لوكاكو إلى جانب سمولينج في فترتهما مع مانشستر يونايتد قبل الانتقال إلى إيطاليا

في العالم كله يرتبط مصطلح “الجمعة السوداء” بما لذ وطاب من خيرات الخصومات المذهلة على الأسعار وفرص الشراء الممتعة بأسعار تنخفض كثيرًا عن السعر الأصلي. دعك من مصطلح “الجمعة البيضاء” في بلادنا العربية فقد أصبح هو المصطلح سيء السمعة حيث لا يبدو وأن هناك خصومات حقيقية يمكنك الاستفادة منها بل مجرد تحايل على السعر الأصلي ومحاولات باردة من المحال لجذب زبائنها للشراء.

بالغت قليلًا في الحديث عن التسوق في مقالٍ رياضي؟ لا تنسَ أننا للتو قد انتهينا من تلك الجمعة السوداء يا صديقي وأدرينالين الشراء مايزال يدب في العروق لكن هناك شخصين فقط في العالم لن يرتبط مصطلح “الجمعة السوداء” بعد ذلك أبدًا بالشراء الرخيص، بل بواحدة من أسوأ الظواهر في عالم كرة القدم .. العنصرية.

لا يعتقد صحفيو كورييري ديلو سبورت أنهم قد أخطأوا في حق روميلو لوكاكو وكريس سمولينج بل إنهم امتلكوا الجرأة الكافية ورباطة الجأش ليُصرّوا على أن ما كتبوه كان يهدف أصلًا إلى الإشادة وإلقاء الضوء على ثراء الاختلاف الذي يتمتع به المجتمع الإيطالي.

كيف أخطأت الكورييري بحق لوكاكو وسمولينج ؟

أليساندرو فوكاليلي مدير تحرير كوريري ديلو سبورت السابق

أليساندرو فوكاليلي مدير تحرير كوريري ديلو سبورت السابق

أتعلمون؟ لبعض اللحظات أشعر وأن صحفيي كورييري صادقين! لا يمكن أن يتمتع إنسان بهذا القدر من الغباء في كتابة عنوان كهذا متصورًا أن الأمور ستمر مرور الكرام مع هكذا عنصرية دون أن يكون لا يدرك حقًا أن هذا العنوان يحمل قدرًا كبيرًا من العنصرية.

كورييري برأيي لم تدرك حقًا أن العنوان عنصري لأنها ليست مجنونة لتفتح النار على نفسها بهذا الشكل، وإنما هي ثقافة متغلغلة على ما يبدو في إيطاليا في هذه الآونة.

لاعبة يوفنتوس السابقة إنيولا ألوكو أشارت في مقال لها بصحيفة جارديان إلى أنها تركت إيطاليا وعادت إلى إنجلترا من جديد لأنها لم تعد تحتمل أن ينظر إليها أصحاب المتاجر بشكل متواصل منتظرين أن تسرق شيئًا، بينما صار أمر مرهقًا على المستوى النفسي أن يتم جعل الكلاب البوليسية تشتمّك مثل بابلو إسكوبار في كل مرة تصل فيها إلى مطار تورينو. في النهاية حسمت ألوكو أمرها بعد عامٍ ونصف وقررت العودة إلى إنجلترا، ورغم أن لألوكو حكايات عن عنصرية مدرب المنتخب الإنجليزي إلى أنها تحدثت عما نريده من هذه الفقرة .. أن المشكلة ليست في كرة القدم الإيطالية العنصرية بل في إيطاليا نفسها.

نسبة ليست بالقليل من الإيطاليين تبدو غير مدركة إلى أن العنصرية أمر عنصري! في رسالة من ألتراس الإنتر إلى روميلو لوكاكو عقب تعرضه للعنصرية من جماهير كالياري أخبروه أنه ليس عليه أن يعتبر جماهير نادي الجنوب الإيطالي بالعنصرية وإنما هي فقط تفعل ما يتوجب عليها فعله لتنال من المنافس وتشتته فقط وأن تلك الجماهير لو قابلت نفس الشخص خارج نطاق كرة القدم ستتعامل معه بشكلٍ عادي.

لوكاكو كان ضحية للهتافات العنصرية أكثر من مرة

لوكاكو كان ضحية للهتافات العنصرية أكثر من مرة

ليونارو بونوتشي نفسه كان قام بتوجيه اللوم لمويس كين لأنه احتفل أمام جماهير الخصم معتبرًا إياه مسؤولًا عن الشتائم العنصرية التي طالت الشاب الصغير.

يذكرني هذا كثيرًا بما يحدث في بلادنا العربية .. أنت أيها الأسمر اسمك كلابالا أو شكالاتا أو سمارا أو أي اسم من تلك الأسماء التي إن لم تقبل بإطلاقها فإنك لن تندمج لأنك ببساطة وغد صغير لا يبتلع الأمور البسيطة التي يمكن تجاوزها ويحولها لمشاكل كبيرة دون داعي.

كورييري فعلت ذلك مع لوكاكو وسمولينج ومع جميع من انتقدها، لكنها ليست الأولى، فلا يبدو وأن الاتحاد الإيطالي ينتهج نهجًا مغايرًا في تعامله مع قضية العنصرية .. قم بـ “تكبير دماغك” وحاول ألا تركز كثيرًا يا بالوتيلي مع تقليد أصوات القرود من جماهير فيرونا لأنه ببساطة لن نعاقبهم بما يستحقونه لأنها أمور تافهة لا يمكن أن نتوقف عندها.

الحديث ينسحب كذلك على كتلة تزداد حجمًا في إيطاليا وعدة بلاد أوروبية أخرى باتت تعتبر الأعراق الأخرى تهديدًا لبلادها مع كم الهجرات الجماعية المتدفقة إلى أوروبا هربًا من عالم وحشي آخر يسحق البشر في كثير من أنحاء العالم، ويبدو وأن تلك الكتلة ذات تأثير لا بأس به في عدة دول إلى الدرجة التي جعلت بعض الأحزاب المتطرفة تصل إلى سدة الحكم في تلك الدول .. إيطاليا ليست بمنأى عن هذا الأمر لكن مقارنة بإنجلترا -التي باتت تعاقب الجماهير حتى تجاه الهتافات الفردية- فإن المؤكد أنها متأخرة كثيرًا تجاه تعاملها مع قضية العنصرية بشكل أكثر جدية .. متأخرة إلى درجة أن من يُفترض به التوعية بالأمر وتنبيه إلى خطورته، لا يدرك أصلًا أنه يرتكب تلك الحماقات وببراعة.