أين ذهب نجوم دوريات أميركا الجنوبية؟

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • نيمار دا سيلفا بقميص منتخب البرازيل

    موقع سبورت 360 – عام 2013 نجح برشلونة في الظفر بخدمات نيمار بعد مسلسلٍ طويل ومنافسة شرسة خصوصاً وأن نيمار كان يعتبر من أهم المواهب الكروية في العالم رغم أنه لم يلعب يوماً خارج البرازيل. قيمة الصفقة، كما اكتشفنا بعد تحقيقات السلطات الاسبانية، وصلت لحوالي 86 مليون يورو. الصفقات العملاقة القادمة من أميركا اللاتينية إلى القارة العجوز لطالما كانت جزءاً أساسياً من عالم كرة القدم كون القارة “اللاتينية” لطالما أنجبت أكثر اللاعبين مهارية، ولكن حجم وقيمة هذه الصفقات بدأ يتناقص بشكلٍ كبيرٍ في السنوات الأخيرة.

    وقبل أن نستعرض بالأرقام هذا التناقص المستمر حاولوا أن تستذكروا أي صفقة حديثة  تم من خلالها انضمام لاعب من نادي في أميركا الجنوبية (بغض النظر عن جنسيته) إلى نادي أوروبي… معظم الصفقات التي قد تمر في ذاكرتكم تتضمن انتقال لاعبين شبان غير معروفين. أسماء كفيسينيوس جونيور ورودريغو الذين انتدبهما ريال مدريد وهما مراهقان وأصبحا مشهورين بسبب تعاقدهما مع النادي الملكي وليس العكس. وهذا الموسم أثار أرسنال استغراب العديدين بإستقدامه لاعباً مغموراً يدعى جابرييل مارتينيلي كان يلعب في الدرجة الرابعة في البرازيل.

    أرقام موقع “ترانسفير ماركت” تؤكد ما استذكرتموه. ففي موسم 2006/07 كان هنالك 13 صفقة قادمة من أميركا الجنوبية في لائحة أكبر 100 صفقة وعلى رأسها كانت صفقة انتقال سيرجيو أجويرو إلى أتليتيكو مدريد. باقي الصفقات تضمنت أيضاً أسماء كبيرة ككارلوس تيفيز، خافيير ماسكيرانو وجونزالو هيجوايين والذين وإن لم يكونوا نجوماً عالميين إلا أنهم كانوا معروفين أكثر من رودريجو ومارتينيلي. وخلال العقد الأول من الألفية الثالثة فإن 11% من أكبر الصفقات في الميركاتو كانت من أميركا الجنوبية.

    أما في الميركاتو الحالي فلم يتواجد سوى اسمين قادمين من أميركا اللاتينية  في لائحة أكبر 100 صفقة (رودريجو وظهيرأتليتيكو مدريد رينان لودي). أما نسبة الصفقات “اللاتينية” من أكبر صفقات الميركاتو خلال السنوات الخمس الأخيرة لم تتجاوز 3%.

    أجويرو حينما كان لاعبًا في أتلتيكو مدريد

    أجويرو حينما كان لاعبًا في أتلتيكو مدريد

    كل هذا يعني بأن حصة أندية أميركا الجنوبية من الميزانية دائمة التضخم للإنتقالات في أوروبا قلت بشكل كبير في العقد الأخير.

     مجموع ما دفعته أندية الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى على الإنتقالات في موسم 2006/07  كان حوالي 1.3 مليار يورو، 161 مليون منها ذهبت لأندية أميركا الجنوبية لقاء خدمات تيفيز، هيجواين وأجويرو وغيرهم. وبعد أكثر من عقد من التضخم الرهيب في أسعار حقوق البث التلفزيوني وعقود الرعاية التجارية فإن مجموعات انتقالات كبار أوروبا وصل لـ 5.2 مليار يورو هذا الموسم (أي أكبر بأربع مرات من موسم 2006/07) لكن 250 مليون منها فقط  دفعت لأندية أميركا الجنوبية (أي أكبر بمرة ونصف فقط). فهل أصبحت المواهب اللاتينية أقل جودة ولذلك قلت قيمتها؟

