ماركو جيامباولو وستيفانو بيولي

موقع سبورت 360 – بعد ثلاثة أشهر فقط كمدرب لميلان قررت إدارة النادي اللومباردي إقالة جيامباولو من القيادة الفنية للفريق في رقم قياسي لأقصر فترة تدريب لفريق كبير في الدوري الإيطالي ووقعت فوراً مع المدرب  المخضرم ستيفانو بيولي لتدريب الفريق  الفترة القادمة.

التفاؤل الكبير الذي عاشه ميلان في بداية الموسم مع استلام كوادر النادي كمالديني وبوبان والإدارة الجديدة والتعاقدات مع مدرب يعتبر من أفضل مدربي كرة القدم وهو جيامباولو ظهر فيما بعد أنه كان أبعد ما يكون عن التخطيط السليم في تكرار لحالة ما بعد بيع ميلان للصينين إنما بأموال أقل. هذا التخبط المستمر منذ سنوات كثيرة بات يهدد وجود ميلان ، ليس كمشروع وحسب بل كعلامة تجارية وكنادي . فمالذي حدث مع ميلان في الماضي ؟ ومالذي يجري حالياً وماذا نتوقع من الفريق مستقبلاً ؟

ما الذي حدث مع ميلان؟

عندما استلم بيرلسكوني نادي ميلان في نهاية الثمانينيات وعد بان يحول الفريق إلى الأفضل في العالم وهذا ما كان إنما على فترات متقطعة مابين ساكي وكابيلو وانشيلوتي . واستمر العمل الجيد حتى نهاية حقبة أليجري حيث كان الفريق مشاركاً دائماً في الأبطال وأحرز الكأس سبع مرات وكان قريباً من معادلة رقم ريال مدريد (قبل أن يصل للرقم 13 ) أكثر من مرة .

خلال هذه الفترة بنى الفريق تاريخاً كبيراً جداً وأصبحت علامته التجارية من أكثر العلامات رقيّاً وموثوقية وجلباً للرعاة في أوروبا والعالم وهو العبء الذي يحمله ميلان حتى اللحظة ويثقل كاهله حتى يومنا هذا. التاريخ الذي قلب الطاولة على الفريق هو العام 2011 عندما حكمت محكمة الاستثئناف الإيطالية على شركة بيرلسكوني فينيفست القابضة والمالكة لميلان بدفع مبلغ 560 مليون يورو أي يعادل 800 مليون دولار تقريباً وقتها لصالح شركة منافسة في قضية محلية. ومن وقتها دخل الفريق في صعوبات مالية كبيرة على اعتبار أن الشركة الأم تعاني كذلك الأمر . فانقطع التمويل وبات تحرك الفريق محدوداً للغاية في سوق الانتقالات وانهار الوضع الفني والمالي للفريق تدريجياً وبلغ الذروة عام 2013 بعد إقالة أليجري ومع نهاية حقبة الجيل القديم من اللاعبين  الذي حمل الميلان على أكتافه طويلاً  . وقتها بدأت إدارة الفريق بالارتجال وعينت مدربين بعيدين كل البعد عن ما عهده الميلان سابقاً.

الفكرة كانت جلب شخص من صلب ميلان وجعله كابيلو جديد أو أنشيلوتي جديد وعليه رأينا سيدورف على الدكة وبعده إنزاغي وبروكي وجميع لم ينجحوا في تحقيق أفضل من الوصول إلى نهائي كأس إيطاليا. وخلال هذه التجارب تم جلب ميهايلوفيتش ومونتيلا لكن شيئاً لم يتغير بشكل ملموس اللهم إلا الفوز بكأس السوبر الإيطالي على حساب اليوفي (وهي في النهاية مباراة واحدة فقط ) .

