي العاصمة الإسبانية، بهدفين مقابل لا شيء، وكأن الميرينجي يشارك بفريقين لا فريق واحد.
زيدان لا يكذب ولا يتجمل، هو فعلاً لا يعرف الأسباب الصريحة وراء تحسن مستوى فريقه وارتفاع وتيرة نتائجه، بعد فاصل من التعادلات والهزائم، لأن المدير الفني يواصل تدريبه بنفس الطريقة، ولديه نفس التعليمات والتبديلات، وخطة اللعب، وحتى نفس الأسماء التي تشارك أساسياً في كل مباراة كبيرة. في بعض الأوقات يتعرضون للخسارة، وفي أوقات أخرى يقدمون أفضل ما لديهم ويحققون المكسب.
المفارقة فقط أن لاعبي الريال يفوزون كلما تعرضوا للضغوط، ويفعلون المستحيل عندما يكون زيدان على شفا الإقالة، وكأنهم وقتها يلعبون من أجل مدربهم وقائدهم، حتى يستمر ويواصل تواجده خارج الخط وداخل ملاعب التدريبات. هي متلازمة أصبحت أقرب إلى العادة في مدريد، الفريق يفوز بالكلاسيكو ثم يسقط أمام مونشنجلادباخ بالتعادل، وبعدها يحقق الفوز على إنتر ذهاباً وإياباً، ويُهزم أمام شاختار في مباراتين. يسقط أمام ألافيس وقادش، وتجده منطلقاً ضد إشبيلية ومحلقاً فوق أتليتكو مدريد. ماذا يحدث في مدريد؟ ولماذا يشبه أداء هذا الفريق حركة المد والجذر في الصعود والهبوط دون سابق إنذار؟
محاولة لفهم زين الدين زيدان
يمكن القول بأن زيدان ليس أفضل مدرب على المستوى التكتيكي أو الخططي مقارنة بأسماء أخرى. هو رجل لديه “بنية خططية جيدة، ونظامه التكتيكي به هفوات مع الوقت، لكنه يعطي لاعبيه الحرية الكاملة، ويسمح لهم بالارتجال والابتكار، تلك العوامل التي قد تحسم المباريات الكبيرة، ومواجهات خروج المغلوب. مناسب للغاية مع فرق النجوم، لأنه مثلهم، يفهمهم، ويعرف كيف يعطيهم الأريحية. لا عجب من تألق مارسيلو، رونالدو، كروس، مودريتش، وغيرهم مع زيدان، لأن هؤلاء يكون لهم تأثير أكبر بدون هيكل مثالي”.
زيدان كان لاعباً فذاً، أسطورة بحق داخل الملعب، ونجم من الصعب تكراره، لذلك يشعر بذاته جيداً، ويعرف أهمية اللاعبين داخل الملعب، ربما أنهم الأهم على الإطلاق، وأكثر قيمة من المدربين في المباريات الكبيرة، لأن النهائيات تتعلق بأقدامهم في الختام، لذلك فإنه منذ يومه الأول كمدرب، أصبح قريباً للاعبين بل صديقهم. صحيح هناك حاجز بينه وبينهم من أجل الاحترام وخلافه، لكنه أجبر الجميع على حبه وتقديره، وحتى اللعب من أجله.
زيزو مدرب يحمل شخصية الملكي، الفريق الكبير له تقاليد خاصة ويحمل نجومه قميص قوي لا يخسر بسهولة، إنها تقاليد متوارثة تفرق بين أندية مثل ريال، برشلونة، بايرن وفرق أخرى كباريس سان جيرمان ومان سيتي وأتليتكو مدريد، وأهم مزايا المدرب الجزائري الفرنسي أنه يحتفظ بهذه الجينات الفائزة، ولا يقل بأي حال من الأحوال عن لاعبيه.

يضع المدرب خطته أولاً، كيفية السيطرة علي المباراة، الاستحواذ الايجابي، نسق ومعدل المداورة بين النجوم، تحركات اللاعبين، انطلاقات الجناح الأيمن في مواجهة ظهير الخصم، التناغم بين لاعبي الوسط، كل هذه الأمور الفنية قد ترجح كفة مدرب على آخر. في النهاية، الفكرة ليست في عدد الفرص المصنوعة، بل الموضوع أكمل من ذلك ليشمل الفرص التي تسببت في عدد الفرص الأخيرة، وليس هذا فقط بل الفرص الأولي التي صنعت فرص أقوي لكي نشاهد الفرص الأخيرة في المباريات وهكذا، كما يقول المحلل جوناثان ويلسون في حديث قديم خططي قديم.
