في كل مرة يلعب بها بوغبا مع منتخب فرنسا يظهر السؤال: لماذا لا يلعب هكذا مع مانشستر يونايتد؟
للإجابة على هذا السؤال -وقبل الحديث عن الأمور الفنية- يجب العودة إلى التوقعات التي أتى بها بوغبا إلى مانشستر يونايتد، حيث عاد الفرنسي إلى يونايتد الذي شهد فيه ظهوره الأول كلاعبٍ محترف محمّلاً بكمّ كبيرٍ من التوقعات بعد الأداء العظيم الذي قدّمه مع يوفنتوس، الأمر الذي شجّع إدارة الفريق الإنجليزي لشرائه بمبلغٍ قياسي لقيادة المرحلة التالية لما بعد اعتزال السير أليكس فيرغسون رفقة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو.
مع مورينيو، لعب يونايتد بأكثر من رسم، حيث اعتمد بشكلٍ رئيسي على رسم 3-3-4 ورسم 1-3-2-4 كما لعب برسمٍ 3-4-3 على فتراتٍ متفاوتة، وفيها لعب بوغبا في أكثر من مركز مختلف:
لاعب وسط على اليسار في 3-3-4محور ارتكاز أيمن في 1-3-2-4لاعب وسط أيمن في 3-4-3في الرسمين الرئيسيين الذي اعتمد عليهما مورينيو مع مانشستر يونايتد لعب بوغبا أدواراً مختلفة:
في كل مرة يلعب بها بوغبا مع منتخب فرنسا يظهر السؤال: لماذا لا يلعب هكذا مع مانشستر يونايتد؟
للإجابة على هذا السؤال -وقبل الحديث عن الأمور الفنية- يجب العودة إلى التوقعات التي أتى بها بوغبا إلى مانشستر يونايتد، حيث عاد الفرنسي إلى يونايتد الذي شهد فيه ظهوره الأول كلاعبٍ محترف محمّلاً بكمّ كبيرٍ من التوقعات بعد الأداء العظيم الذي قدّمه مع يوفنتوس، الأمر الذي شجّع إدارة الفريق الإنجليزي لشرائه بمبلغٍ قياسي لقيادة المرحلة التالية لما بعد اعتزال السير أليكس فيرغسون رفقة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو.
فترة جوزيه مورينيو
مع مورينيو، لعب يونايتد بأكثر من رسم، حيث اعتمد بشكلٍ رئيسي على رسم 3-3-4 ورسم 1-3-2-4 كما لعب برسمٍ 3-4-3 على فتراتٍ متفاوتة، وفيها لعب بوغبا في أكثر من مركز مختلف:
- لاعب وسط على اليسار في 3-3-4
- محور ارتكاز أيمن في 1-3-2-4
- لاعب وسط أيمن في 3-4-3
في الرسمين الرئيسيين الذي اعتمد عليهما مورينيو مع مانشستر يونايتد لعب بوغبا أدواراً مختلفة:
- في رسم 1-3-2-4؛ تواجد بوغبا كمحور ارتكاز ثانٍ مع أدوارٍ دفاعية، ومهام الصعود بالكرة سواءً عبر التمريرات البينية الكاسرة للخطوط، أو الكرات الطويلة باتجاه الأطراف، أو الكرات الطويلة المباشرة باتجاه روميلو لوكاكو

بجانب بوغبا تواجد ماتيتش، والذي يتمتّع تقريباً بذات الخصائص التي يتمتع بها بوغبا في قدرته على التمرير سواءً التمريرات الكاسرة للخطوط أو التمريرات الطويلة، إضافةً لأنه يتمتّع بقدرةٍ جيدة على التقدم بالكرة، الأمر الذي يُجبر بوغبا حينها على البقاء في الخلف لتأمين صعود ماتيتش.
وبالتالي، كان يونايتد يمتلك محوري ارتكاز جيدين على الكرة، ولكنهم لا يمتلكون القوة البدنية الكبيرة للقيام بأدوار محور الارتكاز الدفاعي، الأمر الذي يجعل خط وسط يونايتد يعاني بسبب المساحات الكبيرة التي تظهر أمام الدفاع
- في رسم 3-3-4؛ تواجد بوغبا كلاعب وسط ثالث على الجانب الأيسر، وتمتّع بحرية هجومية أكبر مع تواجد لاعبا وسطٍ من خلفه يقومان بالتغطية الدفاعية [أندر هيريرا – نيمانيا ماتيتش]
شكل يونايتد الهجومي حينها كان يعتمد على تواجد بوغبا في المساحة أمام منطقة الجزاء، والتي تمنحه الفرصة للتسديد أو التمرير أو الدخول لمنطقة الجزاء وتهديد المرمى

