إدواردو جاليانو .. الأديب صاحب الأوردة المفتوحة في حب كرة القدم

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • إدواردو جاليانو

    سبورت 360 – كان الكاتب إدواردو جاليانو أكثر ممن فهموا كرة القدم من بين الأدباء جميعهم، فقد أحس بقيمة اللعبة كسلاح معنوي يواجه به الببشر عذابات يومهم وتقلبات الدهر بشكلٍ أسبوعي..فما أن ترى مدرجات الملاعب في جميع أنحار العالم وهي ممتلئة بوجوه مختلفة ، وبخلفيات اجتماعية وسياسية أيضاً متباينة إلى حد كبير، فهي مسألة خلق لعالم آخر بعيداً عن اليوم التقليدي للمرء.

    ولذا فإن جاليانو أهدى كرة القدم عدداً من الكتابات الهامة عن عالم تلك اللعبة، وكان أبرز ما تركه لنا هو كتابه الشهير كرة القدم بين الشمس والظل.

    لم يكن جاليانو أديباً عادياً بل هو رجل يعرف كيف يغوص في أعماق النفس البشرية ويعرف خفايا تلك الشخصيات التي يتحدث عنها، يكشف مشاعرها وأفراحها وآلامها والروابط بينهما وبين العالم، ولقد تسلح بكل شىء لأجل استكشاف النفس الإنسانية.


    أدب كرة القدم ..مقال أسبوعي يربط عالم الرياضة وكرة القدم بلغة الأدب والفنون


    كرة القدم تساعد على فهم كيفية كيف يمضي العالم

    خوليو ألبيرتو تشيافينو أحد نجوم بينارول وصاحب هدف فوز الأوروجواي بكأس العالم 1950 على حساب البرازيل

    خوليو ألبيرتو تشيافينو أحد نجوم بينارول وصاحب هدف فوز الأوروجواي بكأس العالم 1950 على حساب البرازيل

    ولا مساس في البلاد اللاتينية بالانتماء الكروي فهو أمر جلل ومُقدس إلى أبعد حد، ومؤخراً شاهدت فيلماً مصنوعاً بشكلٍ جيد وهو “Two Popes” ويكشف بين ثناياه قيمة ذلك الشغف البسيط في حياة البابا بيرغوليو ومدى كونه عاشق مُتيم بفريق سان لورينزو..إلى حد أنه يقول في أحد لقطات تلك الفيلم عن المحبة، وعن اختفائها في حياته لبعض الوقت : “بدلاً من ذلك..فهناك سان لورينزو”.

    وجاليانو مثل مثل كثير من اللاتينيين الذي يضعون حول الكرة هالة من القداسة، حيث يقول في أحد حواراته : “إنها مرآة لهذا العالم”.

    ويستطرد جاليانو : “كنت أشعر دائماً بأحاسيس محرجة عندما يتعين عليّ أن أقوم بالإشادة بمنافس فريقي..على الرغم من أنني كنت مشجعاً متعصباً لفريق ناسيونال..لكنني عندما رأيت لاعباً في بينارول مثل تشيافينو – بطل كأس العالم 1950- يقدم مهارات رائعة، كان يرادوني دوماً شعور بإدراك هذا الجمال..وكذلك خوليو سيزار آبادي – نجم بينارول ومنتخب أوروجواي كذلك.. ولعب لروما و ميلان في إيطاليا”.

    في آخر فترة أحببت إنزو فرانشيسكولي.. بيليه قد يكون أفضل لاعب رأيته ولكن مارادونا أكثر تكاملاً عكس ما يقول البعض.. لكن اللاعب الذي يشبهني هو خوليو آبادي.. يجعل الكرة مثل جرو سهل الانقياد..أعتقد أنني لو كنت أريد أن أكتب رواياتي..فأنا أريد أن أكتبها بنفس الأسلوب الذي كان يلعب به آبادي”.

    وهذا ما يُمكن أن نقرأه إحدى فصول كتاب جاليانو الشهير وهو يقول أنه كان يذهب إلى الملاعب ويشعر بداخله وهو يقول : “لعبة جميلة حُباً في الله”..سواءاً كانت تلك اللعبة الجميلة صادرة من فريقه الذي يميل له أو من المنافس.

