حكايات من الدوري الإيطالي … بول جاسكوين ملك القمامة

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • مجموعة حكايات ومقطفات ولحظات لا تنسى من تاريخ الدوري الإيطالي يرويها لنا الكاتب جون فوت في كتابه “كالشيو … تاريخ الكرة الإيطالية”

    هذه روما صحيح؟ فأين لاتسيو؟

    باول جاسكوين في 1992 يتسائل في المتجر الخاص بنادي لاتسيو

    وصل في 2003 شريط فيديو إلى سوق الإنتقالات الإيطالية يحمل عنوان “بيدوني” أي صندوق القمامة بالغيطالية وهي كلمة تطلق على اللاعبين أصحاب السمعة السيئة في كرة القدم، لا نتحدث عن الصفقات السيئة ولكن عن اللاعبين الذين ينجحون في الحصول على الشهرة بسبب تصرفاتهم السيئة تلك

    يكون هذا “بيدوني” غالبا لاعبا أجنبيا تم دفع الكثير من الأموال للحصول عليه وروما في أواخر الثمانينات ضم ثنائي من هذه النوعية وهم البرازيلي أندرادي الذي لعب 9 مباريات فقط مع الفريق وحصد لقب “أستاذ التصوير البطيء” نظرا لبطئ حركته

    والأخر كان ريناتو صاحب الشعر الطويل والصولات والجولات اليومية في ملاهي روما الليلية والتي كانت تنعكس سلبا على أداءه داخل الملعب والثنائي كان يعتبر من أشهر الامثلة السيئة في الكرة الإيطالية إلى أن وصل بول جاسكوين إلى لاتسيو

    أحتل جاسكوين صدارة هذا الشريط بصورته وهو واضع يده في وسطه بقميص نادي لاتسيو، وصول اللاعب إلى إيطاليا كان تزامنا مع إنتشار متابعة الدوري الإيطالي في أنجلترا نظرا لتغطية القناة الرابعة هناك للكالشيو وتسبب وصول جاسكوين أو جازا كما يلقب في زيادة هذا الإهتمام

    كان جازا يعيش أفضل أيامه عند وصوله إلى لاتسيو بعد الشهرة التي حصل عليها في مونديال 1990 ولكن لسوء حظ لاتسيو فجازا قضى ساعات في الظهور على القناة الرابعة أكثر من التي لعبها بقميص الفريق على أرضية الملعب

    ففي ثلاث مواسم كان فيها الأعلى أجرا لم يلعب سوى 41 مباراة سجل خلالهم ستة أهداف، تم إستبداله في 30 مناسبة ولم يفز لاتسيو بأي شيء معه ومن الصعب أن تصف الفترة التي قضاها في نادي العاصمة الاصغر سوى بأنها كارثة لا يمكن تصورها

    تم التعاقد مع جاسكوين قادما من توتنهام ب8 مليون باوند في 1991 قبل ثلاثة أسابيع فقط من حادثته الأشهر وتصرفه الجنوني في نهائي كأس الأتحاد الإنجليزي ضد نوتنجهام فورست والتي أدت إلى إصابته 86969899_227335735098543_1962385439604080640_nبقطع في الرباط الصليبي فكان على لاتسيو إنتظار ركبته لتلتئم قبل الغعتماد عليه

    ظلت الصفقة متوقفه لمدة عام وخسر توتنهام نصف الأموال التي كان من المفترض أن يدفعها لهم ةلاتسيو وخلال تلك الفترة كان جاسكوين يتصدر أغلفة الصحف في قسم الحوادث بعد إشتباكين في الاندية الليلية منهم شجار تسبب في كسر واقي الركبة المصابة

    وأخيرا وصل جاسكوين إلى لاتسيو في 1992 بعد 15 شهر من التوقف والغياب عن الملعب وبدون طاقة للعب ولياقة بدنية منخفضة نتيجة سوء التغذية الذي كان يعاني منه خلال فترة الإصابة، خلال أول مباراة له ظهر نحيفا بشكل مبالغ فيه وتم إستبداله بعد 45 دقيقة في نفس الأرض التي شهدت نثر إبداعاته رفقة المنتخب الإنجليزي قبل وصوله بعامين

