بدأ أتالانتا جاسبريني في جذب أنظار جميع متابعي كرة القدم حول العالم خلال موسم 2018/19، حين قدّم الفريق أحد أفضل الأداءات في الدوريات الأوروبية الكبرى مسجّلاً 77 هدفاً محتلّاً بها صدارة أفضل خطوط الهجوم في الدوري الإيطالي، واستطاع الحلول ثالثاً والتأهل للمرة الأولى في تاريخه إلى دوري أبطال أوروبا.
في الموسم التالي 2019/20، وصل أتالانتا للذروة، حيث كان الفريق ثالث أفضل خطوط الهجوم في كامل الدوريات الخمس الكبرى [98 هدفاً] بعد مانشستر سيتي وبايرن ميونخ [100 هدف]، كما استطاع الوصول إلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا في مشاركته الأولى في المسابقة قبل أن يخرج على يد باريس سان جيرمان وصيف البطولة لاحقاً.
ما ميّز أتالانتا خلال فترة جان بييرو جاسبريني هي العقلية الهجومية والتكتيك الدقيق الذي يتطلّب نوعية محدّدة من اللاعبين، وخلال هذا المقال، سنتحدث بالتفصيل عن أحد أفضل التكتيكات الهجومية في كرة القدم في الوقت الحاضر.
اعتمد جان بييرو جاسبريني على أكثر من رسم تكتيكي يُمكن حصرها بحسب دقائق اللعب للتالي:
بدأ أتالانتا جاسبريني في جذب أنظار جميع متابعي كرة القدم حول العالم خلال موسم 2018/19، حين قدّم الفريق أحد أفضل الأداءات في الدوريات الأوروبية الكبرى مسجّلاً 77 هدفاً محتلّاً بها صدارة أفضل خطوط الهجوم في الدوري الإيطالي، واستطاع الحلول ثالثاً والتأهل للمرة الأولى في تاريخه إلى دوري أبطال أوروبا.
في الموسم التالي 2019/20، وصل أتالانتا للذروة، حيث كان الفريق ثالث أفضل خطوط الهجوم في كامل الدوريات الخمس الكبرى [98 هدفاً] بعد مانشستر سيتي وبايرن ميونخ [100 هدف]، كما استطاع الوصول إلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا في مشاركته الأولى في المسابقة قبل أن يخرج على يد باريس سان جيرمان وصيف البطولة لاحقاً.

ما ميّز أتالانتا خلال فترة جان بييرو جاسبريني هي العقلية الهجومية والتكتيك الدقيق الذي يتطلّب نوعية محدّدة من اللاعبين، وخلال هذا المقال، سنتحدث بالتفصيل عن أحد أفضل التكتيكات الهجومية في كرة القدم في الوقت الحاضر.
الرسم التكتيكي والأسماء الأساسية
اعتمد جان بييرو جاسبريني على أكثر من رسم تكتيكي يُمكن حصرها بحسب دقائق اللعب للتالي:

في المقابل، اعتمد جاسبريني على المداورة بشكلٍ كبير، حيث امتلك أتالانتا 14 لاعباً لعبوا أكثر من 1500 دقيقة، مع احتفاظه بهيكل أساسي في الفريق لعبوا أكثر من 2000 دقيقة:

شكل الفريق عند البناء
يعتمد أتالانتا على الاستحواذ والبناء من الخلف عبر ثلاثي الدفاع، حيث يتحوّل مدافعا الطرف للتواجد في أنصاف المساحات، الأمر الذي يمنح الأجنحة الخلفية فرصة التقدم أكثر للأمام وتوسيع الملعب.

الفكرة الأساسية التي يعتمد عليها جاسبريني هي الصعود بالكرة من خلال الأطراف عبر خلق مثلثات تمرير واستخدام فكرة Wide Overload أو خلق كثافة عددية على الأطراف، ويتّضح ذلك من خلال إحصائيات مناطق الهجوم، حيث يعتبر أتالانتا أحد أقل الفرق التي تستخدم العمق في العملية الهجومية [فقط 25%] في المقابل تحظى الأطراف بالنسبة الأكبر وبالتساوي تقريباً بين الطرفين [37% على الجهة اليسرى – 37% على الجهة اليمنى].
أتالانتا يستخدم فكرة Wide Overload بطريقة مختلفة قليلاً عن باقي الفرق، حيث لا يحاول خلق كثافة عددية في جهة واحدة ثم نقل الكرة إلى الجهة المقابلة (Side Overload) والتي يتواجد فيها لاعب أو لاعبين، ولكن يحاول خلق الكثافة على الجهتين معاً في وقتٍ واحد الأمر الذي يُسهّل على الفريق عملية الصعود بالكرة.
أسلوب الفريق في الصعود بالكرة
الكثافة العددية على الطرفين معاً تمنح أتالانتا عدة امتيازات أهمها التفوّق العددي على الخصم في الطرفين بسبب انضمام مدافعي الطرف مع الأجنحة الخلفية ولاعب الوسط والمهاجم أو صانع اللعب، وبالتالي يُصبح أتالانتا متفوّقاً بلاعبٍ واحد على الأقل، ما يمنح الفريق فرص أكبر في الصعود السهل بالكرة سواءً من خلال مثلثات التمرير أو عبر التمريرات العمودية المباشرة.

