تجربة جميلة عشتها شخصياً في كأس آسيا التي جرت في الإمارات ..ورغم كونها متعبة للغاية ” أحياناً 14 ساعة بدون توقف بما فيها من تنقلات بين المدن الإماراتية التي ضمت الملاعب ” إلا أن متابعة بطولة كبيرة بـ 24 فريقاً ومن الباب للمحراب أمر لا يحدث كل يوم …بعض الملاحظات التي خرجت بها من أرضية الملعب أحببت أن اشارككم بها بعد هذه التجربة

كان من الممتع لي أن أتابع منتخبي الوطني من اللحظة الأولى وأن أعيش مشاعر المشجع رغم قسوتها علي وعلى كل المشجعين السوريين بخروج صعب بعد آمال كبيرة …لكن التجربة تستحق أن تعاش بكل المقاييس.

الحديث قبل البطولة وحتى قبل المباراة لا معنى له على الإطلاق …أرضية الملعب هي التي تحكم مهما كثرت التوقعات ومهما كان التاريخ عريقاً.

للبطولات الكبرى حساباتها الخاصة المختلفة عن كل شيء ..التجمع ولعب ستة أو سبعة مباريات في عشرين يوماً يخلق ضغوطات مختلفة عن بطولات الدوري أو الأندية أو حتى التصفيات ..لابد من إعداد نفسي خاص لها والتعامل معها بطريقة مختلفة .

المال هو عصب كل شيء في هذه الحياة وليس كرة القدم وحسب …لكن اثبتت البطولة أنك قادر على أن تقدم كرة قدم جميلة بمشروع طموح ومبلغ معقول من المال لكن بعمل جاد وأيضاً تستطيع ان تسيطر وتحرز الألقاب بالاستثمار الجيد فيها …المهم أن تستغل مواردك المتاحة بأفضل طريقة ممكنة.

هوية نصف النهائي وفوز قطر بالبطولة لا يجب أن تغش العرب وتشعرهم بأن الوضع ممتاز . فحتى الدور ربع النهائي كان هناك منتخبان وحسب من 11 منتخباً عربياً تأهلت للنهائيات الآسيوية.

منتخب قطر حامل اللقب سجل 19 هدفاً ودخل مرماه هدف واحد فقط في الدقيقة 70 من المباراة النهائية بأفضل هجوم وأفضل دفاع وأفضل هداف وأفضل ممر ..باختصار أرقامه وأداؤه أبرز دليل على استحقاقه لهذه البطولة.

منتخب اليابان لم يقدم لا أفضل كرة قدم ولا أسرع كرة قدم ..بل قدم أكثر كرة قدم خبيرة في البطولة باتقانه التنظيم واللعب على أخطاء المنافسين وفعلياً لم يظهر وجهه الحقيقي إلا عندما تأخر 2- 0 عندها بدأ الهجوم بطريقة مجنونة تظهر حقاً ماهي قدراته الحقيقية لكنه تأخر وسبق السيف العزل . الخبرة وحدها مهما كانت كبيرة بحاجة دائماً للشغف لتحقيق الفوز لأنها لا تكفي .

منتخب إيران كان أحد أقوى المرشحين وأكثرهم رسوخاً بمدرب يعمل معه منذ ثمانية أعوام، لكنه بالغ في ثقته بنفسه حتى عندما واجه اليابان . كان يجب أن يكون أكثر شراسة وتركيزاً امام المرمى وأيضاً أكثر تواضعاً ولا يعتقد أنه قادر على تعديل النتيجة والفوز بها متى أراد.

منتخب الإمارات يجب أن يراجع حساباته ويجلب المدرب المناسب له وللاعبيه والذي يمتلك القدرة على القيام بعملية تجديد لعناصره. هذا الجيل الذي اعطى الكثير للكرة الإماراتية بحاجة لدماء جديدة تعيد تنشيطه.

هناك حاجة للاعب الخليجي أن يلعب خارج بلده ومنطقته ..كرة القدم تتطور وتصبح أكثر انفتاحاً من ذي قبل وذلك نلاحظ التطور الكبير لفرق ما كان أحد يتوقع أن يراها منافسة .تجربة اللاعبين السعوديين في أسبانيا يجب أن تتكرر بشروط محسنة ويجب أن يتم الصبر عليها لفترة لتعطي النتائج المرجوة .

منتخب العراق هو أكثر منتخب واعد في البطولة، لديه العديد من المواهب الشابة التي تحتاج فقط إلى الرعاية والصقل. والمطلوب هو وجود خطة واضحة واستراتيجية للاستمرار في العمل حتى لا يكون مصير هذه المواهب كمصير الكثير غيرها.

الأردن كان مفاجأة سارة ، لكنه وقع أمام فيتنام في نفس الفخ الذي وقع فيه شقيقه السوري أمامه عندما استهان به فكانت العقوبة قاسية . يجب على المنتخب الأردني أن يعرف كيف يبني على ما تحقق ويتلافى الاخطاء بهذا الجيل الذي اثبت قدرته على تقديم كرة جميلة .

منتخب فلسطين لعب بإمكاناته وقدم الكثير …لا يجب ان نطالبه بأكثر من ذلك.

منتخب سورية كان الخيبة الكبرى بالنسبة لي ولجمهوره العريض الذي زين الملاعب دعماً له ..تحدثنا عنه كثيراً ولن نزيد ، تقويم الأوضاع بحاجة للكثير من العمل والعلم والنية الصافية من الجميع .

لابد للاعب العربي أن يثق بنفسه وبإمكاناته ، ولابد للمدربين العاملين مع المنتخبات العربية وفرقها أن يعملوا بشدة على زيادة هذه الثقة من خلال التركيز على لعب كرة القدم الحقيقية على الأرض والابتعاد عن الكرات الهوائية سيئة التطبيق والتي يلجأ لها لاعبنا العربي لأنه لا يمتلك الثقة بأنه قادر على تطبيق تقنية اللعب الأرضي والسريع …وهذه النقطة لتبنى بحاجة للوقت

العمل النفسي لدى اللاعب العربي بأهمية العمل التكتيكي وربما يزيد ..وكم من مدرب طوارئ نجح حين فشل المدرب الأساسي . يجب إيلاء العامل النفسي الأهمية الكبرى ويجب أيضاً جلب المدرب الذي يستطيع اللاعبون فهمه ، وانا دائماً مع المدرب الوطني للمنتخب الوطني.

النقطة الأخيرة والهامة …كرة القدم المستدامة والحقيقية بحاجة لصبر شديد واستمرارية ..مشروع قطر مستمر منذ العام 2013 ومشروع فيتنام منذ العام 2007 . مدرب إيران موجود على رأس عمله منذ ثمانية أعوام واليابان تعمل منذ 25 عاماً أو أكثر لتكون هذه القوة العظمى التي نراها حالياً .

متري حجار – رئيس تحرير سبورت 360 عربية