    كانت شهرة جاسكوين كبيرة في إيطاليا فتم إستقباله عن طريق ألف مشجع للفريق أنتظروه في المطار وأول مباراة ودية شارك فيها شهدت حضور 30 ألف مشجع لمتابعة النجم الإنجليزي الذي أصبح معشوق الجماهير من قبل أن يلعب ليستلم الشارة من باولو دي كانيو

    ساعد في تدعيم موقفه هدفه المتأخر في الدقيقة 88 من عمر مباراة ديربي العاصمة والذي أنقذ لاتسيو من الهزيمة أمام الجار روما، رغم ذلك كان حب الجماهير أكبر للاعب بسبب تصرفاته المجنونة خارج الملعب وحبه للشرب وكرة القدم

    أعترفت إدارة لاتسيو بأن وجود جاسكوين في مباراة للفريق كان يساعد في زيادة عدد المتفرجين من 5 إلى 10 آلاف مشجع وملعب أولمبيكو كان يمتلئ بجماهير لاتسيو التي ترتدي قمصان توتنهام واللوحات المرفوعة التي تحمل صورة جاسكوين

    لا يزال أسم جاسكوين يذكر في قائمة اللاعبين الذين لا يمكن نسيانهم من تاريخ لاتسيو رفقة جوسيبي سينوري وجيورجيو تشناليا وباولو دي كانيو وبسبب هذا الحب كله تحول اللاعب إلى الأسم الأكثر كرها لجماهير الجار روما

    كانت جماهير روما تتلذذ في الهجوم على جاسكوين فتاره يتم الهتاف له بهتافات سيئة ك”سكير بحلقان في أذنه” أو رفع صور له يجلس على كرسي متحرك بسبب إصاباته الكثيرة أو إلقاء الحلوى عليه في الملعب، في إحدى المناسبات قام جازا بإلتقاط واحدة منهم وأكلها على أرضية الملعب بكل هدوء

    كانت تصرفات اللاعب في إيطاليا عفوية وأعترف بذلك بنفسه بعد ذلك قائلا

    في إيطاليا كنت أشعر بأني جازا فقط وليس النجم بول جاسكوين

    بعد الديربي الذي سجل فيه في 1992 سجل جازا هدفا رائعا أخر بعد أن مر من ثلاثة لاعبين ووضع الكرة من فوق حارس بيسكارا ولكن بعد ذلك ضربت اللاعب سلسلة من الإصابات وتم إستبعاده من قائمة الفريق في مباراة أمام يوفنتوس

    قامت صحافية إيطالية بسؤال اللاعب عن سبب إستبعاده فما كان من اللاعب إلا أن تجشأ في الميكروفون وهو تصرف ظنه اللاعب ظريفا ولكن ردود الأفعال الإيطالية كانت غاضبة وعاصفة والنائب اليميني جويليو ماكيراتيني طالب بفتح تحقيق رسمي مع اللاعب لتوقيع الجزاءات المناسبة

    قام رئيس نادي لاتسيو سيرجيو كراجنوتي بمعاقبة اللاعب ماديا وأخبر صحيفة ذا صن الإنجليزية بانه لن يقوم بشراء أي لاعب من أنجلترا مرة أخرى ورغم ذلك لم يتعلم جازا الدرس فبعد تلك الواقعة بأسابيع قليلة قام بإطلاق الريح بصوت عالي ومسموع وبشكل متعمد في أحد لقاءته الصحفية أيضا

    على أرضية الملعب كانت إبداعات جازا تظهر أمام الأندية الصغيرة فقط وموسمه الأول شهد 22 مشاركة وأربعة أهداف وتأهل للاتسيو إلى بطولة كأس الاتحاد الأوروبي وهو ما ظهر في النهاية انه موسمه الأفضل في إيطاليا

    حدثت الكارثة في السابع من أبريل عندما سقط جاسكوين على الارض مصابا بعد تدخل غير مبرر وعنيف على مدافع شاب وصغير هو أليساندرو نيستا ولم يستطع جاسكوين الوقوف فقد قام بكسر قدمه نفسها التي كانت مصابة قبل وصوله إلى الفريق

    ظل لمدة عام غائبا عن الملاعب وعند عودته كانت قيادات لاتسيو قد فقدت صبرها على اللاعب وصحيفة لا ريبابليكا نشرت تصريحات للاعب الإيطالي السابق باولو روسي يهاجم فيها جازا قائلا

