“أحترمه كثيراً كلاعب لكن لا أحترمه أبداً كرجل، لقد عرفنا للتو أنه انتقل إلى ريال سوسيداد، رغم أنه كان لديه اتفاق كامل معنا. لا تعليق على ما فعله ولن نعطي الأمر أكثر من ذلك”، بهذه الكلمات القوية والعبارات الحادة، جداً، هاجم إيجلي تاري، المدير الرياضي لنادي لاتسيو، نجم كرة القدم الإسبانية دافيد سيلفا، بعد رفضه الانتقال إلى نسور العاصمة الإيطالية، وتفضيله الذهاب إلى النادي الثاني في مقاطعة الباسك، حيث يتواجد سوسيداد وفريقه، في واحدة من أكبر مفاجآت الميركاتو الصيفي الأخير.
لن ندخل في قصة من المخطيء ومن على حق في صراع تاري ودافيد سيلفا، لأن القصة أغلقت منذ أشهر ولم يفتحها أحدهما من جديد، لكن يبقى السؤال الأهم، لماذا أدار سيلفا ظهره لفريق يشارك في دوري أبطال أوروبا؟ نافس على الكالتشيو حتى النهاية، حصل على بطولة السوبر وهزم يوفنتوس أكثر من مرة، وفي نفس الوقت رفض ملايين قطر، ولم يهتم أيضاً بالعروض الأمريكية ومستوى المعيشة المرتفع في لوس أنجلوس ونيويورك وغيرها، واختار أن يعيش وسط الثلوج في الباسك، ويذهب إلى ريال سوسيداد، حتى أنه لم يعد ليختتم مسيرته مع ناديه الأصلي فالنسيا؟
أسئلة عديدة وصحيحة وموضوعية للغاية، ربما بسبب شخصي، أو أسري، أو حتى مالي في عدم عودته إلى فالنسيا، أو طموح لرفضه اللعب في قطر، لكن بالتأكيد هناك جزء كروي بحت، ويجب أن يكون شديد الصلة بالشق التكتيكي والخططي، لأن ما يحدث في ريالي أرينا، أو لأننا أقدم بعض الشيء، سنقول في ملعب الأنويتا، أشبه بالثورة الكروية مكتملة الأركان، فالفريق الأول لكرة القدم بنادي ريال سوسيداد يقدم تكتيك محترم لأقصى درجة، والمشروع الرياضي بالكامل يستحق الدراسة، والرصد، والتقدير لأبعد درجة ممكنة. لقد كان دافيد سيلفا محقاً، في رفضه كل ما سبق، وتفضيله “لا ريال” فقط.
حتى منتصف شهر نوفمبر 2020، تصدر ريال سوسيداد بطولة الليجا هذا الموسم، قبل فياريال، أتليتكو، ريال مدريد، برشلونة، إشبيلية، وفرق أخرى عديدة. وخلال منافسات الموسم الماضي، احتل الفريق المركز السادس بالترتيب، وكان قريباً من المراكز المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا، لولا التغيير الكبير الذي حدث للجميع بعد توقف المنافسات لفترات طويلة بسبب جائحة كورونا.
“أحترمه كثيراً كلاعب لكن لا أحترمه أبداً كرجل، لقد عرفنا للتو أنه انتقل إلى ريال سوسيداد، رغم أنه كان لديه اتفاق كامل معنا. لا تعليق على ما فعله ولن نعطي الأمر أكثر من ذلك”، بهذه الكلمات القوية والعبارات الحادة، جداً، هاجم إيجلي تاري، المدير الرياضي لنادي لاتسيو، نجم كرة القدم الإسبانية دافيد سيلفا، بعد رفضه الانتقال إلى نسور العاصمة الإيطالية، وتفضيله الذهاب إلى النادي الثاني في مقاطعة الباسك، حيث يتواجد سوسيداد وفريقه، في واحدة من أكبر مفاجآت الميركاتو الصيفي الأخير.
