بوفون

موقع سبورت 360 – بعث الحارس الإيطالي المخضرم جيانلويجي بوفون برسالة خيالية إلى نفسه، حيث قام الرجل صاحب الـ41 عاماً بكتابة رسالة إلى نفسه عندما كان بعمر السابعة عشر.

وجاء في مُقدمة رسالة حارس يوفنتوس والمنتخب الإيطالي الآتي: ” عزيزي جيانلويجي بوفون صاحب الـ17 عاماً.. أكتب لك هذه الرسالة الليلة كشخص يبلغ من العمر 41 عاماً اهتبر الكثير من الأشياء في حياته وقام ببعض الأخطاء..لديّ بعض الأخبار الجيدة لك وبعض الأخبار السيئة، والحقيقة أننا هنا لكي أتكلم لك عن روحك..نعم روحك، فأنت لديك روح وصدق ذلك أو لا تصدق”.

واصل الحارس الإيطالي الدولي : “لنبدأ بالأخبار السيئة..لديك 17 عاماً وأنت على وشك لعب أول مباراة لك في الدرجة الأولى مع بارما وأنت لا تعلم الكثير لكي تكون خائفاً..أنت تعتقد أنك تعرف كل شىء ولكنك لا تعرف إلا الخراء، كان يجب أن تكون في سريرك بعد أن تشرب اللبن الدافىء ولكن بدلاً من ذلك فأنت ذاهب إلى الملهى الليلي مع أصدقائك من فرق الشباب..تقول لنفسك أنك ستتناول كأس واحد من البيرة ولكنك بعد ذلك تُبالغ وتلعب دور الرجل القوي..أرجوك وأتوسل إليك لا تتبول على سيارة الشرطة فلن يجد النادي بأن هذا أمر مرح..ستخاطر بكل ما عملته”.

استطرد : “من ناحية أخرى..صحيح أن الحارس يحتاج للثقة فإذا خيّرت أي مدرب بين أفضل حارس في العالم وبين أكثر حارس لا يشعر بالخوف فانا أضمن لك أنه سيختار ذلك الحارس غير الخائف في كل مرة..ولكن من ناحية أخرى أقول لك بأن من لا يخاف ينسى بأن لديه عقل..إذا عشت حياتك بطريقة عدمية وفكرت فقط في كرة القدم فستبدأ روحك في التلاشي وفي النهاية ستصبح مكتئبًا لدرجة أنك لن ترغب في مغادرة سريرك..سيحدث لك ذلك في قمة مسيرتك المهنية.. عندما يكون لديك كل يمكن أن يريده الرجل في الحياة، ستكون بعمر الـ26 عاماً وستكون حارس يوفنتوس والمنتخب الإيطالي وسيكون لديك المال الوفير وسيحترمك الجميع وسيطلقون عليك سوبر مان..لكنك لست بطلاً خارقاً فأنت مثل أي رجل آخر..بل أن ضغط هذه المهنة يمكن أن يحولك إلى إنسان آلي وسيتحول الروتين إلى سجن لأنك تفعل كل يوم نفس الأشياء وتكررها”.

بوفون يروي قصة اكتئابه رغم كونه حارساً ليوفنتوس و منتخب إيطاليا

وكشف نجم بارما السابق عن تلك المرحلة التي أصيب فيها بالاكتئاب رغم أنه كان في قمة مسيرته وكان يعتبر الحارس الأفضل في العالم حينها فقال في ثنايا رسالته : “في صباح أحد الأيام عندما تخرج من السرير للذذهاب إلى التدريبات ستبدأ ساقيك في الاهتزاز بشكلٍ لا إرادي وستكون ضعيفاً لدرجة أنك لن تستطيع قيادة سيارتك..ستعتقد في البداية أنه مجرد إرهاق أو أنك قد أصبت بفايروس ولكن بعد ذلك سيزداد الأمر سوءاً وستشعر بأن كل ما تريد أن تفعله هو النوم..ستعيش لمدة سبعة أشهر وأنت تجد صعوبة كبيرة في إيجاد الفرحة من هذه الحياة وفي هذه اللحظة يجب عليك أن تتوقف..لأنني أعرف في ماذا سوف تُفكر عندما تقرأ هذا وأنت في عمر السابعة عشر”.

بوفون

بوفون

وواصل بوفون متحدثاً إلى ذاته القديمة المراهقة : “ستقول كيف يُمكن لهذا أن يحدث..أنا شخص سعيد وقائد وسأكون حارس مرمى يوفنتوس ومعي الملايين فمن المستحيل أن يصيبني الاكتئاب..حسناً سأطرح عليك سؤالا مهماً حينها..لماذا قررت أن تكرس حياتك لكرة القدم يا جيجي هل تتذكر؟ ورجاءاً..لا تقل أنه كان بسبب توماس نكونو..عليك أن تتذكر كل التفاصيل..نعم كانت مباراة الأرجنتين ضد الكاميرون بكأس العالم 1990 في سان سيرو وأين كنت أنت حينها؟ كنت بعمر الـ12 عاماً تجلس في غرفتك المظلمة وجدتك في المطبخ تتناول الغذاء ولا يوجد إلا التوهج الأصفر للتلفزيون”.

