عندما تستعرض تاريخ كرة القدم، وتُركّز أكثر على أساليب وطرق اللعب، ستجد أن هنالك الكثير من الأساليب والطرق والأفكار التي تظهر في الكرة ثم تختفي ثم تعود للظهور مرةً أخرى ولكن بشكلٍ أكثر تطوّراً عن السابق.
بدايةً من التسعينات وحتى أوائل القرن الحالي، لعبت الكثير من الفرق برسم 2-4-4 وبفكرة [مهاجم الصندوق والمهاجم الثاني | Target Man-Second Striker] منذ فترة أريغو ساكي العظيمة مع ميلان حين تواجد فان باستن بجانب خوليت في خط الهجوم، وحتى ثنائية فان نيستلروي وواين روني في مانشستر يونايتد.
وفي العقد الأول من القرن الحالي، تطوّرت تكتيكات كرة القدم بشكلٍ أكثر سرعةً وباتت فكرة البحث عن المساحة هي الشغل الشاغل للمدربين، الأمر الذي جعلنا نرى آرسن فينغر -على سبيل المثال- يقوم بدمج فكرة ثنائية مهاجم الصندوق والمهاجم الثاني مع فكرة اللاعب رقم 10 الكلاسيكي، في الموسم الذي استطاع فيه تحقيق لقب الدوري دون خسارة، حين كان يبدأ برسم 2-4-4 بتواجد دينيس بيركامب بجانب تييري هنري، قبل أن يتحوّل الرسم حال الاستحواذ على الكرة إلى شكلٍ أقرب لـ1-3-2-4 وأحياناً 3-3-4 مع نزول بيركامب أكثر بين الخطوط لتوفير المساحات للمهاجم والجناحين.
في ذلك الوقت، لم يكن تييري هنري مهاجم صندوقٍ مثل من سبق، بل كان أكثر حرية في التحرك على الأطراف أو في العمق وباحثاً باستمرار عن المساحة مع إمكانياته الكبيرة مع الكرة وقدرته على الاحتفاظ بها وانتظار صعود زملائه إضافةً لإمكانياته البدنية الجيدة والتي تُمكّنه من أن يكون هدفاً للكرات العرضية أو الكرات الطويلة.
عندما تستعرض تاريخ كرة القدم، وتُركّز أكثر على أساليب وطرق اللعب، ستجد أن هنالك الكثير من الأساليب والطرق والأفكار التي تظهر في الكرة ثم تختفي ثم تعود للظهور مرةً أخرى ولكن بشكلٍ أكثر تطوّراً عن السابق.
بدايةً من التسعينات وحتى أوائل القرن الحالي، لعبت الكثير من الفرق برسم 2-4-4 وبفكرة [مهاجم الصندوق والمهاجم الثاني | Target Man-Second Striker] منذ فترة أريغو ساكي العظيمة مع ميلان حين تواجد فان باستن بجانب خوليت في خط الهجوم، وحتى ثنائية فان نيستلروي وواين روني في مانشستر يونايتد.
وفي العقد الأول من القرن الحالي، تطوّرت تكتيكات كرة القدم بشكلٍ أكثر سرعةً وباتت فكرة البحث عن المساحة هي الشغل الشاغل للمدربين، الأمر الذي جعلنا نرى آرسن فينغر -على سبيل المثال- يقوم بدمج فكرة ثنائية مهاجم الصندوق والمهاجم الثاني مع فكرة اللاعب رقم 10 الكلاسيكي، في الموسم الذي استطاع فيه تحقيق لقب الدوري دون خسارة، حين كان يبدأ برسم 2-4-4 بتواجد دينيس بيركامب بجانب تييري هنري، قبل أن يتحوّل الرسم حال الاستحواذ على الكرة إلى شكلٍ أقرب لـ1-3-2-4 وأحياناً 3-3-4 مع نزول بيركامب أكثر بين الخطوط لتوفير المساحات للمهاجم والجناحين.

