التجربة الأميركية: كيف يمكن لبلدك أن يصبح قوة كروية عظمة؟

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • معظمنا يفكر بكرة قدم الرجال عندما يسمع كلمة “كرة القدم” ولذلك فإن فكرة التعلم من فكرة “التجربة الأميركية” بكرة القدم لا تبدو أمراً منطقياً . لكن إذا نظرنا إلى كرة القدم النسائية فسنجد سيطرة مطلقة لأميركا التي فازت بكأس العالم 4 مرات وتعد حالياً أفضل فريق كرة قدم نسائية، وليس مستبعداً أن تكون الأفصل في التاريخ. ولكن كيف استطاعت أميركا أن تصبح القوة العظمى في كرة القدم النسائية دون أن يكون لها أي ثقل في عالم كرة القدم الرجالية؛ وكيف يمكن لبلدك الإستفادة من هذه التجربة لتطوير مستوى كرة القدم لكلا الجنسين؟

    في العام 1972 أقرت الحكومة الأميركية سلسلة تعديلات لقانون التعليم العالي في البلاد ونص البند الرابع من هذه التعديلات على وجوب تقديم “فرص متساوية في التعليم والنشاطات التعليمية لكل المواطنين دون تمييز على أساس الجنس”. وفي حين يبدو هذا التعديل أمراً منطقياً إلا أنه حمل معه تأثيراً جانبياً لم يكن قد خطط له. حيث تعتبر الرياضات الجامعية جزءاً أساسياً من نظام التعليم الجامعي في أميركا، ويتلقى ألاف الطلاب سنوياً منح رياضية تسمح لهم بالدراسة دون تكاليف مقابل لعبهم في فريق الجامعة دون مقابل. ولذلك فإن تبعات القانون الجديد أجبرت جميع الجامعات على تقديم عدد متساوي من المنح الرياضية لكلا الجنسين. لكن هذا الأمر كان مكلفاً جداً.

    حيث كانت، ولم تزل حتى اليوم، الرياضة مصدر دخل كبير للجامعات الأميركية نظراً لشعبيتها الكبيرة والمستوى الإحترافي التي تتمتع به معظم فرق الجامعات. فعلى سبيل المثال يتسع ملعب جامعة جورجيا لكرة القدم الأميركية لحوالي 92 ألف مشجع (أي أكثر من الغالبية العظمى من ملاعب كرة القدم) وهو ليس إلا عاشر أكبر ملعب جامعي في أميركا (الأكبر هو ملعب جامعة ميشيجن ويتسع لـ 114 ألف مشجع!). هذه المداخيل الهائلة ترافقها دون شك مصاريف كبيرة حيث يتقاضى مدربو كرة القدم أو السلة في جامعات أميركا رواتب تضاهي رواتب أهم مدربي كرة القدم في أوروبا (يبلغ راتب مايك شيفزسكي مدرب جامعة دووك لكرة السلة 8 ملايين دولار أميركي).

    C1692E28-1A7D-49E5-AAD0-CA8649B3AEDE

    وفي حين لم يكن هناك أي قابلية شعبية لمشاهدة نسخة نسائية من كرة القدم الأميركية (الرياضة الشعبية الأولى في أميركا) فإن الجامعات اتجهت لكرة القدم “الأوروبية” بجانب رياضات اخرى لملأ عدد المنح التي كان يجب عليها منحها. وبالتالي أصبح لعب كرة القدم طريقة للحصول على تعليم أكاديمي مجاني للعديد من الشابات اللواتي لم يملكن هذه الفرصة مسبقاً. وهذا أدى بشكل بديهي إلى تزايد هائل في أعداد المشاركات في كرة القدم في المدارس الثانوية وازدياد الاهتمام بكرة القدم النسائية، دوناً عن الرجالية، حيث بقيت رياضات كرة القدم الأميركية وكرتي السلة والقاعدة هي الأكثر تفضيلاً لدى غالبية الشبان الأميركان. وهو أمر استفادت منه سيدات منتخب أميركا لكسب شعبية أكبر. ففي حين كان منتخب الرجال يفشل فشلاً ذريعاً في معظم البطولات وحتى في كأس العالم التي استضافتها بلاد العم السام عام 1944 كان منتخب السيدات يحرز لقب كأس العالم مرتين في تسعينيات القرن الماضي مما أدى إلى تزايد هائل في شعبية اللعبة وعدد الممارسات لها.

    وفي حين يشرح كل ما سبق سبب تطور الداخلي لكرة القدم الأميركية إلا أنه لا يكفي لشرح سبب تفوقها عالمياً. حيث يعود لذلك عدة عوامل أغلبها يتعلق بقدرة الأميركيات على اكتساب خبرة كبيرة في كرة القدم النسائية في حين كانت السيدات في عديد دول العالم، كالصين مثلاً، مازلن يحاولن الحصول على أبسط حقوقهن. وتتفوق أميركا كذلك على الدول التي شرعت حقوق المرأة في وقت مشابه، كدول أوروبا الغربية، في عدد السكان وهو عامل مهم جداً ومؤثر جداً على مستوى رياضة هامشية ككرة القدم في أميركا (أغلب الناس ستذهب أولاً لممارسة الرياضة الشعبية الأولى في بلدها، وكلما زاد عدد السكان كلما أصبح الحوض المتبقي أكبر).

    والآن، ماذا يعني كل هذا لدولتك؟ ربما لا تستطيع زيادة عدد سكان بلدك ليضاهي عدد سكان اميركا، البرازيل أو المانيا. وربما لا يمكنك إعادة الزمن للوراء لكي يكسب منتخبك خبرة تضاهي خبرة القوة الكروية العظمى. لكن الطريقة التي ستحسن بدون شك مستوى منتخبك هو زيادة عدد الممارسين للعبة، عبر تقديم محفزات مالية أو اجتماعية أو من خلال تعليمها بشكل احترافي في المدارس ومع مرور الزمن وازدياد أعداد الممارسين سينتج جيل يضم العديد من المواهب القادرة على المنافسة عالمياً. هذه السياسة اتبعتها دول عديدة كاليابان وايسلندا واثبتت نجاحاً كبيرأً وإن كان بطيئاً وربما يفسر ذلك أيضاً سبب معاناة الصين التي تملك جميع المقومات الديموغرافية اللازمة وتستقدم مدربين عالميين لتدريب منتخبها وأنديتها.