فمع توسيع الأجنحة الخلفية للملعب، يقترب لاعب الوسط من المدافع حامل الكرة لتكوين مثلث تمرير معه ومع الجناح الخلفي، وخلال ذلك يُكمل أتالانتا مثلث التمرير على الطرف بإحدى طريقتين:
- عبر التحوّل إلى 1-2-4-3 بتواجد إليزيتش وأليخاندرو غوميز في أنصاف المساحات لإكمال المثلثات على الأطراف.

- عبر البقاء على رسم 2-1-4-3 ولكن بتحوّل المهاجمين للتواجد في أنصاف المساحات مع بقاء أليخاندرو غوميز في عمق الملعب.

هذا الأمر يمنح المدافع حامل الكرة 3 خيارات على الأقل للتمرير، سواءً باتجاه الجناح الخلفي أو لاعب الوسط أو التمرير العمودي المباشر باتجاه المهاجم أو صانع الألعاب المتواجد في العمق.

يعتمد أتالانتا بشكلٍ كبير على فكرة اللعب العمودي المباشر، ويتّضح ذلك من خلال إحصائيات التمريرات التقدمية Progressive Passes والتي يُعتبر أتالانتا من خلالها رابع أعلى الفرق في معدل التمريرات التقدمية في كامل الدوريات الخمس الكبرى:

إضافةً إلى ذلك، يعتمد أتالانتا على فكرة Positional Rotation أو التدوير التموضعي، حيث يختلف تمركز اللاعبين خلال عملية البناء لأكثر من مرة بناءً على أسلوب ضغط الخصم، والفكرة الأساسية منه هي محاولة إرباك الخصم وتشتيت لاعبيه، تماماً كما يحدث مع الثلاثي الهجومي الذين يتبادلون المراكز فيما بينهم بكل سلاسة.
فمع تحرك المدافع باتجاه الأطراف على سبيل المثال، ينزل لاعب الوسط للتواجد في المساحة التي خلّفها تحرك المدافع، وحينها يسحب معه لاعب وسط الخصم الأمر الذي يترك مساحة ليتحرك بها صانع الألعاب (أليخاندرو غوميز) أو يقوم المدافع بالتمرير للجناح الخلفي ثم الصعود والتقدم للتواجد في تلك المساحة مستعيناً بتحرك آخر من المهاجم يهدف من خلاله إلى منع المدافع من التقدم لإغلاق تلك المساحة إضافةً لتحرك الجناح الخلفي للأمام والذي يسحب معه ظهير الخصم.

خلق المثلثات باستمرار على الأطراف يُسهّل كثيراً من صعود أتالانتا بالكرة، ويمنح حامل الكرة 3 خيارات للتمرير على الأقل، وتبادل المراكز بين اللاعبين يُربك كثيراً من حسابات الخصم وتمركز لاعبيه وبالتالي يكون صعود أتالانتا أكثر سلاسة وسرعة.
أدوار مارتن دي رون
يعتبر الهولندي مارتن دي رون أحد أهم لاعبي أتالانتا خلال كامل المراحل الهجومية والمراحل الدفاعية للفريق.
واحدة من أهم أدوار مارتن دي رون هي النزول للخلف عند البناء للتواجد كظهير أيمن أو مدافع أيمن (في أنصاف المساحات اليمنى) للابتعاد أولاً عن ضغط الخصم ومن ثم منح المدافع الأيمن فرصة التحرك للأطراف أو التقدم بالكرة مع نزول أليخاندرو غوميز أو جوزيب إليزيتش في المساحة والمساهمة في عملية Positional Rotation أو التدوير التموضعي، حيث يمنحه التواجد في الخلف في أنصاف المساحات اليمنى فرص أكبر لقراءة اللعب واستغلال قدراته الجيدة في التمرير بعيداً عن الضغط.

ومع الصعود بالكرة، يعمل مارتن دي رون كظهير وهمي أو ظهير مقلوب Inverted Wing Back في فكرةٍ مشابهةٍ لتلك التي يستخدمها بيب غوارديولا مع مانشستر سيتي، حيث يعمل مارتن دي رون في أنصاف المساحات اليمنى مع خيارات التقدم بالكرة للأمام أو محاولة الربط مع جوزيب إليزيتش الذي ينزل بين الخطوط ويمنح الجناح الخلفي المساحة للتقدم والتحرك خلف دفاع الخصم (Overlap) .

