كرة القدم تُعظَّمَ “الأغنياء” وتُقَزمَ “المجتهدين”!

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • فاردي ومحرز نجمي البريميرليج هذا الموسم

    في السياسة، يقال إن التاريخ يكتبه المنتصرون، وهناك عدة دلائل قريبة تؤكد هذا الطرح، ففي الحرب العالمية الأولى التي انتصر فيها “الحلفاء” على حساب “دول المركز” الذين خضعوا للشروط التي وضعها المنتصرون، والحرب العالمية الثانية أيضاً، فرض الحلفاء كلّ ما أرادوه على “دول المحور” بقيادة ألمانيا النازية، ناهيك عن أن التاريخ لطالما كان يصب في مصلحة الأقوياء الجبابرة. إما عالم الاقتصاد، وتحديداً من خلال العولمة التي تعني اقتصاديًّا؛ الانتقال من الخاص إلى العام، ومن الداخل إلى الخارج، ومن المحلي إلى العالمي، الأمر الذي جعل من الولايات المتحدة الأمريكية عقب الحرب العالمية الثانية، تفرض سياساتها على العالم، عن طريق عولمة ثقافتها والسيطرة على الأسواق العالمية، وخاصةً في الدول النامية أو بمعنى أخر الدول المتخلفة.

    ولو قرأنا الواقع جيداً، لوجدنا أن “عالم الرياضة” ليس ببعيد عمّا يحدث في بقية المجالات، وهذا متمثل بكرة القدم، فتاريخها لم يكتبه إلا “أصحاب الأموال الطائلة” وهذا يؤكد لنا أن بطريقةٍ أو بأخرى أن السياسة والاقتصاد يتوغلان في الرياضة بشكلٍ تقشعر له الأبدان، الأمر الذي يبعدها (أي الرياضة) عن أهدافها التربوية والترفيهية دون أدنى شك. حقيقةً، إن ما دفعني لكتابة هذا المقال، هو ما يجري في الوقت الحالي مع نادي “ليستر سيتي” متصدر الدوري الإنكليزي بفارق خمس نقاط عن أقرب ملاحقيه، مانشستر سيتي الذي بدوره خسر في الأمس بثلاثية على ملعب الاتحاد أمام “الليستر”، ورغم العروض التي قدمها فريق المدرب “كلاوديو رانيري” منذ بداية الموسم، ولكن الجميع لا زال يُشكك بقدراتهِ، ولم ينل الفريق حقه في الإشادة والثناء المرجويّن.

    فاردي ومحرز

    فاردي ومحرز

    وهذا ليس بغريب، فنحن دائماً كمتابعين لعالم الرياضة، نشاهد أن في حال انتصر أيُّ فريق يعتبر من “الصنف الثاني” على فريق من فرق “الأموال الطائلة” نحشد الكثير من الحجج، والآراء، والتحليلات، التي تدعم تبريراتنا للخسارة، ولا نعطي المجال والحق في الإشادة بالفوز الذي تحقق! بفضل المجهود والأداء الذي قدمه الفريق الفائز. إن ما يقدمه نادي ليستر سيتي الإنكليزي في الآونة الأخيرة، أمر يدعو للدهشة، ففريق كان يقبع في الموسم الماضي بمؤخرة الترتيب، وكاد أن يبتعد عن دوري الأضواء، ولكن ببضعة آلاف/ملايين من اليوروهات، جلبوا بها مدرب يحسب من “الصنف الثاني”! وهو الإيطالي رانيري ، بالإضافة إلى الجزائري الرائع “رياض محرز” والإنكليزي المغمور “جيمي فاردي”، فشكلوا فريقاً قويًّا ومنافساً على اللقب، وهذا ما يؤكد أن هناك عملاً دؤوباً يجري خلف الكواليس، لأن الكفة الفنية مع بقية فرق البريميير ليغ لا تقارن بما يملكه “الليستر”.

    MSN و BBC

    MSN و BBC

    علاوةً على ذلك، فثنائية “محرز وفاردي” عظيمة ورائعة، وشكلا جبهةً هجوميةً مميزة، تضاهي بالأرقام ثنائية ” BBC / MSN” المدعومة إعلامياً، فالإنكليزي متصدر قائمة الهدافين برصيد 18 هدفاً متقدماً على لاعب نادي إيفرتون رميلو لوكاكو بهدفين، وصنع ثلاثة أهداف، والجزائري محرز بحوزته 14 هدفاً وساهم بتسعة أهداف هزت شباك الخصوم، أي أن كلاهما يمتلكان بالمجموع (32 هدفاً و11 مساهمةً) لغاية الجولة الخامسة والعشرين من البريميير ليغ. ما حدث ويحدث مع ليستر سيتي، يدلنا على أن كرة القدم لم تعد كرة قدم بذاتها، فتدخلت السياسة بها عن طريق ضخ رؤوس الأموال الكبيرة بهدف الاستثمار، وتجنيد هالة إعلامية كبيرة تدعم الفرق التي تمولها ماديًّا، فتضخّم كل شيء مهما كان صغيراً، وتقزم كل شيء مهما كان كبيراً، على حساب فرق “الصنف الثاني” التي لا تجد من يدعمها، ويسلط الأضواء على ما تقدمه من مجهودات.

    أخيراً، وعلى مستوى الحياة العامة، فالمتجمع مقسم إلى طبقات منذ القدم، فهناك الطبقة الغنية، والمتوسطة، والفقيرة، وكل طبقة لها نمطاً معيناً تسبح فيه، ولكن لا مناص من ظلم الطبقة الغنية وتهميشها وطغيانها وعدم إنصافها للطبقة الفقيرة، وهذا الحال ينطبق على كرة القدم، التي تعظم “الأغنياء” وتقزم “الفقراء” المجتهدين الكادحين.

    لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك