دانيل فاركي .. قائد ثورة نوريتش الذي لم يتمنى أبدا أن يصبح مدربا

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • عاد نوريتش سيتي إلى الدوري الإنجليزي مرة أخرى بعد أن نجح في الحصول على لقب دوري الدرجة الأولى الإنجليزية بعد منافسة حامية مع شيفيلد يونايتد الذي لحق به ولكن من مركز الوصيف ليتوج الكناري موسمه المميز رفقة المدرب الألماني دانيل فاركي الذي يقود النادي للموسم الثاني على التوالي

    وصل فاركي إلى نوريتش قادما من رديف بروسيا دورتموند كواحدة من أولى قرارات المدير الرياضي ستيوارت ويبر ليذكر الجميع بقراره السابق عندما كان مسئولا عن هدرسفيلد وقام بالتعاقد مع دافيد فاجنر لقيادة الفريق نحو الصعود والتأهل إلى البريميرليج

    جاء المدرب الشاب فاركي بأفكاره وطموحاته إلى أنجلترا في تجربته الأولى خارج ألمانيا ولأول مرة مدير فني أجنبي لنادي نوريتش سيتي، ويبر أراد أن يكون فاركي هو من يضع حجر أساس لمشروع مستقبلي للنادي الإنجليزي الطامح لتجاوز بعض المشاكل المالية التي يعاني منها والصعود للعودة وسط الكبار

    لقد كان فاركي مرشحا فوق العادة وطريقة لعب رديف بروسيا دورتموند من أستحواذ وتحولات دفاعية وهجمية جلعتني مؤمنا بأن فاركي سيجلب معه أسلوب لعب وشخصية جديدة للفريق

    ليصل فاركي صاحب ال42 عاما إلى تلك النقطة مر بالعديد من التجارب المثيرة في مسيرته ليحصل على فرصته لتدريب نوريتش سيتي، أراد فاركي السير على خطى جده فرانز الذي كان مهاجما وأحد هدافي فريق بروسيا دورتموند في خمسينيات القرن الماضي قبل اتحاد ألمانيا الغربية والشرقية مرة أخرى

    لكن الحظ لم يقف بجانبه ليكون لاعبا كبيرا وإن كان قد أثبت نفسه كمهاجم هداف ولكن في الدوريات الأقل في ألمانيا حيث قضى معظم مسيرته رفقة فريق ليبشتاد في دوريات الهواة الألمانية، أنطلق بقوة رفقة ليبشتاد مسجلا 81 هدف في 127 مباراة معهم قبل إنتقاله إلى ويلهيلمشافين حيث بدأ بقوة معهم قبل أن تختفي الاهداف رويدا

    أنتقل إلى بونير ثم عاد لليبشتاد ثم رحل إلى مابين وأخيرا عاد إلى ليبشتاد في 2007 ليعلن إعتزاله بعد ذلك بعام واحد وهو لم يكمل بعد عامه ال32 ليبدأ في التركيز على مهنة ما بعد الإعتزال والتي عمل لأجلها كثيرا في أيامه الأخيرة قبل ترك كرة القدم كلاعب

    أراد فاركي دائما أن يشغل دور المدير الرياضي وفي سنواته الأخيرة كلاعب كان يذهب إلى جامعة بادربورن لدراسة الإقتصاد والأمور الضريبية إستعدادا لبدء مسيرته خارج الملعب

    لم يكتفي فاركي فقط بدراسة الأمور الإقتصادية لمنصبه وإنما أيضا أتجه للحصول على بعض الدورات الإعدادية للمدربين وذلك لمعرفة كيف يفكر ويعمل المدير الفني ليصبح بذلك التواصل أسهل بينه كإداري وبين المدير الفني المسئول عن الفريق كرويا، فاركي كان يعد نفسه لمنصبه بعد الإعتزال

    أبدا لم أتمنى أن أصبح مديرا فنيا فهذا المنصب بالنسبة لي هو منصب قصير الأمد

    تخسر أربعة أو خمسة مباريات ثم تخسر وظيفتك وأنا أريد منصب طويل الأمد من أجل العمل بهدوء ووضع الأساسات للمشاريع ومشاهدتها تكبر أمامي لذلك دائما ما كنت أريد العمل كمدير رياضي

