Getty

موقع سبورت 360 – “شطحات كروية”، هي فقرة أسبوعية نهدف من خلالها إلى مناقشة وتفكيك بعض الأفكار غير المنطقية المنتشرة والرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة دحضها والرد عليها بأفكار جديدة وأدلة – تبدو من وجهة نظرنا – أقرب للواقع.

أسدل الستار على منافسات كوبا أمريكا، يوم الأحد الماضي، في ملعب ماراكانا بتتويج البرازيل صاحبة الضيافة باللقب بعد الفوز على بيرو بثلاثة أهداف مقابل هدف، ليحرز راقصو السامبا اللقب للمرة التاسعة في تاريخهم.

وشهدت البطولة، العديدة من التصريحات والانتقادات ضد تقنية حكم الفيديو المساعد “الفار” وحالة الملاعب، وحتى ضد اتحاد أمريكا الجنوبية (كونميبول) نفسه، واللجنة المنظمة.

وحينما يصل الأمر للتحكيم، فإن الآراء تتشعب بين من يرى أن الأخطاء جزء من متعة كرة القدم، ومن يرفض تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد لكونها تقتل المتعة، ومن يؤمن بالمؤامرات وحصول الحكام على رشاوى.

ويرى الكثيرون بأن المنتخب البرازيلي تسلح بسلاح التحكيم في هذه البطولة، وارتكز عليه من أجل تحقيق اللقب، وقد أطلق النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي العنان لغضبه، وراح يوجه سهام النقد المباشرة ضد الحكام والكونميبول في مناسبتين.

واقتفى ليونيل سكالوني، مدرب الأرجنتين، خطى قائد منتخبه وخرج ليهاجم الحكام بعد مباراة البرازيل في المربع الذهبي، حيث قال إنهم لعبوا ضد “8 أشخاص يرتدون القميص الأسود”، في إشارة لطاقم الحكام الذي قاده الإكوادوري رودي زامبرانو.

الحل الأسهل:

في بعض الأوقات يكون الحديث عن التحكيم، هو الحل الأسهل والشماعة التي يمكن أن يبرر بها الفرد فشل فريقه، فحتى لو لم تكن هناك أخطاء ملحوظة أو مثيرة للجدل، فدائماً ما يكون تركيز الجماهير منصباً على قرارت الحكم ونادراً ما يخلو أي نقاش عقب المباريات الكبرى من الحديث عن القرارات التحكيمية.

GettyImages-1159708372 (1)

التركيز على جملة “البرازيل حققت الكوبا بفضل التحكيم” هو أمر غير صائب كلياً، ومجحف في نفس الوقت، ففريق المدرب تيتي قدم مستويات مميزة خلال البطولة، وكانت سيطرته واضحة بفضل وفرة المواهب التي يتمتع بها أبطال العالم خمس مرات.

ورغم غياب نيمار بسبب الإصابة، إلا أن المدرب تيتي استقر على الوصفة المثالية التي قادته للتتويج باللقب، حيث صنع هجوماً مكوناً من الثلاثي (خيسوس، فيرمينو وإيفرتون)، كما خلق التجانس اللازم في وسط الملعب بإشراكه للثلاثي كاسيميرو، آرتور ميلو وفيليب كوتينيو.

وفي طريق حسم اللقب أحرزت البرازيل 13 هدفاً، منها خماسية في شباك بيرو في دور المجموعات، واستقبلت هدفاً واحدا فقط، جاء عن طريق ركلة جزاء في المباراة الختامية.

جدل مستمر:

عرفت المواسم الماضية ارتفاعاً غير مسبوق في حدة الأصوات المُنتقدة لمستوى التحكيم، ويعود السبب في ذلك لمنصات التواصل الاجتماعي، والتي تُفسح المجال أمام الجميع، للإدلاء بآراهم وإطلاق العبارات الساخنة حول أصحاب الصافرة.

وأصبح التحدث عن الأخطاء التحكيمية وإثارة الجدل بعد كل 90 دقيقة، موضة الجماهير في كل موسم كروي، وبات أمراً عادياً على طريقة المثل المغربي الشائع الذي يقول “ضربني وبكى سبقني واشتكى”.

وحاول الاتحاد الدولي للعبة، التقليل من وطء الأخطاء الفادحة التي شاهدناها على مدار السنوات الماضية، من خلال اللجوء لتقنية التحكيم بالفيديو، لكن هذا الأمر لم يحد من تلك الأخطاء بشكل كامل، لأن مجموعة من الحالات حتى مع وضوحها تبقى متوقفة على تقدير الحكم.

ومن أجل التقليل بشكل أكبر من الأخطاء التحكيمية – وفق ما أعتقد – فعلى الإعلام أن يلعب دوره في تخفيف الضغوط على أصحاب الصافرة، فالحقيقة الواضحة التي نعيشها اليوم هي أن جل الحكام وعند اتخاذ قرار صعب غالباً ما يميلون للطرف الأكبر وذي النفوذ الأقوى، لأنه أمر سيقيه شر الانتقادات اللاذعة التي قد يتلقاها إن هو قام بالعكس وأخطأ.