واصل بوفون متذكراً تلك الليلة التي غيرت حياته: “قرأت هذا الاسم الغريب..الكاميرون، وأنت لا تعرف أين تقع الكاميرون ولم تعرف هذا المكان قبل هذه اللحظة، فالطبع كنت تعرف الأرجنتين و مارادونا ولكن كان هناك شىء سحري في لاعبي الكاميرون، فحارسهم كان يرتدي الزي الكامل لحارس المرمى رغم أن الجو كان حاراً للغاية، بسروال أسود طويل وقميص أخضر طويل مع ياقة وردية والطريقة التي يتحرك بها ويقف بها في المرمى مع شاربه الرائع..كل هذا كان يأسر قلبك بطريقة غير قابلة للتفسير وعندما وجدته يضرب الكرة بقبضته ليبعدها عن منطقة فريقه..حينها عرفت في هذه اللحظة ما الذي تريد القيام به من حياتك..أنت لم تكن تريد أن تصبح حارس مرمى، بل أن تصبح هذا النوع من حارس المرمى، تريد أن تكون وحشي و شجاع و حُر”.

منتخب الكاميرون 1990

منتخب الكاميرون 1990

ويوضح جيجي كيف كان سعيداً بانتصار الكاميرون: “أخيراً تفوز الكاميرون وتركض مباشرة إلى الشارع وترى طفلان آخران من منطقتك يقومان بنفس الشىء والجميع يصرخ: هل رأيت الكاميرون؟، هل رأيت الكاميرون؟.. في ذلك اليوم تولد حريق بداخلك..بما أن الكاميرون موجود وتوماس نكونو موجود فعليك أن تظهر للعالم بأن بوفون موجود..هذا السبب الذي أردت بسببه أن تصبح لاعب كرة قدم وليس بسبب المال والشهرة بسبب فن و أسلوب هذا الرجل..توماس نكونو، بسبب روحه”.

نكونو ألهم بوفون .. ومارك شاجال أخرجه من الاكتئاب

أنهى بوفون رسالته بتلك الكلمات: “يجب أن تتذكر بأن المال والشهرة ليسا هما الغرض..فإذا كنت لا تهتم بروحك وإذا كنت لا تبحث عن الإلهام في أشياء خارج كرة القدم فسوف تتدهور روحك..وفي صباح أحد الأيام قررت تناول الإفطار في مطعم جديد ودخلت أيضاً متحفاً باسم شاجال – رسام فرنسي روسي من رواد المدرسة الانطباعية والتجريدية-..تمشيت في هذا المتحف وحينها كان القرار الأهم في حياتك..رأيت المئات من اللوحات والتصاميم التي قام بها مارك شاجال..وسترى لوحة معينة ستضربك مثل صاعفة البرق واسمها -المشي-، صورة طفولية تقريباً بها رجل وامرأة يسيران في الحديقة في نزهة ولكن كل شىء حولهما سحري..المرأة تحلق بعيداً في السماء مثل ملاك والرجل يقف على الأرض ممسكاً بيدها مبتسماً..هو مثل حلم الطفل”.

جيانلويجي بوفون

جيانلويجي بوفون

وكانت ختام رسالته بالشكل الآتي: “هذه اللوحة ستنقلك إلى عالم آخر وسوف تعطيك شعور الطفل..شعور السعادة في البساطة..شعور تقدمك في السن..شعور توماس نكونو وهو يلكم الكرة من على بُعد 30 ياردة..يجب أن تعود إلى المتحف في اليوم التالي..ستنظر إليك المرأة في كشك التذاكر وهي تضحك وتقول: ألم تكن هنا بالأمس؟.. لا يهم، عد إلى المتحف فهذا الفن سيكون أفضل علاج لك فعندما تفتح عقلك سيتم رفع الثقل بداخلك وستصبح مثل المرأة في لوحة شاجال..سترتكب الكثير من الأخطاء ولكنك ستعرف حينها أن لاعب كرة القدم ليس مميزاً وأنت لست مختلفاً عن النادل أو الكهربائي والذي ستصبح صديقاً له مدى الحياة”.

“ما سيخرجك من اكتئابك هو أن تتذكر أنك لست مميزاً وأنك مثل أي شخص وأن الشجاعة الحقيقة هي أن تظهر الضعف وأن لا تشعر بالخجل.. هل تتذكر أول شتاء ذهبت فيه لزيارة عمك في أوديني؟ كان عمرك أربع سنوات ورأيت تساقط الثلوج وحينها ركضت إلى الخارج بملابس النوم وقفزت مباشرة تجاه الثلج دون خوف رغم أن جدتك كانت تصرخ فيك..تمرغت بالثلج وكنت مبتسماً وانتهى بك الأمر وأنت مريض لمدة أسبوع لكن هذا لم يهمك..هذا ما انت عليه، أنت بوفون وسوف تظهر لللعالم بأنك موجود”.