سنتيمترات تافهة! هل كان أبو تريكة مُحقًا في اتهاماته للفار؟

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • تقنية حكم الفيديو في الدوري الإنجليزي الممتاز

    “الفار أفسد متعة كرة القدم” هكذا صرح نجم المنتخب المصري السابق ومحلل بي إن سبورتس محمد أبو تريكة أثناء تحليله لـ مباراة ليفربول وولفرهامتون في الدوري الإنجليزي وهي المباراة التي شهدت هدفًا ملغيًا –تم احتسابه لاحقًا من الفار- من حكم المباراة لصالح ليفربول بداعي لمس الكرة لذراع آدم لالانا قبل وصولها إلى ساديو ماني وتسجيله إياها، وكذلك شهدت هدفًا مُحتسبًا لولفرهامتون –تم إلغاؤه لاحقًا من الفار- بداعي تسلل في غاية الضيق على لاعب الولفز جوني كاسترو الذي أرسل العرضية التي جاء منها الهدف.

    لن أحاول كثيرًا الدخول في المعركة التي حدثت بين أنصار الزمالك والأهلي حول انتماء أبو تريكة للأهلي وفي نفس الوقت رفضه للفار فهذا يعلن بلا شك ذهاب جثة المقال إلى أقرب مشرحة وعدم الانتباه لما هو أهم إذ أننا أمام قرارين اتخذهما حكم المباراة باستخدام الفار.

    حسنًا دعونا نبدأ من جديد بعد التخلص من النهمين للنقاش السابق ذي اللانهاية ولنفترض أن تلك المباراة قد أقيمت من دون وجود حكم مساعد للفيديو فماذا كان ليحدث؟ كانت النتيجة لتصبح 1/0 لصالح ولفرهامتون مع نهاية الشوط الأول فهل هذا ما نبحث عنه حقًا؟

    لنتناسى مؤقتًا اللقطة المثيرة للجدل التي سجل منها ولفرهامتون هدف التعادل وهي التي تحتمل عدة آراء، ونركز في الوقت الحالي مع لقطة هدف ليفربول .. يسخر أبو تريكة من عدم استيعاب حكم المباراة لفكرة أن ارتداد الكرة بقوة يعني بالضرورة أنها اصطدمت بكتف آدم لالانا وليس ذراعه لكنه تناسى أن عدم وجود فار كان ليحرم ليفربول من هدف شرعي 100%.

    كثيرون –ربما أبو تريكة منهم لا أعلم- يرون أن الفار قد قوض من فرحة الاحتفال بالأهداف إذ أنه بعض الأهداف يتم إلغائها ومن ثم إلغاء الفرحة بها ثم يعود الحكم لاحتسابها عقب اللجوء للفار، والحقيقة أنهم في ذلك يقعون في خطأ بدائي وهو أنه صحيح أن ماني لم يحتفل بالقدر الكافي بهدفه في مرمى ولفرهامتون إلا أننا هنا نقارن بين احتفال ضئيل نسبيًا مقارنة بلا احتفال أصلًا لأنه دون فار لم يكن الهدف ليُحتسب!

    كما أن كل الأهداف التي يمنح فيها حكم الراية الفرصة لاكتمال الهجمة قبل إحرازها ومن ثم رفع الراية يكون فيها الحكم المساعد قد ارتأى ان الكرة في الأصل تسلل، أي أنه لو لم يكن هناك فار لم تكن هناك فرحة ملغاة أصلًا ليتم حرماننا منها لأنه سيتم احتساب الهجمة تسلل وسيتم إيقافها من البداية.

    وإن كنت ترى ما سبق رفاهية فلسفية فاستعد للقادم!

    يرى محمد أبو تريكة أن مسألة إلغاء الأهداف بالفار لمجرد التسلل بفارق عدة سنتيمترات هو نوع من التفلسف الذي لا يمكن له أن يكون ذي وجود في لعبة بسيطة القواعد ككرة القدم، ويسانده في رأيه هذا كثيرون يعتقدون أن مثل هذه المراجعات الهندسية دخيلة على عالم اللعبة وأن فكرة التسلل من عدمه يعتمد بشكل رئيسي على ما إذا كان اللاعب قد استفاد من وضعيته هذه في إحداث فارق أدى إلى هدف أم لا.