الفرنسي ذو الأصول الجزائرية مدرب اللاعبين، يحبونه بشدة ويحترموه لأقصى درجة، لذلك فإنهم مستعدون للتضحية من أجله، وحتى الوقوف ضد فلورنتينو بيريز نفسه إذا قرر إقالته، وبالتأكيد يفعلون المستحيل حتى يظل في منصبه، كما حدث ضد إشبيلية، مونشنجلادباخ، وأتليتكو مدريد.
أصحاب الثقة قبل الكفاءة
زيدان أيضاً من المدربين الذين يفضلون أصحاب الثقة والخبرة قبل أصحاب الكفاءة. هذا لا يعني أنه رجل مجامل بطبعه، أو يكره ويحب، ويفضل بسبب الصداقة ويستبعد نتيجة العداء، وخلافه، لكن القصد هنا أنه يؤمن جداً بالثقة المتبادلة بين اللاعب والمدرب، ولديه نظرة خاصة في اللاعب القادر على الابتكار واتخاذ القرارات الصحيحة في المباريات المصيرية، ويفضل دائماً النجم الذي يستوعب الضغط، ولا يأخذ وقتاً طويلاً في صناعة اللعبة الأخيرة.
تعرض زيزو لهجوم جماهيري وإعلامي مضاعف، بسبب تفضيله كريم بنزيما على يوفيتش، بسبب استمرار لعبه بالثنائي مودريتش وكروس على حساب أوديجارد وآخرين، وحتى نتيجة إبعاده أشرف حكيمي وتفضيله داني كارفخال، بالإضافة إلى لعب مارسيلو مباريات عديدة في كل وقت، ووضع هازارد أساسياً على حساب فينسيوس عندما يكون سليماً، وبالطبع كاسيميرو ثم كاسيميرو ثم كاسيميرو، مهما كانت حالته الفنية والتقنية.
كل ما سبق لا يعني أبداً أن زيدان شخص سيء أو مخادع، بل هذه باختصار مدرسته في الإدارة، أن يتجه دائماً إلى أصحاب الثقة والخبرات، الذي يعرفهم جيداً ويعرفونه بشكل مفصل، مما يجعلهم قادرين على إنقاذ أنفسهم وإنقاذه عندما تضيق الأمور، والأمثلة كثيرة سواء في الموسم الماضي خلال فترات الحسم بالليجا، أو هذا الموسم قبل خطوة من الخروج الأوروبي بالمجموعات.
يدرك الفرنسي جيداً أن مودريتش يستطيع اللعب بعقله أولاً، وتحمله أقدامه مهما كبر سنه، كذلك يجيد بنزيما الصناعة والبناء والتسجيل، ويفتح المساحات لغيره من القادمين إلى الخلف، ومهما تراجع مستوى كارفخال فإنه يستطيع استعادته في الأوقات الحرجة، كما يضبط كروس الوسط والفريق بالكامل في مباراة مصيرية، رغم أنه يظهر بشكل سيء قبلها في مباراة أخرى، والأهم من كل ذلك القائد راموس في منطقة الدفاع والملعب كاملاً، رفقة زميله فاران في الخلف، وأمامهما كاسيميرو في منطقة الارتكاز.
إنها 4-3-3 وسرها الباتع، التي تعتمد على لاعب ارتكاز دفاعي صريح وأمامه ثنائي من لاعبي الوسط الفنانين، كروس ومودريتش القادران على تغيير على مجريات اللعب مهما حامت الشكوك حولهما، مع قدرة بنزيما على التسجيل حتى مع إضاعته فرص سهلة في مباريات عديدة، دون نسيان براعة راموس وحيوية الوافد الجديد ميندي، ومن خلف هؤلاء كورتوا في حراسة المرمى.
محاولة لفهم تكتيك زيدان
نعود إلى حديث كيكي سيتيين عبر جارديان، مدرب ريال بيتيس وبرشلونة السابق، وصف ريال مدريد 2017 وقال نصاً: “ريال مدريد فريق فوضوي قليلا، ليس لديهم شكل دائم، على الرغم من أنهم يلعبون بأربعة في الخلف ومع كاسميرو، لوكا، توني في الوسط، فإن الطريقة التي يلعبون بها، يمكن أن تتغير في لحظة ما. قد يكون المهاجم في الوسط أو على الطرف، وفي حالة لعبه مع زميل آخر، فإنه يميل إلى رسم 4-4-2 لكن جاريث بيل يمكن أن يبدأ ، أو إيسكو ، لوكاس فاسكيز أو ماركو أسينسيو. كل شيء يعني أشياء مختلفة”.

