انطونيو كونتي خلال لقاء توتنهام (Getty Images)

يستمر المدرب الجديد لنادي الإنتر انطونيو كونتي في تدمير أسس النظام القديم في النادي الإيطالي العريق بهدف صناعة فريق قادر على منافسة اليوفنتوس والفوز بالدوري الإيطالي بعد غياب  . فبعد أن استهدف اثنين من أهم اعمدته في الموسمين السابقين (وأثنين من أكثر مثيري المشاكل كذلك الأمر) ونعني نينجولان وقائده إيكاردي يصل الدور اليوم على الكرواتي إيفان بيريسيتش الذي كان بحسب الكثير من النقاد أحد أفضل  لاعبي الإنتر في السنوات الماضية. كونتي أكد بوضوح أنه غير مهتم بخصائص الكرواتي كمهاجم أيسر بل كجناح صريح من خماسي الوسط بمعنى إما التأقلم أو الرحيل .

بداية ..ماذا يريد كونتي من بيريسيتش

ما قاله كونتي تحديداً هو التالي : بيرسيتش حتى اللحظة ليس مؤهلاً حتى اللحظة للقيام بالدور الذي أطلبه منه (اللاعب الأخير  من الجهة اليسرى من خماسي الوسط) والدور الوحيد القادر على تأديته هو المهاجم الأيسر. في حين أن دالبرت طبق الدور المطلوب منه بطريقة مميزة .

ما يريده  كونتي من بيريسيتش أن يكون أبعد عن المرمى وأقرب إلى خط الوسط ، وهو ما يعني أن الكرواتي سيؤدي مهماً دفاعية أيضاً وليست هجومية وحسب هذا أولاً . ثانياً يريد أن يستمر في أسلوبه بالاعتماد على الأجنحة في بناء الهجمات المرتدة وعكس الكرات عبرهم إلى الداخل.

بيريسيتش ودي فريخ

بيريسيتش ودي فريخ

الفكر التكتيكي لكونتي مع الإنتر

مما هو واضح تماماً أن كونتي سيطبق أفكاره وفلسفته نفسها في العمل مع الإنتر . ثلاثي في الخط الخلفي وأربعة أو خمسة لاعبين في خط الواسط ولاعب أو لاعبان (وهو الخيار المرجح) في الهجوم. أي إما 343   أو 352

وفي الحالتين بيريسيتش سيكون أبعد عن المرمى مما كان عليه مع سباليتي وإن كانت الوضعية في 343 (نسخة تشلسي مع كونتي ) أفضل له  نسبياً .

أساس قوة النظام الذي سيرسخه كونتي هو خط الوسط وهو الذي سيقوم بالربط بين الثلاثي القوي في الخلف والذي سيكون غالباً مكوناً من جودين وسكرينار ودي فريخ . هذا الخماسي سيكون الكرواتي الآخر بروزوفيتش هو أساسه كلاعب دائرة وعلى جانبيه كل من سينسي وباريلا أو جاليارديني في حين سيكون كانديريفا على اليمين وبيريسيتش على اليسار (حتى اللحظة لم ينجح في هذا الدور) . وسيتم تناقل الكرة من العمق الخط الخلفي باتجاه الوسط إلى الأطراف ومنها إلى لاعب المنتصف حيث يتواجد لاعبا الهجوم الذي يتوقع أن يكون أحدهم لاعب محطة بقوة بدنية وقدرة على الحسم أمام المرمى (ومن هنا تاتي أهمية لوكاكو) والثاني غالباً سيكون أكثر حركية والمركز ما بين لوتارو ماريتينيز وإسبويسيتو. في نسخة مشابهة لكل إيدير وبيلي مع المنتخب الإيطالي عام 2016.

خطة 3-5-2 مع الإنتر

خطة 3-5-2 مع الإنتر

في حال كان التشكيل 3-4-3 كنسخة تشيلسي سيتقدم بيريسيتش أو أيا كان إلى الأمام قليلاً لمساندة ثنائي المقدمة ويمكن أن نرى بوليتانو مع لوكاكو (أو دجيكو ) وبيريسيتش أو غيره في الجهة الأخرى .إذاً العمل يبدأ من الثلاثي الدفاعي القوي في الخلف ويتحرك نحو عمق الوسط  من خلال بروزوفيتش وباريلا وسنسي في منطقة الدائرة ومنها إلى الأطراف البعيدة ومن ثم تعكس إلى المنتصف حيث يوجد لاعب المحطة وخلفه اللاعب الحركي.

