حكايات من الدوري الإيطالي … ليلة اللقب الأول لنابولي

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • مجموعة حكايات ومقطفات ولحظات لا تنسى من تاريخ الدوري الإيطالي يرويها لنا الكاتب جون فوت في كتابه “كالشيو … تاريخ الكرة الإيطالية”

    أحتاج نابولي إلى التعادل فقط أمام فيورنتينا في الجولة الأخيرة من موسم 1986/1987 من أجل التتويج باللقب الأول في تاريخه وفي ليلة العاشر من مايو 1987 ألتقى الفريقان على ملعب سان باولو من أجل تحقق حلم الجنوب

    تقدم كارنيفالي لنابولي وعدل الشاب روبيرتو باجيو النتيجة لفيورنتينا ليسجل أول هدف له في الدوري الإيطالي، لم ينجح أي من الفريقان في إضافة أي هدف أخر لنهاية المباراة، بإستثناء صيحات الأحتفال بهدف نابولي الوحيد في تلك المباراة لم يسمع لجمهور سان باولو أي صوت طوال أحداثها

    وصفت عالمة السلوك البشري أماليا سينوريلي الأجواء في المدينة كلها بعد خروجها للتنزه قليلا أثناء المباراة فكتبت

    لقد تغير العالم هنا

     

    المشجعين الأكثر صخبا وإزعاجا والمدينة الأكثر عشوائية في أوروبا تحولت إلى مدينة أشباح

    ظلت الأمور على حالها حتى أطلق الحكم صافرة النهاية معلنا نجاح نابولي في الحصول على النقطة الكافية لحصوله على اللقب الاول في تاريخه لتندفع جماهير نابولي كالسيل إلى كل شوارع المدينة ومع إقتراب الساعة من السابعة والنصف مساءا كان ساحل المدينة عبارة عن موجة واحدة من الأعلام الزرقاء والجماهير التي لا تتوقف عن الغناء والرقص

    علقت مئات من الحافلات في زحام الأحتفال وقفز المشجعين للرقص على ظهرها والدراجات النارية كانت تنطلق في شوارع المدينة كلها مؤدية عروض إستعراضية وخرج العديد بتقليد مارادونا في تسريحة شعره وملابسه وتم تعليق نسخة كبيرة من بطولة الدوري على احد تماثيل الفنان الإيطالي دانتي أليجري

    تم إعداد وتقطيع وتوزيع كعكات زرقاء على الجميع والحظوظ كانت جيدة أيضا في اليناصيب فظهر رقم 43 الذي يرزم إلى “إله اللاعبين” أي مارادونا كما ظهر رقم 61 وهي عدد السنوات التي أنتظرها فريق نابولي للفوز ببطولته الاولى

    أظهرت جماهير نابولي خلال إحتفالاتها كل الصفات التي كانت دائما ما يتم وصف الساكن الاصلي للمدينة بها فظهرت خفة الدم والمرح والتكبر في أفعال الجماهير في الشارع كما كانت الجماهير تقوم بتصوير نفسها وهي تحتفل ثم تقوم ببيع الأشرطة بعد ذلك

    أستمرت الأحتفالات لأيام طويلة وكانت الجماهير تعد الطعام وتوزعه على الجميع في الشارع بشكل مجاني فكأنما قام سكان المدينة بفرض ضرائب على أنفسهم للدفع لكل هذا من جيوبهم

    في اليوم التالي للفوز بالبطولة لم يذهب أحد إلى العمل وأحد المشجعين ذهب إلى السور الخاص بالمقابر ليكتب عليه

    أنتم لا تعرفون ما فاتكم

    قامت الجماهير بعقد جنازة رمزية لنادي يوفنتوس منافسهم وكانت تلك المناسبة فرصة لسكان نابولي للدفاع عن أنفسهم بسبب سمعتهم حول إيطاليا كمدينة للصوص فأعتبرت الجماهير ما حدث في 1987 أنه إنتصار لنابولي على إيطاليا كلها

    ظهرت قصص أسطورية محلية حول مارادونا في تلك الفترة فهناك من تحدث عن إبطال 20 ألف صوت في الإنتخابات المحلية لانهم كتبوا فليحيا مارادونا على أوراق التصويت والبعض يتحدث عن شراء 100 حمار من إقليم ساردينيا من أجل إستخدامهم في إحتفالات الدوري للسخرية من يوفنتوس

    كانت الجماهير جاهزة بلافتات تظهر مارادونا جالسا على عرشه وأمامه يركع كل من ميشيل بلاتيني وكارل هانز رومينيجيه، خلال تلك الفترة حمل العديد من المواليد أسم دييجو ففي أحد الأحياء فقط كانت نسبة المواليد الجدد الذين تم تسميتهم دييجو هي 25% تيمنا بالأسطورة الأرجنتينية ديجو أرماندو مارادونا

    تم تسمية العديد من الشوارع والأحياء على أسم الأرجنتيني وتمت مقارنته بالقديس الأشهر في المدينة سان جينارو بل تم تصوير القديس جينارو في أحد اللافتات يقوم بالسلام على مارادونا بنفسه، المركز الثقافي الأكبر في المدينة يطلق عليه “دامم” وهي أختصار لمركز ديجو أرماندو مارادونا بالإيطالية

    كما ظهرت طائفة دينية لمارادونا وهي لا تزال موجودة حتى الآن وهدفها نشر المحبة والسلام بين الناس، تحدث العديد من الكتاب حول تقبل جماهير نابولي لديجو أرماندو مارادونا ورؤيتهم له كأكثر من مجرد نجم وهداف للفريق سواء في الفترة التي لعب خلالها لهم أو بعد ذلك

    الخلفية التي جاء منها مارادونا ساعدت على ذلك فهو يأتي من أسرة فقيرة كحال معظم سكان نابولي وطبيعته كشخصية ثورية وتكوينه الجثماني القصير وشعره المجعد وجسده الممتلئ جعلته يبدو كطفل نشأ في حواري المدينة الفقيرة فكان سهلا على الجماهير تقبله كواحد منهم

    للأسف كانت تلك اللحظة الأكثر إضائة في مسيرة مارادونا فبعدها بدأت مسيرته في التراجع رغم لمساته الجمالية التي لا تنتهي ولكن الأخبار عنه بدأت في الظهور أكثر حول حياته خارج الملعب مع إدمانه للمخدرات والزيادة المفرطة في وزنه

    ساعد على زيادة تلك المشاكل الأصدقاء الذين كان يختارهم مارادونا لنفسه نظرا لأنه كان دائما ما يشعر أنه فوق القانون فإدارة نابولي رغم علاقتها المتوترة مع الأسطورة بسبب عدم إلتزامه وتعينها بشكل رسمي ومعلن لمخبرين سريين لمراقبته إلا انها في النهاية كانت لا تقف عائقا أمام ملذاته الخاصة طالما أنه يظهر في اليوم التالي في التدريب أو المباراة مما تسبب في نشر روح من عدم الإلتزام بين الجميع داخل صفوف الفريق في الفترة التالية