أرقام بوغبا حينها شهدت تطوراً ملحوظاً في هذا المركز، حيث حظي في موسم 2017/18 بمعدل [0.5 تمريرة حاسمة/90 دقيقة] وهو أعلى من معدل أفضل مواسمه مع يوفنتوس في هذا الجانب [0.4 تمريرة حاسمة/90 دقيقة] وذلك موسم 2015/16
بعد ذلك، أتت مشاكل بوغبا مع جوزيه مورينيو، وكانت سبباً رئيسياً في سلسلة من الخلافات داخل الفريق والتي انتهت بإقالة البرتغالي بعد 17 مباراة من بداية موسم 2018/19
فترة أولي غونار سولشاير
مع سولشاير، بدأ بوغبا بصورةٍ أفضل في رسم 3-3-4 والذي يتحوّل مع الكرة إلى 1-3-2-4 بتقدم بوغبا للتواجد في مركز رقم 10 خلف المهاجم، مع حرية كبيرة للتحرك في الثلث الأخير من الملعب عبّر عنها الفرنسي في إحدى اللقاءات حين قال:
“تواجد هيريرا وماتيتش خلفي يُساعدني، أعلم بأنهما هناك ولذلك بإمكاني الضغط عالياً، أنا أسدد، أمرر وهذا ما أفعله منذ قدوم أولي. أنا أشعر بالأمان من خلفي وبالحرية”.
اختلفت الأمور مع قدوم برونو فيرنانديز، حيث عاد بوغبا ليلعب كمحور ارتكازٍ ثانٍ بجانب ماتيتش الأمر الذي أجبره على القيام بأدوار دفاعية، وظهرت من جديد مشكلة المساحات أمام خط الدفاع إضافة لمشكلة الصعود بالكرة تحت الضغط حيث لم يتمتع بوغبا ولا ماتيتش بالسرعة اللازمة لتفادي قدرة العديد من الفريق على الضغط ومنع يونايتد من الصعود بالكرة.

بعد ذلك، أتت الخسارة أمام توتنهام 1-6 في الجولة الرابعة من موسم 2020/21 ليقرر سولشاير التخلي عن ثنائية [بوغبا – ماتيتش] ويستبدلها بثنائية [فريد – ماكتومناي] والتي كانت أقل جودةً مع الكرة ولكن أكثر زخماً من الناحية البدنية.
ثنائية [فريد – ماكتومناي] منحت برونو فيرنانديز حرية أكبر وظهر البرتغالي بشكلٍ مذهل جداً، قبل أن تتراجع هذه التوليفة مع قدرة الفرق على الضغط على الثنائي ومنعهم من الصعود بالكرة وبالتالي إغلاق خطوط التمرير في العمق نحو برونو فيرنانديز الذي اضطر للتراجع كثيراً لاستلام الكرة.
حينها برزت في ذهن سولشاير فكرة تواجد بوغبا على الجناح الأيسر لمساندة برونو فيرنانديز في الثلث الأخير من الملعب، الأمر الذي بدا مثمراً جداً وظهر الفرنسي بشكلٍ جيدٍ جداً وكان عاملاً مهماً في العديد من المباريات، ولكن هذا التوظيف أثّر على لاعبٍ مهمٍ آخر وهو ماركوس راشفورد، الذي اضطر للتواجد على الجهة اليمنى والتي لا يبرز كثيراً بها، الأمر الذي توضّحه خارطة تسديدات راشفورد في الموسم الماضي.
وبالتالي، يُمكن القول بأن مشاكل توظيف بوغبا مع يونايتد الحالي تتلخّص بالتالي:
- صعوبة التحول إلى 3-3-4 بتواجد بوغبا كلاعب وسط على الجهة اليسرى، حيث سيضطر حينها برونو فيرنانديز للتراجع أكثر كلاعب وسط على الجهة اليمنى (وهو مركزٌ يُجيده ولكنه لا يتألق به) إضافةً لعدم امتلاك يونايتد لمحور ارتكازٍ دفاعي يتمتّع بالقوة والصلابة
- اللعب بـ1-3-2-4 يعني عودة بوغبا لتأدية الأدوار الدفاعية، كما أن مشكلة قدرة الفرق على الضغط القوي في العمق تُصعّب من مهمته كثيراً في هذا المركز.
- تواجده على الجناح الأيسر في رسم 1-3-2-4 يُفقد الفريق لاعباً مهماً مثل ماركوس راشفورد.
ولكن، ما الفارق بين توظيف بوغبا مع فرنسا ويوفنتوس وبين توظيفه مع يونايتد؟
في البداية، هنالك الكثير من الفوارق الأساسية بين أسلوب لعب المنتخبات عموماً وقصر مدة البطولات الدولية، وبين الدوري الذي يُلعب طوال الموسم.
إضافةً لذلك، من المهم الإشارة إلى الجانب الذهني والنفسي، حيث يبدو بوغبا سعيداً مع فرنسا وربما يشعر بضغوطاتٍ أقل بالنظر إلى حجم التوقعات المتساوية بينه وبين بقية النجوم المتواجدين مع المنتخب.