    جاليانو وطفولته وكرة القدم

    وأضاف أدواردو : “كنت أذهب مع والدي أو أعمامي إلى ملاعب كرة القدم منذ كنت طفلاً..وكانت لديّ مشكلة تؤرقني وهي رغبتي في التبول..لأنني كنت صغيراً جداً..لكنني أتذكر دوماً أن الحماس كان ينسيني كل شىء، لقد جذبني كون ملعب الكرة هو حقل خاص بالشعب بجميع أطيافه، لم يمنعني حب الكرة من أن أكون مشجعاً متعصباً لفريق ناسيونال..وبعد مرور السنوات أصبحت أتسول رؤية كرة قدم جيدة..لا أهتم بمن يقدمها.. لقد كتبت كتاباً عن كرة القدم لأنها مرآة للعالم..إنها سيدة مجنونة تتحدث صباحاً ومساءاً..حتى في ساعات النوم والكوابيس..إنه أمر شائن أن يتجاهل بعض الأدباء هذه الذاكرة الجماعية التي تمثلها كرة القدم في بلدان مثل بلادنا”.

    إينزو فرانشيسولي أحد النجوم اللامعة في الكرة الأوروجويانية حقق لقب كوبا أميركا 3 مرات

    إينزو فرانشيسولي أحد النجوم اللامعة في الكرة الأوروجويانية حقق لقب كوبا أميركا 3 مرات

    وكتب صاحب الإبداع المختلف العديد من المقالات بشكلٍ مستمر عن أحداث كروية من القرن العشرين وتم نشرها في عدة دوريات وصحف مختلفة في بلاده أوروجواي أو خارجها.

    يقول جاليانو في إحدى مقالاته : “من منّا لم تراوده الرغبة في أن يصبح لاعباً؟..لكنني لم أكن لاعباً جيداً إلا أثناء النوم..لكن خلال النهار كانت ركلتي للكرة سيئة ولا تغتفر.. أثناء النوم وما رأيته في الحلم كان شيئاً مختلفاً..لقد كنت لاعباً لم يسبق له مثيل، ساحر..لكن بعد استيقاظي أدرك أنني لم أكن ذلك وأنه لا توجد طريقة لأصبح حتى ظلاً لما رأيته في المنام..حاولت أن أكتب بيدي مالم أستطع فعله بقدمي”.

    الرياضة تفتح أفقاً مختلفاً للروائي

    جاليانو قبل محاضرة خاصة عن كرة القدم رفقة مدرب الإكواردو السابق فرانشيسكو ماتورانو

    جاليانو قبل محاضرة خاصة عن كرة القدم رفقة مدرب الإكواردو وكولومبيا السابق فرانشيسكو ماتورانو

    يُمثل جاليانو واحداً من الحالات النادرة في الأوساط الثقافية..فالعديد من المثقفين يحبون كرة القدم، لكن بشكلٍ عام هناك نوع من الازدراء لها..وهناك من هم متحمسين للغاية بها ولكنهم لا يعترفون بذلك.. مثل الكاتب الأرجنتيني الخالد بورخيس الذي رأى فيها شغف جماعي ومشاعر جماعية..ولكنه كان يكره ذلك الاجتماع الاحتفالي الذي يجعل الناس كلها كما لو كانت تقوم بممارسة شيطانية..ولقد كان ذلك نوعاً من التحيز النخبوي.

    تُمثل أعمال جاليانو الأدبية واحدة من أبرع ما كتب في الأدب اللاتيني بشكلٍ عام، ونذكر منها “كتاب المعانقات” و “أفواه الزمن” و رواية “ذاكرة النار” والتي كانت رواية ثلاثية نشرها ما بين عامي 1982 و1986.. والتي تتحدث عن أمريكا اللاتينية منذ نشأة العالم وحتى منتصف الثمانينات، وبها الكثير من الحقائق والاقتباسات من التاريخ الأكاديمي وأساطير أمريكا اللاتينية وموروثات شعوبها.