    لقد جاء إلى إيطاليا من أجل النزهة

    سيتذكره الجميع هنا فقط بالكدمات التي حصل عليها من شجاراته وزجاجات البيرة التي كان يحتسيها

    كان جاسكوين يغيب عن تدريبات لاتسيو ويعتدي على أي مصور يحاول مضايقته وكان غاضبا من تعامل الصحافة الإيطالية معه حتى أنه رفض لمدة أربعة أشهر كاملة أن يدلي بأي تصريح لهم وخلال تلك الفترة وقعت حادثة التجشأ

    وصل جاسكوين إلى لاتسيو في وقت كان الفريق يقترب من صفوة الاندية الأوروبية الكبرى وجاسكوين كان الصفقة الكبرى الاولى لهم تحت قيادة الرئيس سيرجيو كراجنوتي الذي كرس أمواله كلها لدعم الفريق الذي فاز في عهده بالدوري والكأس وكأس الكؤوس الأوروبية قبل أن ينهار الفريق مع إنهيار شركات رجل الاعمال الإيطالي وإقترابها من الإفلاس

    أراد الرئيس أن يلعب جازا وضغط على المدرب دينو زوف من أجل إشراكه في المباريات والمدرب الإيطالي كان يجد صعوبة في ذلك والسبب أن جاسكوين كان مدمن على المحوليات وهو ما تسبب في تصرفاته المجنونة والتغيرات الكثيرة التي كان يمر بها اللاعب نفسيا وبدنيا من زيادة كبيرة ونقصان حاد في الوزن

    دفع اللاعب 275 يورو لأحد مصففي الشعر من أجل أن يقوم بتطويل شعر رأسه وبعد ستة ساعات من العمل لم تعجب النتيجة النهائية اللاعب معللا بأنه أصبح يشبه والدته في فترة الأربعينيات بدلا من أن يكون شبيها ب مايك هوكنال

    وبعد إصابته في قدمه قام بحلاقة شعره تماما وكان جليا أن اللاعب يعاني داخليا بدون أن يحاول طلب المساعدة من أحد

    في مارس 1994 شوهد اللاعب يتصرف بعصبية ويتحدث بصوت عال مع نفسه بعد خروجه من تدريبات الفريق والصحافة الرياضية لم تكن فقط المهتمة بتصرفاته ولكن أيضا الغير رياضية التي كانت تتابع كل حركاته خارج الملعب لرصدها وجسد جازا لم يتحمل الضغوطات الموضوعة عليه فكان يتعرض لإصابات صغيرة بشكل متتالي

    أدمن المخدرات كمارادونا ولكنه لم يقدم على أرضية الملعب ما يشفع له كالأسطورة الأرجنتينية وكانت معجزة أن يظهر جاسكوين على أرضية الملعب مع كل الأخبار المتداولة حوله وبرحيله في 1995 إلى رانجيرز الإسكتلندي لم يحزن عليه سوى القيليل

    الصحفي الإيطالي جياني مورا كتب في وداعه

    عاد بول جاسكوين أخيرا إلى منزله

    لقد كان واحدا من أسوء الصفقات التي حدثت من بعد الحرب

    نحن ننتظر اليوم الذي سيخرج فيه لياهجم وينتقد الجميع ةهنا

    رشحت كل تصرفات جاسكوين اللاعب ليستحق في النهاية أن يكون في صدارة الصفقات القمامة التي أبرمتها الاندية الإيطالية

    بعيدا عن جماهير لاتسيو فقد أظهرت صفقة جاسكوين أن الشعب الإيطالي لا يرحب باللاعب الغنجليزي على أرضه والصحفي إيان هاملتون برر ذلك بسبب مجموعة من اللاعبين الغنجليز الذين وصلوا للدوري الإيطالي في فترة الستينيات وفشلوا في تقدم مردود إيجابي

    البعض الأخر يرجح حادثة ملعب هيسل لتكون السبب وهناك من يدعي بان سياسة موسوليني الفاشية هي التي زرعت كره كل ما هو إنجليزي في نفوس الشعب الإيطالي

    لم يكن جازا وتصرفاته مسلية ولا مضحكة للجماهير الإيطالية وإنما كانت تذكرهم بمأسي الماضي والحاضر