في ذلك الوقت، لم يكن تييري هنري مهاجم صندوقٍ مثل من سبق، بل كان أكثر حرية في التحرك على الأطراف أو في العمق وباحثاً باستمرار عن المساحة مع إمكانياته الكبيرة مع الكرة وقدرته على الاحتفاظ بها وانتظار صعود زملائه إضافةً لإمكانياته البدنية الجيدة والتي تُمكّنه من أن يكون هدفاً للكرات العرضية أو الكرات الطويلة.

بعد ذلك أتى جوزيه مورينيو، بفكرةٍ ابتعد بها تماماً عن ثنائي الهجوم وحوّل المهاجم الثاني إلى لاعب وسطٍ إضافي، وحينها كانت أدوار المهاجم الرئيسي هي التواجد كهدفٍ أساسي للكرات الطويلة ومحاولة الاستحواذ على الكرة وانتظار صعود زملاءه، والتواجد داخل منطقة الجزاء لاستقبال الكرات العرضية.
في نفس الفترة تقريباً، ظهر بيب غوارديولا الذي ألغى تماماً فكرة مهاجم الصندوق واستبدلها بفكرة المهاجم الوهمي، والتي كانت تطوّراً طبيعياً لأفكار يوهان كرويف والكرة الشاملة والتي تهدف لأن يكون جميع اللاعبين قادرين على لعب الكرة بأقدامهم بشكلٍ مميز، إلا أن هذه الفكرة كانت مقيّدةً بشكلٍ كبير لحاجتها الدائمة لنوعية معيّنة من اللاعبين لا تتواجد عادةً في الكثير من الفرق.

سنواتٌ قليلةٌ مضت، وبات اللعب بمهاجمٍ وحيد هو النهج السائد لدى أغلب الفرق، الأمر الذي غيّر تماماً من فكرة مهاجم الصندوق الكلاسيكي لمهاجمٍ آخر أكثر شموليةً، فما الذي حدث بالضبط؟
بالعودة سريعاً لتعريف (المهاجم الكلاسيكي) سنقول بأنه (مهاجمٌ قوي البنية، يتواجد باستمرار داخل الصندوق، لاستقبال الكرات الطويلة والكرات العرضية)، وبالتالي -ومع مرور الوقت- باتت الفرق أكثر قدرةً على التعامل دفاعياً مع المهاجم الكلاسيكي، الأمر الذي جعل من المهم جداً أن يكون مهاجمك الرئيسي قادرٌ على أن يلعب دور المهاجم الكلاسيكي وصانع الألعاب وحتى دور الجناح في آنٍ واحد، في ترسيخٍ لفكرة البحث الدائم عن المساحات.
فلو نظرنا سريعاً إلى أبرز المهاجمين الذين تألّقوا في العقدين الأخيرين سنجد كلّاً من: ليونيل ميسي، كريستيانو رونالدو، كيليان مبابي، لويس سواريز، سيرجيو أغويرو، روبيرت ليفاندوسكي، روميلو لوكاكو، زلاتان إبراهيموفيتش، إديسون كافاني وهاري كين.
وبعيداً عن الخماسي الأخير – والذين سنتحدّث عنهم لاحقاً-، فإن القاسم المشترك بين البقية هي كونهم لم ينشأوا كمهاجمين كلاسيكيين، فليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو بدأوا على الأطراف، كذلك الأمر بالنسبة للويس سواريز وكيليان مبابي إضافةً لسيرجيو أغويرو الذي لعب على الأطراف وكمهاجمٍ ثانٍ أيضاً، الأمر الذي أثّر على أسلوب لعبهم بشكلٍ واضحٍ وباتوا أكثر قدرة على التحرك والبحث دائماً عن المساحات سواءً لاستغلالها أو لإفراغها من أجل استغلال زملاءهم لها.