تواجد مارتن دي رون في أنصاف المساحات اليمنى في شكل يُشبه فكرة الظهير المقلوب Inverted Wing Back يمنح الجناح الخلفي التأمين الدفاعي اللازم لصعوده للأمام للضغط، كما يساهم في عملية الضغط العكسي حال فقدان الكرة وإحباط أي محاولة للإرتداد الهجومي من الخصم حيث يتميّز مارتن دي رون بوعي دفاعي مميز وتوقّع ممتاز لمسار الكرة وتحركات الخصم.

أدوار أليخاندرو غوميز
من الصعب الحديث عن أسلوب لعب أتالانتا مع جان بييرو جاسبريني دون الحديث عن قيمة وأهمية أليخاندرو غوميز، والذي يتميّز بأنّه لاعبٌ متعدّد الاستخدامات، حيث لعب خلال الموسم الماضي 2019/20 في أكثر من مركز وُزّعت بناءً على دقائق اللعب كالتالي:

يعتبر الأرجنتيني صاحب الـ32 عاماً أكثر لاعبي الدوري الإيطالي صناعةً للأهداف والرابع على مستوى الدوريات الخمس الكبرى، كما يعتبر أعلى لاعبي الدوري الإيطالي في معدل التمريرات المفتاحية Key Passes والرابع على كامل الدوريات الخمس الكبرى بعد كيفن دي بروين وديميتري باييه وأنخيل دي ماريا، إضافةً لكونه أحد أعلى اللاعبين في الدوريات الخمس الكبرى في معدل العمليات التي تؤدي لتسديدة على المرمى.

يلعب أليخاندرو غوميز كصانع ألعاب خلف المهاجمين في 2-1-4-3، كما يتواجد في أنصاف المساحات اليسرى في رسم 3-4-3 (1-2-4-3) ويُغطي الأرجنتيني مساحات هائلة في كامل أرجاء الملعب، حيث يعتبر النقطة المرجعية للفريق خلال عملية الصعود بالكرة مع جوزيب إليزيتش، ويتمتّع بذكاء عظيم في التحرك والتواجد بعيداً عن الضغط، كما أن تحركاته بين العمق وأنصاف المساحات تجعله متاحاً للتمرير على الدوام وتساعد الفريق في عملية التدوير التموضعي Positional Rotation.
إضافةً لذكائه، فإن أسلوب أتالانتا المعتمد على خلق كثافة عددية على الأطراف يجعل من أليخاندرو غوميز أكثر راحةً في التحركات واستلام الكرة، حيث تخلق له تلك الزيادة على الأطراف الفرصة للتحرك بشكلٍ حر في العمق، ومحاولة تبادل المراكز مع المهاجمين وتمنحه أيضاً الحرية للتمرير نحو منطقة الجزاء.

فبالنظر إلى معدلات التمرير نحو منطقة الجزاء يعتبر الأرجنتيني أعلى لاعبي الدوري الإيطالي ويليه زميله جوزيب إليزيتش، كما يعتبر ثاني أعلى اللاعبين لمساً للكرة في الثلث الأخير من الملعب.

اعتماد أتالانتا في الثلث الأخير على توسيع الملعب عبر الأجنحة الخلفية، يمنح أليخاندرو غوميز مساحات كبيرة للتحرك بها سواءً في العمق أو للأطراف للمساعدة في خلق الزيادة العددية، كما أن قدرة المهاجمين -وتحديدا جوزيب إليزيتش ودوفان زاباتا- على تبادل المراكز والتفاهم الكبير مع أليخاندرو غوميز تجعل من تحركات أتالانتا الهجومية غير متوقعة بالنسبة للخصوم.
أدوار جوزيب إليزيتش
أبرز ما يُميّز جوزيب إليزيتش هي مرونته الكبيرة داخل الملعب وذكائه الكبير في فهم المساحة، حيث يستطيع اللعب كمهاجم ثاني أو كجناح أيمن، إضافةً لقدرته على اللعب خلف المهاجمين، الأمر الذي يمنح جاسبريني خيارات هائلة في الثلث الأخير من الملعب.
يعتبر إليزيتش هو حلقة الوصل بين الوسط وخط الهجوم، فمع تواجد أليخاندرو غوميز في الغالب بين العمق وأنصاف المساحات اليسرى، يتواجد إليزيتش على الطرف الأيمن وفي أنصاف المساحات اليمنى ويحاول دائماً أن ينزل للتواجد بين الخطوط ليكون خياراً متاحاً للتمرير لزملائه وكنقطة يرتكز عليها الفريق للصعود.
ومع صعود الجناح الخلفي الأيمن، يحاول إليزيتش التواجد في أنصاف المساحات اليمنى أو التحرك خلف المدافعين مع دخول أليخاندرو غوميز للعمق، وبالتالي يتم الربط بينهما بشكلٍ جيد من خلال فكرة اللاعب الثالث.

