الكالتشيو و كافكا

موقع سبورت 360- لم يكن لأي خبير كروي أن يعتقد بأن كرة إيطاليا ستمضي إلى هذا المنحنى التصاعدي العصري والتي ظلت لسنوات ترفض أن تقترب منه أو تخضع لأحكامه.

فالكرة الإيطالية التي تثير في النفس العادية دائماً معاني مثل التكتيك الفخم والأفكار الكروية الصامدة التي تتحدى الفنيات والمواهب الخارقة بدأت تخلع هذا الثوب بالتدرج بفضل بعض رجالها “مدربيها” الذين طوروا أفكار جديدة أكثر ثورية وشبيهة بأفكار مدارس كروية أخرى مثل الإسبانية أو اللاتينية.

عصر التدمير الحيوي

للكاتب التشيكي والروائي المرموق فرانز كافكا طابع معين في كتاباته وهي السمة التدميرية..حيث كان يتعرض أبطاله طوال القصة إلى أشياء تجعلهم في موضع الخطر والمعاناة، ولكنها كذلك تشمل الحيوية..حيث كان يبحث في لغته برشاقة عن طريق ما لإنقاذ نفسه وللنجاة من المصير التعس.

ويمكن أن نستعير من كافكا تلك الخاصية في إدراكنا للحال المتغير والجديد للكرة الإيطالية والتي تعج الآن في ملاعبها ودوراتها التدريبية بكثير من المدربين الذين يلعبون كرة قدم مضادة لأفكار الكثير من أجيال المدربين القدماء..إنها عملية “التحول” وهي أيضاً عنوان لأحد روايات الأديب العالمي.

والتر ماتزاري مدرب تورينو

والتر ماتزاري مدرب تورينو

فهم يريدون -وهم إيطاليون أيضاً- اللعب باستراتيجية وبرفع قوة التحدي البدني والفني إلى أعلى درجاته..حتى لو أصابهم ذلك بالخطر مثلما رأينا لفريق ساري “اليوفي” أمام اتلتيكو أو بداية ميلان المتعثرة مع جيامباولو..وعلى الهامش يتواجد دي فرانشيسكو وفونسيكا في سامبدوريا وروما.

هذا التغير يمكن أن تقره وتبصم عليه بالعشرة لمجرد أن تعرف بأن مدرب يمثل كرة الشعب..كرة المتعة والأفكار الثورية مثل ساري، يدرب النادي الذي كان دائماً لديه تقاليد الأسياد في الانضباط والالتزام واللعب ضمن أفكار كتب ومدارس التكتيك في الكالتشيو..المدارس الأصيلة التي لم تكن بكل هذا الترف في الفكر والبزخ في إعطاء المتعة للجماهير على حساب الصلابة والوحدة والتضحية..أمور امتاز بها اليوفي عبر تاريخه..وها هو تدمر..في هذا العنصر الفرانز كافكاوي.

الحديث والقديم

بوبان ومالديني في ميلان راهنوا على جيامباولو..صاحب كرة معقدة تتطلب الكمال وتستهدف الجمال!

بوبان ومالديني في ميلان راهنوا على جيامباولو..صاحب كرة معقدة تتطلب الكمال وتستهدف الجمال!

ذلك الانغماس واللهو في أفكار جديدة مثيرة ومُغرية حقاً ربما تكون له عواقب لا يمكن التنبؤ بها إلا بعد انتهاء موسم أو موسمين قادمين للحكم على ذلك العصر الفريد في داخل أعماق أحد المدارس الأوروبية العريقة في كرة القدم.

إلا أن ذلك العصر مازال به أيضاً هؤلاء الرجال الذي يخلصون لأفكار الآباء والاجداد وينجحون بها وهم يواكبون ويراقبون الجديد..مثل كونتي وأنشيلوتي في إنتر ميلان ونابولي..يا له من مزيج جميل من الاتجاهات والدروب..فليهنأ به المشجع السعيد.