ساري.

موقع سبورت 360- أبصم نادي يوفنتوس على بداية قوية للغاية لموسمه الجديد مع المدرب ماورتسيو ساري..وذلك باعتلاء الصدارة بعد مرور 7 جولات من انطلاقة البطولة بفضل فوزه الأخير في لقاء القمة بديربي إيطاليا على إنتر ميلان.

وتعتبر هذه البداية الموفقة هامة جداً لمشروع أندريا آنييلي الجديد والذي راهن على مدرب نابولي السابق وأتى به ليخلف المدرب ماسيمليانو أليجري الذي قاد اليوفي 5 سنوات متتالية.

وتلك الوضعية الحالية للمدرب التوسكاني الآخر ماورتسيو ساري لم يكن ليحلم بها قبل 10 سنوات من الآن حينما كان يبحث عن وظيفة بعد إقالته من تدريب بيروجيا حيث أقيل في فبراير 2009 وظل لمدة 14 شهراً بلا عمل.

مسيرة مُلهمة..ومصاعب شديدة

قصة ماورتسيو سارّي يُمكن أن يُعاد سردها واستكشافها في كل مرة تتحدث عنها..فهو كان محاسباً في أحد البنوك وموظف عادي للغاية في توسكانيا كانت لديه هواية تحليل المباريات وقرر في بداية الثلاثينات من عمره أن يُجرب فكرة تدريب فرق الهواة.

وبعد 10 سنوات من تقسيم وقته بين العمل في البنك وتدريب فريق غير معروفة وغير محترفة على الإطلاق قرر أن يُضحي بوظيفة البنك ويضع مستقبله على المحك..وذلك لأنه تلقى وظيفة لتدريب فريق يُدعى سانسوفينو في عام 2000، وهي مخاطرة أتت بأُكلها بعد تدريب عدة فرق في الدرجة الرابعة حيث نال بعد 5 سنوات من العمل في الظلام وبعد 15 سنة من التدريب مكافأة على هذا الصبر والإيمان بنفسه.

المدرب صاحب الـ60 عاماً درب جروسيتو بعد ما يقرب من عام ونصف بلا وظيفة

المدرب صاحب الـ60 عاماً درب جروسيتو بعد ما يقرب من عام ونصف بلا وظيفة

فقد تقدم له نادي بيسكارا بعرض لتدريب فريقه وحينها كان وضع فريق الدلافين في الدرجة الثانية متأزماً جداً، ورغم أن المغامرة لم تستمر طويلاً لأن رئيس بيسكارا قرر وقتها بيع أغلب لاعبي الفريق إلا أنه استفاد لأن ذلك الموظف البنكي المغمور أصبح اسماً معروفاً الآن لدى الإعلام المحلي في المقاطعات المختلفة في شبه الجزيرة الإيطالية.

وعلى الفور نال عدة فرص مع فرق مختلفة مثل آريتزو وفيرونا ولكن رغبته في تقديم كرة قدم جميلة ومُعقدة تكتيكياً جعلته يخفق في ترك بصمة واضحة فعاد للتدريب في الدرجة الثالثة مع فريق أليساندريا في عام 2010.

ما أجمل اللون الأزرق

مع إيمبولي ..كانت انتعاشة مسيرته

مع إيمبولي ..كانت انتعاشة مسيرته

يُمكن لساري أن يعشق اللون الأزرق دون أن يلومه أي أحد على ذلك لأنه نال فرصة العمر في عام 2012 بعد أن اتصل به كورسي رئيس إيمبولي لتدريب الفريق التوسكاني..ورغم أن إيمبولي يعتبر نادٍ متواضع لكنه يتمتع بأجواء هادئة وكانت لدى الرئيس وجهة نظر صائبة في ماورتسيو ساري.

فرغم البداية السيئة جداً لساري مع إيمبولي في الدرجة الثانية وعدم تحقيقه لنتائج إيجابية حتى الجولة الثامنة ظل المدرب واثقاً من نجاحه وعليه لم يُقرر إقالته..لينجح إيمبولي في المنافسة حتى الجولة الأخيرة على الصعود للدرجة الأولى لكنه خسر المباراة الحاسمة أمام الغريم ليفورنو، ولكنه كرر المحاولة في العام التالي ونجح في الصعود للسيري آ وهنا قام ساري بعرض بضاعته وأفكاره على الوجه الأمثل وقاد إيمبولي ليكون ضمن الفرق اللافتة للنظر بلعب كرة قدم هجومية وسريعة.