    بعد إعتزاله بستة أشهر جاءته الفرصة ليبدأ العمل حيث تواصل معه ناديه السابق ليبشتاد من أجل إنقاذ النادي من مشاكله الفنية والمالية التي كان يعيشها الفريق في تلك الفترة، النادي مر بأزمة مالية طاحنة أدت إلى قيام النادي بالتخلي عن بعض اللاعبين والإداريين من أجل خفض المصروفات

    رئيس النادي أخبر فاركي بأنه سيتولى منصب المدير الرياضي للنادي ولكن عليه إستكمال المباريات العشرة المتبقية من الموسم كمدير فني لحين التعاقد مع مدرب جديد بداية من الموسم المقبل خصوصا وأنه حصل على شهادة تدريبية، فاركي لم يرى مشكلة في ذلك

    المشكلة كانت أننا فزنا بتسعة مباريات وتعادلنا في العاشرة، لقد جاء لي اللاعبين وأخبروني أنهم سعداء بأنه يتدربون معي

    قلت لنفسي يبدو أنه في النهاية التدريب ليس سيئا ولأننا في الدرجة الخامسة فكان بإمكاني القيام بأعمال المنصبين معا كمدير رياضي ومدير فني للفريق

    أعتمد فاركي على المواهب الشابة الجائعة في المقاطعة من أجل بناء فريق جديد للنادي والنتائج كانت مميزة فعلى المستوى الكروي صعد ليبشتاد إلى الدرجة الخامسة بالفعل في 2011-2012 وفي نفس الفترة كانت الأمور المادية مستقرة لدرجة أن فاركي بدأ المفاوضات مع الرعاة لبناء ملعب جديد للنادي

    كان الشرط الوحيد للجميع أن يوقع فاركي عقدا جديدا مع النادي لمدية ثلاثة سنوات من أجل إكمال بقية عقود الرعاية وبناء الملعب الجديد للنادي وفاركي رضخ وقرر إستكمال مسيرته كمدير فني ومدير رياضي رفقة النادي حتى 2015 حيث ينتهي عقده الجديد

    في الأندية الصغيرة يكون عليك القيام بكل شيء بمفردك بداية من التفاوض مع اللاعبين مرورا بشركات النقل والتواصل مع الصحافة بجانب الأمور التدريبية أيضا

    لقد كان الأمر متعبا بالنسبة لي والوقت كله كان مهدورا بدون فرصة للتعلم من الأخرين أو معرفة كيف تسير الأمور في الخارج

    واصل فاركي العمل وسط ضغوطات العمل الموضوعة عليه والنجاحات أستمرت حيث قاد الفريق للفوز بدوري الدرجة الخامسة في الموسم التالي لتأهله إلى هذه النقطة لتستمر نجاحات النادي الذي تسلمه منذ خمسة سنوات فقط وهو على شفا حفرة من الإفلاس والإختفاء من خريطة الكرة الألمانية

    بتأهله إلى الدرجة الرابعة للمرة الأولى في تاريخه دخل ليبشتاد خارطة جديدة من كرة القدم الألمانية وكتب لنفسه لأول مرة مشاركة في كأس ألمانيا في نسخة 2013 من تلك البطولة

    وصفت الصحافة الألمانية فريق لبيشتاد ب”العنقاء التي ظهرت من العدم” وأبرزت الأدوار التي قام بها فاركي من أجل القفز بالفريق درجتين إلى الاعلى وفاركي أرجع هذا الناجح إلى العمل الجماعي الذي قام به الجميع داخل النادي

    كان هناك العروض من العديد من الأندية الألمانية ولكني شعرت أن ليبشتاد هو منزلي وأنا مسئول عن الجميع هنا ومشروعي لم ينتهي بعد

    fussball-oberliga-westfalen-sv-lippstadt-1

    أستغل فاركي وصول فريقه إلى هذه النقطة من أجل الحصول على رخصة التدريب من الإتحاد الألماني ولمدة 10 أشهر كان فاركي يدرس ما لا يقل عن 800 ساعة من التدريب من أجل الحصول على شهادته، فاركي لم يكتفي بالحصول عليها فقط وإنما حصدت رسالته على المركز الثالث في تلك الدورة بين المشاركين