    في الحقيقة هم محقون في أن المهاجم لن يستفيد بشكل مباشر من تقدمه على المدافع بـ3 سنتيمترات على سبيل المثال لكنهم لن يجيبوك أبدًا عن الحد الفاصل ما بين عدم الاستفادة والاستفادة، وهل 4 سنتيمتر تكفي للاستفادة مثلًا؟ أم أكثر من ذلك؟

    أكثر من ذلك؟ حسنًا، ما هي الصيغة الرقمية التي يمكن معها ترجمة كلمة “أكثر من ذلك”؟ أي أنه متى بالضبط يمكن أن يتفق هذا المعسكر المناهض لهذه الطريقة على رقم واضح يمكن الحكم معه أنه لا يمكن التغاضي عن هذا العدد من السنتيمترات الممنوحة لصالح المهاجم والتي لا تمنحه أفضلية على المدافع؟

    دعنا نفترض أن هذا المعسكر المناهض قدم لنا رقمًا واضحًا قد يكون 20 سم على سبيل المثال وسينامون مرتاحين الآن مطمئنين إلى حلهم للموضوع بالشكل المثالي .. حسنًا، يؤسفني أن أخبركم أن أحد الخبثاء سيهمس من جديد أنه سيكون من التافه وقتها احتساب التسلل على مهاجم متقدم بـ21 سم أي بفارق سنتيمتر واحد على الحد الأقصى الذي وضعوه بأنفسهم، وهكذا دواليك .. في كل مرة سيقترح أحدهم رقمًا كهامش لتقدم المهاجم فسيكون هناك هذا السنتيمتر اللعين الذي يخرج لك لسانه في تلذذ مُعلنًا أنك كنت مخطئًا في تقديرك وأنه لا ضرر من إضافته لـ “سنتيمترات السماح”.

    هذا يعيدنا إلى نقطة الصفر حيث لا وجود لحد فاصل واضح يوضح ما إذا كان المهاجم حقًا مستفيد من وضعيته المتقدمة أم لا وهو ما سينقل التسلل إلى خانة يتمنى كثيرون أن تنحسر قدر الإمكان وهي الاعتماد على وجهات النظر في التحكيم، فبينما يتذمر كثيرون من عدم وجود معايير واضحة 100% لاحتساب لمسات اليد داخل منطقة الجزاء تحديدًا وأن الأمر يخضع في بعض الأحيان لتقدير الحكم ما يُدخلنا في دائرة التحيزات والاتهامات للحكام المعرضين لوجود فاسدين بينهم، يُصر المعسكر المناهض المذكور آنفًا على أن يحولوا التسللات إلى أمر يخضع لوجهات النظر هو الآخر!

    وجهات نظر ستكون داخل غرفة الفار نفسها، فبينما سيرى بعض الحكام أنه لا حاجة للنظر بشكل متمعن للحالة على اعتبار أن النظرة الأولى لا تدل على وجود تسلل، سيكون هناك من هو أقوى نظرًا أو أكثر رغبة في الدقة أو ربما لديه رأي آخر عن وجود تسلل قد يراه آخرون غير موجود ما سيفتح المجال لنقاش أكبر وحديث أكبر عن النوايا والتحيزات.

    لذلك عزيزي القارئ الصبور على خواطري هذه، يمكنك أن تفهم الآن أن الاستمرار بفكرة أن سنتيمترًا واحدًا كافيًا لاحتساب التسلل حتى وإن كانت حقيقة مزعجة لنا جميعًا فهو أخفهم ضررًا لأنه في النهاية يمنح لكل ذي حقٍ حقه دون الدخول في وجهات النظر ودون الشعور بأن تلك الحالة كان من الممكن تفاديها من قبل حكم آخر.

    إن اتفقنا على هذا الأمر فيمكنك أن تعرف أن ذلك لا يعني أنه لا يوجد هناك هامش للتحسين في مسألة الفار بخصوص التسللات وذلك مع تطور تكنولوجيا الكاميرات مستقبلًا حيث سيكون بإمكانها التقاط عدد أكبر من الإطارات frames في الثانية الواحدة ما يمنح حكم الفار فرصة وفكرة أفضل عن الكادر الصحيح لإيقاف لحظة خروج الكرة عنده.

    ورغم ذلك فإنه حتى وصول هذه التكنولوجيا فإن الإبقاء على الوضع الحالي مايزال هو الحل الأسلم لأنه ليست كل التسللات الضيقة تكون من ركضات سريعة للاعبين يتغير فيها وضع اللاعب الذي يركض ما بين الإطار والإطار التالي بل إن حالة جوني كاسترو تحديدًا في لقاء ليفربول كانت للاعب ثابت تقريبًا في مكانه لعدة لحظات ما يقلل بنسبة كبيرة من إمكانية الخطأ في اختيار الكادر الصحيح لإيقاف اللقطة والحكم على التسلل من خلاله.

    إلى هنا تنتهي فكرتي، وكم أود أن يركز الجميع على إقناع الاتحاد الإنجليزي بذهاب حكامه إلى الشاشات للحكم على اللقطات بأنفسهم فهؤلاء الإنجليز العنيدون سيجعلوني أجن قريبًا!