لو تتبّعنا مسيرة بيب غوارديولا كمدربٍ سنجد أمرين ثابتين:
القدرة على التغيير والتأقلم – القدرة على إيجاد الحلول
ربما الأمر الأول شاهدناه كثيراً في بدايته مع مانشستر سيتي وكيف تأقلم على أوضاع الدوري الإنجليزي، فيما الأمر الثاني ظهر في أكثر من مرة خلال مسيرته وآخرها في نهاية الموسم الماضي وبداية هذا الموسم.
في الموسم الماضي، عانى مانشستر سيتي من الكثير من المشاكل الفنية على أرض الملعب صاحبتها العديد من الإصابات التي اجتاحت لاعبيه وأثّرت على منظومة الفريق، قبل أن يجد بيب الحل أواخر الموسم الماضي وذلك في التحوّل إلى رسم 1-3-2-4.
لو تتبّعنا مسيرة بيب غوارديولا كمدربٍ سنجد أمرين ثابتين:
القدرة على التغيير والتأقلم – القدرة على إيجاد الحلول
ربما الأمر الأول شاهدناه كثيراً في بدايته مع مانشستر سيتي وكيف تأقلم على أوضاع الدوري الإنجليزي، فيما الأمر الثاني ظهر في أكثر من مرة خلال مسيرته وآخرها في نهاية الموسم الماضي وبداية هذا الموسم.
في الموسم الماضي، عانى مانشستر سيتي من الكثير من المشاكل الفنية على أرض الملعب صاحبتها العديد من الإصابات التي اجتاحت لاعبيه وأثّرت على منظومة الفريق، قبل أن يجد بيب الحل أواخر الموسم الماضي وذلك في التحوّل إلى رسم 1-3-2-4.
بداية هذا الموسم استمر مانشستر سيتي في الاعتماد على رسم 1-3-2-4 قبل أن تأتي الخسارة أمام ليستر سيتي بنتيجة 2-5 لتضع المدرب الاسباني أمام سؤالٍ صعب: هل يستمر بذات الرسم أو يعود لرسمه السابق والمعتاد 3-3-4؛ أم يعمل على المزج بينهما؟
قبل الحديث عن شكل الفريق بعد التغييرات، يُمكننا القول بأن هنالك سببين رئيسيين للمشاكل التي عانى منها السيتي بداية هذا الموسم وأجبرت بيب غوارديولا على هذا التغيير:
- لا توفر 1-3-2-4 أنماطاً هجومية كافية خصوصاً في حال نجح الخصم في عزل دي بروين
- الضغط العالي في 1-3-2-4 يترك الكثير من المساحات لتغطيتها فمع تجاوز الخصم لرباعي المقدمة يصبح وسط الملعب مكشوفاً تماماً، إضافة لأن صعود الظهيرين يُظهر الكثير من المساحات خلفهم.
البناء والصعود بالكرة
عند البناء، يتحوّل السيتي إلى 3 لاعبين في الخلف عبر طريقتين: بقاء الظهير كمدافعٍ ثالث، أو نزول محور الارتكاز بين قلبي الدفاع.
يقوم مدافعا الطرف بتوسيع للملعب لتسهيل تجاوز خط الضغط الأول للخصم وبقاء محور الارتكاز أمام الثلاثي كخيارٍ متاحٍ للتمرير لحامل الكرة منهم وليكون حلقة وصلٍ مع لاعبي الوسط أمامه، فيما يقوم الجناحين بتوسيع الملعب ويتواجد لاعبي الوسط في أنصاف المساحات، في حين تعتمد حركة الظهير العكسي Inverted Wing Back على شكل الخصم عند الضغط:
- ففي حال كان الخصم يضغط عالياً وتمكّن من قطع خطوط التمرير على محور الارتكاز، يقوم الظهير العكسي بالدخول للعمق والتواجد كمحور ارتكاز ثانٍ.

