في منتصف الاربعينيات نطق صحفي إيطالي رياضي ذائع الصيت يدعى جياني بيريرا ما أعتبر حينها حكمة العقد عند قوله بأن المباراة المثالية تلك التي تنتهي بالتعادل السلبي، تم تدوال هذه المقولة على نطاق واسع لكي تكون بداية لتأسيس إرث كروي مبني على أسس الدفاع عن المرمى وإنتظار خطأ من الخصم لتدميره عبر مرتدة سريعة، ربما سنخبرك بهذه المزحة اللطيفة، لكي نبرهن لك بأي طريقة كان يفكر العقل الإيطالي وكيف كان عدونيا إتجاه أي فكرة تدعم التقدم خطوة الى الأمام، في الثامن عشر من مايو من عام 1898، في أول نسخة من الدوري الإيطالي، التي جمعت بين أربع فرق وكان جنوى بطلا لها، كان حكام المباريات يطلقون صفاراتهم عندما يقرر لاعبا ما مراوغة خصمه لأن في الأمر إستفزاز وعدم إحترام للخصم، هكذا كان يفكر الإيطالي، قبل أن نفوز يجب تجنب الخسارة، ثقافة إنتجت إحدى أعظم الإيديولوجيات الكروية عبر التاريخ، الكاتيناتشو، وفي يومنا تغير كل شىء وبات من الجدية أن نعيد التساؤل من جديد، هل مات إرث إيطاليا الكروي؟.
لم تعد الفرق الإيطالية كما كانت، ولم يعد المنتخب نفسه كما كان قبل فترة قصيرة، لقد قضت أفكار على حساب أخرى بينما تم تدفن أخرى وميلاد أخرى أكثر حداثة، عليك بإلقاء نظرة بسيطة على إحدى مباريات الكالتشيو، يمكن إدراك المسألة بسهولة، فرق تضغط عاليا، تدافع وهي تركض الى الأمام دون أن تعود للخلف، تسعى لإمتلاك الكرة في أخطر المناطق وتهاجم بأكثر عدد من اللاعبين، حسناً لنبدأ في نقاش الأمر بجدية!.
بين الدوريات الأوروبية الخمسة، إحتل الدوري الإيطالي المعدل الثاني كأكثر الدوريات الأوروبية تسجيلا للأهداف، بمعدل 3,02 هدف في المباراة الواحدة خلف الدوري الألماني الذي تفوق بمعدل 3,20، بينما إحتل الدوري الإنجليزي المركز الثالث بمعدل 2,72 وجاء الدوري الفرنسي رابعا بمعدل 2,52 بينما كانت الليغا في أخر الترتيب بمعدل 2,48.
لاتكفي هذه الإحصائية لتأكيد مدى تأثير التحولات الأخيرة في مسار الكالتشيو، حيث يصل الدوري الإيطالي ليكون أكثر الدوريات إنتاجية على الصعيد الهجومي، إن فرقه تخلق معدلات لتسديد أكثر من غيرها، بمعدل 10,6 تسديدة للمباراة الواحدة، في الأهداف المتوقعة من اللعب المفتوح يأتي الكالتشيو ثانيا بعد البونديسليغا بمعدل 1,25 للمباراة،
في منتصف الاربعينيات نطق صحفي إيطالي رياضي ذائع الصيت يدعى جياني بيريرا ما أعتبر حينها حكمة العقد عند قوله بأن المباراة المثالية تلك التي تنتهي بالتعادل السلبي، تم تدوال هذه المقولة على نطاق واسع لكي تكون بداية لتأسيس إرث كروي مبني على أسس الدفاع عن المرمى وإنتظار خطأ من الخصم لتدميره عبر مرتدة سريعة، ربما سنخبرك بهذه المزحة اللطيفة، لكي نبرهن لك بأي طريقة كان يفكر العقل الإيطالي وكيف كان عدونيا إتجاه أي فكرة تدعم التقدم خطوة الى الأمام، في الثامن عشر من مايو من عام 1898، في أول نسخة من الدوري الإيطالي، التي جمعت بين أربع فرق وكان جنوى بطلا لها، كان حكام المباريات يطلقون صفاراتهم عندما يقرر لاعبا ما مراوغة خصمه لأن في الأمر إستفزاز وعدم إحترام للخصم، هكذا كان يفكر الإيطالي، قبل أن نفوز يجب تجنب الخسارة، ثقافة إنتجت إحدى أعظم الإيديولوجيات الكروية عبر التاريخ، الكاتيناتشو، وفي يومنا تغير كل شىء وبات من الجدية أن نعيد التساؤل من جديد، هل مات إرث إيطاليا الكروي؟.
لم تعد الفرق الإيطالية كما كانت، ولم يعد المنتخب نفسه كما كان قبل فترة قصيرة، لقد قضت أفكار على حساب أخرى بينما تم تدفن أخرى وميلاد أخرى أكثر حداثة، عليك بإلقاء نظرة بسيطة على إحدى مباريات الكالتشيو، يمكن إدراك المسألة بسهولة، فرق تضغط عاليا، تدافع وهي تركض الى الأمام دون أن تعود للخلف، تسعى لإمتلاك الكرة في أخطر المناطق وتهاجم بأكثر عدد من اللاعبين، حسناً لنبدأ في نقاش الأمر بجدية!.