وقبل أن يكمل حديثه، ربط الفوضى بكلمة أخرى أكثر توصيفا، هي الأناركية، anarchic nature، لكن ما هي الأناركية؟
الأناركية فلسفة سياسية تعتبر أن الدولة غير مرغوب فيها، إتجاه ضد السلطة بشكل عام، ويوصف بأنه مرادف للفوضى، وأعتقد أنه وصف غير سليم بشكل كامل، بالنسبة لدارسي العلوم السياسية. وصف أناركية في كرة القدم يعني باختصار شديد، إعطاء القدرات الفردية حيز أكبر للحركة واللعب، دون قيود تكتيكية، أو شكل خططي محكم.
نجوم مدريد لا يتقيدوا بالدقة التكتيكية أو بنية محددة، ما يميز مدريد هو قدرتها الفردية. أينما يوجد مركز بالملعب، أينما يوجد نجم في ريال مدريد، مقولة قديمة لأنخيل كابا، تصف الفريق الحالي للريال، الفارق بين الآن وقديما، أن النجوم كانت تتواجد في الهجوم بشكل رئيسي، لكن الآن هناك نجوم بالهجوم، الوسط، الدفاع، والأظهرة. (كيكي سيتيين، جارديان)
يمكن للفوضى في مدريد أن تجعل التخطيط صعبًا: فهي غير قابلة للتنبؤ. وهو فريق لديه ميزة، تعرف في الأوساط الرياضية بأنه فريق يمكنه الفوز حتى عندما يلعب بشكل سيء، وهذا وضح في أكثر من مناسبة هذا الموسم في دوري الأبطال، لكنه أيضا يحترم خصومه، وليس لديه كبرياء السيطرة في كل أرجاء الملعب، فالريال مثلا لا يهاجم باستمرار، وأمام بعض الفرق، يعود إلى مناطقه ويتصرف كأنه فريق صغير أو أقل، بإغلاق المساحات واللعب فقط على المرتدة.
القصد هنا أن قيمة تكتيك زيدان تظهر في مرونته وحريته وعدم تقيده. صحيح أن ضعف البنية التكتيكية تسبب له بعض المشاكل على مدار الموسم، وتحرمه من ميزة الاستمرارية واللعب بوتيرة ثابتة في جميع البطولات، إلا أنها تفيده أيضاً، خاصة تحت الضغط الجماهيري والإعلامي، لأنه مع لاعبيه لديهم القدرة على التعامل مع هذه المعوقات بأريحية تامة.
الفصول الأربعة في موسم واحد
باستثناء نسخة 2017، فإن الريال مع زيدان يقدم مباريات كبيرة وأخرى سيئة للغاية، يفوز في فترة ويقع في فترة أخرى. يحقق الليجا فيخسر الأبطال، وإذا فاز بالأبطال فإنه يقدم مردوداً كارثياً في الليجا، ولماذا نذهب بعيداً؟ هذا الموسم على سبيل المثال، فإن الفريق بدأ بشكل سيء ثم تطور مستواه في الكلاسيكو، وبعدها هبط بشكل غريب، فعاد إلى القمة من جديد في الديربي ضد أتليتكو مدريد. وحتى في الموسم الماضي الذي فاز فيه بالليجا، فإن الفريق وصل إلى قمته في ديسمبر 2019 ثم يناير 2020، وبعدها قدم مباريات سيئة للغاية أفقدته صدارة الليجا، وبعد فترة التوقف الطويلة نتيجة جائحة كورونا، استعاد اللقب من برشلونة بسبب صلابة دفاعه وقوة لياقته البدنية مقارنة بمنافسه المليء بالمشاكل وعدم الاستقرار.

المهم أن الريال يلعب بشكل جيد وسيء، يفوز ويخسر، يتقدم ويهبط، يبتعد ويتصدر، كل هذا في فترة واحدة، وكأنه يعيش الفصول الأربعة “شتاء، ربيع، صيف، خريف” في موسم واحد فقط، والسر يعود إلى علو الاستراتيجية الكروية فوق حتى التكتيك والخطط.
يتحدث عشاق كرة القدم عن طرق اللعب والخطط بشكل مبالغ فيه، مع إهمالهم للصورة الكبيرة، الفلسفة الكروية التي توضح بإختصار أصول اللعبة الحقيقية، بين فرق تهاجم وتستحوذ، وأخرى تدافع وتعتمد على المرتدات، وما بين هذا وذاك، يوجد المزيج الحديث الذي يهاجم أثناء الدفاع، ويدافع بالضغط الهجومي. وبعد الفلسفة، تأتي إستراتيجية اللعب التي تعني كيفية تحقيق فلسفة الفريق، ومنها إلى التكتيك المتبع الذي يعتبر أقرب إلى التغييرات والتعديلات التي تتم من أجل التغلب على المنافس”. مقولة خططية بحتة.
