الرجل الأميركي الذي غيّر وجه كرة القدم في اليابان

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • كاجاوا و أوكازاكي و هوندا أفضل نجوم منتخب اليابان

    بالنسبة لمشجعي كرة القدم فإن سنة 2018 تعني شيئاً واحداً فقط: كأس العالم. وإلى حين وصولنا للحظة المنتظرة يوم الرابع عشر من حزيران دعونا نأخذ نظرة سريعة إلى الماضي لنرى كيف انتشرت كرة القدم في كل من البلدان المشاركة في كأس العالم؛ واليوم الحديث عن أحفاد الساموراي: اليابان.


    الثالث عشر من كانون الأول عام 1981، نهائي كأس الانتركونتينتال بين بطلي أوروبا وأميركا الجنوبية في الملعب الوطني في طوكيو، كابتن ليفربول فيل تومبسون يشتت كرة عرضية قبل أن يصل إليها مهاجم فلامنجو زيكو، الكرة تحلق في السماء، الجمهور الياباني يصفق ويحتفل وكأن الكرة سكنت الشباك!!! هذه الحالة استمرت طوال المباراة مما أثار اندهاش لاعبي الفريقين الذين لم يدركوا أن الجمهور الياباني كان يفضل كرة القاعدة وأن كرة القدم لم تكن رياضة شعبية في اليابان؛ لذلك فإن الجمهور كان يظن أن اطلاق الكرة في السماء يشكل أمراً ايجابياً في كرة القدم كما في كرة القاعدة. فكيف انتقلت اليابان من دولة لا يفهم سكانها كرة القدم إلى دولة يخطط اتحادها الكروي لاستضافة والفوز بكأس العالم قبل العام 2050؟ الجواب معقد لكن أحد جزء صغير منه يدعى توم باير.

    كرة القدم وصلت للليابان عبر ضباط البحرية البريطانية في أواخر القرن التاسع عشر ولكن أول نادي مختص بكرة القدم لم يتأسس حتى العام 1917 في طوكيو. المنتخب الياباني شارك في مسابقة كرة القدم في أولمبياد برلين 1936 وتمكن من هزيمة السويد (التي كانت منتخباً كبيراً في تلك الفترة). وبالرغم من البداية المشجعة إلا أن مشاركات اليابان العالمية توقفت لفترة طويلة وذلك على الأغلب لأن اليابان لم تحظى بدوري منظم يجمع الفرق من مختلف أنحاء البلاد حتى العام 1965. اليابان استطاعت مباشرة بعد بداية هذا الدوري، بالرغم من أن معظم لاعبيه كانوا هواة، من تحقيق الميدالية البرونزية في أولمبياد 1968 في المكسيك. لكن مرة أخرى عادت اليابان للتراجع ولم تتمكن من التأهل لـ كأس آسيا حتى العام 1988.

    توم باير يعلم الأطفال كرة القدم في اليابان

    توم باير يعلم الأطفال كرة القدم في اليابان

    كل هذا الكلام لا يساعد سوى في إبراز كم كانت كرة القدم رياضة هامشية في اليابان وكم كان مستوى اللعبة في “بلاد الشمس المشرقة” سيئاً. لكن ذلك بدأ بالتغير، ولو بشكل صغير في منتصف الثمانينيات مع قدوم لاعب كرة قدم أميركي مغمور يدعى توم باير للإحتراف مع فريق هيتاشي. مسيرة باير كلاعب في اليابان انتهت عام 1989 ولكنه بدأ مباشرة بعد ذلك بإدارة حلقات تدريبية للأطفال تحت 12 عام لتعليمهم مهارات كرة القدم الأساسية كتنطيط الكرة والسيطرة عليها. باير تنقل في مختلف انحاء اليابان وعلّم آلاف الأطفال وشاءت الصدف أن يكون أحد تلاميذه ابن رئيس شركة نيستليه في اليابان. باير أقنع مسؤولي نيستليه برعاية مشروعه تجارياً مقابل أن يوزع مشروب “ميلو”، الذي تنتجه شركة نيستليه، على الأطفال بعد نهاية الحصص التدريبية. باير اعتمد على “أسلوب كورفر” في تدريب الأطفال والذي يعتمد في المقام الأول على تكرار الحركات التقنية لاتقناها بدلاً من لعب مبارايات مصغرة. ومع حلول كأس العالم 1998، والذي كان أول كأس عالم تصل له اليابان، كان باير يملك 10 مقرات حول اليابان يتدرب فيها حوالي 20 ألف طفل. لكن شهرته الحقيقية لم تكن بدأت بعد!

    حيث قرر مسؤولو تلفزيون طوكيو استغلال الازدياد الكبير في شعبية كرة القدم، خصوصاً وأن اليابان كانت تستعد لاستضافة كأس العالم بعد 4 أعوام، فأضافوا فقرة مدتها دقيقتين لبرنامج أوها سوتو (أشهر برنامج أطفال في اليابان) وطلبوا من باير أن يقدم من خلالها ما كان يقدمه في حصصه. وفجأة انتقل جمهور باير من بضعة عشرات من الأطفال إلى حوالي 3-5 ملايين طفل يتابعونه كل يوم. الفقرة أصبحت تعرف باسم “مهارات توم-سان” وتحولت سريعاً لظاهرة كبرى. شهرة باير، أو توم-سان، وصلت لأوجها عندما أصبح يملك زاوية في أشهر مجلة مانغا للأطفال، كوروكورو، يقدم فيها رسوماً تفصيلية لمهارات كرة القدم. شعبية توم-سان كانت تفوق الخيال في اليابان، حيث تابعه معظم لاعبو الجيل الحالي لمنتخب اليابان وأهمهم شينجي كاجاوا وكيسوكي هوندا الذين تكلم كلّ منهما في مناسبات سابقة كيف كانا ينتظران فقرة السيد توم-سان كل صباح. بينما كان لاعب منتخب الساموراي ونادي ساوثمبتون السابق تادانوري ليي أحد تلامذة باير في مدرسته الخاصة.

    باير لم يكن السبب الوحيد في نهوض اليابان بكل تأكيد؛ فخطة الاتحاد الياباني طويلة المدى التي ذكرناها سابقاً بدأت بتحويل الدوري الوطني لدوري محترف عام 1993 وإجبار الأندية اليابانية على العناية بأكاديمياتها. وحتى على الصعيد الاجتماعي، فإن سلسلة الكابتن تشوباسا، أو الكابتن ماجد كما نعرفه نحن جمعياً، أطلقت شعبية كرة القدم بين الأطفال اليابانيين في الثمانينيات. لكن حكاية باير تؤكد أن الطريق الأمثل، وربما الوحيد، لتحسين مستوى كرة القدم في بلد معين هو بتطوير مهارات الأطفال الكروية.