حكايات من الدوري الإيطالي … الطماطم الفاسدة في إستقبال البعثة المنهزمة

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • مجموعة حكايات ومقطفات ولحظات لا تنسى من تاريخ الدوري الإيطالي يرويها لنا الكاتب جون فوت في كتابه “كالشيو … تاريخ الكرة الإيطالية”

    ذهبت إيطاليا إلى مونديال إنجلترا 1966 محملة بأماني وطموحات الجماهير في العودة بالكأس ولما لا وهي في ذاك الوقت كانت المفضلة من أجل الحصول على لقب البطولة الأغلى في العالم

    تقابلت إيطاليا مع كوريا الشمالية والتي كانت تظهر لأول مرة في المونديال في تاريخها وتحتاج إلى الفوز من أجل العبور إلى ربع النهائي بعد خسارة أمام الاتحاد السوفيتي وتعادل في الثواني الأخيرة أمام تشيلي ولا احد في العالم كله كان يتوقع مفاجئة في ليلة التاسع عشر من يوليو من ذاك العام

    كان لإيطاليا اليد العليا طوال أحداث اللقاء منذ إنطلاقه إلى أن جاءت المشكلة في منتصف الشوط الثاني عندما أضطر جياكومو بولجاريلي للخروج مصابا بعد محاولة تدخل عنيفة على أحد لاعبي كوريا الشمالية في وقت لم يكن هناك تبديلات لتكمل إيطاليا المباراة بعشرة لاعبين فقط

    أضاعت إيطاليا الفرص الواحدة تلو الأخرى وفي المقابل قبل نهاية الشوط الأول سدد باك دو إيك كرة نحو مرمى إيطاليا تبعها الحارس ألبيرتوسي في محاولة يائسة لإبعادها عن مرماه ليفشل وتهز الكرة شباك الأزوري معلنة عن مفاجئة لينتهي الشوط الأول بتقدم كوريا الشمالية

    حاولت إيطاليا العودة في النتيجة طوال أحداث الشوط الثاني دون جدوى سواء لتألق حارس كوريا الشمالية راي تشان ميونج أو لرعونة لاعبي إيطاليا أمام المرمى ليطلق الحكم صافرة النهاية معلنا عن تأهل كوري شمالي لربع النهائي وتوديع مبكر للازوري للعودة إلى بلادهم سريعا

    كانت مفاجئة غير متوقعة فلم يكن في حسبان مسئولي كوريا الشمالية أنهم سيتأهلون فكان عليهم إيجاد مكان للإقامة فيه حتى المباراة التالية ولم يكن هناك أماكن متاحة سوى في فندق المنتخب الإيطالي الذي أصبح خاليا برحيل بعثتها وعودتها خائبة الرجاء إلى بلادها

    تقابلت كوريا الشمالية مع البرتغال في الدور التالي ونجحت في التقدم بثلاثية نظيفة قبل أن ينتفض إيزيبيو ويسجل أربعة أهداف في نصف ساعة لينقذ البرتغال من هزيمة كانت لتكون تاريخية وينهي مسيرة كوريا الشمالية في البطولة أما في إيطاليا فالأمور أشتعلت ضد هذه المجموعة من اللاعبين

    أستقبلت جماهير إيطاليا بعثة المنتخب في المطار بإلقاءهم الطماطم والأغذية الفاسدة عليهم فيما أطلقت عليه الصحف “سارانو بومودوري” أي حان وقت الطماطم باللغة الإيطالية، تعبير أصبح يستخدم دائما لتهديد لاعبي منتخب إيطاليا في الصحف قبل الإرتباطات الدولية المهمة فلا بديل عن الفوز والقتال وإلا كانت الطماطم في إستقبالك

    حاول المدرب إيدموندو فابري الدفاع عن نفسه فرغم أنه بعد المباراة خرج ليتحمل المسئولية بمفرده عن هذا الخروج إلا أنه فور عودته إلى الوطن قام بجمع توقيعات اللاعبين على إعترافات مكتوبة حول أحداث غريبة ومريبة حدثت للبعثة قبل المباراة

