انتهى موسم 2019 /2020 الأطول في العالم ككل بسبب ظروف الكورونا، والطويل في مصر كالمعتاد، بتتويج الأهلي بثلاثية تاريخية هي الثانية له في تاريخه بعد ثلاثية عام 2006.

الأهلي فاز بلقب الدوري منذ أكثر من شهرين قبل أن يكمل ثلاثيته بالتتويج بلقب دوري أبطال أفريقيا على حساب الزمالك في مباراة يعتبرها الكثيرون الأهم في تاريخ الفريقين، وكأس مصر في انتصار على طلائع الجيش بركلات الترجيح.

في 2006 و2020 تطابق الانجاز الرقمي لكن تباينت الجودة كالفارق تماماً ما بين متصدر مشهد2006 محمد أبوتريكة  ومتصدر مشهد 2020 محمد مجدي قفشة.

هل العبارة الماضية قد تبدو متجنية أوقصيرة الذاكرة أكثر من اللازم؟ حسناً الأهلي لم يكن أداءه خارق مؤخراً بالفعل ولكنه بدأ الموسم ان كنت تتذكر بشكل أكثر من رائع مع السويسري ريني فايلر، بطل الدوري مع أندرلخت والذي جاء إلى مصر بتوقعات منخفضة وتركها بسخط كبير للاضطرار لفقدانه وعنوان رئيسي “فايلر مش هو فايلر قبل الكورونا”.

الثلاثية الجزء الأول.. فايلر ما قبل الكورونا

قد تكون أول مباراة لريني فايلر مع الأهلي هي مباراة كانوسبورت من غينيا الاستوائية ولكن التعرف الحقيقي من الجماهير على فايلر ومرحلة اكتساب الثقة الأولى كانت في السوبر المصري.

واجه الزمالك الأهلي في 20 سبتمبر 2019 في برج العرب في مباراة دخلها الزمالك وهو في حال أفضل على الورق. كان الزمالك كان قد فاز للتو بكأس مصر بثلاثية نظيفة على حساب بيراميدز في عرض هو الأفضل للفريق على الإطلاق مع الصربي ميتشووتعرف الجمهور على أشرف بنشرقي الإضافة المهولة للفريق، بينما الأهلي كان قد خسر في مشوار الكأس من بيراميدز نفسه ورحل لاسارتي وأتى فايلر وسط عدم اقتناع كامل.

كانت المباراة تعريفية بشكل كافٍ للغاية عن فايلر مميزاته وحتى عيوبه، ميتشو بدأ المباراة بتغيير غريب في طريقة اللعب بعدما أجلس مصطفى محمد على دكة البدلاء ولعب بأشرف بن شرقي كمهاجم وهمي، تعديل تكتيكي لم يكن يتمنى فايلر أكثر منه، في أول 60 دقيقة من مواجهة الزمالك الفريق كان وحده تماماً في الملعب ضغط عالي وشرس، تقديم خطوط الدفاع استغلالاً لعدم وجود عمق هجومي للزمالك وتأثير قوي للأجنحة التي تميل دائماً للعب من داخل الملعب.

الكرة في الدقيقة السابعة فقط والنتيجة تشير ل0/0، رمضان صبحي يترك الجناح ويحاول التوغل من عمق الملعب ،حسين الشحات الجناح الآخر يتحول لمهاجم ثاني وأظهرة الأهلي في .الثلث الأخير من الملعب، 7 لاعبين يهاجم بهم الأهلي

خطة فاجأت الزمالك تماماً الذي بدأ المباراة دون تحضير جيد ليجد نفسه متأخرا 3/0، دخول مصطفى محمد بعد ذلك غير كثيرا من المعطيات، لاعب سريع يستطيع أن يعاقب الأهلي على .تقديم خطوط دفاعه

ركلة جزاء الزمالك توضح النقطة بشكل كبير، النتيجة تشير لتقدم الأهلي 3/0 فايلر لايزال .يضغط من الأمام

الزمالك نجح في التدرج بالكرة ووصلت لأوباما الذي وجد هذه المرة مهاجم يستطيع استغلال .المساحات ونجح في الحصول على ركلة جزاء بعد اضطرار الشناوي للخروج من مرماه

مباراة السوبر انتهت بعد ذلك 3/2 ورغم أن الزمالك عاد في المباراة في الشوط الثاني وعرف أين كان الخطأ الذي ارتكبه بالتحديد، كالعادة مباريات الديربي ليست مجرد 90 دقيقة فايلر حصل على ثقة مهولة والزمالك دخل الموسم بشكل مهتز.

فايلر عرف كذلك أنه يستطيع أن يخاطر ويندفع بشكل كبير امام فرق الدوري المصري ويتحمل المخاطرة.