في حالة ريال مدريد، من الصعب وصف الفريق بأنه هجومي أو دفاعي، فلسفته نفسها غير واضحة من الناحية الكروية، حتى تكتيكه سواء 4-4-2 أو 4-3-3 أو خلافه، يتغير في أقل من لحظة خلال المباراة نفسها، ريال مدريد فريق يريد الفوز، الفوز فقط، بأي طريقة ممكنة، وما حدث مؤخرا خلال السنوات الثلاثة، أن الفريق من المستحيل توقعه، سواء عندما يفوز أو يخسر.

أسباب الصعود والهبوط
هبط مستوى ريال مدريد بشدة، توقع الكثيرون خروجه الأوروبي المبكر وحتى خسارته الليجا في ديسمبر، لكنه فعل العكس تماماً. صعد أولاً في الشامبيونزليج ثم هزم أتليتكو لأول مرة هذا الموسم وضيق الفارق مع فرق الصدارة، وحتى فاز على برشلونة في الكلاسيكو بكامب نو رغم خسارته على أرضه أمام قادش، كل هذا لأن مدربه لديه القدرة التحكم في غرفة الملابس، ويعرف إدارة المباريات الكبيرة التي تحتاج إلى ما هو أبعد من التكتيك، سواء التحفيز أو التبديلات أو الخطة الرئيسية وبالتأكيد تهدئة وتسريع نسق اللعب، وفق ظروف وشكل اللقاء نفسه.
تفوق زيدان على كومان في الكلاسيكو، وهزم سيميوني في الليجا، ليس بسبب الحظ أو التوفيق أو حتى الشخصية فقط، لكن لأنه أيضاً يراهن على الأسماء الصحيحة ويضع التشكيلة الأنسب في مثل هذه المواجهات، التي تحسم دائماً بفضل النجوم الكبار والخبرات الحقيقية داخل الملعب، لذلك لا عجب أبداً من تألق بنزيما، كروس، مودريتش، راموس، كاسيميرو فيها، حيث أن مدربهم راهن عليهم بشكل صحيح، وهم أيضاً ردوا التحية له بمواصلة العطاء داخل الملعب.
زيدان غير معقد، لا يثقل لاعبيه بتفاصيل ضيقة كما يفعل غيره، ويسمح لهم حتى بتغيير أدوارهم خلال المباراة الواحدة، بما يرونه وبما يناسب طبيعة وأجواء اللقاء، مع الحدة والكثافة العددية والضغط القوي، وكل ذلك بفضل اللياقة البدنية الجيدة للفريق، والذي يشكر عليها الطاقم الطبي والبدني المساعدان للمدرب الفرنسي في مدريد.
فريق ريال مدريد الحالي بمدربه بلاعبيه ببدلائه لديه إعداد حقيقي للتعامل مع المواقف الصعبة، عكس منافسه برشلونة الذي يسقط تحت الضغوطات، لكن النادي الملكي ربما يخسر في مباراة وإثنتين ويعود للفوز في الثالثة والرابعة، مما يجعله قريباً من المنافسة في كل البطولات، لكن ليس المرشح الأول على طول الخط، لأن هذا النظام لديه عيوب قاتلة أيضاً.
ريال زيدان ليس عنده هيكل خططي ثابت أو واضح، هناك ثغرات دفاعية واضحة، مساحات بين الوسط والدفاع، الوصول لمرماهم أمر ممكن، حتى عندما يقرر الفريق الهجوم بشكل كلي، فإنه يفقد السيطرة على المجريات. حتى بالموسم الماضي، كان الفريق مميز محلياً لكنه خسر ذهاباً وإياباً ضد السيتي في الأبطال، وفي آخر مواسم زيدان بالولاية الأولى، حقق أوروبا للمرة الثالثة على التوالي لكنه خسر الليجا بفارق شاسع من النقاط.
مع كل ذلك، من المستحيل توقع نهاية الموسم الحالي للريال، لأن مستواه لن يكون ثابتاً مهما حدث للأسباب السابقة. صحيح أن حالة منافسيه في الليجا قد تساعده، لأنه عندما يقع ويخسر نقاط فإنهم مثله، مما يجعله صاحب اليد العليا في النهايات، كما حدث فعلياً في الموسم الماضي، الذي فاز به لأنه أفضل “السيئين”، لكن في دوري الأبطال فإن كل شيء سيعتمد على طريقه في القرعة، وحالة منافسيه وحالة لاعبيه وقتها، فإما يحدث مثل 2018 حينما وصلوا إلى قمة تركيزهم في أدوار الحسم أو مثل 2020 عندما اصطدموا بفريق منظم ومدرب قوي مثل جوارديولا، ليتم إقصائهم مبكراً من دور الـ 16.