    ظهرت الإتهامات تلك في صحيفة ستيدو في السادس والعشرين من أغسطس من نفس العام حيث أرسل فابري إعترافات موقعة من اللاعبين لما حدث ليلة المباراة، كانت الإعترافات متشابة ومكتوبة بنفس الصيغة مما أثار الريبة والشك في نفوس القارئ ولكن فيما بعد

    أدعى اللاعبون بأنهم تعاطوا أدوية جعلتهم في حالة سيئة وغير قادرين على اللعب، بولجاريلي قال بأنه حصل على حقنة وبعض الحبوب الحمراء والصفراء والبيضاء أثناء البطولة، لدويتي وجانيش كررا تلك الرواية وأضاف فاكيتي بأنه كان يشعر بالإرتياب والخوف قبل المباراة بعد حصوله على أحد الأدوية مما جعله غير قادر على اللعب بشكل جيد

    كما أتهم فاكيتي وروساتو وفوجلي وريفيرا عضو الاتحاد الإيطالي أرتيمو فرانكي بالتواطئ حيث تحدث معهم في غرف الملابس مطالبا إياهم بعد أخذ المنتخب الكوري الشمالي بجدية على أرضية الملعب، زميله بوسكيتي قال بأنه كان يشعر بالتعب وإنعدام القدرة على إبداء ردود الافعال على أرضية الملعب

    كان واضحا أن هناك حملة ضد طبيب الفريق وأرتيمو فرانكي عضو الأتحاد لأن ما وصل للجماهير كان محاولة بائسة من فابري واللاعبين للدفاع عن أنفسهم بعد الهزيمة المرة ومحاولة لإيجاد إعذار خصوصا أن التسريبات كانت من المدرب فابري نفسه للصحافة والإعترافات كلها مكتوبة بنفس الصيغة

    فور صدور ردود الأفعال الغاضبة من الجماهير تراجع مازولا عن إعترافاته مؤكدا أنه لم يحدث أي شيء غريب وفاكيتي صرح بأنه لم يرغب في الخروج بأي إعتراف من الأساس بينما كان بولجاريلي على النقيض تماما فأكد كل ما حدث وأعلن إعتزاله اللعب دوليا لأنه قد مل من ما يحدث داخل أروقة الاتحاد الإيطالي، فوجلي وبوسكيتي تمسكوا بإعترافاتهم ولم يلعبوا لإيطاليا مرة أخرى أيضا

    بينما أعلن ريفيرا بأن الجوابات كانت حقيقة ما حدث ولكن كان يجب أن تظل في السر وألا تخرج إلى الصحافة، أراد فابري إجراء تحقيق فيما حدث ولكن أرتيمو فرانكي كان صاحب اليد العليا فأعلن عن التقرير النهائي لأسباب الخروج محملا المسئولية على المدرب وطبيب الفريق قام برفع قضية مطالبا بالتعويض عن الإتهامات التي وجهت له

    تم عمل مجلس تحقيق للمدرب فابري أنتهى بإقالته وإيقافه عن العمل لمدة 11 شهرا ليضيع عليه فرصة تدريب نادي ميلان الذي أراده في ذاك الوقت وعاد بعد إيقافه ليحقق نتائج جيدة مع بولونيا وتورينو تدريبيا

    أما أرتيمو فرانكي فقد وصل إلى رئاسة الاتحاد الإيطالي في العام التالي وظل على رأسها لفترة طويلة كانت مليئة بالنجاحات والبطولات والإنجازات

    لم ينسى فابري أبدا ما حدث وظل متمسكا بالجوابات والإعترافات المكتوبة

    إذا لم يكن هناك عدل على الأرض فالله سوف يأتي لي بحقي

    لقد أضطررت إلى أن أعيش طوال عمري بوصمة عار تلك المباراة ومن المسئول؟ أنا

    البعض أراد لإيطاليا أن تخسر تلك المباراة وتحقق لهم ذلك في النهاية