مخاطرة كانت مبنية على أكثر من عامل أهمهم اسم الأهلي وكذلك اللياقة البدنية المرتفعة للغاية للفريق.

يقول يوري تيليمانز لاعب خط وسط ليستر سيتي والذي لعب تحت إمرة ريني فايلر في أندرلخت البلجيكي في حوار مع The Athletic  يونيوالماضي، “في الفئات السنية لأندرلخت أنت لا تتعلم الجزء الدفاعي بشكل جيد لأنك دائما تملك الكرة، لذلك عندما تم تصعيدي للفريق الأول كان هذا تغير كبير جدا بالنسبة لي، لأنني يجب أن أتعلم الجزء الدفاعي وكذلك القدرة على قطع المسافات لكوني قلب الفريق، أتذكر في مرة أحد المدربين قال لي أن لاعب خط الوسط يجب أن يجري على الأقل 11 كيلومتر في المباراة هذا والا لن يلعب، مدرب حاد وصارم للغاية، هذا المدرب كان مدربي في آخر عام لي في أندرلخت وبالفعل على مدار الموسم تحولنا لآلات، كنا نجري أكثر من كل الخصوم وهكذا نفوز عليهم لقد فزنا تقريبا بكل مباراة وتوجنا أبطالا، هذا المدرب كان سويسري الجنسية واسمه ريني فايلر”.

ما قاله تيليمانز عن فايلر كان صحيحاً تماماً وبرغم الاصابات الكثيرة التي تعرض لها الفريق، الأهلي كانت لديه قدرة كبيرة جدا على حسم المباريات في الدقائق الأخيرة.

الأهلي خاض مع فايلر 30 مباراة في الدوري بينها مباراة اعتبارية هي مباراة الزمالك في الدور الأول أي أنه خاض 29 مباراة (موسيماني خاض 4 مباريات بعد حسم اللقب).

الأهلي مع فايلر سجل في الشوط الثاني ثلاثة أضعاف ما سجله في الشوط الأول في مباريات الدوري، بل  وسجل في آخر ربع ساعة والوقت الضائع 11 هدف أكثر من ما سجله في الشوط الأول ككل احصائية توضح التفوق البدني للأهلى على خصومه بشدة في الدوري خصوصا قبل التوقف بسبب الكورونا.

بصمات فايلر الفنية على هجوم الأهلي وخاصة أجنحته ظهرت بشكل كبير جدا على رمضان صبحي اللاعب المعروف بقلة اسهاماته التهديفية كان مصدر تهديد متكرر للخصوم تحت قيادة فايلر.

هنا في مباراة سموحة على سبيل المثال يستقبل رمضان عرضية معلول ويضعها رأسية ينقذها .الهاني سليمان وبعدها بدقيقة واحدة ومن العمق أيضا يسجل هدف للأهلي

رمضان لعب تحت قيادة فايلر 6 مباريات فقط في الدوري قبل الانضمام للمنتخب الاوليمبي والإصابة بعد ذلك، سجل 4 أهداف أقل بهدف وحيد من ال5 أهداف التي سجلها في موسمي 2014/2015 و2015/2016 اللذان لعب فيهما 24 و28 مباراة على الترتيب.

ليس ذلك فقط رمضان عندما عاد من الإعارة في يناير 2019 لعب في النصف الثاني من الموسم 18 مباراة سجل هدفين، مع فايلر لعب ثلث عدد الماتشات فقط وسجل الضعف.

إصابة رمضان كانت من أكثر الأشياء التي أضرت بمسيرة ريني فايلر مع الأهلى على مستوى الأداء.

أفريقيا مع فايلر كان الأهلي يعاني من أكثر من مشكلة، أولها أن الاهلي كان يحاول أن يلعب خارج الأرض مثل داخل الأرض وهوالخطأ الذي وقع فيه جروس مثلا مع الزمالك في مباراة جورماهيا قبل التدارك، ثانيا ضعف شخصية الفريق في تلك المرحلة الفريق الذي حضر هزائم قاسية مثل الترجي وصن داونز.

أولى المطبات التي وقع فيها فايلر كانت مباراة النجم الساحلي والتي أقيمت في رادس، الأهلي اضطر للعب بعشرة لاعبين من الدقائق الأولى بسبب خطا من أيمن أشرف عقب إرسال كرة .في ظهره

الأهلي تلقى هزيمته الأولى مع فايلر أمام النجم الساحلي، الأهلي لم يقدم دوري مجموعات جيد فاز على بلاتينيوم والهلال والنجم في القاهرة بأداء متوسط وقدم مباراة سيئة للغاية في زيمبابوي أمام بلاتينوم ونجا من الخسارة ولكنه قدم أداء متوازن أمام الهلال السوداني فنيا عابه بعض القصور في الشخصية خاصة عقب تعادل الهلال، الأهلي كاد أن يخرج منهزما رغم تقدمه حتى الوقت الضائع وان كان البعض يقول أن الاجواء التي لعب فيها الأهلي وكرة كهربا الضائعة قد تشفع له.