بين الدوريات الأوروبية الخمسة، إحتل الدوري الإيطالي المعدل الثاني كأكثر الدوريات الأوروبية تسجيلا للأهداف، بمعدل 3,02 هدف في المباراة الواحدة خلف الدوري الألماني الذي تفوق بمعدل 3,20، بينما إحتل الدوري الإنجليزي المركز الثالث بمعدل 2,72 وجاء الدوري الفرنسي رابعا بمعدل 2,52 بينما كانت الليغا في أخر الترتيب بمعدل 2,48.
لاتكفي هذه الإحصائية لتأكيد مدى تأثير التحولات الأخيرة في مسار الكالتشيو، حيث يصل الدوري الإيطالي ليكون أكثر الدوريات إنتاجية على الصعيد الهجومي، إن فرقه تخلق معدلات لتسديد أكثر من غيرها، بمعدل 10,6 تسديدة للمباراة الواحدة، في الأهداف المتوقعة من اللعب المفتوح يأتي الكالتشيو ثانيا بعد البونديسليغا بمعدل 1,25 للمباراة،
طبعا تقف خلف هذه الأرقام فرقا تسعى لتغيير هويتها، غالبية فرق الكالتشيو تعطي أسبقية لخيار بناء اللعب من الخلف على حساب إرسال كرات طولية، بين الدوريات الخمسة الأوروبية يعد الكالتشيو أقلهم إستخدما للكرات الطولية بمعدل 49%، يتم إستخدام الحارس بشكل مؤثر في اللعب، كونسيلي مثلاً هو أكثر الحراس في أوروبا تحقيقا للتمريرات الكاسرة للخطوط، طبعا يمكننا إبتلاع هذه المعلومة بسهولة إذا ما عرفنا أنه الحارس الأساسي لساسولو.

مابعد تجربة بيب جوارديولا مع برشلونة حدثت تغيرات شاملة في مبادئ اللعبة تكتيكيا، يمكن الإتفاق مع الموقف القائل بأن ماحدث كان يعد ثورة وتم تصديرها لبلدان عدة كانت إيطاليا إحداها، ظهر جيل تام من المدربين الإيطاليين يضع تلك التجربة كمرجعية مهنية له، تمت إستضافة بيب جوارديولا ومن بعده خوان ليو الى الكوفيرتشانو لنقاش أفكارهم وتم تغيير المحتوى الدراسي لدورات التدريبية في إيطاليا بشكل كبير لكي يتاغم مع التحولات الحديثة، كل ذلك لم يكن كافيا لكي يسخر ماسيمليانو أليغري من بعض زملاءه في المهنة، قائلاً “إننا مولعون بتقليد بيب جوارديولا والحقيقة أن لا أحد منا يملك ميسي أو تشافي”.

هذا التغيير الفكري الكبير الذي طرأ على الكرة الإيطالية مؤخرا لا يمكن رؤيته من زاوية إيجابية فقط، في النهاية لايجب أن نعامل الدفاع على أنه يمثل الشيطان في اللعبة، لقد فقدت إيطاليا قوتها الدفاعية، ولم تعد قادرة على إستخراج مدافعين عظماء، يعود ذلك لتغيير الكبير الذي حدث على منهجيات التدريب في الفئات السنية مابعد تجربة ميلان ساكي، حيث أختفت تمارين 2 ضد 2 الدفاعية على حساب تماريس تعزز مفاهيم دفاع المنطقة وتلك مشكلة أحدثت خللا في موازين الكرة الإيطالية، إن من داخل إيطاليا من ينادون بالعودة الماضي، يعتقدون بأن التراث هو المصير الوحيد بينما يرى المجددون بأن كرة القدم الهجومية لم تعد خيارا بل واقعا وجب التعامل معه، في صراع الحداثة و التراث تذهب الأمم الى التطرف إذ ما وجد موقف متوازن يدعو للإستفادة من الجديد دون التقاضي عن الماضي، إن إيطاليا بحاجة للكثير من التوازن لكي لاتفقد ماضيها المجيد والذي منح لها أربع كؤوس للعالم دون أن تكون خائفة من أي فكرة حديثة وإن كانت مزعجة!