    الجواب بإختصار كلا، اللاعبون اللاتينيون مازالوا يمتلكون ميزات لا يمتلكها نظرائهم الأوروبيون ولذلك فإن فريقكم المفضل أياً كان يمتلك بدون شك أكثر من لاعب من أميركا الجنوبية (إلا في حال كننم من أنصار أثليتيك بلباو). لكن الفارق هو أن تضخم عائدات الأندية الأوروبية منحها قدرة أكبر على المخاطرة المالية. لذلك أصبحت أندية أوروبا تستقدم اللاعبين البرازيليين والأرجنتيين وغيرهم في أعمار مبكرة قبل أن ينضجوا ويتحولوا إلى نجوم ولاعبين دوليين. ونقص الخبرة هذا يترجم في أسعار أقل من تلك التي تدفع للاعبين ذوي الخبرة والناشطين في الدوريات الأوروبية. فلو قرر الريال على سبيل المثال ألا يصرف مبلغ 46 مليون يورو للتعاقد مع فيسينوس جونيور وهو في سن المراهقة لكان فيسينيوس ستيحول على الأغلب لنجم في فلامينجو وسيزداد سعره مع كل هدف يسجله ومع كل مباراة يستدعى لها لتمثيل منتخب بلاده. لذلك، نظراً لإمكانيات الفتى الواضحة، كان الخيار الأفضل من الناحية المالية استقدامه مبكراً.

    فينيسيوس جونيور لاعب ريال مدريد

    فينيسيوس جونيور لاعب ريال مدريد

    أي أن مهارات اللاعبيين اللاتينيين وجودتهم لم تتغير لكنهم أصبحوا ينتقلون إلى الدوريات الأوروبية في أعمار أقل وبأسعار أقل ومن ثم تزداد المبالغ المدفوعة لإنتقالهم بعد أن يصبحوا يلعبون في الدوريات الأوروبية وبالتالي فإن معظمها لا يصل إلى أنديتهم الأصلية في أميركا الجنوبية. فإذا نظرنا على لائحة أكبر 250 صفقة في أوروبا خلال السنوات الأربع الأخيرة سنجد أن 37% منها كانت للاعبين لاتينيين لم يتجازوا الواحدة والعشرين من العمر وهي نسبة تتجاوز نسبة اللاعبين الأوروبيين  في نفس الفئة العمرية (النسبة ازدادت كذلك خلال العقد الأخير بعد أن كانت 24%  فقط بين 2005-2009).

    الجزء الأخير من الأحجية يكمن في التراجع الكبير في القدرة المالية لأندية أميركا الجنوبية مما أصبح يجبرها على بيع مواهبها بسرعة. فقبل عقد من الزمن كانت كفة الميزان المالي تميل بشكل مقبول لصالح أندية أوروبا، ولكن في نفس الوقت كان بإستطاعة كورنثيانز البرازيلي اقناع اسمين كبيرين كتيفيز وماسكيرانو بتأخير انتقالهما لأوروبا. أما اليوم  فإن معظم أندية القارة تخسر أموالاً كل موسم ويبلغ إجمالي ديون أندية الدرجة الأولى في البرازيل 1.7 مليار دولار. لذلك لم يعد لدى أندية أميركا الجنوبية أي “قوة تفاوضية” فهي بحاجة ماسة للمال بأسرع وقت وبالتالي ستقبل بيع مواهبها بأسعار أقل بكثير من تلك التي قد تجنيها في حال انتظرت سنة أو سنتين قبل بيعها.

    بالرغم من أن كل ما ذكرته حتى الآن قد لا يبدو مثيراً للقلق، معظمنا لا يتابع كرة القدم اللاتينية باهتمام كبير، لكن هذه الحالة، في حال استمرت، تهدد بتحويل القارة التي أنجبت بيليه، مارادونا وميسي إلى أكاديمية كبيرة فقط لا غير.