جالياني بجانب برلسكوني

جالياني بجانب برلسكوني

بعدها جاء المستر لي واشترى الميلان من بيرلسكوني وسلّم فاسوني وميرابلي اللذان دفعا 200 مليون يورو في السوق في لاعبين اقل ما يقل عنهم أنهم (نصف كم) رغم بعض الصفقات القوية كبونوتشي وأندريه سيلفا الذي لم يتأقلم مع الفريق. وبعد موسم جيد مع مونتيلا تدهور الفريق جداً في بداية الموسم الثاني (وهو الموسم الذي الذي جرت فيه عملية التجديد ) ليدخل الفريق في نفق مظلم ويأتي جاتوزو .خلال ذلك الموسم فشل المستر لي في دفع القرض لصندوق إليوت للاستثمار الذي امتلك النادي على إثره وأعاد الهيكلة فجلب مالديني وليوناردو وجازيديس ثم أقيل ليوناردو وجاء بوبان ليعاون مالديني ويتم التعاقد مع جيامباولو وتم جلب بعض الصفقات لتطبيق أفكار المدرب الجديد ثم جاءت بداية الموسم الحالية الكارثية .

الهدف من كل هذا السرد المزعج إظهار حجم التخبط الذي عاشه الميلان مابين نهاية عهد بيرلسكوني وعهد المستر لي وبعده صندوق إليوت للإستثمار . ورغم أن الأخيرة قد حاولت ترتيب الأمور بعض الشيء واجتذاب الجماهير بتسليم لاعبين سابقين مناصب إدارية وجلب كفاءات في مجال اكتشاف المواهب كجيفروي موناكادا رئيس كشافي نادي ليل لكن الأمور لم تسر كما يجب في بداية الموسم وعانى الفريق من خمس خسارات في أول سبع مباريات وهو ما يعرفه الجميع .

ما الذي يحدث الآن مع ميلان

بكلمة ما الذي يحدث نعني أيضاً ما حدث خلال الموسم الحالي ، فبعد الحماسة الكبيرة بتسلم أساطير الفريق مقاليد الإدارة تمت تذكية جيامباولو الذي كان يلقب ” سيد كرة القدم ” كمدرب للفريق. مدرب حمل الكثير من الآمال بكرة قدم عصرية ومتطورة وتواكب العصر وتذكر بميلان التسعينيات الذي كان سباقاً للكرة الهجومية والضغط العالي .

الفريق عانى من مشاكل عدم اكتمال التشكيلة في فترة التحضير حيث التحقت كثير من الصفقات بشكل متأخر جداً وهو ما جعل الصحف تقول أن جيامباولو مدرس في صف فارغ، لكن ذلك لا يبرر البداية الكارثية للفريق والتي تعتبر الأسوأ منذ ثمانين عاماً.

المشكلة الحقيقية على ما يبدو هي عدم قدرة جيامباولو على إيصال أفكاره للاعبين أو على الأقل التدرج في إيصال أفكاره المعقدة للاعبين . لا يمكن على الإطلاق نفي أن المشكلة تكمن أيضاً في نوعية اللاعبين التي يملكها والتي لم تسمح له بإيصال أفكاره. لكن سوق الميلان كانت بشكل أساسي بتنسيق معه وفشل الإدارة في جلب لاعب ككوريا أو غيره لا يجب أن يكون حجة لعدم نجاح الطريقة. وفي الحقيقة كانت الإدارة والجمهور لتصبر على الفريق ولو كانت النتائج سيئة لو قدم أداء مميزاً ويبشر بالخير للأمام. لكن الذي حدث أن الفريق لم يتأقلم مع المدرب ولم يتقبل أفكاره ولم يظهر حتى ولو إشارة واحدة على أداء أفضل في قادمات الأيام . وجميع أهدافه التي سجلها كانت إما ضربات جزاء او بمحاولات فردية. عدا عن اتخاذ قرارات غريبة في أوقات صعبة كعدم الدفع بباكيتا ولياو في لقاء جنوى من البداية.

حتى لا نغرق في ذم جيامباولو الإدارة أيضاً لم تظهر له الدعم الكافي أمام الإعلام واللاعبين وفوراً شككت بقدراته. وفي حادثة مماثلة سابقاً تعرض ساكي مدرب الميلان الأسطوري في بداياته لهجمات عنيفة من الصحف واللاعبين لكن بيرلسكوني وقتها نزل إلى التدريبات وقال للاعبين : ” المدرب باق أما انتم فلا أعرف ” ووقتها فاز ميلان بالاسكوديتو ودوري الأبطال. هذه القوة لم نرها من مالديني أو بوبان أو ماسارا والأخير اكتفى بمهاتفة جيامباولو بعد 36 ساعة من إعلان رحيله في إشارة واضحة بأنهم لم يكونوا يريدون النظر للمدرب في عينه ، لكن في النهاية الملاك هم من ضغطوا بطريقة مجنونة لإقالة الرجل لرغبتهم في النتائج السريعة وهذا ما كان.