وبالعودة للحديث عن الخماسي: روبيرت ليفاندوسكي، روميلو لوكاكو، زلاتان إبراهيموفيتش، إديسون كافاني وهاري كين، سنجدهم أقرب للفكرة القديمة (المهاجم الكلاسيكي) ولكن مع تطوّرٍ أكبر من ناحية التحرك سواءً على الأطراف أو بين الخطوط إضافةً للقدرة على اللعب من لمسة واحدة مع قدراتهم البدنية الجيدة في الكرات الهوائية.

ماذا حدث للمهاجم الكلاسيكي؟
ما حدث كان تطوّراً طبيعياً، ففكرة البحث عن المساحات تقتضي حركةً دائمةً من جميع اللاعبين سواءً في الجانب الهجومي أو الجانب الدفاعي من ناحية الضغط وقطع خطوط التمرير، الأمر الذي أوجب أن يكون المهاجم قادراً على هذه الحركية، ومع قدرة العديد من الفرق على احتواء المهاجم الوهمي أو المهاجم السريع عادت من جديد فكرة المهاجم الكلاسيكي ولكن بصورةٍ أكثر تطوّراً وشمولية.
فعلى سبيل المثال، تدور معظم أفكار كرة القدم الحديثة حول أمرين: [القدرة على الخروج بالكرة – الضغط ومنع الخصم من البناء والصعود بالكرة] وبالتالي وجدت بعض الفرق صعوبة كبيرة في الخروج تحت الضغط مع عدم امتلاكها لمهاجمٍ قادرٍ على تقديم دور مهاجم المحطة Target Man الذي يمنح الفريق القدرة على توفير خياراتٍ أكبر للصعود، وفي نفس الوقت كان من الصعب عليها أن تلعب بمهاجمٍ تقليدي يكتفي ببنيته القوية، لذلك كان المزيج الذي خلقه مهاجمون أمثال روبيرت ليفاندوسكي، روميلو لوكاكو، زلاتان إبراهيموفيتش، إديسون كافاني وهاري كين والذي جمع بين البنية الجسدية القوية والقدرة على التحرك في المساحات على الأطراف أو بين الخطوط إضافةً للمستهم المميزة مع الكرة مزيجاً نادراً في كرة القدم الحديثة.
فتشاهد التأثير الكبير لروبيرت ليفاندوسكي منذ سنوات مع البايرن وثنائيته المميزة مع توماس مولر وقدرتهما على تبادل الأدوار بشكلٍ جذاب، كما تشاهد تأثير روميلو لوكاكو العظيم على موسم انتر ميلان وقدرته على أن يلعب دور المحطة لمساعدة الفريق على الصعود بالكرة، إضافةً لسرعته الهائلة التي نادراً ما يمتلكها لاعبٌ بحجمه والتي تساعد الفريق كثيراً في التحوّلات.
ثم تنظر إلى هاري كين وزلاتان إبراهيموفيتش وكيف يتمحور أسلوب لعب توتنهام وميلان عليهما بشكلٍ كبير، فتجد مثلاً أن هاري كين يلعب أحياناً 3 أدوار في المباراة الواحدة بين المهاجم الصريح والمهاجم الثاني وصانع الألعاب، كما تشاهد التأثير الذي أحدثه إديسون كافاني على هجوم مانشستر يونايتد الذي يفتقد للحسم، مع أدوارٍ إضافية لمساندة الفريق في الصعود بالكرة والضغط على دفاع الخصم.
في النهاية، جاء تطور فكرة المهاجم من المهاجم التقليدي الكلاسيكي الذي تظهر حدود إمكانياته فقط داخل منطقة الجزاء إلى المهاجم الشامل القادر على تقديم أكثر من دورٍ داخل الملعب تطوّراً طبيعياً لكرة القدم الحديثة، ومع صعوبة جمع اللاعب للمواصفات الجسدية لمهاجم المحطة Target Man، والمواصفات الفنية لصانع الألعاب، وسرعة الجناح، كان المهاجم الشامل عملةً نادرةً في الوقت الحالي، الأمر الذي قد يُفسّر الحرب القائمة الآن بين الأندية من أجل شابٍ صغير مثل إيرلينغ هالاند.