    لم أكن مهتما بالحصول على المركز الثالث أو الثامن أو الحادي عشر كل ما أستفدته هنا كان التعليم الرائع والمتعة التي حصلت عليها أثناء ذلك

    تفوق في الدورة التدريبية وحصل عليها وواصل عمله مع فريقه فلم يغب سوى عن 13 تدريبا لفريقه طوال فترة الدورة فكانت أفكاره كلها يعرضها ويحللها أثناء قيادته من ليبشتاد إلى مدينة هينيف حيث مقر الدورة

    بنهاية عقده في 2015 كان ليبشتاد قد عاد للدرجة الخامسة مرة أخرى بعد أن هبط بفارق ضئيل نظرا لكونه واحد يمتلك الميزانية الأصغر هناك وواحد من ثلاثة أندية لم تحصل على رخصتها كنادي محترف، فاركي كان فخورا بإنجاز لاعبيه رغم ذلك والملعب أم بروشباوم قد أنتهى تشيده بسعة 4 ألاف متفرج ليقرر أنه قد حان وقت الرحيل

    ودعت جماهير ليبشتاد مديرها الفني والرياضي على ظهر حصان كان يمتطيه ليطوف حول الملعب الذي تسبب في بناءه

    نائب رئيس النادي كاي هارتليت وصف فاركي بالمنقذ للنادي

    لقد أنقذ النادي وحوله إلى قوة كبيرة

    لا شك بأن ما وصل إليه ليبشتاد اليوم يرجع فيه الفضل كله إلى فاركي ولأول مرة النادي يكون معروفا خارج المدينة والمقاطعة

    في أيامه الأخيرة مع النادي قدم ليبشتاد مسيرة مميزة لم يتعرض فيها النادي للخسارة في النصف الأولى من عام 2015 ولكن ذلك لم يكن كافيا للفريق من أجل التأهل والعودة إلى الدرجة الرابعة فلا يوجد نهايات سعيدة لفاركي ولكن لا أحد يستطيع نسيان ما فعله الشاب الألماني لناديه

    أراد فاركي الحصول على عام للراحة لقضاء الوقت بعيدا عن كرة القدم بقرب عائلته والتي كان قد أقترب من نسيانها بسبب ضغوطات العمل في ليبشتاد ولكن بعد اشهر قليلة وتحديدا في نوفمبر 2015 وجد مايكل زورك المدير الرياضي لبروسيا دورتموند يتواصل معه من أجل عرض منصب لتدريب فريق الرديف للنادي

    كان دافيد فاجنر قد أعلن رحيله عن تدريب رديف أسود الفستيفاليا ليتجه إلى إنجلترا لقيادة هدرسفيلد

    وجد فاركي النادي الذي أحبه من صغره وعاش على ذكريات جده معه يتواصل معه للعمل كأحد أجزاء المنظومة فلم يستطع الرفض ليصل لقيادة شباب النادي في الدرجة الرابعة، قفز فاركي بالرديف من المركز الخامس عشر إلى المركز الرابع بنهاية موسمه الاول معهم

    لقد كان دورتموند واثقا بأنه قد وجد الشخص المناسب من الناحية الفنية والإنسانية لقيادة فريق الشباب بالنادي

    واصل فاركي العمل مع دورتمونتد حتى وجد إتصالا من ويبر المدير الرياضي لنوريتش سيتي من أجل فرصة لتدريب النادي الإنجليزي في الدرجة الأولى هناك وبناء فريق للمستقبل

    أنا أعرف بأن نوريتش نادي كبير وفي ألمانيا نحن نعرفه جيدا فقد أنتصر على بايرن ميونخ سابقا في 1993 ولكني لم أكن أعرف الكثير عن اللاعبين هناك

    لقد سافرت عدة مرات إلى هناك للحديث مع ستيوارت ويبر وبعض الأشخاص الأخرين وكان قراري هو أنه يجب عليا التواجد هناك