- وفي حال لم يكن الخصم يضغط عالياً، يصعد الظهير العكسي للتواجد في أنصاف المساحات، الأمر الذي يمنح لاعب الوسط حرية أكبر في التحرك والربط سواءً بالنزول والتواجد بين الخطوط أو التحرك للأطراف لخلق مثلثات تمرير

ما يُميّز مانشستر سيتي هو قدرة ظهيريه (زنتشينكو وكانسيلو تحديداً) على تقديم أدوار الظهير العكسي Inverted Wing Back بشكل جيد، ولكن كانسيلو بالذات كان العنصر الأهم في كل تلك التحوّلات:
فعلاوةً على دوره كظهير طبيعي بالصعود وتوسيع الملعب، فإن قدرته على الدخول في أنصاف المساحات والعمل كمحور ارتكازٍ ثانٍ أو لاعب وسط متقدّم منحت الفريق خياراتٍ أكبر سواءً في البناء والصعود بالكرة أو في الثلث الأخير من الملعب.
تأثير دخول الظهير للعمق يظهر على الجانبين الدفاعي والهجومي:
- دفاعياً، يمنح بقاءه كمحور ارتكازٍ ثانٍ التأمين اللازم لتقدّم دي بروين وغاندوغان في أنصاف المساحات حيث يُوفّر للفريق أماناً دفاعياً أكبر بوجود 5 لاعبين خلف الكرة.

- هجومياً، يمنح تقدّم الظهير العكسي في أنصاف المساحات وتبادل المراكز بينه وبين لاعبي الوسط دي بروين وغاندوغان الفرصة لخلق تفوّق عددي بين الخطوط ويمنح ثنائي الوسط حرية أكبر للتحرك سواءً على الأطراف أو بين الخطوط أو الدخول لمنطقة الجزاء والتسجيل.
الثلث الأخير من الملعب
يحظى لاعبوا مانشستر سيتي بحرية كبيرة في التحرك وتبادل المراكز في الثلث الأخير من الملعب، حيث اعتمد بيب غوارديولا على جودة لاعبي الوسط والأطراف مع الكرة، وذكاءهم في التحرك بدونها، فشاهدنا أرقاماً مميزة من الثنائي كيفن دي بروين وإلكاي غاندوغان واللذان ساهما في 31 هدفاً أي ما يُعادل 40% تقريباً من إجمالي أهداف الفريق هذا الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز
الحرية والانسيابية التي يتحرك بها لاعبوا مانشستر سيتي في الثلث الأخير من الملعب تُصعّب من مهمة الخصم في تحديد من سيتحرك لداخل منطقة الجزاء ومن سيبقى خارجها خصوصاً وأن الفكرة الثابتة لغوارديولا هي الإبقاء على الملعب واسعاً على الدوام من خلال تواجد الجناحين على الأطراف الأمر الذي يمنح الفريق الكثير من الخيارات لاختراق دفاع الخصم، سواءً عبر تكوين مثلثات تمريرعلى طرفٍ ومحاولة خلق مساحة ليتحرك بها أحد اللاعبين بين الخطوط أو خلف خط الدفاع، أو لنقل الكرة إلى الطرف الآخر وخلق مواجهة 1 ضد 1 بين الجناح وظهير الخصم.

الدفاع وأسلوب الضغط
دفاعياً، يعتمد مانشستر سيتي على الضغط العكسي حال فقدان الكرة، وفي حال لم يستطع الحصول عليها يعود للضغط المتوسط Mid-Block بـ2-4-4، والفكرة الأساسية هي محاولة إغلاق العمق وإجبار الخصم على التوجّه للأطراف واستخدام خط الملعب كعنصر ضغط إضافي أو الضغط بشكلٍ قوي حال تجاوز الخصم منتصف الملعب