الرئيس فابريتزيو كورسي مالك نادي إيمبولي كان له الفضل الأكبر

الرئيس فابريتزيو كورسي مالك نادي إيمبولي كان له الفضل الأكبر

وفي 2015 وبعد أن ترك النادي التوسكاني الأزرق ذهب للأزرق الآخر في الجنوب وهو نابولي حيث صنع إمبراطوريته وعاد لمدينته التي ولد بها ليثبت فيها عبقريته.

وحدث ولا حرج عن الأيام السعيدة التي عاشتها جماهير نابولي لمدة 3 سنوات حيث كان فريقها يُقدم كرة هي الأفضل في أوروبا رغم عدم وجود لاعبين أبطال..وكاد ساري قريباً في 2017/2018 أن يُجرد يوفنتوس من زعامته للكرة الإيطالية وكاد يفز بالاسكوديتو لقب الدوري الإيطالي لولا سقوطه في مباراة فيورنتينا في الأمتار الاخيرة من البطولة.

رحل ساري عن نابولي بعد الاختلاف مع الرئيس دي لاورنتيس وقرر عدم التدريب في إيطاليا وقبول عرض تشيلسي الذي عاش معه موسماً متقلباً في الدوري الإنجليزي لكنه أنهاه بنجاح بتأهله معه لدوري الأبطال وفوزه بأول لقب في مسيرته وهو كأس الدوري الأوروبي.

لا يوجد من يرفض يوفنتوس

رحل أليجري وترك مكانه للمدرب الجنوبي

رحل أليجري وترك مكانه للمدرب الجنوبي

وجاءت اللحظة الحاسمة والمتوقعة حينما قدم يوفنتوس لساري عرضاً لا يُمكن رفضه لتدريب الفريق البيانكونيري.

ورغم ارتباطه الشديد بمدينته نابولي وكذلك بتوسكانيا التي عاش بها مراحل كثيرة من حياته..وهما مدينتين لا يحبان يوفنتوس..إلا أن ساري وافق رغم عدم رضاء والدته على أن يذهب لتدريب السيدة العجوز.

لكن كان من الواضح أن اليوفي سيقوم بهذه الخطوة، لأن ماورتسيو وضع نفسه كواحد من أبرز المدربين في السنوات الأخيرة وبما أنه إيطالي الجنسية فقد كان من الطبيعي أن يقدم له اليوفي هذا العرض.

وعلى الفور بدأت بعض التشككات في إمكانية أن يُكرر ساري مع اليوفي ما فعله في نابولي بلعب كرة قدم جميلة وهجومية وأعتقد الكثير أنه سيمر بأوقات عصيبة.

فرصة عظيمة لتدريب أبطال مثل كريستيانو رونالدو

فرصة عظيمة لتدريب أبطال مثل كريستيانو رونالدو

وبالفعل حدث ذلك في أول 3 مباريات من الموسم ولكن بمرور الوقت ومع انسجام اللاعبين وتشربهم لأفكاره أصبح الأمر سهلاً وقدم اليوفي في الأسابيع الأخيرة وجهاً غير مألوفا..بفريق يلعب تمريرات سريعة ودقيقة ويجبر المنافس على التراجع إلى مناطقه.

وكان الانتصار على إنتر ميلان في ملعب السان سيرو أكبر دليل على أن ساري يُمكن أن يُحدث نقلة نوعية في كرة القدم التي سيقدمها يوفنتوس هذا الموسم، مع لاعبين أبطال مثل بونوتشي ودي ليخت وبيانيتش و ديبالا وأولهم وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو .. الذي كان عندما نجماً يافعاً يوقع على عقد انتقاله من مانشستر يونايتد لريال مدريد في 2009 كان مدربه الحالي بلا وظيفة.. وهذا يُبرهن إلى أي مدى كانت قصة صعود هذا المدرب استثنائية جداً.