لن ندخل في قصة من المخطيء ومن على حق في صراع تاري ودافيد سيلفا، لأن القصة أغلقت منذ أشهر ولم يفتحها أحدهما من جديد، لكن يبقى السؤال الأهم، لماذا أدار سيلفا ظهره لفريق يشارك في دوري أبطال أوروبا؟ نافس على الكالتشيو حتى النهاية، حصل على بطولة السوبر وهزم يوفنتوس أكثر من مرة، وفي نفس الوقت رفض ملايين قطر، ولم يهتم أيضاً بالعروض الأمريكية ومستوى المعيشة المرتفع في لوس أنجلوس ونيويورك وغيرها، واختار أن يعيش وسط الثلوج في الباسك، ويذهب إلى ريال سوسيداد، حتى أنه لم يعد ليختتم مسيرته مع ناديه الأصلي فالنسيا؟
أسئلة عديدة وصحيحة وموضوعية للغاية، ربما بسبب شخصي، أو أسري، أو حتى مالي في عدم عودته إلى فالنسيا، أو طموح لرفضه اللعب في قطر، لكن بالتأكيد هناك جزء كروي بحت، ويجب أن يكون شديد الصلة بالشق التكتيكي والخططي، لأن ما يحدث في ريالي أرينا، أو لأننا أقدم بعض الشيء، سنقول في ملعب الأنويتا، أشبه بالثورة الكروية مكتملة الأركان، فالفريق الأول لكرة القدم بنادي ريال سوسيداد يقدم تكتيك محترم لأقصى درجة، والمشروع الرياضي بالكامل يستحق الدراسة، والرصد، والتقدير لأبعد درجة ممكنة. لقد كان دافيد سيلفا محقاً، في رفضه كل ما سبق، وتفضيله “لا ريال” فقط.
مشروع رياضي متكامل
حتى منتصف شهر نوفمبر 2020، تصدر ريال سوسيداد بطولة الليجا هذا الموسم، قبل فياريال، أتليتكو، ريال مدريد، برشلونة، إشبيلية، وفرق أخرى عديدة. وخلال منافسات الموسم الماضي، احتل الفريق المركز السادس بالترتيب، وكان قريباً من المراكز المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا، لولا التغيير الكبير الذي حدث للجميع بعد توقف المنافسات لفترات طويلة بسبب جائحة كورونا.
يتشابه أداء الفريق الأول لريال سوسيداد مع فرق الأكاديمية والفئات السنية، مما يعكس مدى الاحترافية الرائعة لهذا النادي بالسنوات الأخيرة، سواء في جذبه للمواهب الصغيرة، أو صقل قدرات الناشيئن، أو طريقة لعبه التي تطبق في جميع الفئات، بداية من أصغر معدل أعمار في الأكاديمية حتى الفريق الكبير، حتى مع طريقة اللعب التي تعتبر مزيج بين 4-3-3 و4-1-4-1 سواء رحل مدرب أو جاء اسم جديد دون أي تغيير أو تعقيد.
سوسيداد فريق يفضل التمرير القصير، معظم تمريراته في المدى القصير والمتوسط. يجيد لاعبوه الحفاظ على الكرة، مع معدل يصل إلى 14 تمريرة في الدقيقة الواحدة، وأكثر من 5 تمريرات متتالية دون أن يفقدون اللعبة تحت الضغط، وفقاً لإحصاءات الفريق خلال النصف الأول من ليجا 2019-2020، مع مهاجم متحرك غير ثابت، أجنحة سريعة وتقطع للداخل في العمق، رفقة وسط متقدم باستمرار وأظهرة تهاجم أكثر مما تدافع.
فريق سوسيداد الحالي يملك متوسط نسبة استحواذ تصل إلى 54 % في الليجا، دقة تمرير تقترب من حاجز الـ 80 %، أكثر من 12 تسديدة على الخصم في اللقاء الواحد، ونحو 11 مراوغة صحيحة في اللقاء، وفق ما أظهرته إحصاءات موقع “هو سكورد” المتخصص، ويفضل دائما هذا الفريق اتباع إستراتيجية الضغط العالي، مع التمريرات القصيرة في وبين الخطوط، وفتح الملعب عرضياً بواسطة الأجنحة الصريحة، مع تقدم الظهيرين.
ثلاثي أضواء الملعب
3 أشخاص يستحقون الذكر عند الحديث عن مشروع سوسيداد الحالي:
- لوكي إيرياتي، مدير أكاديمية زوبييتا “مدرسة الناشئين بسوسيداد”، وأول مدرب أوروبي لأنطوان جريزمان أيام لعبه في الباسك.
- روبرتو أولابي: المدير الرياضي الحالي للنادي، والرجل الذي عمل في عدة أندية إسبانية، بالإضافة إلى كونه المدير الفني السابق لعدة أكاديميات كروية.
- ايمانول ألجواسيل، المدير الفني الحالي للفريق، والرجل الذي أعاد سوسيداد من جديد إلى الواجهة، مع طريقة لعبه الهجومية وميله إلى الضغط والاستحواذ وصناعة أكبر كم من الفرص.
قليلون من يعرفون بأن أنطوان جريزمان بدأ مسيرته الكروية بشكل حقيقي في إسبانيا وليس فرنسا. لقد وصل الفتي الصغير النحيف إلى الباسك، بعد أن رفضته عدة أندية فرنسية في بلاده، مثل ليون على سبيل المثال، بسبب صغر حجمه وضعف بنيانه الجسدي. وصل أنطوان ولم يكن في أفضل حالاته فنياً ولياقياً، لكنه كان محطماً على الصعيد النفسي، لأنه لم يجد من يثق في قدراته، لذلك قرر خوض التحدي الجديد بعيداً عن بلاده، وبالتحديد في مقاطعة الباسك.
لوكا إيرياتي هو أول شخص أبدى ثقته في إمكانات جريزمان، أحبه وكأنه ابنه الصغير، أخذ بيده وجعله لاعباً أفضل، ليتحول بعد سنوات إلى موهبة يافعة في الليجا مع سوسيداد، قبل أن يتوحش ويصبح أحد أفضل لاعبي العالم بعد انتقاله إلى أتليتكو مدريد، ثم تحوله إلى مرحلة السوبر ستار مع فرنسا ولعبه لصالح برشلونة فيما بعد، كما يعرف الجميع بلا استثناء.
إيرياتي لديه قوة في الكلام أيضاً وليس كرة القدم. يقول عن جريزمان أنه كلما يلمس الكرة كلما زادت أشعة الشمس في ملعب الأنويتا، في دلالة على الإيمان الشديد بقدرات الفرنسي، والقدرة الفائقة في صقل المواهب الصغيرة، وجعلها تنمو بشكل أفضل، وتتحول إلى نسخة متكاملة على الصعيد التقني والفني وحتى البدني. لوكا هو مدير إدارة تطوير الناشئين في ريال سوسيداد، الرجل الذي يعمل بدقة مع الفرق الصغيرة، وشبه مسؤول عن نقل المواهب إلى الفريق الأول، مع التقاط الشبان الصغار من فرق أخرى وتطويرهم حتى يتحولون إلى نسخة أفضل، كما حدث مع جريزمان على سبيل المثال.
التعليم والتدريب أساس لاعب كرة القدم
يقول مدير قطاع الناشئين في لا ريال أثناء مقابلة سابقة مع صحيفة “ديسمارك” الإسبانية: “دوري الدرجة الأولى ذو مستوى عالٍ للغاية على صعيد التنافسية، لذلك نحن نعمل على أساس يومي لإعداد اللاعبين ليكونوا في ديناميكية ومستوى التطلعات. هذا هو هدفنا وآمل أن نكون في مستوى عالٍ جدًا، حتى يمكن للاعب الشاب أن ينافس الكبار، ويدخل معهم في التشكيلة سريعاً، وفي نفس الوقت لا نفقد شكل المنافسة مع الكبار محلياً”.
يؤكد لوكا إيرياتي أنهم يعملون ليل ونهار من أجل أن يصل هؤلاء اللاعبون إلى الفريق الأول أو أن يكونوا لاعبي كرة قدم محترفين، لكن قبل كل شيء أن نكون نموذجاً تدريبياً وتعليمياً معاً. هو يعتقد بوضوح أنه يريد الحصول على لاعبين جيدين، لكن قبل كل شيء، أناس طيبون.

يهتم سوسيداد بالفريق الدريف كثيراً، لأنه بمثابة المصدر الرئيسي للفريق الأول، حيث لا يقدر النادي الإسباني على منافسة الكبار في الدفع، كذلك لا يملك الموارد المالية والتسويقية العملاقة لفرق البريمرليج على سبيل المثال، لذلك فإن الاهتمام بالشبان ولاعبي الفريق الثاني هو الأساس لإنتاج فريق تنافسي يستطيع اللعب في بطولة بحجم وقيمة الليجا الإسبانية.