جيامباولو

جيامباولو

ما الذي سوف يحدث في ميلان من الآن فصاعداً

أعلن النادي رسمياً عن تعيين بيولي مكان جيامباولو  بعد أن تعثر جلب سباليتي لأسباب تعاقدية تخص نهاية الخدمة حيث يطالب سباليتي بعشرة مليون وهو ما يرفضه ماروتا الذي لن يدفع راتباً كاملاً مع مدرب قادر على النهوض بمشروع الفريق لمنافس محتمل مباشر على مراكز الأبطال. فإن كان سيفعل ذلك فعلى الأقل لن يدفع الراتب كاملاً .

بشكل مبدئي بيولي مرفوض من جماهير الميلان بشكل كبير ، وسم #PioliOut على تويتر يتصدر في إيطاليا والعالم في إشارة لصعوبة مهمته في كسب قلوب محبي ميلان الذين يرون في التعاقد معه خطوة للخلف . لكن الإدارة ترى الأمور من منظور آخر .

لمن يعرف بيولي هو مدرب يمتلك خبرة كبيرة في الدوري الإيطالي ، المدرب البالغ 53 عاماً درب بارما ولاتسيو وكييفو وبولونيا والإنتر وخاض 310 لقاءات في الدوري فاز في 109 تعادل بـ 89 وخسر 112. هو محب للاعب الريجيسترا الذي يتموضع أمام المدافعين ويلعب بتشكيلتين عادة هما 4-2-3-1 و 4-3-3 التي اعتاد ميلان على اللعب بها منذ أيام جاتوزو ومونتيلا مما يحقق نوعاً من الاستمرارية المطلوبة حالياً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .

ستيفانو بيولي

ستيفانو بيولي

النقطة الثانية هو مختص في إعادة إحياء الفرق في المواسم المتعثرة وهو ما فعله مع بولونيا والإنتر وغيرهم ، لكنه يعاني في موضوع الاستمرارية حيث يقال دائماً في نهاية الامر نتيجة تعثر النتائج . كما أنه بدون إنجازات تذكر سوى الوصول مع لاتسيو موسم 2015 للمركز الثالث المؤهل لمنافسات الأبطال وهو أفضل مواسمه على الإطلاق.

من كل ما سبق نفهم أن إدارة ميلان تريد حالياً إنقاذ الموسم والمنافسة على مراكز الأبطال بشكل أساسي ، وبعد الوصول إلى المسابقة الأغلى سيكون هناك تقييم لعمل المدرب والتفكير بإبقائه لعام آخر أو استبداله بمدرب كبير. عقده سيكون زهيداً نسبياً (مليون في العام الأول ومليون ونصف في العام الثاني ) وهو مقدار ما سيدفع ليجامباولو في عام واحد وبالتالي فالتكلفة المالية له مقبولة للغاية وليس هناك مخاطرة مالية كبيرة.

وفيما يلي التشكيلة التي توقعتها الصحافة للميلان تحت قيادة بيولي

التشكيلة المتوقعة تحت قيادة بيولي

التشكيل والأسماء  المتوقعة تحت قيادة بيولي

ما المعنى إذا ؟

من كل ما تقدم نستطيع القول أن الموقف حالياً واضح تماماً . صندوق إليوت للاستثمار يؤكد باستمرار أنه يريد تحسن النتائج ليزيد من قيمة العلامة التجارية للنادي ليبيعه مستقبلاً وهو أمر قد لا يكون دقيقاً . فبحسب الفاينانشال تايمز الشهيرة ربما كان الاستحواذ على ميلان هو رغبة من هذا الصندوق لوضع قدم له في عالم أعمال كرة القدم. لكن في كل الأحوال هي الفرصة الأخيرة لمالديني وبوبان وماسارا وربما جازيديس أيضاً . فإن نجحت المراهنة على بيولي ووصل للأبطال يمكن أن يربحوا عاماً آخر مع الفريق ، أما في حال ساءت الأمور فإن الإقالة الجماعية تنتظر الجميع .