إضافةً لذلك، إليزيتش هو ثالث هدافي أتالانتا بعد دوفان زاباتا ولويس موريل، وثالث أكثر اللاعبين في معدل التسديدات على المرمى في الدوري الإيطالي، كما يعتبر ثاني أفضل اللاعبين في معدل التمريرات المفتاحية والتمريرات نحو منطقة الجزاء بعد أليخاندرو غوميز في كامل الدوري.

الأسلوب الدفاعي وأفكار الضغط العالي
يعتمد أتالانتا في أسلوبه الدفاعي على الضغط العالي مع مزيج بين رقابة المنطقة ورقابة رجل لرجل لمحاولة منع الخصم من البناء من الخلف.
ففي حال كان الخصم يعتمد على 3 لاعبين في الخلف عند البناء، يتحوّل أتالانتا إلى 3 لاعبين مقابلهم في الهجوم من أجل الضغط عليهم رجل لرجل ومنع تصرفهم بالكرة.

أما في حال كان الخصم يعتمد على رباعي في الخلف، يبقى أليخاندرو غوميز خلف رأسي الحربة للضغط على محور الارتكاز وإغلاق خطوط التمرير عنه، في حين يتواجد ثنائي الهجوم بين المدافع والظهير لقطع خطوط التمرير بينهم، مع تقدم الجناح الخلفي للتواجد بين جناح الخصم والظهير من أجل إغلاق خيارات التمرير تماماً، حيث يعتبر ضغط أتالانتا مرناً جداً وقادراً على التكيّف مع كل الأشكال التي تعتمد عليها الخصوم، إضافةً إلى العدوانية الكبيرة التي يتمتع بها هذا الضغط والذي يُصعّب من مهمة الخصوم في الخروج بالكرة، ويعتبر أتالانتا أحد أفضل الفرق في كامل الدوريات الخمس الكبرى في معدلات PPDA (التمريرات المسموح بها لكل إجراء دفاعي) .

الفكرة الأساسية في عملية الضغط هي محاولة تضييق الملعب عبر الدفاع المتقدم مع إغلاق العمق وإجبار الخصم على الأطراف أو لعب الكرات الطويلة.
ففي حال قام الخصم بلعب الكرات الطويلة، يعتمد أتالانتا على تفوّق ثلاثي خط دفاعه في الكرات الهوائية من أجل استعادتها، عبر ثباتهم في الخلف مع تواجد أحد لاعبي الوسط دائماً أمامهم لاستلام الكرة منهم وبدأ الهجوم.

أما في حال لعب الخصم على الأطراف، يستخدم أتالانتا خط التماس كمدافع مع الفريق عبر تضييق الخناق على الخصم حامل الكرة وإجباره على التشتيت العشوائي أو الخطأ في التمرير، حيث غالباً ما يصعد الجناح الخلفي المتواجد في جهة الكرة للأمام معتمداً على تحوّل الفريق في الخلف إلى 4 مدافعين من أجل تأمين صعوده للضغط، مع مساندة دائمة من المهاجم المتواجد على تلك الجهة بالإضافة إلى لاعب الوسط وأليخاندرو غوميز الذي يتحوّل للأطراف للمساهمة في عملية الضغط وقطع خطوط التمرير.

إضافةً لذلك، يستخدم أتالانتا مصائد الضغط بشكلٍ جيّد للغاية، حيث يعتمد على ذكاء لاعبيه الكبير في إجبار الخصم حامل الكرة على التمرير نحو لاعبٍ معيّن أو جهةٍ معيّنة ثم التحرك السريع للضغط واستعادة الحيازة.

النسق التصاعدي لأتالانتا منذ أن تم تعيين جيان بييرو جاسبريني والأسلوب الجذاب الذي وضعه المدرب الإيطالي صاحب الـ62 عاماً، إضافة إلى الاهتمام العظيم بالأكاديمية والذي يظهر من حصول الفريق تحت 19 عاماً على لقب الدوري الإيطالي Campionato Primavera 1 مرتين متتاليتين 2018/19 – 2019/20 جميعها أمورٌ تُخبرنا بأن فريق بيرغامو قادمٌ بقوة ليحتل مكانةً رفيعةً في كرة القدم الإيطالية والأوروبية خلال السنوات القليلة القادمة.