لماذا تعاطف العالم مع رحيل كوبي براينت بطريقة غير مسبوقة

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • رثاء كوبي براينت في السان سيرو (Getty Images)

    صعق  خبر وفاة  نجم كرة السلة الأمريكية  كوبي براينت إثر تحطم طائرة الهليكوبتر الخاصة به في مدينة لوس انجليس الأمريكية نتيجة سوء الأحوال الجوية العالم أجمع. حيث  تسبب بضجة كبيرة وسارع معظم رياضيو  العالم وسياسيوه إلى  رثاء النجم الأمريكي كل على طريقته الخاصة . كما ضجت وسائل الإعلام بردود الأفعال حول رحيله وفعاليات أقيمت  لتكريمه في مناسبات رياضية أو جماهيرية.

    موجة التعاطف الكبيرة هذه وإن كانت تدل  بوضوح على حجم الشعبية التي امتلكها هذا النجم والتي وصلت إلى أقاصي الأرض. لكنها فاقت كل التوقعات لأسباب تتعلق بالتأكيد  بحجم الفاجعة والطريقة  التي رحل بها براينت مع ابنته  . لكن لأيضاً لأسباب أخرى كثيرة مرتبطة بكوبي براينت كشخص.

    متعدد اللغات

    يتحدث كوبي براينت ثلاث لغات بطلاقة هي الاسبانية والإيطالية والأنجليزية لغته الأم . الاسبانية تعلمها في لوس أنجليس القريبة من حدود المكسيك (هذا لا يعني أن كل أهل لوس أنجليس يتحدثون الاسبانية ، المسألة تحتاج إرادة كبيرة لا يمتلكها إلا القلة ) . أما الإيطالية وكما يعرف الجميع تعلمها من نشأته في إيطاليا عندما كان والده يلعب هناك بعد اعتزاله اللعب دوري الرابطة الوطنية .  الحديث بأكثر من لغة دلالة ثقافة وانفتاح ، وهو ينمي المرء ويجعله أكثر قرباً من الآخر المختلف عنه  فما بالكم إن كان هذا الشخص نجماً بحجم براينت . تعدد اللغات  زاد من شعبيته وكاريزميته العالية أصلا وأعطى  شعوراً بانه ليس قريباً من الناس في أمريكا وحسب بل في أوروبا كذلك الأمر.

    محب لكرة القدم

    نشأة براينت في إيطاليا جعلته يتعلق بكرة القدم ونادي ميلان، وقد لعب في صغره مع نادي ريجيانا حيث كان والده يلعب . حبه لكرة القدم دفعه لزيارة معظم الأندية الكبرى في أوروبا كبرشلونة وليفربول ، وقد ارتبط بعلاقات مميزة مع معظم نجومها الكبار. بالتالي كسب شعبية كبيرة أيضاً عند جمهور كرة القدم وجمهور ميلان وإيطاليا خصوصاً لارتباطه الوثيق بكرة القدم الإيطالية. وكثيرة هي المقابلات التي أجراها حول كرة القدم وباللغات الثلاثة التي تكلم فيها عن ميسي ورونالدينيو وحلمه بأن يكون لاعب كرة قدم قبل أن يلعب كرة السلة وغيرها الكثير .

    رجل أعمال ومستشرف للمستقبل

    غالبية الرياضيين الكبار يعانون مالياً بعد الاعتزال بنسبة تصل إلى ثمانين في المئة في بعض الرياضات . وقليلون منهم ينجحون في الحفاظ على ثرواتهم وتنميتها . وكوبي من هؤلاء القلة وفي الحقيقة أجرى نقلة كبيرة في عقلية استثمار الأموال التي كسبها من الرياضة لتصل قيمة الأصول التي يملكها إلى ملياري دولار تقريباً.
    وبحسب تقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية  شارك في العام 2013 بتأسيس شركة “براينت ستيبل” مع  مع جيف ستيبل مؤسس شركةweb.com .

    حيث استثمر في  العشرات من شركات التقنية والإعلام والبيانات، من بينها “ديل” و”علي بابا”، فضلاً عن استثمارات في الشركة المصنعة للعبة “فورت نايت”، “إيبيك غيمز”، وشركة الدفع الرقمي “كلارنا” وشركة المنتجات المنزلية، “ذا أونيست كومباني “كما أسس براينت في العام 2016 استوديوهات “غرانيتي” وهي شركة إعلامية تركز على سرد القصص الإبداعية المتعلقة بمواضيع رياضية. وقد فاز فيلمه ” دير باسكت بول ” بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم قصير متحرك لعام 2018 . ريادة الأعمال هذه ودعمه للكثير من رواد الأعمال الشباب اكسبته شعبية أيضاً في عالم بعيد كلياً عن عالم الرياضة لتتعزز صورته كشخص ناجح داخل وخارج الملعب.

    كوبي براينت (Getty Images)

    كوبي براينت (Getty Images)

    مثل أعلى كأب وشخص

    رغم النقطة السوداء في حياته وهي اتهامه بالاغتصاب عام 2003  لعاملة فندق في كولورادو. إلا أن براينت تحمل مسؤولية أفعاله واعترف بخيانته لزوجته رافضاً تهم الاغتصاب التي لم تثبت وهذه شجاعة تحسب له لأنه كان من الممكن أن يتمسك بخيار الإنكار خصوصأً أن هذه القضايا يصعب إثباتها وفي النهاية تسقط لغياب الأدلة. والناس في النهاية ستنسى أي قضية أخلاقية ضد نجمهم المحبوب خصوصاً إذا استمر في إسعادهم على أرضية الملعب  وقصتا رونالدو ونيمار خير دليل. لكنه اعترف بالعلاقة وعمل على ترميم ما انكسر  مع زوجته وعائلته وسعى من بعدها دائماً للتوازن ما بين حياته المهنية والعائلية . وما استخدامه للهليكوبتر في تنقلاته إلا رغبة منه في شراء الوقت ليعطيه لعائلته أكثر بحسب ما قاله في إحدى المقابلات الصحفية. والمؤلم أكثر أن تنقله في المرة الأخيرة والتي كلفته حياته كان الهدف منها إيصال ابنته جيانا التي رحلت معه  إلى مباراة لكرة السلة. ومع معرفتنا بالاتفاق بينه وبين زوجته بعدم استخدام نفس الهليكوبتر نجد أنه كان مدركاً تماماً لخطورة خياره هذا ، لكنه أخذ المخاطر على عاتقه لا لشيء إلا ليكسب وقتاً أكثر مع عائلته.

    كوبي براينت وابنته (Getty Images)

    كوبي براينت وابنته (Getty Images)

    المحصلة

    باختصار تجاوز كوبي براينت  حدود نجومية كرة السلة بآفاقه الواسعة وثقافته العالية. بل يمكن القول وبثقة جديدة أنه تجاوز الثقافة الرياضية الأمريكية المنغلقة بشكل كبير خصوصاً في الألعاب الجماعية ككرة القدم الأمريكية والبيسبول وحتى كرة السلة  التي بقيت لفترة طويلة تملك نظاماً خاصاً مختلفاً عن النظام العالمي ويهرب نجومها الأمريكيون  من أي مواجهات دولية. هذه ” العالمية التي صبغت شخصية براينت جعلته مثلاً أعلى للكثيرين وأكسبته حب العالم أجمع الذي نعاه بطريقة تليق بمكانته ستخلده في الوجدان الرياضي طالما بقيت الرياضة .