على سبيل المثال في صيف 2020، انتقل دافيد سيلفا في صفقة تعاقد حر، لكن لم يدفع النادي أي يورو في أي صفقة، لأن الجهاز الفني بالتعاون مع أكاديمية الشبان والفريق الرديف، آمنوا جميعاً بفكرة الاعتماد على قوام الفريق الأساسي، وتصعيد بعض الأسماء بصفة نهائية، مثل مارتين زوبيمندي، نايس جواهرة، أندوني زوبياوري، روبرتو لوبيز، مع الحفاظ على أسماء مثل ميكيل أويارزبال، ويليان خوسيه، إيساك، بورتيو، يانوزاي.
ما حدث في صيف 2020 لم يكن جديداً لأن الفريق استخدم نفس الإستراتيجية حتى قبل فيروس كورونا، فالنادي الباسكي قام بتصعيد كل من أندر جيفارا، أيهن مونوز، روبين لي نورماد، أندير بارينتشيا، والأهم من كل ذلك التقاط المواهب وتطويرها في سن صغير، مع حصولها على الدقائق سريعاً. جريزمان سابقاً وميكيل أويارزابال حالياً.

الإسباني الشاب الذي يجيد اللعب في مركزي الجناح والمهاجم، والذي وصل إلى فريق الباسك في سن 14 سنة فقط، ليتطور على يد مدربي الأكاديمية بشكل واضح، ويذهب إلى إعارة قصيرة مع إيبار قبل أن يعود ويقود الفريق الأول سريعاً، حيث أصبح الآن أحد أهم نجوم الليجا والمنتخب الإسباني، وتبلغ قيمته السوقية نحو 60 مليون يورو، مما يؤكد على نجاح طريقة عمل لوكا إيرياتي ومساعديه ومن سبقوه، في الإيمان الشديد بالشبان، الاهتمام بالفريق الرديف، شراء المواهب بثمن قليل ثم إعادة بيعهم بعد ذلك بمبالغ فلكية، للحفاظ على دورة حياة النادي وصرف هذه الأموال في تطوير المعدات وأجهزة المتابعة وخلافه.
العين الخبيرة في الشراء والبيع
أسماء مثل ألكسندر إيساك، عدنان يانوزاي، مارتين أوديجارد، دييجو يورينتي وآخرين، لم ينجحوا بالشكل الكبير في فرقهم الأولى، لكنهم أصبحوا نسخة أفضل كثيراً مع سوسيداد، بطريقة أو بأخرى. كذلك طريقة لعب الفريق نفسها التي تعتمد على “تطيير الباكات” أي اللعب بأظهرة متقدمة، وأجنحة تجيد القطع المفاجيء من الطرف إلى العمق، ومهاجم متحرك لا ثابت،
كلها أمور جعلت النادي يتجه دائماً إلى صفقات معينة، مثل إيساك المهاجم المهاري المتحرك، كريستيان بورتو الجناح الهداف، أوديجارد لاعب الوسط الثالث الذي يجيد التحول إلى الطرف، وتعويضه بدافيد سيلفا ملك هذا الشق في سنوات سابقة. حتى عندما أعادوا اللاعبين القدامى، أحضروا ناتشو مونريال، الذي لديه مشاكل دفاعية واضحة لكنه ظهير مميز هجومياً، رغم كبر سنه ونقص بريقه قياساً بالسابق.
كل هذه الأمور تؤكد أن هناك مدير فني مميز، لكن هناك أيضاً مدير رياضي أميز، يفهم كرة القدم ويعرفها، يضع يده على النواقص، ويفهم كل كبيرة وصغيرة داخل فريقه، مما يجعله موفقاً في عمليات البيع والشراء، تعويض الراحلين بأسماء أخرى، والحفاظ على القوام الأساسي التنافسي مهما كانت المعوقات، لذلك فإن روبرتو أولابي، المدير الرياضي لنادي ريال سوسيداد، رجل ناجح بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
لا عجب من ذلك، لأن أولابي بدأ مسيرته الرياضية كمدير فني وليس مدير رياضي. عمل في هذا المنصف مع عدة فرق مثل سوسيداد في وقت سابق، ألميريا، إيبار، ريال أونيون، قبل أن يتولى منصب مدير قطاع الكرة في النادي الباسكي، منذ 5 سبتمبر 2016، ليحقق نجاحات كبيرة ويعمل مع كل المدربين بطريقة متناسقة، حتى أصبح المشروع قوياً ومحكماً، على الصعيدين الفني والمالي.