تشكيلة 3-4-3 الخاصة بكونتي

تشكيلة 3-4-3 الخاصة بكونتي

الهدف من كل ذلك هو توسيع اللعب باتجاه الأطراف مما يجبر الخصم على التحرك عريضياً وهو ما يفتح ثغرات في صفوف الخصم أولاً ويمكن من الانطلاق بسرعة بالمرتدات عبر سير حركة واضح باستخدام لاعبين يتميزون بالسرعة . المسألة الأخرى هي استخدام لاعبي الأطراف للدفاع تارة مع ثلاثي الدفاع فيتم الدفاع بخمسة أو ستة إذا أضفنا لاعب الدائرة والهجوم بستة لاعبين في أي هجمة مرتدة في حال حيث سيضاف لاعبا الأطراف للاعبي الهجوم ومعهم ثنائي خط الوسط على طرفي الدائرة

تحرك لاعبي الأطراف نحو الأمام

تحرك لاعبي الأطراف نحو الأمام

تحرك لاعبي الأطراف لمساندة خط الدفاع

تحرك لاعبي الأطراف لمساندة خط الدفاع

التقليدي العصري في مواجهة الأفكار الثورية

هذه الطريقة إن تم تنفيذها بالشكل المطلوب ستؤمن توازناً هجومياً ودفاعياً وكثافة في كلا الحالتين. وهي بكل بساطة تكتيك تقليدي بأسلوب حديث وأفكار متطورة في حالة الدفاع وبناء الهجمات . وهنا نستطيع القول أن كونتي هو المدرب الوحيد الباقي للكبار والذي سيعتمد الفكر الإيطالي التقليدي أساساً  لأسلوب  عصري ومتطور. في حين سيعمد كل مدربي الكبار الآخرين إلى الهجوم والضغط العالي. وبناء على ما قدمه سابقاً مع اليوفي وإيطاليا وتشلسي فهو أحد المدربين القلائل الذين   نجحوا في تحديث الأفكار التقليدية وأثبت جدارته  وقدرته على مواجهة كرة القدم العصرية.

انطونيو كونتي (Getty Images)

انطونيو كونتي (Getty Images)

هل يستفيد الإنتر في النهاية  من تدمير كونتي لكل شيء فيه 

كما بدأنا في افتتاحية هذا المقال فإن كونتي يدمر أسس الإنتر الذي بناه سباليتي وحتى ما قبل سباليتي ويعيد بنائه وفقط أسسه وأفكاره وذلك لأن الأفكار السابقة لم تنجح في أكثر من الوصول إلى الأبطال في ظل هيمنة اليوفنتوس والمطلوب حالياً من الإدارة الصينية أكثر من ذلك بكثير. والهدم ليس فنياً وحسب بل لتقاليد غرفة الملابس كذلك الأمر حيث يتم التخلص من اثنين من أهم عناصر الحرس القديم بما يحملونه من تأثير على غرفة الملابس وطبعاً نعني إيكاردي ونينجولان  . والسعي وراء بيريسيتش يدخل في نفس سياق تفكيك الشللية وإحلال أفكار قديمة محل الجديدة . داخل الفريق (إبراهيموفيتش أكد في كتابه أنه عندما دخل الإنتر للمرة الأولى شهد تكتلات للجنسيات المتشابهة أو المتقاربة داخل الفريق وهو نفس الوضع أيام سباليتي) بغية إعادة اللحمة للفريق أولاً وفرض سيطرته (أي كونتي) على كل شيء فيها ثانياً.وهو مدعوماً من ماروتا والجمهور يبدو قادراً على فرض نفسه وفلسفته على النادي . لكن السؤال هل سيتمكن النادي وملاكه الصينيون من احتمال الانتقاد المتزايد لكونتي لسوق الانتقالات في الفريق وحدة طبعه التي تتسبب دائماً في خروج النجوم . ربما يستطيعون احتمال ذلك في البدايات لكن مع الزمن يصعب احتمال  بذلك حتى ولو كانت النتائج إيجابية ، والدليل ما حدث مع اليوفنتوس وإيطاليا وأخيراً تشلسي .