في أفريقيا .. مدغشقر

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • كان شعب مدغشقر سعيدا بالتأكيد فسلسلة الأفلام التي بدأ إصدارها في 2005 وتحمل أسم الجزيرة الموجودة جنوب شرق القارة الأفريقية لتضعها على الخريطة كإحدى الدول المتواجدة في العالم بعد أن كاد يختفي أسمها تماما من الذاكرة مع الإستقلال عن فرنسا في 1960 من القرن الماضي

    تقع مدغشقر حول العديد من الجزر الأخرى كموريشيوس ورينيون ومايوتي الفرنسية وتعتبر موزمبيق أول دولة حقيقية قريبة منهم وهو ما يجعلها في طي النسيان رغم التقلبات السياسية والحروب الأهلية المندلعة هناك منذ الإستقلال وحتى الآن

    على المستوى الكروي أكتفت مدغشقر بإنجازات ضئيلة البعيدة عن الأضواء والرسميات فلديها صولات وجولات في ألعاب جزر المحيط الهندي التي حققت لقبها في مناسبتين وكأس الأمم الجنوب أفريقية والتي حصلت على ميداليتها البرونزية في مناسبتين

    لكن في تصفيات كأس الأمم الأفريقية لم تكن مدغشقر ذات قيمة كروية، ربما يعرفها بعض المشجعين المصريين عندما وقعت مدغشقر ضد مصر مرتين الأولى في تصفيات أولمبياد موسكو 1980 ورفقة موريشيوس في نفس المجموعة في تصفيات كأس أفريقيا 2004، المفاجئة أن مصر خسرت مباراة الذهاب بهدف نظيف ولكنها في النهاية تأهلت متصدرة للمجموعة

    لسوء حظ مدغشقر أن تلك المجموعة كانت ثلاث منتخبات فقط بعد إنسحاب غينيا بيساو للتأهل مصر فقط كمتصدر للبطولة ويتم تجاهل نتائج مدغشقر وصيف تلك المجموعة لمعرفة أسماء المنتخبات الأربعة المتبقية لإستكمال عدد المتأهلين

    كانت تلك المرة الأقرب لمدغشقر للإقتراب من المشاركة والظهور الأفريقي لتعود وتختفي مرة أخرى كرويا ولكن تظهر شهرتها بعد ذلك بسبب سلسلة الأفلام التي حملت أسم الجزيرة التي يبلغ مساحتها نصف مليون كيلو متر، نصف مساحة مصر الإجمالية

    لم تكن كرة القدم الهاجس الرئيسي لهذا الشعب المنقسم بين مشاكله السياسية المتتالية والحروب الأهلية والأوبئة المنتشرة بسبب الفقر وغياب أساسيات الحياة هناك، مدغشقر تنافس على تصدر الجداول في نسبة المصابين بإلتهاء الكبد الوبائي والملاريا والدفتريا والأيدز بل وظهر لديهم الطاعون الشبه منقرض من العالم

    لذلك فشلت الدولة التي يبلغ عدد سكانها 25 مليون مواطن في إنتاج لاعبين محترفين في أوروبا كجيرانهم الأوروبيين وأحد الأسباب هو موقعها الجغرافي الذي يصعب الخروج والسفر والهجرة إلى الخارج وإن كانت فرنسا قد أستقبلت بعض المهاجرين من هذه البلاد ولكن القليل فقط نجح في الوصول إلى لقب لاعب محترف

    في السنوات الأخيرة حدثت بعض القفزات في الكرة المدغشقرية أو كما يلقب اتحاد الكرة هناك “الاتحاد الملاجاسي” وذلك عندما نجح المدرب السابق أحمد أحمد في الحصول على منصب رئيس الاتحاد هناك ليبدأ في إعادة بناء للكرة في بلاده المتأخرة عن كل جيرانها إقتصاديا ورياضيا

    وصل أحمد أحمد حاليا لرئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ومازال يعمل كرئيس لإتحاد بلاده وأخر هداياه لهم كانت المدرب الفرنسي نيكولاس دوبيس ليقود منتخب البلاد في التصفيات المؤهلة لبطولة أفريقيا الحالية