تكتيكياً، يحظى بوغبا مع فرنسا بتأمين دفاعي كبير سواءً عند تواجده كمحور ارتكازٍ ثانٍ أو كلاعب وسطٍ ثالث، حيث يتواجد كانتي بجانبه مع لاعبٍ آخر (عادةً ما يكون بأدوار دفاعية أكبر) الأمر الذي يمنح بوغبا حرية كبيرة في الصعود والتحرك للأمام وقيادة الهجوم الفرنسي، إضافةً لذلك من المهم الإشارة إلى أدوار الظهيرين المختلفة مع فرنسا حيث يتمتعان بتوازنٍ أكبر مما يحدث مع ظهيري مانشستر يونايتد.
مع يوفنتوس تمتّع بوغبا بأقصى مراحل الحرية الممكنة:
- تواجده كلاعب وسط ثالث على اليسار مع أدوار دفاعية أقل
- تأمين صعوده وحريته تلك بتواجد 3 مدافعين ثابتين
لذلك كانت نسخة يوفنتوس هي النسخة الأفضل لبوغبا، حيث تمتع بحرية كبيرة لإظهار كل إمكانياته مع/بدون الكرة.
هل رحيل بوغبا عن يونايتد هو الأفضل؟
لا يحظى بوغبا بالكثير من القبول لدى قطاعٍ كبير من جمهور يونايتد، فالحديث المتواصل عن رغبته في الرحيل سواءً منه شخصياً أو من أشقاءه وتعامل وكيله مينو رايولا مع النادي جعلت رصيده من المحبة ينخفض شيئاً فشيئاً، رغم إيمانهم الكبير بامتلاكه إمكانياتٍ هائلة.

هذا الإيمان ظهر مع سولشاير الذي يعلم تماماً بأنه يمتلك جوهرةً قادرةً على تغيير مسار أي مباراة، ولكن هذه الجوهرة تحتاج للكثير من العمل ليس عليها وحسب بل على كامل الفريق، الأمر الذي يبدو صعباً بالنظر إلى أفكار سولشاير والرسم الذي اعتاد اللعب به.
ومع قرب انتهاء عقده، وصعوبة إيجاد توليفة مناسبة تخدم بوغبا كما تخدم الفريق بشكلٍ عام، فإن رحيل الفرنسي يبدو أكثر منطقيةً من بقاءه، خصوصاً وأن الهدف القادم هو جادون سانشو وذلك يعني أن سولشاير لا يزال مصرّاً على اللعب برسم 1-3-2-4 وبالتالي يبدو تواجد راشفورد كجناحٍ أيسر أكثر ترجيحاً من تواجد بوغبا، خصوصاً وأن سانشو على الجناح الأيمن يتمتّع بإمكانيات كبيرة في صناعة اللعب وبالتالي يُمكنه مساندة برونو فيرنانديز في الثلث الأخير من الملعب كما كان يفعل بوغبا ولكن دون الإضرار بإمكانيات راشفورد.
ولكن من المهم الإشارة إلى أن بقاء بوغبا يلزم بعض التغييرات والتعاقدات في الفريق، فمع افتراض تواجد سانشو وراشفورد على الأطراف وتواجد برونو فيرنانديز خلف المهاجم، هذا يعني أن المركز المناسب لبوغبا حينها سيكون محور ارتكاز ثانٍ، الأمر الذي يقتضي تواجد لاعب وسط دفاعي بحت بإمكانيات بدنية كبيرة وبقدرةٍ جيدة على مساندة الفريق في الصعود بالكرة، إضافةً لضرورة تواجد ظهير أيمن بإمكانياتٍ أفضل على الكرة يمنح الفريق خياراتٍ أوسع للصعود بها، وبالتالي قد يكون رحيل بوغبا (أسهل) على يونايتد من بقاءه الذي يتطلب الكثير من التغييرات ويستلزم الكثير من الصمت على ما يفعله وكيل أعماله خلال كل فترة انتقالات.