هالاند مع دورتموند (Getty Images)

منذ بداية الموسم ظهر بوضوح لكل متابعي كرة القدم حول العالم أن النرويجي الصاعد  إرلينغ براوت هالاند هو مشروع لأحد أفضل المهاجمين في العالم. وتوقع الكثيرون ألا يستمر كثيراً مع ريدبول سالزبورغ وينتقل إلى ناد أكبر وطرحت أسماء كمانشستر يونايتد وريال مدريد ويوفنتوس وغيرهم. لكن الشاب النرويجي ومن ورائه وكيله رايولا فاجؤوا الجميع بالانتقال إلى بروسيا دورتموند خلال عطلة الانتقالات الشتوية في خطوة بدت غريبة للغاية. لكن النرويجي الشاب لم يخيب الظن وافتتح مشواره مع الفريق بثلاثية  في عشرين دقيقة منحتهم فوزاً ساحقاً على أوغسبورغ بخمسة أهداف لثلاثة.

أرقام سريعة

الشاب النرويجي ابن ال 19  عاماً يمتلك سجلاً تهديفياً مميزاً منذ بداية العام 2017  حتى اللحظة ، فمع مولدي النرويجي سجل 14 هدفاً في 39 لقاء ، ومع ريدبول سالزبورج 17 هدفاً في 16 لقاء. وفي لقائه الأول مع دورتموند سجل 3 اهداف في 20 دقيقة لعبها ليعادل إنجاز أوباميانج التاريخي بتسجيله ثلاثية في أول مشاركة له مع الفريق.

بحسب ارقام هالاند وخارطته الحرارية  التي نقدمها لكم بالتعاون مع سوفاسكور فإننا نلاحظ أنه تحرك في أماكن محددة من الملعب أبرزها حدود منطقة الجزاء . لمس خلالها النرويجي الكرة 14  مرة وسدد ثلاث مرات سجل فيها كلها . أرقام مرعبة  لاتخلو من التوفيق الكبير ولن تكرر بشكل دائم.

Screen Shot 2020-01-19 at 1.04.34 PM

صعود صاروخي وسعر قليل

هذا الصعود السريع ومعدل التسجيل المرعب لشاب لم يكمل العشرين عاماً بعد يثير التساؤل عن سبب رحيله إلى دورتموند  في الشتاء وليس إلى فريق أكبر رغم أن سعره في المتناول والجميع يرصدونه. وما يزيد الاستغراب أكثر أن وكيله هو مينو رايولا المعروف بجشعه ورغبته في حصد أكبر قدر ممكن من الأموال.

دهاء رايولا

رايولا في تعامله مع هالاند وتوجيهه له  أنه ليش مجرد جشع يريد أموالاً أكثر بل أنه داهية يعرف تماماً كيف يزيد من قيمة لاعبه من خلال توجيهه بالشكل الصحيح. حيث أن اختيار دورتموند إن نظرنا إليه بتمعن هو خيار مدروس بذكاء شديد فكيف ذلك ؟

بداية دورتموند ليس من عمالقة أوروبا كريال مدريد وبرشلونة وليفربول ومانشستر يونايتد وبايرن ميونخ لكنه من كبار ألمانيا. بمعنى أنه ليس فريقاً صغيراً لكنه ليس كبيراً إلى درجة الضغوط الساحقة . بمعنى أنه بيئة أكثر هدوءاً للاعب صاعد حتى ينمو من أي من الكبار.

ثانياً هو فريق هجومي  الطابع يدربه أحد أكثر المدربين تطويراً للشبان وهو لوسيان فافري  وبالتالي سيدعم هالاند وخصائصه وسيتم تطويره بشكل كبير . كما أن أسلوب اللعب الهجومي يخلق كثيراً من الفرص بما يعطي فرصاً أكبر لهالاند ليسجل ويلمع أكثر وأكثر. ومع معرفة أن دورتموند سيكون متواجداً في الأبطال والقواعد الجديدة تسمح للنرويجي باللعب مع فريقين في الأبطال فإن سيستمر في التواجد في البطولة الأكبر وبالتالي فرصة التألق والتطور مستمرة.

أن يلمع أكثر ويتطور أكثر ويسجل أهدافاً أكثر فإن سعر هالاند سيزيد بشكل كبير وسيتم بيعه خلال عام أو عامين بمبلغ أعلى بكثير من الذي تم شراؤه به وبالتالي عمولة رايولا ستكون أعلى  بكثير مما لو ذهب فورا ً إلى فريق كبير لن يدفع فيه مبلغاً خرافياً (قيمة فسخ العقد كانت  35 ممليون يورو بالحد الأعلى  ) . وفي حال لم يتأقلم الشاب النرويجي مع هذا الفريق الكبير المليء بالضغوط لتحقيق الانتصارات فإنه سيتحول لحبيس للدكة وبالتالي ستقل شيئاً فشيئاً وسيتحول من نجم صاعد إلى ورقة محترقة . وهذه الاحتمالية  عالية  للغاية مع الفرق الكبرى وكم رأينا من مواهب شابة تحرق قبل الأوان لأنها انتقلت إلى فرق كبيرة أو لعبت تحت أيدي مدربين لم يثقوا بهم.

المحصلة

دور رايولا كبير حتماً ، لكن وعي هالاند لما يحتاجه ومقاومته لإغراء اللعب لأسم كبير وتفضيل اللعب مع فرق ذات ضغوط أقل وتاريخ أقل لعب حتماً دوراً كبيراً في هذا الخيار. هذا الوعي بضرورة التطور قبل كسب الأموال هو مسألة تحسب للاعب وإن استمر مركزاً للملعب فالأموال الكثيرة ستأتي بالضرورة في المستقبل القريب. والدفعة القوية التي تلقاها بالانطلاقة الهائلة عبر تسجيله لثلاثية في عشرين دقيقة ستعينه بشكل كبير في تجربته الجديدة . لكن عليه أن يعطي مع مدربه أن مثل هذه الانطلاقات تحوي توفيقاً كبيراً ولا تتكرر في كل لقاء . وإلا فإن هذه الدفعة ستتحول إلى عبء ذهني لأن التوقعات ستتضاعف وهو لن يكون قادراً على تلبيتها بنفس الطريقة