سبورت 360- من الممكن أن يفوز يوفنتوس بالدوري في نهاية المطاف، لكن لن يكون أبداً هذا اللقب بمثابة شهادة الجودة لماوريزيو ساري وفريقه، لأن جمهور السيدة العجوز لم يعد يكتفي بهذا اللقب الذي فاز به كثيراً، وحققه 8 مرات على التوالي مؤخراً.

لكن الجديد الآن أن اليوفي قد يخسر لقب الكالتشيو أيضاً، بعد تساويه في النقاط مع إنتر كونتي، وبفارق نقطة واحدة فقط عن لاتسيو إنزاجي، الفريق الذي هزمه منذ فترة قصيرة في السعودية، خلال نهائي كأس السوبر الإيطالي.

يوفنتوس مع ساري ..بطل لم يُقنع جمهوره بعد 

يوفنتوس ساري غير مقنع حتى الآن، فريق بلا أجنحة، مع ظهير هجومي بشكل مبالغ فيه، وآخر لا يهاجم تقريباً، اعتماد مبالغ فيه على بيانيتش في منطقة الوسط، مما يعني بطء في التحولات عندما تلعب بوسط يستحوذ، وبناء ضعيف للهجمة عندما تلعب بوسط سريع ومباشر في حال التغيير، لذلك يبدو ساري وكأنه رجل يعوم في الماء مرتدياً “بدلة” كاملة برابطة عنق. هناط تضاد واضح بين أفكار المدرب من جهة، وطريقة لعب الفريق وأسلوب اللاعبين نفسهم من جهة أخرى.

بالعودة إلى طريقة تفكير ساري، يعتمد مدرب اليوفي تاريخياً على تقريب لاعبيه من بعضهم البعض، المسافة بين كل لاعب ولاعب قريبة، من أجل زيادة خيارات التمرير أمام حامل الكرة. فرق ساري تصعد بالكرة من الخلف إلى الأمام بالمثلثات التمريرية، مهاجم جناح وسط ظهير، كل هؤلاء يشتركون في بناء الهجمة لتظهر في شكل موجة متتالية.

 خارطة فرق ساري على سبيل المثال قريبة جداً من بعضها، الهجوم على مقربة من الدفاع، والبناء دائما يتم من اليسار.  اختراق بفضل انطلاقات الظهير الأيسر، ظهير يتفوق في موقف 1 ضد 1، مع دخول ثلاثي مفاجيء داخل منطقة الجزاء، إنسيني كاليخون ميرتينز أيام نابولي سابقاً “كمثال ليس أكثر”، لخلق موقف 3 ضد 3 عند التحولات.

كل هذا ليس متاحاً مع السيدة العجوز، هناك مشاكل كبيرة في خطة الموسم الحالي سواء 4-3-3 أو 4-4-2، مع قلة وجود الدعم الهجومي على الأطراف، لأن كوادرادو يترك خلفه مساحات كبيرة، كذلك يعتبر البرازيلي ساندرو ضعيفاً في موقف 1 ضد 1 على مستوى المراوغة والزيادة العددية، لذلك من صعب لعبهما على الخط بمفردهما دون داعم دفاعي أو هجومي، بالإضافة إلى استمرار توهان الوسط دون أي جديد.

FBL-EUR-C1-LEVERKUSEN-JUVENTUS

ساري يفتقد العُمق الهجومي في يوفنتوس 

عانت السيدة العجوز تكتيكياً من عدم وجود عمق هجومي حقيقي، وضعف المساندة من لاعبي الوسط في المركز 8، بالإضافة إلى ترك بيانيتش وحيداً أثناء التحولات، ومع سهولة تقييد حركة الأطراف، فإن الحمل أصبح مضاعفاً على بيانيتش وبعده ديبالا على مستوى عملية الصناعة من العمق.

اشترت إدارة اليوفي كل من رابيو ورامزي في الصيف، لكن يبدو أن هذه التعاقدات كانت بسبب قدومها في صفقات انتقال حر فقط، لأن اللاعب الفرنسي لم يقدم أي شيء بعد، بينما زميله الويلزي يخرج من إصابة ليدخل في الأخرى، كما كانت جزء من مسيرته أيام آرسنال، وفي الحالتين يعتبر هذا الثنائي أقرب إلى لاعبي الوسط المباشرين، الذين يفضلون الانطلاق في المساحات واللعب أكثر في نصف ملعب الخصم، أي “بروفايل” مختلف تماماً عن لاعبي الارتكاز المفضلين لمدربهم.

Juventus v ACF Fiorentina - Serie A

ساري  وثنائية ديبالا و رونالدو غير الكافية لصنع مجد يوفنتوس

يركز ساري على جودة وسطه في الحيازة، التمريرات، المثلثات القصيرة، من أجل سحب الخصم تجاه جانب معين من الملعب، ثم فتح الملعب عن طريق الأطراف بحثاً عن اللاعب الثالث الحر، فيما يعرف باللعب التموضعي، لكن مع يوفنتوس لم يكن الأمر سهلاً بالمرة، لضعف مستوى الأظهرة، ولعدم وجود أجنحة جاهزة “مع كثرة إصابات دوجلاس كوستا”، وبالطبع رداءة خط الوسط فيما يخص الصناعة وضبط التحولات.

يقوم رونالدو مؤخراً بدور “البطل” في تسجيل الأهداف لمدة 10 مباريات على التوالي، وقبلها تألق زميله باولو ديبالا في الصناعة والتسجيل خلال أكثر من مباراة، لكن في النهاية من الصعب الاعتماد فقط على هذا الثنائي خلال مباريات الشامبيونزليج على سبيل المثال، لأن الفريق وقتها سيحتاج إلى عمل جماعي أكبر.

FBL-ITA SERIEA-JUVENTUS-UDINESE

ساري مع يوفنتوس ..رغبة في اللعب المُمتع دون امتلاك الأدوات اللازمة 

كل ما سبق يؤكد استحالة فكرة اللعب بـ “كرة ساري” التي اشتهر بها أيام نابولي، لأن هذا الأمر يعتبر خيالاً وفق المعطيات المتاحة،  ولحاجة المدرب الإيطالي إلى تحقيق الفوز قبل المتعة، وهذا ما عاشه خلال فترة توليه تدريب تشيلسي، من خلال الضغوطات الإعلامية والمطالبات الجماهيرية، واختلاف نوعية اللاعبين الذي يملكهم حالياً عن الفترات السابقة، لذلك مسألة اللعب القائم على البناء من الخلف، مثلثات التمرير، نقل الهجمة من جانب لآخر، كلها مجرد حبر على ورق حتى الآن، لأن هذه الأمور تحتاج إلى الصبر والتجربة والهدوء قبل حتى التعاقد مع اللاعبين المهاريين القادرين على تطبيق الكرة الجذابة الممتعة التي عرف بها نابولي ساري في فترات سابقة.

تبدو تجربة اليوفي -حتى في حال الفوز بالدوري- معبرة للغاية عن حالة التنافر بين ثقافات الأندية وفلسفة المدربين، فالسيدة العجوز اعتادت مؤخراً سواء مع أليجري أو غيره على الانضباط وتقليل الفراغات واستغلال الشخصية من أجل الفوز، لكن مسؤوليها تخلوا عن كل ذلك لرغبتهم في لعب كرة جذابة، هجومية، ممتعة، مع مدرب عُرف بذلك سابقاً، ليتحول الاستحواذ إلى نسخة سلبية للغاية، وتصبح العملية أقرب إلى “المسخ” غير واضح المعالم.

Hellas Verona v Juventus - Serie A