    أخبرت الاتحاد أنه لا مكان للمجاملات والتدخلات في إختيارات اللاعبين

    لا يمكن أن يتم أختيار لاعب لانه أحد أقارب قريب أحد المسئولين

    كانت هذه الشروط التي وضعها دوبيس في بداية عهده وإن كان هناك إتفاق شفهي أن يتم إختيار نصف القائمة من اللاعبين المحليين والبقية من المحترفين ولكن الإنتصارات والإنجازات التي حققها جعلت الجميع ينسى هذا الإتفاق لمساعدة المدرب في المضي قدما في عمله

    لم يسلم الاتحاد المدغشقري من التدخلات الحكومية وهو ما دعى الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” في 2017 لتعيين لجنة قانونية من أجل إعادة بناء الاتحاد المدغشقري بشكل صحيح ليدير نفسه بنفسه وبشكل مستقل، اللجنة أنتهى عملها في مايو الحالي في ظل نجاحات تاريخية للكرة المالاجاسي

    بدأت مدغشقر التصفيات الأفريقية الحالية مبكرا جدا في الدور التمهيدي الذي تشارك فيه الست منتخبات المتذيلة للترتيب السنوي للفيفا والخصم كان  جزيرة ساو تومي، لا أحد يعرف أنها دولة أفريقية أخرى حتى

    صعدت مدغشقر لتقع في مجموعة تضم السنغال وغينيا الإستوائية والسودان والجميع توقع خروجا مبكرا للدولة الأفريقية الأضعف تاريخا وحاضرا ولكن رجال المدرب ديبوس حققوا المفاجئات الواحدة تلو الأخرى بل وحسموا التأهل مبكرا وقبل النهاية بجولتين ليضرب منتخب الباريا موعدا مع التاريخ

    الباريا هو نوع من الأبقار يعيش في مدغشقر ولديه قرون طويلة تشبه قرون الماعز ورأسه هو الذي يتخذه الاتحاد المالجاسي شعارا له

    الكثير من الناس يعرف مدغشقر من الفيلم الكرتوني

    ولكن سكان مدغشقر يعلمون جيدا أن معظم الحيوانات التي ظهرت في الفيلم ليست متواجدة عندنا فلا يوجد أسود أو حمير وحشية

    كنا نشعر بالخزي لأن الناس سمعوا عنا بسبب فيلم خيالي وليس بسبب نجاحات حقيقية قمنا بتحقيقها

    هكذا تحدث فانيفا أندرياتسيما قائد المنتخب وهدافه الحالي عن بلاده بعد التأهل التاريخي، الآن سيعرف الجميع في أفريقيا مدغشقر وأين تقع بفضل إنجازها الكروي التاريخي

    سيكون هناك شيء أخر تشتهر به مدغشقر أيضا في العالم وهو طول وصعوبة نطق أسماء لاعبيه فقائمة المدرب دوبيس تضم راندرياناسولو ورزاكاناناتيناينا وأندريانانتيناينا وراندريامبولولونا وأندرياماتسينورو ونومينجاناهري وراكتوهاريمالالا وروماريو باجيو راكوتواريسوا

    معظم هذه الأسماء محترفة في الدرجات الأدنى الفرنسية وربما أشهر لاعب في مدغشقر كلها هو المدافع جيرمي موريل الذي مازال يلعب في ليون الفرنسي والمنضم للمنتخب حديثا رغم بلوغه لسن الخامسة والثلاثين ولكنه قرر متأخرا جدا أن يمثل مدغشقر على البلد التي حمل جنسيتها طوال تاريخه الكروي فرنسا

    كما تعرف الجماهير المصرية جيدا أحد نجوم هذا الفريق وهو بولين فوافي مهاجم مصر للمقاصة والمتألق هذا الموسم في الدوري المحلي، القائمة التي ستلعب في الاسكندرية ضد نيجيريا وبورندي وغينيا لا تضم سوى ثنائي فقط يلعب في الدوري المحلي بعكس الإتفاق الذي تم إبرامه في البداية مع المدرب الفرنسي الناجح

    ستظهر أبقار الباريا لأول مرة على الملاعب المصرية في بطولة كأس الأمم الأفريقية والهدف الأول هو تقديم أداء يرضي الجميع إضافة إلى حلم مواصلة النجاحات والتأهل للبطولات المقبلة، المشاركة في هذه النسخة ستسهل من مهمة المنتخب في المستقبل فعلى الأقل لن يجد نفسه في ذيل ترتيب المنتخبات الأفريقية وسيلعب مباشرة في التصفيات بدلا من تواجده الشبه دائم في التصفيات الأولية