الأهلي خسر لاحقاً السوبر المصري الثاني في فبراير بالإمارات بركلات الترجيح وبالرغم من أنها واحدة من أفضل مباريات الأهلي ضد الزمالك على مستوى السيطرة ووضوح رغبة الزمالك في دفع المباراة لركلات الترجيح خاصة مع الارهاق البدني الناتج عن مباراة الترجي في السوبر الأفريقي، الأهلي كان يبدوأفضل فنيا بوضوح في تلك اللحظة ولكن مثلما حدث في ديربي سبتمبر نتيجة الديربي دائما حساسة لدى الجماهير وتزيد الشكوك لذلك كانت مباراة صن داونز في ربع نهائي دوري الأبطال عنق زجاجة للسويسري أمام جاني الأرباح في نهاية الموسم بيتسو موسيماني.

موسيماني درس الأهلي تماماً وكان يعرف الثغرة التي يستطيع المرور منها كرات طويلة في .عمق دفاع الأهلي المتقدم

كرات متكررة ومتشابهة تماماً مع الكرة التي طرد فيها أيمن أشرف في مباراة النجم الساحلي لكن التوفيق حالف الأهلي بعد أن قدم مباراة هجومية كبيرة في القاهرة خاصة في الشوط الثاني وسجل هدفا في مباراة العودة من خطأ بعد عرضية لعلي معلول لتتسهل المباراة ويتأهل الأهلي لنصف النهائي وينتهي فصل الربيع لفايلر مع الأهلي في مباراة ورغم تأهله كانت الأخيرة له أفريقيا.

ثلاثية الأهلي الجزء الثاني فايلر ما بعد الكورونا

بعد عودة فايلر من سويسرا وتجديده للتعاقد بوجود بند يسمح له بالرحيل في ال10 أيام الاولى من أكتوبر والذي كشف عنه فيما بعد لم يكن حاسماً في أي شئ، الأهلي كان قد أنهى الدوري إكلينيكيا من الدور الأول والزمالك كان يفقد نقاطاً سهلة ومسألة حسم الدرع كانت مجرد وقت.

ولكن علاقة جماهير الأهلي بفايلر تغيرت بشكل درامي، الفريق بدأ يلعب كرة أسوأ شئ طبيعي بعد العودة من الكورونا وخسارة الحدة البدنية ولكن فايلر نفسه غير كثيرا من خطط الفريق لعب 4/4/2 بدلا من 4/2/3/1 المعتادة ولعب في مباراة الزمالك بطريقة 4/3/3 بابعاد أليوديانج وقفشة عن عمق الملعب وهوما عرضه لهزيمة ثقيلة أمام الزمالك، الهزيمة التي كانت بمثابة ضربة عنيفة لجدار الثقة الذي بناه مع الجماهير خاصة مع تسريبات رحيله ووجود الزمالك والأهلي في نصف نهائي دوري الأبطال واحتمالية مواجهتهم مجدداً في النهائي وهوما حدث بالفعل لاحقا.

بعد الكورونا كذلك حدة الضغط على لاعبي منتصف الملعب انخفضت تماما وهوما أعطى الفرصة لعديد الفرق لتشكيل خطورة هائلة على الأهلى مهما كانت جودتها هنا في مباراة .أسوان على سبيل المثال

حتى في مباراة الزمالك ورغم الخسارة بثلاثة أهداف لهدف من مواقف مختلفة حدة الضغط على منتصف الملعب كانت سيئة للغاية ولوأحسن زيزووأباما التصرف في أكثر من موقف .كانت من الممكن أن تزيد النتيجة خاصة في الشوط الأول

.رحل فايلر بعد التتويج بالدوري رسمياً ومنح الأهلي عدة أرقام رائعة في نهاية المسابقة

*كل الاحصائيات التي لم يتصدرها الأهلي كان المتصدر بيراميدز والذي أنهى الدوري في المركز الثالث.

*الفريق الثاني في عدد التمريرات الصحيحة بعد بيراميدز وقبل الأهلي ليس الزمالك ولكن من؟  حسناً توقعك صحيح هو وادي دجلة.

