Getty

موقع سبورت 360 – “شطحات كروية”، هي فقرة أسبوعية نهدف من خلالها إلى مناقشة وتفكيك بعض الأفكار غير المنطقية المنتشرة والرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة دحضها والرد عليها بأفكار جديدة وأدلة – تبدو من وجهة نظرنا – أقرب للواقع.

في كرة القدم يقال إن شوط المباراة الثاني هو شوط المدربين على اعتبار أن المدرب يكون قد قرأ منافسه خلال مجريات الشوط الأول إلى جانب أنه (أي المدرب) يكون قد لمس أي خلل يحتاج للتعديل في فريقه.

ويقال أيضاً إن إقالة المدربين غالباً ما تتم جراء تصرفات قاموا بها في شوط المباراة الثاني، فالبدء بتشكيل غير مقبول قد يجد له حلاً في التبديلات لكن بعض المدربين “يخترعون” أفكاراً غريبة في النصف الثاني لاسيما تغيير الخطط أو استبدال اللاعبين.

كما أن بعضهم يعود لسوء التصرف وضعف الحيلة، فيما البعض الآخر ونظراً لضعف شخصيته لا يتحمل الضغط النفسي الكبير وهو يشاهد فريقه خاسراً أو فائزاً فيقلب الأمور رأساً على عقب.

ويذهب بعض المتابعين إلى التأكيد على أن بعض المدربين يسلمون الشوط الأول للخصم عبر تهدئة اللعب والتراجع إلى منتصف الملعب وتمرير الكرات بهدوء بين اللاعبين وعدم إجهاد الفريق ككل، وإن سنح للفريق التسجيل كان خيراً وبركة، وإن لم تسنح له الفرصة بذلك فالحسم سيكون في النصف الثاني.

تحول مفاجئ:

وعاد هؤلاء لترديد نفس الكلام المحفوظ عن ظهر قلب، بعد انتصار تشيلسي على آرسنال بأربعة أهداف مقابل هدف في نهائي الدوري الأوروبي، مساء أمس الأربعاء، في المباراة التي احتضنها ملعب باكو الأولمبي في أذربيجان.

ولم يقدم تشيلسي مستويات جيدة في الشوط الأول من المباراة، حيث اكتفى بتمرير الكرات في مناطقه، دون أن يجد حلولاً للتوغل إلى مناطق آرسنال، قبل أن ينتفض في الشوط الثاني ويسجل أربعة أهداف كاملة.

GettyImages-1152474985 (1)

ولم ينجح تشيلسي في الوصول بأي فرصة تهديفية على مرمى الحارس بيتر تشيك، سوى بعد مرور 34 دقيقة، بتسديدة من إيمرسون، حيث افتقر هجوم البلوز للشراسة والتفاهم بين إدين هازارد وأولفييه جيرو.

ومنح الهدف المبكر بالشوط الثاني، رجال المدرب ماوريسيو ساري دفعة معنوية هائلة، ليقتل تشيلسي المباراة في ظرف 20 دقيقة فقط، من خلال تسجيل 3 أهداف متتالية وسط انهيار فني وذهني للمدفعجية.

وجهة نظر مغايرة:

شخصياً، أميل إلى الظن بأن دور المدرب ينتهي بمجرد إطلاق صافرة بداية المباراة إلى حين نهايتها، فالأمور التكتيكية والفنية يخطط لها المدرب في الأيام التي تسبق المباراة، وحتى التغييرات التي يقوم بها أثناء اللقاء فإنه يدرسها أيضاً أثناء التدريبات الجماعية واضعاً نصب عينه جميع الاحتمالات الممكنة وكل السيناريوهات التي ستطفح بها المباراة.

وعلاوة على ذلك، فإن دور المدرب لا يعتمد فقط على خطة الفريق وأسلوب اللعب واختيار التشكيل، إذ من المفترض أن يكون أكثر بكثير من خلال قدرته على أن يعكس جزء من خبرته وثقافته في أذهان لاعبي فريقه، ويعلمهم متى يهاجمون ومتى يهدئون اللعب وكيف يدافعون، وبطبيعة الحال، فإن كل هذه الأمور تحدث في التدريبات وليس في الملعب.

أما لو افترضنا جدلاً أن المدرب له دور في المباراة، فإن ترديد “الشوط الأول شوط اللاعبين والشوط الثاني شوط المدربين”، هو أمر غير منطقي، فلكل فرد وظيفة معينة في جميع أطوار اللقاء، وما دخول المدرب بخطة معنية منذ الشوط الأول إلا دليل على أن له دور رئيسي.

أما فكرة أن المدرب يقوم بتعديلات تكتيكية وبشرية في الشوط الثاني، فإن اللاعبين بدورهم يتغير نسقهم وأداؤهم وتنخفض طراوتهم البدنية في هذا الشوط، الأمر الذي يؤثر على النتيجة النهائية للمباراة.