يؤكد أولابي نظرة النادي بكلمات واضحة، حيث أن سوسيداد فريق حرفي للغاية، ويقول خلال مقابلة مع صحيفة “بانينكا”: “نشأتنا هي مركز التطوير لدينا، مركز التدريب، أكاديمية زوبييتا الخاصة بالناشئين والشبان. ما نريده بالضبط هو أن يتم التعرف علينا من خلال تطوير المواهب. نحن نؤمن بالشباب، بالقوة التي تمنحنا إياها فلسفتنا. من حوالي 200 لاعب لدينا في الأكاديمية، هناك نسبة 80 % من منطقة جيبوثكوا -هي مقاطعة إسبانية تقع في شمال الدولة، تقع ضمن حدود منطقة إقليم الباسك. عاصمتها هي مدينة سان سباستيان-، مع 20 ٪ من الخارج والتي ستأتي للتحسين والإضافة”.
ما يفعله قسم الرياضة داخل نادي ريال سوسيداد هو وضع خطة إستراتيجية عامة، هناك 9 وحدات تطوير، كل وحدة لها قيادة من قبل متخصص في هذا المجال، سواء كانت وحدة التطوير الفردية، وحدة التوظيف، وحدة التحليل، الشق البدني، وهكذا. يؤكد أولابي: أنه كلما عرف كل شيء كلما قلت معرفته بكل شيء، بمعنى أنه في حاجة إلى أشخاص متخصصين لديهم الشغف والقدرة على التعلم والعمل واتخاذ القرارات، حتى يتفرغ هو لوضع الخطوط العريضة، والربط بين عملهم وعمل الفريق الأول، والتنسيق بالطبع مع المدير الفني، أي أنه لا يقوم بكل شيء بمفرده.

“أنا أؤمن بإدارة الرياضة أكثر بكثير من شخصية المدير الرياضي وطبيعته. وأراهن على الإدارة أكثر بكثير من التوقيعات والعقود”. روبرتو أولابي في حديثه السابق مع بانينكا.
خطة 4-1-4-1 ومشتقاتها
إذا كان برشلونة وفياً لخطته الأشهر 4-3-3، فإن هذا الرأي لم يعد منطقياً مع رونالد كومان، الذي يفضل رسم 4-2-3-1، لكن الأمر مختلف فعلياً في الباسك، حيث يفضل مدربو ريال سوسيداد اللعب بخطة 4-1-4-1 التي تتحول إلى 4-3-3 بين الدفاع والهجوم، لذلك فإن إيمانول ألجواسيل جاء إلى الأنويتا ليلعب بنفس الطريقة الخططية، لكن أضاف إليها مرونة وسرعة وجرأة، جعلت الفريق يضغط على خصومه، يخنقهم في مناطقهم، وينوع لعبه بين الطرف والعمق، ويسجل أهدافاً غزيرة دون توقف، أمام الكبار والصغار على حد سواء.

ألجواسيل رجل بدأ التدريب في سوسيداد، تدرج في الفئات الصغيرة، وحصل على منصب المدرب المساعد للفريق الرديف عام 2013، قبل أن يقود الفريق الثاني كمدير فني في الفترة ما بين 2014 حتى 2018، وبعدها نال فرصة عمره بأن يصبح المدير الفني للفريق الأول، في البداية كمرحلة مؤقتة خلال موسم 2018-2019 قبل أن يستمر بسبب تحسن النتائج حتى الآن، ويصبح أحد أفضل مدربي الليجا في 2020.
مدرب يفضل رسم 4-4-1-1 و4-2-3-1 في بعض الأحيان، قاد الفريق الأول لسوسيداد في أكثر من 80 مباراة، ويبلغ من العمر 49 سنة، ولم يعمل كمدير فني أول لأي فريق آخر من قبل، حيث كانت معظم خبراته في الرديف أو كمساعد لبعض الوقت في الجهاز الفني لدافيد مويس، الرجل الذي تولى قيادة سوسيداد لبعض الوقت قبل رحيله وعودته إلى إنجلترا.