الجزء الثالث الحصاد مع بيتسو موسيماني

بعد رحيل فايلر أقدم محمود الخطيب رئيس الأهلى على خطوة مفاجئة باعلان التعاقد مع بيتسوموسيماني مدرب فريق صن داونز.

موسيماني لديه سمعة كبيرة في مصر بعد التتويج بلقب دوري أبطال أفريقيا على حساب الزمالك في 2016، وهزيمة الأهلي بخماسية في النسخة قبل الماضية من البطولة، موسيماني كذلك كان يعرف عنه جودة الكرة التي يقدمها مع صن داونز والتي صنعت الجزء الناقص داما من كرة جنوب أفريقيا، على مدار التاريخ كان أسلوب لعب فرق جنوب أفريقيا معروف، تمرير على الأرض، استحواذ، انتشار جيد ولكن نجاعة هجومية ضعيفة لايوجد حدة على الإطلاق في الآداء، أسلوب تجده في كل الفرق لكن موسيماني مع صن داونز عرف بالحدة المطلوبة الفريق له أسلوب محبب للعين ونتائجه فعالة أيضا، الخطيب كذلك ضمن تقليل الجدل بالتعاقد مع اسم له خبرة كبيرة في الكرة الأفريقية، بالتأكيد نحن الآن نتحدث بعدما عرفنا ما ستنتهي إليه القصة لكن الخطيب خاطر ونجح.

موسيماني لعب مع الأهلي 4 مباريات في الدوري بينهم مباراة واحدة صعبة كانت أمام بيراميدز وهنا وضحت نوايا الرجل، موسيماني على عكس فايلر لا يمارس الضغط من الأمام أمام الفرق التي تجيد البناء من الخلف ولا توجد لديه مشكلة في ترك الاستحواذ

هنا في الدقيقة الخامسة مثلاً وفي بداية المباراة هجمة عادية لبيراميدز والأهلي بالكامل متراجع تحت الكرة.

الأهلي خسر الاستحواذ حتى ما قبل طرد السولية وأظهر بعضا من قدراته المميزة في .التحولات أمام الفرق التي تهاجمه

هنا ديانج وقفشة نجمي مرحلة موسيماني في هجمة مرتدة أمام بيراميدز، ديانج بقدرته الرائعة على قطع مسافات بالكرة وقفشة في التحرك بين الخطوط ، كرة انتهت بركلة جزاء للأهلي أضاعها قفشة بعد ذلك ولكنها تركت انطباع أن الاهلي بامكانه اللعب على التحولات بشكل .مميز

في مباراتي الوداد ذهاباً إياباً كان العنصر الذي يستخدم في تحولات الأهلي دائماً هو حسين الشحات اللاعب الذي يترك الخط ويندفع في العمق اعتمادا على سرعته، في مباراة الذهاب فرصة ضائعة مؤكدة والعودة هدف رائع، كرتين بالكربون للأهلي كرة ثابتة للوداد حسين الشحات يندفع للعمق يتلقى تمريرة بوجه القدم الخارجي مرة من ديانج وأخرى من أجاي وينفرد بالمرمى.

حيلة موسيماني الأخرى كانت دائما في لعب الكرات في عمق الملعب بين قلبي دفاع الخصم لوتتذكر نقطة ضعف الاهلي مع فايلر والتي تحولت لنقطة قوة مع موسيماني، موسيماني يعرف انه لن يأخذ الكرة دائما ولكنه كان يرغب في اخذ الكرة الثانية ان لم يستطع مهاجمه الاستحواذ عليها وهوما حدث في النهائي أمام الزمالك.

الأهلي استفاد من الكرات العميقة بين قلبي الدفاع بثلاثة أشكال مختلفة:

1- انفراد مباشر لمروان محسن أمام الوداد

2-مروان محسن محطة يلعبها لكهربا هدف نهائي الكأس

 3- وأخيرا هدف قفشة في الزمالك بعد الحصول على الكرة الثانية

إذا موسيماني يمتلك بعضاً من الأفكار والأنماط المتكررة بالفعل ولكن هل كان ذلك كافي للتتويج بالثلاثية أوبدوري أبطال أفريقيا في مباراة الزمالك على وجه الخصوص؟

والحقيقة أن الأهلي توج بالفعل ولكن الزمالك لعب مباراة كبيرة جدا وأبطل كل مفاتيح لعب الأهلي، حتى تحركات قفشة بين الخطوط أبطلتها كماشة ساسي وطارق حامد وثغرة اسلام جابر الاضطرارية تم ابطالها بعد أول 5 دقائق لاجبار الزمالك الشحات على العودة لمساندة فريقه دفاعيا، موسيماني سيخلد في التاريخ ولقب الأهلي كذلك ولكنه كوفئ أكثر مما يستحق بدون شك.