أن يخسر فريقك فذلك شيء مؤلم وصعب لن يجعلك تنام مرتاح البال، وأن يخسر فريقك وتقدم أداءً سيئاً فذلك أمر أكثر صعوبة سيصبك بالأرق لأيام، لكن ماذا سيكون الحال لو خسر فريقك وقدمت أداءً سيئاً في مباراة قمة يتابعها عشاق كرة القدم حول العالم أجمع؟ ربما فيرجيل فان دايك يستطيع تقديم إجابة شافية لنا على هذا السؤال بعد الذي حصل في مباراة الذهاب بين برشلونة وليفربول في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.

فيرجيل فان دايك سقط من عرش المدافع الأفضل في العالم، إلى وحل ومستنقع السخرية من الجماهير، أداؤه ضد برشلونة لم يرتقِ للمستوى الذي انتظره عشاق كرة القدم منه باعتباره أفضل مدافع في العالم بالوقت الحالي، خصوصاً بعد أن لاحظ الكثيرون محاولته تجنب مواجهة ليونيل ميسي على أرض الملعب في عدة حالات.

ويمكن القول بأن الجزء الأكبر من جماهير كرة القدم انقسم بين قسمين، قسم يبالغ في انتقاد فان دايك ويقلل من قيمته كأفضل مدافع في العالم، والقسم الآخر يدافع عنه بضراوة ويبرر ما حصل ضد البرسا بأنه أسلوب دفاعي مميز.

فان دايك منفوخ !

ليس هذا رأيي بكل تأكيد، لكنه رأي الكثيرين بعد مباراة الذهاب بين برشلونة وليفربول، فالمسألة تحولت من انتقاد أداء فان دايك السلبي ضد برشلونة، إلى القول بأنه منفوخ، أو فقاعة، بما يعني أنه ليس أفضل مدافع في العالم حالياً.

هذا الوصف قيل عن كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي ونيمار دا سيلفا وغيرهم من أفضل نجوم اللعبة، لذلك لن يشذ فان دايك عن هذه القاعدة العامة للجماهير.

GettyImages-1146488223 (1)

القول بأن فان دايك مدافع سيء بالمطلق، أمر لا يمكن القبول به، ولا يعقل أن يكون كل من شاهد المدافع الهولندي في الموسم الحالي وانبهر بأدائه موهوم، فيرجيل كان المدافع الأكثر ثباتاً في المستوى، الأذكى على أرض الملعب، والأقل أخطاءً مقارنة بالمدافعين الآخرين في الفرق الكبرى، لذلك حينما يلقب بأنه المدافع الأفضل في العالم فذلك لأنه يستحق وعن جدارة.

ربما تجد أحد الصحفيين يرغب بمجاملة لاعب معين، وربما يحصل ذلك من مدرب أو زميل، لكن أن يجتمع جزء كبير من الجماهير والصحفيين والمتابعين على نفس الرأي بمدح فان دايك، فلا يعقل أن يكون ذلك مجاملة.

فان دايك يبقى المدافع الأفضل في الموسم الكروي 2018\2019 ، مهما حصل في مباراة العودة بين برشلونة وليفربول اليوم الثلاثاء، وبغض النظر عما حصل في لقاء الذهاب أيضاً.

24EFAE63-3BA4-4BEE-A504-4579C8E3E89B

فان دايك قدم أداءً رائعاً ضد برشلونة !

مثلما هناك مبالغة وتطرف في الانتقاد، هناك مبالغة وتطرف في الدفاع عن اللاعب أو النجم أيضاً من عشاقه ومحبيه، فكل من انتقد فان دايك بعد مواجهة برشلونة معبراً عن إحباطه من أدائه السلبي ضد ليونيل ميسي واجه نفس الرد من عشاق فان دايك “تراجعه للخلف أمام ميسي يعد تكتيك دفاعي ناجح”.

لا أنكر أن التراجع للخلف أمام اللاعب المهاري هو أسلوب ذكي ويتبعه أفضل المدافعين في العالم، لأن الانقضاض عليه والاندفاع نحوه بتهور سيجعل المهاجم يتخطاه بسهولة بسبب قدرته على المراوغة، لكن في ذات الوقت المسألة لا تعني أن يكون الأسلوب الوحيد للمدافع هو التراجع ثم التراجع ثم التراجع.

المدافع حينما يقرر التراجع أمام اللاعب المهاري فيجب أن يترافق ذلك مع أمرين، أولاً إغلاق زوايا التسديد والتمرير على المنافس، والثاني أن ينتظر المدافع الخطأ من المنافس أثناء تحكمه بالكرة حتى ينقض عليه ويبعدها عن مناطق فريقه أو يستعيدها. كما عليه أن يتمتع بالذكاء الكافي ليقيم الموقف ويتخذ القرار المناسب بين التراجع أو التقدم، فأحياناً يكون التراجع قرار غبي إن كان المهاجم على مقربة من المرمى ولديه الحرية للتسديد نحو الشباك.

في الحقيقة، فان دايك لم يفعل أياً من ذلك، فلا هو أغلق زوايا التمرير على ميسي، ولا هو انتظر الفرصة حتى يستعيد الكرة منه، بل ظهر أنه لا يرغب بالتدخل لإيقاف ليونيل مهما تقدم نحو مرمى فريقه، واكتفى بانتظار تدخل أحد زملائه ضد النجم الأرجنتيني في عدة مناسبات، حتى اللقطة التي يتداولها عشاق فان دايك حول سقوط ميسي أمام الهولندي واستعادة الأخير للكرة فلم تحدث بسبب فيرجيل، بل بسبب تدخل زميل فان دايك على ليونيل من الخلف.

فيرجيل لم يقدم أداءً طيباً ضد ليونيل ميسي، لكنه قدم أداءً طيباً ضد برشلونة، بمعنى أن مشكلة فان دايك في المباراة تمثلت في ميسي فقط، ولو تعامل مع ليونيل بذكاء وقوة وصلابة بدون خوف أو توتر لربما تحول كل كلام السخرية عنه إلى إشادة.

وفي الحقيقة، الدفاع عن فان دايك بهذه الطريقة يقلل من قيمته ويجعل منه مدافعاً سيئاً للغاية، فحينما تقول لي: “فان دايك تألق وأوقف ميسي وقدم أداءً رائعاً” وهذا لم يحصل في الملعب، فحينها سأعتقد أن هذا أفضل ما يستطيع فعله، وحينها لا يمكن وضعه ضمن قائمة أفضل اللاعبين في العالم.

المسألة بسيطة ولا تحتاج كل هذا الاحتدام بالنقاش، فان دايك قدم أداءً سلبياً ضد ليونيل ميسي وظهر مرتبكاً وخائفاً طوال الدقائق التسعين، لكن ذلك لا يغير من حقيقة أنه أفضل مدافع في العالم حالياً.