    كان لدي شعور بأن النادي والمدينة هنا لديهم إستعداد للتغير

    يريدون إستراتيجية جديدة وشعرت بالفخر لأنهم أختاروني من أجل القيام بتلك الخطوة

    لقد أخبروني بأني سأكون برفقة ويبر مسئولا عن التغيير وأنني سأكون أول مدرب غير بريطاني ولا يتحدث الإنجليزية يصل إلى النادي لذلك فالطموحات والأمال المعلقة كبيرة

    أصبح تدريب نوريتش سيتي المهمة الأكثر الإثارة في مسيرتي

    لم يكن الموسم الأول له هناك جيدا فأنهى نوريتش سيتي البطولة في منتصف الترتيب ولكن ويبر وإدارة نوريتش واصلت وضع ثقتها في المدرب الألماني وتلبية طلباته ليأتي التأهل في النهاية والعودة إلى البريميرليج .. للمزيد من هنا

    يتميز فاركي بهدوء الأعصاب فلن تجده يقفز ويصيح على الخط بل يظهر هادئا معظم الأوقات وفي أوقات الأزمات يشعر بأنه من الأفضل أن تظل سائرا على نفس الطريق بدون الخروج عنه حتى لا تجد نفسك على خط البداية من جديد، في تصريحاته لصحيفة جارديان قال

    أريد من اللاعبين أن يكونوا خلاقين على أرضية الملعب وأحب دائما أن نكون نحن أصحاب الإستحواذ

    البعض مثل يورجن كلوب يحب أن يكون هو رد الفعل ويصنع فرصه التهديفية من المرتدات حينها سيكون عليك العمل كثيرا على الضغط العكسي ولكني أحب أن أكون في موضع الإستحواذ مثل جوارديولا وتوخيل

    أحيانا يكون من الصعب صناعة الفرص أمام فريق متكتل دفاعيا، هناك مدرسة تدريبية تخبر لاعبيها بالتضحية بالكرة للمنافس من أجل إجباره على الخروج وحينها يعتمد على الضغط العكسي ولكني أؤمن بأنه الفارق بين فريق جيد وفريق جيد جدا هو قدرته على صناعة الفرص أمام مثل تلك الأندية وهذه هي فلسفتي

    لكن يجب عليك أيضا أن تكون جيدا في الضغط العكسي والدفاع بدون كرة في الكرات الثابتة، يجب عليك دائما أن تمتلك خطة ب وج ود وتكون أفكارك واضحة لكيفية تنفيذها على أرضية الملعب لذلك دائما ما تجد النادي يعتمد على طرق لعب مختلف

    هدفي أن يكون فريقي متكاملا في كل الخطوط ولكن الخطورة هنا أنك تقامر بألا تفعل أي شيء بشكل مثالي في النهاية

    مر نوريتش سيتي بفترة سيئة في النصف الثاني من الموسم الماضي أدت لتراجعه وإنهائه الموسم في المركز الرابع عشر وهذا الموسم ظل الفريق بلا أي فوز في ديسمبر الماضي وكاد الفريق حينها يخسر فرصته في مواصلة المنافسة على البطولة لكن فاركي أستمر مع الفريق وواصل العمل بنفس الطريقة

    الموسم الماضي رأيت أن الفريق يسير على الطريق الصحيح ففي نهاية الموسم كنا في منتصف الجدول ولكن الإحصائيات كانت تشير بأننا الثالث أو الرابع في إحصائيات الإستحواذ والتمرير وصناعة الفرص فالمشكلة كانت في إنهاء الفرص

    أنا شخص أتمسك بكل قوة بمنهجي فأنا أؤمن بأن نسبة النجاح تزيد بشكل كبير عندما يكون لديك أفكار واضحة وطريق واضح تسير عليه

    كثرة تغير الطريق لا يجعلك تصل لأي شيء في النهاية

    صعد نوريتش سيتي بشكل مباشر إلى الدوري الإنجليزي الممتاز والموسم المقبل لأول مرة سيظهر فاركي تحت الأضواء ولأول مرة في تاريخ البريميرليج سيظهر نوريتش سيتي بمدرب غير بريطاني لا يتحدث الإنجليزية على أمل كتابة تاريخ من نوع أخر رفقة الكناري المحدث