يعتمد المدرب في لعبه على ارتكاز دفاعي صريح أسفل دائرة المنتصف وأمام رباعي خط الظهر، يقوم بهذه المهمة غالباً إيجور زوبيمندي، بينما يحصل ميكيل ميرينو على مهام همزة الوصل ودور الارتكاز المساند، على مقربة من الثنائي زوبيميندي دفاعاً ودافيد سيلفا هجوماً، لاعب الوسط الأمامي بالمركز 8 والذي جاء بعد عودة أوديجارد إلى ريال مدريد، لذلك فإن الفريق الباسكي يبدأ بلاعب ارتكاز أمامه ثنائي آخر متنوع على اليمين واليسار، على شكل المثلث المقلوب داخل الملعب.
هكذا كان الوسط بينما بالهجوم هناك مهاجم حر، يتحرك داخل الصندوق وخارجه، يجيد اللعب من لمسة واحدة، ولديه قوة بدنية تسمح له بالاحتكاك ولعب الكرات الهوائية والتفوق في الصراعات الثنائية، ولنا في إيساك أو ويليان خوسيه أفضل مثالين، كل هذا من أجل أن يتوغل ميكيل أويارازبال كجناح مقلوب من الطرف إلى داخل منطقة الجزاء، بينما يتكفل يانوزاي بدور الجناح الآخر على اليمين، من أجل توسيع الملعب عرضياً والقيام بدور القطع إلى الوسط لإضافة لاعب آخر إلى ثلاثي الارتكاز، من أجل مزيد من السيطرة أو التحكم، وبالطبع هناك بعض الأوراق الرابحة مثل بورتو، القادر على القيام بدور المهاجم الإضافي من أجل تحول 4-1-4-1 إلى 4-4-2، أو حتى الجناح الآخر على الخط يميناً.

ومن الوسط والهجوم إلى رباعي الدفاع، بتواجد ثنائي في القلب وثنائي آخر على الأطراف، يتقدم باستمرار خاصة مع أهمية الجناحين في صناعة الأهداف وتسجيلها، لذلك يحصل ناتشو مونريال على دور هجومي صريح على اليسار، عند تحول ميكيل أويارزابال إلى عمق اللعب، سواء كمهاجم إضافي أو جناح داخلي، فيما يعرف خططياً بالـ “أوفرلاب”، لذلك فإن سوسيداد يهاجم بضراوة من الطرف والعمق، الوسط والأجنحة دون توقف.
نتيجة لكل ما سبق، فإن سوسيداد يتفوق على جميع أندية الليجا، بما فيها برشلونة وريال مدريد، على مستوى عدد الأهداف المسجلة حتى منتصف نوفمبر، كذلك فإنه يتبع سياسة الهجوم خير وسيلة للدفاع باستقباله 4 أهداف فقط كثاني أقوى خط دفاع بعد أتليتكو مدريد، بفضل قوة وثبات وصلابة نورماند، إيلوستوندو، جوروزابيل، أرانباري، وبالطبع زوبيلديا، زوبيميندي، والمكوك الذي لا يتوقف ميكيل ميرينو.
لا يخبرنا التكتيك بكل شيء، ولا تجيب الأرقام على الأسئلة كافة، لذلك قد يتغير جدول الترتيب ويبتعد سوسيداد عن فرق الصدارة، أو حتى ينخفض مستواه لأي ظرف من الظروف، لكن ستبقى تجربة فريق الباسك مميزة بحق، سواء على مستوى منافسة الكبار أو الحصول على مركز متقدم بالليجا، وبالطبع الوصول إلى نهائي كأس الملك، والأهم من كل ذلك أنه فريق جدير بمشاهدتك، لذلك فضلاً لا أمراً خذ من وقتك بعض الدقائق أو حتى الساعات، واستمتع بمتابعة هذا الفريق الممتع والواثق والجريء والمبادر، وقف تحية للثلاثي الذي يستحق الذكر قبل اللاعبين حتى، وهم: إيرياتي، أولابي، وألجواسيل.