الاعتماد على 2-4-4 دفاعياً هو أمرٌ احتفظ به بيب غوارديولا من رسم 1-3-2-4، فيما تُوضّح تصريحاته في يناير الماضي سبب الاعتماد على الضغط المتوسط Mid-Block بشكلٍ أكبر، حيث تحدّث الاسباني عندما سُئل عن أسباب سلسلة النتائج الإيجابية بأن الفريق (بات أقلّ ركضاً)
تأثير الأداء الفردي
من المهم الإشارة إلى الأداء الفردي الممتاز الذي قدّمه الكثير من لاعبي مانشستر سيتي هذا الموسم، وربما على رأسهم ثنائي الدفاع روبين دياز وجون ستونز واللذان ساهما في تفوق السيتي هذا الموسم وقيادته لتحقيق لقب الدوري كأقوى خطوط الدفاع والوصول إلى نهائي دوري الأبطال، كما أن تطور أداء كانسيلو والظهور الممتاز لرودري واتزان أداء رياض محرز ساهم كثيراً في تفوق الفريق، دون نسيان أداء دي بروين وبيرناردو سيلفا وفل فودين على وجه الخصوص
إضافةً لذلك، فإن الأداء الممتاز الذي ظهر به إلكاي غاندوغان ساهم في حل معضلة الفريق أمام المرمى، الأمر الذي يقودنا للحديث عن تخلي بيب غوارديولا عن الثنائي رحيم ستيرلينغ وغابرييل خيسوس في المباريات المهمة والكبيرة من المراحل الأخيرة في الموسم
الاستغناء عن رحيم ستيرلينغ وغابرييل خيسوس وعودة فكرة المهاجم الوهمي
ربما لا حاجة للحديث مجدداً عن المشاكل التي يعاني منها مانشستر سيتي أمام المرمى مع تواجد رحيم ستيرلينغ وغابرييل خيسوس -رغم جودتهما الكبيرة وتأثيرهما في الثلث الأخير من الملعب من ناحية التحرك وخلق المساحات- حيث استمرت هذه المشاكل منذ الموسم الأول لبيب غوارديولا مع الفريق، الأمر الذي يوضّحه جدول الفرص المهدرة للثنائي مقارنة بسيرجيو أغويرو الهداف التاريخي للسيتي:

غياب حسم الثنائي أمام المرمى جعل بيب غوارديولا يستغني عنهما في المباريات الحاسمة حيث لم يبدآ في مباراتي ربع نهائي دوري الأبطال أمام بروسيا دورتموند ولا مباراتي نصف النهائي أمام باريس سان جيرمان وفضّل المدرب الاسباني الاعتماد على بيرناردو سيلفا وكيفن دي بروين لتقديم أدوار المهاجم الوهمي
بشكلٍ عام فإن الأمر الواضح أن فكرة المهاجم الوهمي باتت فكرةً رئيسية لبيب غوارديولا في المباريات الكبيرة، حيث لجأ لكيفن دي بروين كمهاجمٍ وهمي أمام تشيلسي، ولفل فودين أمام ليفربول، ولرياض محرز في نصف نهائي كأس الرابطة أمام مانشستر يونايتد.

فكرة اللعب بمهاجم وهمي منحت مانشستر سيتي الكثير من الحلول في الثلث الأخير من الملعب بسبب قدرة اللاعبين الممتازة على التحرك بدون كرة وفهم المساحات بشكلٍ أكثر من رائع، الأمر الذي أبرز إلكاي غاندوغان بشكلٍ مثيرٍ للإعجاب هذا الموسم، حيث بات لاعب .الوسط الألماني هداف الفريق هذا الموسم بـ[13 هدف] متقدماً على رحيم ستيرلينغ [10 أهداف].


وغابرييل خيسوس [8 أهداف]، فمع الاعتماد على فكرة خلق تفوق عددي دائم بين الخطوط والتحركات التي تنتج عن ذلك من نزول المهاجم الوهمي يضطر مدافع الخصم للتقدم ومحاولة الضغط الأمر الذي يُنتج مساحات جيدة في ظهره يستغلها غاندوغان بشكلٍ ممتاز نظراً لذكاءه الكبير في اختيار توقيت ومكان التحرك سواءً في أنصاف المساحات أو العمق، الأمر الذي يظهر من خريطة مناطق التسديد وتسجيل الأهداف هذا الموسم مقارنةً بالمواسم الأخيرة.
